تقرير رائع عن الصوفية

ومع وجود هذا التيار الخفي داخل التصوف والذي يجهله الكثير، فإن الخطر الأكبر في أن هناك توجهات عربية وغربية لدعم الحالة الصوفية، مع حملها في أحشائها ومن داخلها «الحمل الباطني الرافضي». يقول د. عبد الوهاب المسيري: «مما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام يشجع الحركات الصوفية، ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات ابن عربي وأشعار جلال الدين الرومي، وقد أوصت لجنة الكونجرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية، فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي»[37].

ويزعم المستشرق الألماني شتيفان رايشموت[38] أن «مستقبل العالم الإسلامي سيكون حتماً للتيار الصوفي»[39].

ويقول دانيال بايبس[40]: «إن الغرب يسعى إلى دعم التصوف الإسلامي لكي يستطيع ملء الساحة الدينية والسياسية، وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة، وإقصائه نهائياً عن قضايا السياسة والاقتصاد، وبالطريقة نفسها التي استخدمت في تهميش المسيحية في أوروبا والولايات المتحدة»[41].

وفي صيف عام 2004 أصدرت مؤسسة «راند»[42] تقريراً[43] تضمّن توجيه الولايات المتحدة الأمريكية بـ «تشجيع انتشار وقبول الصوفية في المجتمعات الإسلامية»[44].

وقد كتب الأستاذ فهمي هويدي مقالاً يعلق فيه على هذا التقرير، ومما قال: «إن التقرير لا يخفي دعوة صريحة إلى تشجيع التصوف، وهو ما يعد نوعاً من الدعوة إلى التعلق بما يمكن أن نسميه الإسلام الانسحابي[45] الذي يقلص التدين في دائرة روحية لا يتجاوز حدودها، فهو يتحدث صراحة عن أهمية تعزيز الصوفية وتشجيع البلدان ذات التقاليد الصوفية القوية على التركيز على ذلك الجانب من تاريخها، وعلى إدخاله ضمن مناهجها الدراسية، بل يلح على ذلك في عبارة أقرب إلى الأمر تقول: لا بد من توجيه قدر أكبر من الانتباه إلى الإسلام الصوفي»[46].

وفي 24 أكتوبر 2003م استضاف مركز نيكسون[47] مؤتمر برنامج الأمن الدولي في واشنطن لاستكشاف مدى دور الصوفية فيما يتعلق بأهداف السياسة الخارجية الأمريكية، وقد عقد المؤتمر في ثلاث جلسات، واحدة منها سرية.

 الجلسة الأولى: حول الصوفية: التاريخ، الفلسفة، الجماعات.

الجلسة الثانية: حول الصوفية في أوروبا وآسيا[48].

ويذكر المستشرق برنارد لويس[49] أن اهتمامهم بالتصوف لأنه يذهب إلى أن «الأديان جميعها أصلها واحد، وكل الأديان لها هدف واحد، ورسالة واحدة، وهم يعبدون الإله نفسه، والله في الكنيسة وفي المسجد»[50]. وفي تقرير نشرته مجلة يو إس نيوز الأمريكية عام 2005م بعنوان: «قلوب وعقول ودولارات» يهدف إلى استراتيجية تدَّعي الوصول إلى العالم الإسلامي، يقول هذا التقرير في إحدى فقراته: «يعتقد الاستراتيجيون الأمريكيون بشكل متزايد أن الحركة الصوفية بأفرعها العالمية قد تكون واحداً من أفضل الأسلحة». ونقلت المجلة الأمريكية المذكورة أن واشنطن قامت بتمويل محطات إذاعة إسلامية وبرامج تلفزيونية ودورات تعليمية للترويج للإسلام المعتدل في أكثر من 24 دولة إسلامية[51].

وحضر السفير الأمريكي في القاهرة مولد البدوي في 16/10/1426هـ، معلناً إعجابه الشديد بعالم التصوف الإسلامي، ويقال بأنه انتسب إلى الطريقة الأحمدية وصار مريداً فيها، حيث أخذ العهد من أحد شيوخ الصوفية في مولد الشيخ البدوي[52]. كما طلب السفير الأمريكي فرنسيس ريتشارد مقابلة شيخ مشايخ الطرق الصوفية حسن الشناوي، وتمت المقابلة في مقر المشيخة العامة بالحسين، كما حضر السفير الأمريكي في المغرب السهرة الصوفية التي أقيمت في الرباط[53].

وهناك مادة علمية واسعة حول الاهتمام الدولي والعالمي بأمر التصوف، ليس هذا مجال عرضها، وهو في أساسه يعتمد على أمور عدة، منها:

1- توهم بعضهم أن التصوف هو مصدر التسامح وأساس التعايش مع الآخر، وغاب عنهم أن التسامح هو في الإسلام السالم من الشرك والابتداع.

2- التآمر على أهل الإسلام بالاستفادة من عنصر التصوف الخرافي لنشر الجهل وإبقاء حالة التخلّف في الأمة.

3- خفاء التيار الباطني المتقنّع خلف التصوف عن الكثير.

والتصوف اليوم بطرقه ورجاله ومريديه وأربطته وزواياه والباطنية التي تحركه من الداخل، والاهتمام العالمي، خاصة الغربي، بشأنه؛ لم يعد مجرد فرقة مختفية خلف الزوايا، بل صار مؤسسات ضخمة لها امتدادها عبر القارات. وفي اعتقادي أن المحرك السياسي والتنظيمي له هو «الشيعة المتصوفة» المعروفة بتخطيطها وتنظيمها واختراقها الفرق، وسريّتها وتلونها بحسب المصالح، وهذا التيار يحتاج في مواجهته إلى أمرين:

الأول: كشف خطر وضرر هذا التيار على المسلمين عامة، وعلى أهل التصوف خاصة، ببيان عقائدهم وخططهم؛ لأن معرفة حال المخالف وعقيدته هي الأساس لبيان الحق له، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل رضي الله عنه حين أرسله إلى اليمن بقوله: «إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله...» الحديث[54]، فبيّن له حالهم واعتقادهم قبل تعريفه بمنهج دعوتهم.

الثاني: العمل على نشر السنة والتحذير من البدعة بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال تعالى: {ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، وقال جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨].

والمتعين دراسة علمية واسعة تتناول التيار الخفي والخطير في التصوف - أعني «رافضة الصوفية» أو «الصوفية المتشيعة» - تتجاوز حدود المقارنة العقدية إلى الكشف عن خطر هذا التيار وخططه ومكائده، وهذا يحتاج إلى أمور عدة، منها:

أولاً: دراسة ميدانية عن حالة التصوف في البلدان التي تنتشر فيها هذه الطائفة.

ثانياً: رصد المجلات والدوريات الصوفية.

ثالثاً: جمع الكتب الصوفية المعتمدة.

رابعاً: مقابلة رجالات أو بعض رموز التصوف.

خامساً: رصد النشاط الصوفي المعاصر.

سادساً: الوقوف على الوسائل والمناهج والمسالك الخفية للتيار الباطني.

سابعاً: تحديد العقائد الباطنية الموجودة داخل التيار الصوفي.

ثامناً: تحديد الشخصيات الباطنية المختفية داخل التصوف من خلال آثارهم.

ولعل الله ييسّر القيام بشيء من ذلك في بحث مفصل - إن شاء الله تعالى -، والله الهادي إلى سواء السبيل.

 ✍ مجلة البيان العدد  320 ربيع الثاني 1435هـ، فبراير  2014م. 

وسوم: العدد 735