بلسان كل معتقل في سجون الطاغية
هبْ أنّكَ مَكاني
حيثُ تموتُ فيكَ المشاعرُ كلُّها عدا الخوفِ والألم .
حيث ترى كلّ ألوانِ العذابِ وطيوفِها بعينيكْ.... رغمَ حُلكةِ
الظلامِ من حولِك.
حيثُ يُقيَّد كلُّ شيء فيك سوى نظراتك المُبحرَة في السماءِ تنتظرٰ الفرَج.
حيث يُكمّمُ فمُك و تُحبَسُ أنفاسُك ويبقى قلبكَ النَّابِضُ وحدَه يلهجُ بالدعاءِ على الظالمين .
حيث يَحترقُ منك الجلد كلُّ الجلد وتبقى عظامك وحدها سكاكيناً تنتظر من يشحذها لتخترق قلوب الجلادين
حيث تُنصبُ المشانق للرقابِ المشرئبةِ للحياة وتُباح كلُّ المنكرات وتبقى الرحمةُ وحدها المحرَّمة .
حيث تَضمُرُ بطونُ الجائعين حتى الموت بينما تُتخَمُ صدورُ الجلادين بنشوةِ التعذيب.
حيث تغيبُ كلّ الأماني ومفرداتها وتبقى الرغبةُ في القصاصِ وحدَها الحاضرة .
حيثُ تنعدمُ المساواة إلا في توزيعِ الظلمِ والوحشية على أجسادِ الأبرياء .
حيث يُصبحُ ذكرُ اسمكَ على لسانِ السَّجان أصعبُ عليكَ من نسيانِك له .
حيث لا تُفلتُ من قبضةِ الوحوشِ حولَك إلا أنَّات المعذبين وآهات الجائعين وصرخاتُ الخائفين .
حيثُ تكونُ أقصى أمانيكَ لو كنتَ جداراً من أربعةٍ تطوِّقُك كي ينعدمَ عندك الإحساسُ بالألم والمعاناة .
حيث يكونُ الإغماءُ أقصى حالاتِ النشوة عندما يكون المخلِّصَ الوحيد مما يتجاوزُ حدَّ احتمالِ البشر .
حيثُ يكونُ الرقمُ المسجلُّ على جبهتكَ هو الشّاهدُ الوحيدُ على موتِك للمرة الأخيرةِ بعدَ المليون .
حيث تُقلَعُ عيناكَ من مَحاجِرِها لمجرد أنها استشرفَت من عتمتها واقعاً أفضل يجلو بصرَها من رمدِ الواقعِ المغبَر .
حيث يُجلد ظهركَ بسياطِ الفَجَرة لمجردِ أنك أدرتَه للطغاةِ ذاتَ قرار .
حيث يُجتَثُّ لسانُكَ من جُذوره لأنه قررَ يوماً أن يتخلى عن ببغاويتِه في ترديدِ ما يُلقّنُهُ له المستبدون
حيث تُقطَعُ الآذانُ قصاصاً لكي لا تسمعَ من جديدٍ تكبيرَ الأحرار ولا دندناتِ الحالمينَ بالحرية.
حيث لا يعلمُ بمكانِ وجودكَ سوى جلادوك وبعضٌ مما يليهم
أيها الحرُّ خارجَ تلكَ القضبان...
أيها الحيُّ خارجَ تلك القبور ...
أيها المعافى خارجَ تلكَ المحارق ...
كان من الممكنِ أن تكون انت مكاني أو أخوك أو أبوك أو أحد أحبِّ الناسِ إليك .......
أليسَ مجردُ تخيلكَ لهذا كافياً لتشهر كل لاءاتك في وجه الظالمين؟؟؟
أليس كافياً لتزلزلَ كل صرخةٍ منك كراسيهم المغروسةُ قوائمُها في صدور المستضعفين؟؟؟؟
أليسَ كافياً لتُعلن كل خليةٍ فيكَ ألف ألف ثورة؟؟؟؟
وسوم: العدد 724