منظمة التحرير الفلسطينية والأمن قبل حكومة الفصائل
تستعد الفصائل الفلسطينية للاجتماع في القاهرة حسب الجدول الزمنى للمصالحة الفلسطينية خلال النصف الثاني من نوفمبر الحالي ويدور الحديث عن الملفات التي سيتم بحثها بحضور فصائل العمل الوطني والاسلامي الفلسطيني الموقعين على اتفاق القاهرة 2011 وهي خمس ملفات مهمة اولها ملف منظمة التحرير الفلسطينية وملف الامن وحكومة وحدة وطنية فلسطينية وملف الانتخابات الرئاسية والتشريعية ولإطلاق العملية الديموقراطية الفلسطينية التي تم اعاقتها لعشر سنوات بسبب الانقسام وملف المصلحة المجتمعية وملف الحريات العامة, ولعل من اهم واخطر الملفات التي لا يتوجب ازاحته او تأجيله للمرحلة النهائية هو ملف تحديث منظمة التحرير الفلسطينية والامن ولا يتوجب ان يطغي ملف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية على تفكيك عقد هذه الملفات الهامة وتحديث ودمج الأجهزة الامنية وتحديد عقيدتها وهياكلها وبالتزامن مع تحديث منظمة التحرير واعادة انتخاب هيئاتها السياسية هو المدخل الامن لباقي الملفات الهامة واولها ملف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
اذا تعمقنا في ماهية حكومة الوحدة الوطنية لابد وان نصل الى ان هذه الحكومة هي حكومة منظمة التحرير الفلسطينية تحمل برنامج منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني , ومن هذا المنطلق فان بحث تشكيل حكومة وحدة وطنية بديلا عن حكومة الوفاق الوطني او امتدادا لحكومة الوفاق لا معني له دون ان يتم تحديث كل هيئات المنظمة وانخراط الكل الفلسطيني من فصائل وطنية واسلامية تحت اطارها والايمان بميثاقها والاعتراف ببرنامجها السياسي , ولا يعتبر تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية شرعيا اذا ما شكلت دون انضواء كل الفصائل تحت راية المنظمة بما فيها حماس والجهاد الاسلامي , فكيف تسعي حماس وغيرها للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية وتكون جزء من النظام السياسي الفلسطيني دون الاعتراف بان منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد ودون ان تكون جزء وعضو فاعل في منظمة التحرير الفلسطينية .
لعل استباق ملف الوحدة الوطنية وتقديمه على ملف منظمة التحرير يعني ان الفصائل الفلسطينية تبحث عن نفسها ومكانة لها داخل الحكومة لأجل مكاسب حكومية ولا تبحث بالمقابل عن مكانة في التمثيل السياسي الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تفرض نفسها في كل مرحلة من مراحل المواجهة مع اسرائيل القوة المحتلة لأرضنا ومقدساتنا وشعبنا الفلسطيني الذي ما اوقف النضال يوما من الايام ليتحرر من المحتل الغاشم ليقرر مصيره بنفسه دون وصاية او تبعية , كما ان تقديم ملف حكومة الوحدة الوطنية على ملف منظمة التحرير يعني عدم تذليل المعيقات التي قد تقف في طريق هذه الحكومة فمن يريد ان يكون جزءا من هذه الحكومة عليه ان يكون جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لا ان يبقي فصيل سياسي خارج التمثيل الفلسطيني الشرعي ويبقي فصيلا منفردا له فلسفته النضالية المنفردة ,وله برامجه الخارجية والداخلية التي يتعامل بها مع الشعب الفلسطيني والعالم ,وله اساليبه وبرامجه وادواته التحررية الخاصة وفي نفس الوقت له قراراه الخاص دون الاحتكام الى المرجعية الوطنية الشاملة.
لعل هذا يتطلب اليوم من الفصائل الفلسطينية التي ستجتمع في القاهرة الانتباه لمتطلب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يعتقد انها ستكون حكومة الكل الفلسطيني وحكومة البناء والتحرر من الاحتلال وعليه اعتقد ان المرحلة تتطلب التريث قليلا واعطاء حكومة الوفاق الوطني مزيدا من الوقت لفرض السيطرة التامة الادارية والامنية وبالتالي تسخير الطاقات والامكانيات الفصائلية كافة لتسهيل عمل الحكومة وتولي مهامها دون معيقات وعوائق قد تتمثل في التحديات التي يمكن ان تتولد تباعا نتيجة عدم توفر قناعات وارادات حقيقية لدي البعض لتبدا حكومة الوفاق الوطني عملها في تخفيف المعاناة على المواطنين وفرض حالة الامن المطلوبة التي من شانها ان توقف كل محاولات النيل من مسيرة الوحدة ومن ثم الانطلاق لباقي المراحل والمهام الحكومية واهمها تهيئة البيئة الوطنية والتجهيز للانتخابات العامة التشريعية والرئاسية, لعل هذا يعتبر من الاهمية القصوى في تصوري لتفويت الفرصة اولا على الاحتلال الاسرائيلي محاصرة هذه الحكومة وعزلها كما حدث مع الحكومة العاشرة وتفويت فرصة ابتزاز مزيد من الاعترافات بالكيان وخاصة ان حكومة اسرائيل والولايات المتحدة اصبحت تشترط تلبية أي حكومة فلسطينية تكون حماس جزء منها شروط الرباعية الدولية الثلاثة للتعامل معها وهذا ليس استسلام للاحتلال بقدر ما هو تفويت الفرصة على الاحتلال ممارسة سياسة الابتزاز التي يتقنها كمحتل وفي ذات الوقت نوفر للشعب الفلسطيني في غزة حالة من التعافي من تبعيات الانقسام والتغلب على المشكلات التي احدثها انقسام العشر سنوات الماضية وبالتالي نجهز هذا الشعب ونبني له من القواعد الصلبة التي ينطلق من فوقها للمرحلة القادمة من الواجهة مع المحتل .
لعل تحديث منظمة التحرير الفلسطينية ودمقرطة هيئاتها ولجانها ومجالسها يعني اننا اسسنا القاعدة الصلبة للقرار الفلسطيني واتفقنا على استراتيجية التحرر من الاحتلال والعمل الوطني والنضالي والبناء الحقيقي لتكون الدولة الفلسطينية هي الهدف الاسمي لنا بعد دحر الاحتلال الاسرائيلي ,ولعل تكريس كل الجهد الوطني والفصائلي اليوم لابد وان ينصب على انجاح دور حكومة الوفاق وتسهيل مهماتها في غزة والضفة على السواء لينتهي الانقسام الى الابد , لذا فان الدور المطلوب من فتح وحماس الان عدم البحث عن تقاسم السلطة بقدر السعي لتثبيت السلطة وتقويتها والذي من شانه ان يخفف وينهي معاناة المواطن ويؤسس لشعب قوي متعافي من الازمات يقود الدولة الفلسطينية القادمة .
وسوم: العدد 747