الدفاع عن القدس الشريف واجب ديني على كل مسلم في العالم الآن وقبل فوات الأوان

يعتبر الرئيس الأمريكي  ترامب ـ وهو اسم على مسمى إذا يعني اسمه من ضمن ما يعنيه في الانجليزية اختلاق وافتئات الباطل، وافتراء الكذب ، والتلفيق ... ـ نذير شؤم على الإسلام والمسلمين منذ توليه مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية  . وإذا كان للرؤساء الأمريكيين السابقين نصيبهم من الحقد الصليبي المتصهين على الإسلام والمسلمين ، فإن ترامب قد بلغ حقده درجة غير مسبوقة تنذر بالويل والثبور وعواقب الأمور . فما كادت رجله تطأ أرض شبه الجزيرة العربية فيما سمي مؤتمر الرياض حتى اندلعت الفتن المظلمة كقطع الليل حيث أزبد وأرغى وهدد  في خطابه لابتزاز أنظمة الخليج ،واستباح أموال الخيرات الإسلامية بما فيها أموال الحجيج وأموال البترول ، وصنف المقاومة الفلسطينية ضمن لائحة ما يسميه الإرهاب ،وألحقها بالعصابات الإجرامية التي زرعتها مخابراته في بؤر التوتر بمنطقة الشرق الأوسط لتشويه الإسلام، وتشويه المقاومة التي تتصدى للكيان الصهيوني المسنتبت في قلب الوطن العربي والإسلامي . وما كاد يغادر أرض شبه الجزيرة العربية حتى اندلعت الفتنة بين الأشقاء في الخليج وقد دسّ بينهم منفذ الانقلاب على الديمقراطية والشرعية في مصر تطبيقا لأجندة صهيونية غربية  صارت مكشوفة ، وليلعب دور المحرض والمحرش بينهم تمهيدا لما بات يعرف  بصفقة أو بطبخة القرن  لتصفية القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني، وعلى حساب الحق الفلسطيني . وفي خضم الخلاف الخليجي بدأ الحديث عما صار يسمى تقاربا  عربيا خليجيا صهيونيا تحت ذريعة مواجهة الإرهاب  الذي صار تهمة ترفع في وجه كل من يرفض احتلال أرض فلسطين . وطالت فتنة ترامب البيت السعودي الداخلي  حيث زج النظام السعودي بالعلماء والدعاة في السجون لأنهم أول جبهة معارضة للتقارب أو التطبيع مع المحتل الصهيوني . ومن أجل التمويه على حبس العلماء والدعاة نسجت مسرحية هزلية وهي حبس  بعض الأمراء في أفخم الفنادق بينما يقبع العلماء والدعاة في المعتقلات الرهيبة . ولقد كان كل ما حصل في منطقة الشرق الأوسط عموما ومنطقة الخليج على وجه الخصوص تمهيدا لإعلان صفقة القرن  لتصفية القضية الفلسطينية والتي بدأت  بأحداث الحادي عشر من أيلول  المفبركة ، وبغزو العراق ، وإجهاض ثورات الربيع العربي، والانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر ، واتهام المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وإبعادها عن تدبير الشأن في قطاع غزة تحت شعار المصالحة ، والتلميح بتجريدها من سلاحها ، وكل ذلك عبارة عن تنفيذ للأجندة المعروفة باسم الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عنه الإدارة الأمريكية عقب غزو العراق ،والذي كان بذريعة مواجهة أسلحة الدمار الشامل وقد تبين أن الأمر محض كذب وتلفيق  لا أساس له من الصحة . ولقد جاء ترامب لإتمام ما خطط له الرؤساء الأمريكيون السابقون تمهيدا لصفقة القرن التي تقضي بإنهاء القضية الفلسطينية نهاية سعيدة بالنسبة للكيان الصهيوني الغاصب . واليوم تتحدث الأخبار عن إقدام الرئيس ترامب بما يعنيه اسمه مما ذكرناه أعلاه على خطوة إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني وإعلان قرار نقل السفارة الأمريكية  إليها لتحذو الدول الغربية حذو الولايات المتحدة لتثبيت الاعتراف بسلطة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وإضفاء الشرعية الدولية عليها .

 وواضح أن ما يعتزم الرئيس الأمريكي ترامب الإقدام عليه يعتبر استخفافا بالأمة الإسلامية قاطبة ، وتجاسرا عليها ، ومساسا بمقدساتها وبمشاعرها الدينية لأن مواقف القيادات السلبية  في البلاد الإسلامية أطمعته ، وشجعته على التمادي في إهانة الإسلام والمسلمين قاطبة .

 وأمام هذا الموقف العدواني من القضية الفلسطينية ومن الأمة الإسلامية يتعين على الشعوب الإسلامية أن تتصدى لهذه المؤامرة ، وتهب لحماية القدس الشريف باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين  وهو مسؤولية دينية . وعلى هذه الشعوب الإسلامية أن تمارس حقوقها في فرض إرادتها على قياداتها وأنظمتها لحملها من مرحلة  الاكتفاء بتحذير الرئيس الأمريكي المتعجرف إلى مرحلة الفعل الذي يرده إلى صوابه . وأول ما يجب القيام به هو أن تحبطه الشعوب الإسلامية  ما بات يعرف بالتقارب الصهيوني العربي والخليجي تحديدا لمنع أي شكل من أشكال التطبيع مع المحتل الصهيوني طالما ظل احتلاله قائما ، وظل تهديده لبيت المقدس بالتهويد موجودا، وذلك بذريعة مواجهة دولة إيران التي سلم لها الاحتلال الأمريكي أرض العراق على طبق من ذهب ، وهو على صلة وثيقة بها كما تشهد على ذلك واقع الحال خلافا لما يروج إعلاميا لتضليل الرأي العام الإسلامي والعربي . وعلى هذه الشعوب أن تعتبر كل تطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة لله ولرسوله وللإسلام والمسلمين ، وأن تفرض على أنظمتها وقياداتها فك الارتباط وقطع العلاقة مع الإدارة الأمريكية ومع من يحذو حذوها في الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارات إليها .

 ومعلوم أن إرادة الشعوب الإسلامية هي من إرادة الله عز وجل ، ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تقف في وجه هذه الإرادة ، فالقضية بالنسبة للشعوب الإسلامية قضية دين ،وقضية هوية، وقضية كرامة . وماذا سيبقى لهذه الشعوب من كرامة ومن هوية إسلامية إن هي غطت في سباتها في هذا الظرف بالذات وهي ترى رأي العين المؤامرة الكبرى لتمرير ما بات يعرف بصفقة القرن التي تعني تصفية القضية الفلسطينية لفائدة المحتل الصهيوني ولفائدة الجلاد وعلى حساب الضحية ؟

إن  غضبة قوية ، وهزة  مزلزلة من لدن  الشعوب الإسلامية كفيلة برد الرئيس الأمريكي ترامب إلى صوابه ،وكفيلة بثني  المهرولين للتطبيع مع الكيان الصهيوني عن هرولتهم وردهم إلى صوابهم هم أيضا ، وكفيلة بإقناع الكيان الصهيوني بأنه لا محالة إلى زوال، وأنه لن ينعم بالسلام ما دام  يحتل أرضا ليست أرضه وعليها أقدس مقدسات المسلمين  التي تفتدى بالأرواح .

وسوم: العدد 749