"تغريدة" لترامب فضحت أهداف "اعتراف القدس".. وكشفت سيناريو "الحلقة الأخيرة"

حَسمت "تغريدة" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على صفحته بموقع تويتر، يوم أمس، حول مدينة القدس المحتلة، ثلاث مسائل في غاية الأهمية والخطورة، ووضعت نقاط مواقف السياسة الامريكية القادمة بكل وضوح، على حروفها، كما وضعت بلاد وأنظمة، وشعوب الأمتين العربية والإسلامية، أمام واقع جديد يفرض عليها، حين صرّح موضّحاً، غاية وأهداف قرار اعترافه الأخير بمدينة القدس المحتلة عاصمة لكيان الإحتلال بقوله : لقد " أزحنا القدس الجزء الأكثر تعقيدا عن الطاولة" !.

أولاً : بهذا التوضيح الصريح المباشر، يكون ترامب قد استكمل اعترافه السابق بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، ونقل سفارة بلاده اليها، وفسّره وفصّله تماماً، واستدرك تأويلات بعض المتأملين، وبدد ظنونهم، وأكد خيبتهم، أن تفسر بلاده لاحقاً الإعتراف، وتحصره بمدينة "القدس الغربية" فقط، ليجزم متفاخراً بالفم الملآن، أنه قصد مدينة القدس المحتلة كلها، بشرقها وغربها وجهاتها الأربع، عاصمة لكيان الإحتلال الإسرائيلي.

ثانياً : وجّه ترامب رسالة واضحة في تغريدته، للفلسطينيين، ومن خلفهم أمتهم، مفادها : أطردوا من رؤوسكم فكرة ايّ حل نهائي يتضمن مدينة القدس.. وبالتالي، يكون ترامب قد أسقط من حسابات التفاوض، أهم ملف من ملفين عالقين يحملهما "شلة أوسلو"، كان يفترض تأجيلهما لما سمي بمفاوضات الحل النهائي، وقدمه مجاناً، لعيون الحليفة "إسرائيل"، على طبق من ذهب.

ثالثاً : توضيح ترامب، أكد عدم الإكتفاء الأمريكي بالإنحياز المطلق لكيان الإحتلال، رغم أنها الراعي الرسمي والوحيد لفيلم السلام الشرق أوسطي، بل أصبحت تؤدي دور الممثل عن "الإسرائيليين" أنفسهم، وتنوب عنهم، وتتخذ القرارات التي تصب في صالحهم، دون مفاوضات ولا ما يحزنون، ورمت خلف ظهرها ثلاثة عقود مضت، من التفاوض والتواقيع والإتفاقيات مع الفلسطينيين، وفرضت سيناريوهات جديدة عليهم، وواقعاً جديداً، من إعداد " تل أبيب"، وإخراج واشنطن، كانت غائبة عن الحسابات الفلسطينية والعربية، أو غيّبوها، لتحسم واشنطن شكل النهاية لآخر مشهد من ذات الفيلم ، سلفاً، وتفرضه على الطرف الفلسطيني عنوة، هكذا، بكل صلف ورعونة ووقاحة ..

إذاً، الأمور باتت واضحة كالشمس، رغم قبحها، والتوضيح الخطير الذي صدر من ترامب، فند للمتأملين بما سُمّي سلاماً، ان قضية القدس، باي باي ..وأن عليكم التأقلم مع المعطيات الجديدة، والقبول بالمتاح، والممكن والفتات، او اشربوا من البحر الذي كنتم تريدون القاء "اسرائيل" فيه ..

قمة السخرية والاستهتار في الأمر، ان راعي المفاوضات قد أصبح طرفاً، بل الطرف، وأخذ على عاتقه املاء شروطه وفرماناته على الفلسطينيين، وخلصّ "الاسرائيليين" من معاهداتهم والتزاماتهم، الذين حققوا بفضله مكاسب دون مقابل، ويراقبون المشهد بعين الامتنان والرضى، مثلما تراقب "شلة أوسلو"، راعي مفاوضاتهم ذاته، وشرعيتهم الدولية، بقوانينها العقيمة، التي اتكأوا عليها، ولاذوا لها، لإستعادة حقوقهم، حين قبلوا تنحية بنادقهم، وحلّقوا في "طائرة السلام"، بتذكرة " one way ticket"، لا خيار لهم، ولا بديل أمامهم، ليجدوا أنفسهم بعد عقود ثلاثة تسربت من تاريخ قضيتهم، وضاعت سنينها هباء منثوراً، يحلقون في الهواء وحدهم، دون "باراشوت"، ولا مظلة احتياطية بديلة آمنة، ويتجهون صوب خازوق صهيوأمريكي، لا ألعن ..

بات في حكم المؤكد أيضاً، أن الخطوة الترامبية القادمة، انهاء القضية الثانية العالقة، المتمثلة بـ"حق العودة"، وطي صفحتها هي الأخرى، من أجندة المفاوض الفلسطيني، وخلفه الدول التي تحتضن اللاجئين، ليتبقى على طاولة المفاوضات اقلاماً وأوراقاً فقط، ولا شيء سواهما، ليفاوض الفلسطينيون بها وعليها.

ومع هذه الصورة الجليّة القاتمة، للواقع الراهن، ومساحة المتاح والمحظور، والممكن والمستحيل، الذي حددته الادارة الأمريكية بأسلوب البلطجة، قبيل تحريك الفلسطينيين وإرغامهم لاحقاً، على مفاوضات خُطّت صيغتها في البيت الابيض وتل أبيب، وعواصم عربية متواطئة، ولو أدى الأمر إلى عزل الرئيس محمود عباس، وإزاحته عن المشهد بطريقة أو بأخرى، واستبداله بمن يقبل التوقيع على السيناريو الختامي، القاضي بقيام عاصمة لا لدولة، بل لـ (حكم ذاتي موسّع)، في بلدة أبو ديس، أو أية بلدة متاخمة لحدود مدينة القدس، تزامناً مع تثبيت توطين اللاجئين، وتعويضهم، من خلال صندوق تتكفل به ذات الدول العربية المشاركة في تنفيذ مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية، وعظم الله أجركم ..

وسوم: العدد 754