بكيت مرتين!؟ الجزائر في قلوب السوريين، وستبقى !!
بكيت مرتين ! في الأولى ألماًوحزناًً ، حينماقرأت أن جزائريتين كتبتا رسالة جامعية بعنوان : تسول المرأة السورية في المجتمع الجزائري !!!!!؟
والأخرى اعتزازاً واستبشاراً حين قرأت رد الدكتور الطيبي الأصيل ابن الجزائر الأصيلة على هاتين التافهتين !!!
هذه كلمة من الدكتور تاج الدين الطيبي المحترم تعليقا على رسالة الماجيستر سيئة العنوان وضحلة المضمون :
سكتُّ .. ولكن ..!
ـــــــــــــــــــــــــ
لمدة يومين وأنا أكاد أذوب خجلا .. ولولا الأعزاء في هذا الفضاء لأغلقت هذه الصفحة واختفيت هربا من ذلك الوخز الكبير ..والألم الممض ..!
كنت أظنها مزحة، ولكن ذاب الثلج وبان المرج وظهر أن التعفن في الجامعة الجزائرية جاوز المعقول واللامعقول، وبات من الممكن أن يكون موضوع مذكرة (ماجستر) في الجامعة مهينا وعديم أدب ومسيئا إلى درجة الرذيلة، فتُعنون طالبتان مذكرة ماستر بـ(ظاهرة تسول المرأة السورية في المجتمع الجوائري)، وتُشرف (دكتورة) بلهاء حمقاء على الموضوع، وهي من فصيلة من قال عن الجامعة:
ودخلت فيها جاهلا متواضعا * وخرجت منها جاهلا دكتورا
وتقبل جامعة ومجلسها العلمي هذا العنوان دون خجل...أو مراجعة ..
لم أجد ما يبلل غصتي، أو يخرج الشظايا المتلظية من حلقي، وها أنا أحس بالعار لأنني أنتمي إلى دولة نزل فيه المستوى إلى هذا الحضيض، وأحس بالخزي لأنني أنتمي إلى الجامعة الجزائرية التي باتت تؤوي كل منخنقة وموقوذة ومتردية ونطيحة وما أكل السبع ..
طبعا.. ليس المجتمع الجزائري مسؤولا عن هذا الانحدار الرهيب، والشعب الجزائري غير ما يشير إليه ذلك العنوان الخسيس، ولكن هذه طبيعة الزمن، تطفو فيه الشوائب، وترسب في قاعه القيم فلا تبدو إلا لمن يبحث ..
ها أنا أقل شأنا من أن أعتذر للماجدات السوريات، وأقول لهن:
إن نعل الماجدة منكن أشرف من وجهي الطالبتين ووجه مشرفتهما وكل الوجوه التي رضيت بهذا العار وصولا إلى أعلى وجه ..!
أنا أعلم من يتسولن في الشارع، وأنهن لسن بسوريات، وأن اختطاف اللهجة السورية والتسول بها من أسهل ما يكون، ممكن لكل غجري بل لكل لص يحمل الهوية الجزائرية، وما زلت أقول إنني بحكم معرفتي بالسوريين لا أستوعب ولا أصدق مطلقا أن يمد سوري يده للتسول، وأعرف حالات قريبة حاولنا فيها مساعدة الإخوة فما قبلوا منا، على أن تفاعل الإخوة السوريين مع الحادثة يدل دلالة عميقة على أنهم لا يحسون بحجم المأساة في بلدنا، المأساة الأخلاقية، الحضارية، الثقافية، الأخلاقية، ولا يدرون أنهم يعيشون الدمار المادي ونحن نعيش الدمار المعنوي بكل تشظياته ..
لو علموا أي معاناة نعيشها في الهوية والقيم لبكوا علينا ونسوا حالهم، وماذا يضير السورية والسوري أن يهاجرا ويعانيا ومعهما شرفهما وحمولتهما الحضارية والأخلاقية، ومعهما ضميرها المرتاح ثقافيا، يعرفان من يكونان وأي حضارة يمثلان؟ إنما المأساة في الجزائري والجزائرية اللذين شردتهما التجاذبات الثقافية، وجعلتهما يتسولان هويتها وهما داخل الوطن.. وحامت حولهما كل الأشباح القاتلة يوم كان الوطن العربي كله في عافية ..
المأساة في هذا التدمير الممنهج منذ مطلع التسعينات، تدمير بدأ بحرب دموية دفعنا ثمنها فاحشا، دفعنا ثمنا لا يمكن تخيله، وكان نظام (حافظ) البعثي يومها من أبرز الداعمين للإبادة، وكانت (فرق موته)تبث الرعب في ربوع هذا الوطن، ويومها كنا نحن في المطارات السورية (إرهابيين)، كنا لا نتنفس إلا ويتنفس معنا الرقيب، كانت كل رسائلنا وكل هواتفنا مكشوفة، وهذا لا يعانيه السوريون اليوم في هذا البلد، وها نحن أيض ضحايا البعث مثلكم، ومع نهاية التسعينات قالت لنا (الغيلان) الحاكمة:سنعيد لكم الأمن ولكننا سنسلب منكم الهوية والحياة والثقافة والأخلاق والمال والعدالة والأسرة ووووو...، وتمت المقايضة ونحن تحت سيف الجلاد، ومن يومها ونحن نُسلخ كل يوم ولما ينته السلخ بعد، ولكن لم يبق الكثير لنتعرى تماما، وحينها لن يبقى من (الجزائرية) إلا التراب، أو الذكرى، وإن هذا الذي حصل من تلك (المذكرة) هو نتيجة ذلك التدمير، وعمل مقصود يراد به أن يظهر العفن على السطح، وإلا فإن الجزائري الحر والجزائرية الحرة يأنفان من مجرد تخيل ما حصل، وها أنا ذا أعلن أني غرقت في عرقي وخجلي ولم أستطع حتى التدقيق فيما كتب ..!!
للأسف .. حاولت أن أتشارك الهم مع بعض الأصدقاء ولكنني لم أفلح، كل أصيب بـ(إسكاتة) كما حصل لي..على أن السفه الذي حصل منا ما كان له أن يقابله سفهاء ظنوا أن الجزائري نذل، وكالوا لنا التهم، وجعلونا أقل شرفا، وكتبوا أننا سلمنا نساءنا للمحتل الفرنسي أيام الاحتلال، ولو أنا كنا أنذالا وفعلنا ذلك ما بقيت فرنسا عندنا كل ذلك الليل المظلم ..!
إن الخطأ لا يعالج بخطأ .. وما كتبه الجزائريون الأحرار عن المأساة السورية أولى بأن يُلتفت إليه ويعبر عن الموقف الحقيقي من الشعب السوري الأصيل .. وإنه لأمر بيّت بليل أن تظهر هذه المذكرة بعد عامين وينتبه إليها من لم ينتبه ..
أيها الإخوة السوريون..إن ظهورنا جسور لكم فاعبروا إلى الحرية والعدالة عليها إن شئتم، وخذوا منا حتى ترضوا، ولكن لا تؤاخذونا بما فعل السفهاء منا، فلكل شعب سفهاؤه، ومن أطاع السفهاء قطع من الوصل كل آصرة، وهتك كل وشيجة، ودمر كل صلة ..!!
الله المستعان..
وسوم: العدد 755