جامع العثمانية 1728م المدرسة الرضائية
(جولة جمعية العاديات 2017)
ذكرها الغزي في كتابه نهر الذهب في تاريخ حلب, تقع في حي الفرافرة, في محلة داخل باب النصر من اعظم اثارها المدرسة الرضائية المشهورة بالعثمانية, محدودة من غربيها وجنوبيها بالطريق السالك ومن شرقيها بطريق غير نافذ ومن شماليها بسراي الواقف الاتي ذكرها.
انشأها عثمان باشا بن عبد الرحمن باشا اغا الدوركي الاصل الحلبي المولد والمنشأ, 1728م, ويذكر عن عمارة المدرسة لها ثلاثة ابواب شرقي يعلو ارض المدرسة وغربي يساويها وهما مستعملان, وشمالي ينفذ الى سراي الواقف وهو مسدود, ومحيطها من الخارج 235م, لان طول جهتها الشرقية من الجنوب الى الشمال 72م, والشمالية من الغرب الى الشرق 55م, والغربية من الشمال الى الجنوب 54م, والجنوبية من الغرب الى الشرق 53مو يدخل في هذه المساحة المدرسة والجامع والسبيل والمكتب والبستان ويخرج عنها ميضأة المكتب الكائنة في جنوبه المنفصلة عنه بالطريق العام.
هذه العمارة تشتمل على اربعون حجرة وعلى محل تغسل فيه الاموات وعلى مطهرة وعلى مكتبة وبستان وقاعة للتدريس وعلى قبلية وايوانين كسراويين عظيمين في جانبهما لكل منهما شبابيك مطلة على البستان, في الغربي منهما باب المنارة وحجرة معدة لوضع زيت الجامع وادوات التنوير, والشرقي منهما فيه حجرة معدة لما ذكرو والبستان وراء القبلية والايوانيين وقاعة التدريس, واكثر غراس البستان شجرة الكباد, واما المكتب والسبيل فهما في جنوبي الجهة الشرقية وشرقي الجهة الجنوبية, والمنارة مدورة الشكل مضلعة طولها من ارض الجامع الى موقف المؤذن 31م, ومحيطها عند موقف المؤذن 7م, وطول مكبسها 6م, تقريبا عدا تاجها المعمول من الرصاص ومراقيها الى عتبتها 118 درجة, وهي منارة متقنة معقود حجارتها بكلاليب الحديد والرصاص كبقية منارات حلب, وسماوي الجامع مشتمل على دكتين عظيمتين يفصل بينهما طريق القبلية فوقهما ثلاث قباب محمولة من جهاتها البرانية على اربعة اعمدة كبار من الرخام الاصفر يصل بينهما اسطوانات الحديد وعلى ثلاث اروقة تجاه كل جهة رواق, فرواق الجهة الشرقية سقفه سبع عشر قبة محمولة جهتها البرانية على خمسة عشر عمودا يصل بينهما وبين الجدار الداخلي اسطوانات حديدية وهكذا بقية الاروقة, ورواق الجهة الشمالية سقفه ثلاث عشر قبة مركبة جهتها البرانية على احد عشر عمودا, ويشتمل سماوي الجامع ايضا على حوض عظيم يبلغ 10م, في مثلها في عمق 1م, تقريبا في جهته الغربية ثقب يجري فيه الماء الى الاخلية ليلا ونهارا, ويوجد في جانبي هذا الحوض حديقتان فيهما بعض الاشجار من الزيتون والتوت والرمان, وفي شمالي الحوض دكة تساويه في الطول والارتفاع يبلغ عرضها 7م, وجميع اسطحة المدرسة والجامع وقبته العظيمة وقبة قاعة التدريس وقباب الحجرات والمكتب وسقف السبيل وقباب الاروقة مفروش بالرصاص عوضا عن الجص او الرخام.
واخيرا إن هذه المدرسة من أتقن المدارس وأجملها ودليل اتقان بنائها انها مر عليها عدة زلازل لم تصدع منها شيئا سوى زلزلة 1882م, اندفع منها هلال المنارة فسقط على قمة قبة القبلية فخرقها, على ان جميع جدران قبلية الجامع معقودة بكلاليب الحديد والرصاص فكأن القبلية كلها قطعة واحدة. وجعل الواقف كتاب وقفه بلغ 18 جزاء حرر في كل مدة جزءا فيه اوقافا وزاد شروطا.
واحتضن الجامع والقبلية منبرا من الرخام الاصفر, وعين له خطيبا شكري محمد افندي البكفلوني وهو اول خطيب خطب يه, وعين له مدرسا تاتار افندي العيناتي فاستقام اربعة اشهر ثم استعفى فنصب مكانه العلامة محمود افندي الانطاكي وعين السيد عبد الغني الصباغ امام الجهرية والعلامة الشيخ جابر امام اسرية, وعين له أربعة مؤذنين وعين شغالين وفراشين وقارئا يقرأ النعت وكناسين ولكل من أبوابه الثلاثة , واسكن الثلاثين حجرة ثلاثين رجلا من اهل البلدة أو من غيرها وشرط عليهم البيتوته في الجامع وملازمة الصلوات الخمس وقراءة جزء من القران الكريم بعد صلاة الصبح, وأثناء عمارة الجامع شرع في عمارة المطبخ المسمى بالعمارة على الباب الشرقي, ويذكر عن تاريخ ابن ميرو قال: اشترى عدة دور بالأثمان الزائدة وهدمها وادخل منها جانبا لداره وبنى المطبخ وبجانبه فرنا لخبز الخبز ومكانا لوضع لوازم المطبخ ومكانا للطباخ والبواب, وبنى حوضا من الرخام الاصفر ينزل اليه بدرج من الحجر, ورصص قباب الجامع واسطحته واسطحة المطبخ بألواح الرصاص المحكم.
وتألقت المدرسة من اعظم مدارس الشهباء شأنا واوسعها بناء, وقبليتها قبة واحدة شاهقة مبنية على جدران عريضة جدا امامها صفتان كبيرتان عليهما اربعة عواميد ضخمة وعلى طرفيها ايوانان كبيران, الايمن منهما منارة مدورة الشكل عظيمة الارتفاع على نسق منارات استنبول, وقبليتها بستان بشجر الكباد وصحن المدرسة واسع وسطه حوض ماء كبير ووراؤه مصطبة الحوض, ويحيط بالصحن الواسع ثلاثة اروقة فيها 24 عمودا من الحجر الاصفر, ووراء الاروقة احدى واربعون حجرة, وخارج المدرسة سبيل ومكتب, وجميع القبب والاسطح وبين الجدران غطيت بالرصاص ليزداد البناء متانة وصبرا على الايام, اما الحجرة الواسعة اتخذت مكتبة ووضع فيها كتب قيمة من المخطوطات وصلت مهداة من والي بغداد وعرف انه كان فيها نسخة نفيسة من تفسير القاضي البيضاوي وقد فقدت مع مرور الزمان معظم الكتب الموجودة بسبب الاهمال وعدم تنظيم شؤونها, ان هذه المدرسة لا نظير لها في سورية والدول الاسلامية المجاورة في ضخامتها وغزارة وقفها, وهي ككثير من المدارس العلمية التي اصبحت ملجأ للكسالى ومأوى للعجزة بسبب اهمال متولي امورها وعدم تقديرهم للعلم حق قدره.
المصدر كتيب تحقيق مصور عن جامع العثمانية, مشاركة في احتفالية حلب عاصمة للثقافة الاسلامية 2006م
وسوم: العدد 726