ربّوهم على التوكل على الله
في مقدمة ماينبغي أن نُربِّي أبناءنا عليه: التوكل على الله، فهو يُغنيهم عن أشياء كثيرة، ويُجنِّبهم أخطاء كبيرة، ويزيد في توفيق الله سبحانه لهم.
ومن معاني التوكُّل التي ينبغي أن نُربِّيهم عليها: ألّا يغتروا بما آتاهم الله تعالى من فضله، ونُحذِّرهم من أن ينسبوه إلى أنفسهم، ونحكي لهم قصة قارون الذي آتاه الله من الكنوز مايعجز جماعة من الأقوياء الأشدّاء عن حمل مفاتيح خزائن تلك الكنوز، ونُبيِّن لهم أن الله سبحانه هو الذي آتاه إياها ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ﴾ ورغم ذلك فقد ادَّعى قارون أنه كسبها بعلمه ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ فكانت النتيجة: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾.
ونُعلِّمهم أنه لابد من العمل بعد التوكّل على الله، فنقرأ عليهم حديثه صلى الله عليه وسلم: (لو أنّكم تَوَكَّلون على الله تعالى حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطَّيْر؛ تغدو خِماصاً وتروح بطاناً) صحيح الجامع.
ونوجِّههم إلى تدَبُّر قوله صلى الله عليه وسلم: (تغدو خِماصاً وتروح بِطاناً) فالطير تغدو وتروح، ولا تلزم أعشاشها، وهكذا ينبغي أن يُتبعوا توكّلهم على الله بالجِدّ والعمل.
حتى الدراسات العلمية الحديثة في التربية تؤكِّد هذا وتُثبته، ففي دراسة شملت تلاميذ في الصف الخامس، أُجريت لهم اختبارات الذكاء، ثم وُزعوا على مجموعتين، قيل للمجموعة الأولى: (أنتم أذكياء جداً ولذا حقَّقتم نتائج عالية).
بينما قيل للمجموعة الثانية: (لقد اجتهدتم ودرستم ولذا حقّقتم نتائج عالية).
بعد مُدَّة طلب الباحثون واجبات وأعمالاً منزلية من تلاميذ المجموعتين وأخبروهم بأنها ستدربهم وتعلمهم مهارات جديدة.
كيف جاءت النتائج؟
وجد الباحثون أن تلاميذ المجموعة الأولى -الذين أثنوا من قبل على ذكائهم- لم يُبدوا اهتماماً كبيراً ولم يبذلوا جهداً واضحاً ومن ثَمّ لم يُحقّقوا نتائج جيدة.
بينما أظهر تلاميذ المجموعة الثانية -الذين أثنوا على جِدِّهم ودراستهم- اهتماماً واضحاً وقاموا بعمل جاد وحقّقوا نتائج أفضل.
وتمت متابعة التلاميذ عِدّة سنوات بعد ذلك، فوجد الباحثون أن تلاميذ المجموعة الثانية كانوا يُحصِّلون درجات عالية، وحقّقوا تفوّقاً أكثر من تلاميذ المجموعة الأولى الذين اتّكلوا على ذكائهم فكانوا أقل اجتهاداً.
وهكذا نجد أنه يجدر بالآباء والأمهات أن ينتبهوا لهذا جيداً: ربوا أبناءكم على التوكل على الله، وأنه لن ينفعهم سواه، وأن التوكل على الله لايعني ترك العمل والجِدّ.
وسوم: العدد 754