قراءة في توصيات المجلس المركزي الفلسطيني

د.هاني العقاد

الدورة السادسة و العشرين دورة " الأسري و إنهاء الانقسام للمجلس المركزي جاءت في وقت تمر فيه الحالة الفلسطينيين بكافة تشعيباتها بمرحلة دقيقة للغاية , فالمفاوضات مع إسرائيل قد فشلت فشل ذريع و العقوبات الإسرائيلية تزداد يوما بعد يوم احتجاجا على اتفاق الفلسطينيين على توحيد صفوفهم والسعي لإعادة تحديث تمثيلهم السياسي داخليا وخارجيا  , وجاء في مرحلة أصبح لانضمام لمزيد من منظمات و معاهدات الأمم المتحدة مطلبا وطنيا  سعيا لتكريس مركز فلسطين القانوني  وبناء استراتيجيات وطنية موحدة للنضال الدبلوماسي السياسي والشعبي لمواجهة الاحتلال  , كما جاء و نحن  نمر بمرحلة تتسارع فيها سياسة إسرائيل الاستيطانية لخلق واقع جديدة مفروض على الفلسطينيين بالقوة , وجاء في وقت نواجه حربا تهويدية غير مسبوقة تجاه المسجد الأقصى , و في ظل تنكر إسرائيل لكافة الاتفاقيات و المعاهدات التي تحتم اعتبار الأسري  الفلسطينيين اسري حرب يجب معاملتهم إنسانيا وحمايتهم إلى حين إطلاق سراحهم .

جاء انعقاد المجلس المركزي قبل الموعد المحدد لانتهاء فترة التفاوض مع الإسرائيليين بيومين دون أن يغلق الباب نهائيا في وجه أي مفاوضات قادمة أو حتى إمكانية تمديدها على أسس تكفل للفلسطينيين مفاوضات جدية يعترف خلالها صراحة بكافة الحقوق المصادرة من قبل الاحتلال وأولها حقهم في دولتهم على أراضي العام 1967 ,ويقف مع وجودهم على طاولة التفاوض كل أشكال الاستيطان في القدس و الضفة الغربية ويطلق سراح الأسري التي التزمت إسرائيل بإطلاق سراحهم خلال الالتزامات السابقة مع وزير خارجية أمريكا السيد جون كيري ,وشدد المجلس على أهمية إعادة بناء العملية السياسية من خلال مجلس الأمن أو عقد مؤتمر دولي للسلام برعاية متعددة الأطراف بما يقود إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بوقف استمرار تلاعب إسرائيل بالمجتمع الدولي وبكل مساعي السلام, ولم يوقف المجلس السعي الفلسطيني المتواصل للانضمام إلى المنظمات والمعاهدات التي تعمل على تكريس مركز الدولة القانوني أو حتى يؤجله ,وهنا شكل لجنة لتدفع بمزيد من المراسيم التي تطالب بالانضمام لهذه المؤسسات سعيا لان تصبح فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة .

أعاد المجلس تشديد رفض الشعب الفلسطيني و قيادته الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ,كما أكد رفضه قبول استمرار فلسطين دولة تحت الاحتلال وهذا يؤسس لمرحلة نضال دبلوماسي وشعبي  على أساس استراتيجي لكنس الاحتلال من الأرض الفلسطينية ,ويؤسس لمرحة قد يدفع فيها الاحتلال ثمن احتلاله واستيطانه للأرض وحرمانه الإنسان الفلسطيني من العيش بحرية وكرامة كباقي شعوب العالم , وقرر المجلس التوجه لمجلس الأمن والأمم المتحدة لإدانة الاستيطان واعتباره عملا غير مشروع ينافي اللوائح والقوانين الدولية ويطالب إسرائيل بالكف عن هكذا سياسة من شانها إدامة تهديد السلم والاستقرار في الشرق الأوسط كله , وفيما يخص قضية الأسري فقد دعا المجلس إلى توجيه مذكرات دبلوماسية تدعوا الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربعة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لإلزام إسرائيل بتحمل مسؤولياتها كافة وفقا لهذه الاتفاقيات والبروتوكولات الإضافية فيما يخص الأسري أو أحدات أي تغيرات على واقع الأرض المحتلة والمؤسسات الفلسطينية المدنية الدينية و المجتمعية , وفيما يتعلق إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية و إعادة تشكيل أطرها وهيئاتها السياسية فقد أكد المجلس على أسلوب الانتخابات ما أمكن  لإعادة تشكيل المجلس الوطني مع المحافظة على طابعة التمثيلي والجبهوي بوصفه عنوان وحدة وتمثيل الشعب الفلسطيني، سعيا لإعادة تشكيل المجلس المركزي وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة مع المحافظة على انتظام ودورية اجتماعات مؤسساته.

لقد أسس المجلس المركزي لمرحلة نضال قادمة على صعيدين الدبلوماسي والشعبي و وضع الأسس التي يتوجب على أي إطار تفاوضي وضعها كمعيار لأي عملية تفاوض جديدة أو حتى تمديد المفاوضات التي تعتبر عمليا لفظت أنفاسها الأخيرة بسبب سياسة إسرائيل التعنتية المعارضة لحل الدولتين والعنصرية  المعارضة لان يعيش الفلسطينيين على أرضهم بما يكفل ممارستهم حقهم في تقرير مصيرهم دون تدخل أي كان , ولعل ما تم التوافق والاتفاق علية في جلسات برلمان الشعب الفلسطيني يحتاج إلى حماية ومتابعة من قبل اللجنة التنفيذية وكافة اطر منظمة التحرير الفلسطينية وحركاتها العاملة على الأرض الفلسطينية , وهنا لابد وان نبين أن الأسس التي أقرت كأسس مرحلة العمل الفلسطيني المستقبلي خلال المرحلة القادمة وضعت بميزان حساس وابتعدت عن أي تصعيد باتجاه إغلاق مسار التفاوض مع إسرائيل في المستقبل بناء على أسس تعمل على تسهيل استعادة الحقوق  الفلسطينيين حسب الثوابت الوطنية لكن ليس لمرحلة لا نهاية لها  , ولم يقرر المجلس أو يرفع توصياته لحل السلطة الفلسطينية ولكن حذر من استمرار تعامل الاحتلال مع الفلسطينيين على أسس احتلالية بأنه يؤدي في النهاية إلى تحلل السلطة وتدمير قدرتها على الاستمرار وهنا يبدوا أن المجلس أعطي إسرائيل فرصة لتغير سلوكها الاحتلال تجاه كل ما هو فلسطيني.