النكسة وأسبابها كما يراها الشاعر

منير مزيد / رومانيا

[email protected]

مَنْ يدّعي

أنه يعرف الحقيقةَ كاملةً

....يكذب

و من يحاكي الضياءَ

يقطع رأسَ الثعبان

....و يلقيه في بحيرة النيران

( فصل من إنجيل الشعر )

تصلّي...

تردد دوما

يا الله...!

أما آن لهذا التنين

أن يتقيأ الشمس...

(من فصل من إنجيل الشعر )

كفى...!

إني أمقت الحكايا الثلجية

حكايا دراويش

تعفن الأفيون في عقولهم...

(من فصل من إنجيل الشعر )

الويل الويل لكم أيها الأغنياء

لقد نلتم عزاءكم

أثمروا ثمرا يليق بالتوبة

أطعموا فقراءكم

 بدلا من أن تحولوهم إلى لصوص...!

(من فصل من إنجيل الشعر )

أحياء

وفي عوالمهم أموات

تجلدهم سياط الفقر

الذل مسخهم في صورة أشباح

نهضت من الرموس

و البؤس قد تعفن في عيونهم

تنشد الموت

مشفقاً عليهم

و أنا أشد منهم رغبة...

(من فصل من إنجيل الشعر )

 

الويل الويل

إبليس قبطان مراكبنا

و المراكب تغرق في بحر الخطايا

تنحدر بنا نحو الجحيم...

(من فصل من إنجيل الشعر )

واحسرتاه...!

لقد بعت روحك لشيطان

يستهويك

أنفقت حياتك في تأويل رؤى كاذبة...

و بقيت وحيداً

تعلك المرارة والأسى

والموت يحاصرك

البرد و الحريق...

(من فصل من إنجيل الشعر )

عصفوران عاشقان

ما زالا يبحثان عن عش

لم يجداه..

طارا في السماء بعيداً بعيدا

وجدا يد الله ممدودة.....

(من كتاب الحب و الشعر )

من الروح

تنطلق أسراب عصافير بلورية

تشدو آيات الله

تنام بين أحضان الحوريات

يكرهها الأعراب

ويغار منها الشعراء ..

(من كتاب الحب والشعر )

بجانب الشجرة

  يجلس حزينا

الفزاعة

 غفت للحظات قليلة...

(من كتاب الحب والشعر )

هناك

أطفالٌ حملوا الشمس لأجلنا

وأخبرونا بأنّ السماءَ

تُقْرَأُ لغة الحجر الثائر...

إلا أننا تعثرنا بأمراض التخمة

بأمراض الجوع

وأمراض خرافات الجدة والغول...

 

 (من كتاب آلام الشاعر )

نُحاولُ أَنْ نحلب ديك السراب

ليدلق علينا المن والسلوى

نستمع لمواعظ دراويش

عقولهم تتعفن من تبغ الهذيان

مهوسون بـ (الجرّ ) /و (الرفع)

بـ (الجزم) / و (الفتح) ...

مرضى ( تا التأنيث) و (نون النسوة) ...

يجرّمون زهرة الخشخاش البيضاء

بخطيئة الهوى

وزقزقة قبرة السماء الصغيرة

بالزندقة ..

(من كتاب آلام الشاعر )

 

(شهريار)عجوز مصاب بداء العقم

يكدّسُ في مستودعات السلاحِ

محظِيّاتهِ

و يخصي جنوده...

 (شهرزاد) تتأمل ساق الوردة

ينزلق في كهفها كسمكةٍ تسبح في الماء...

(من كتاب آلام الشاعر )

(ماكبث) يتباهى بالكوفية الفلسطينية

يخفي خنجره المسموم الملطخ بدمي

يلتقي (شهرزاد ) خلسةً تحت شجرة التين ...

تتعرَّى..

توسوس له....!

(من كتاب آلام الشاعر )

الظلام يتلحف بفرو جلودنا

يُدخِّن تبغَ أحلامِنا الصغيرة

يشرب ساكي دموعنا الحارة

وينام مخموراً بين البؤساء...

(من كتاب آلام الشاعر )

 

آه يا حزناً يَكَادُ زَيْتُه يُضِي

وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ

يود لو يشعل هامة الليل

ويضيء (واو الجماعة) ...

أتيت في زمن يتأجج بالزيف

يجعل من جسد الأنوثة قرباناً للثعابين...

(من كتاب آلام الشاعر )

شجرة لوزٍ

صرخة مولود : أعتقوني

تجتاح طريق التعب

أمام أشِقّائهِ المعذَّبين...

(من كتاب آلام الشاعر )

لا يزعجني

ولا يرعبني

نباح الكلاب مهما علت

خوفي أن يخنق غناء العصافير

كما هو الحال في وطني ...

(من كتاب آلام الشاعر )

حبيبتي

يحزنني أنك بعيدة عني

و ما يحزنني أكثر

أن يطال مقص الرقيب

قصائدي ...

(من كتاب آلام الشاعر )

 

أنا و صديقي

مختلفان جدا

صديقي مناضل

يرعد

ولا يهطل

يحلم بتحرير العالم

من تيتان العولمة..

أما أنا فرجل عادي

و بسيط

أحلم بأن لا أرى

البراعم تموت من العطش

(من كتاب آلام الشاعر )

عُميانٌ ! لا يرون شيئًا

لا يفقهون غيرَ ضجيجِ الكلماتِ

عَبَثاً .. تعبُرونَ واحداً تِلوَ الآخرِ

أشجاراً جرداءَ ...

 (من قصيدة جداريَّةُ الشعر  / من كتاب وجُوديات )

 

في الخارجِ 

العجوزُ يُعِدُّ عَرَبةَ السيدِ 

والسيدُ غاضبٌ 

لم يحظَ كما يشتهي 

بكلِّ النساءْ....

(من قصيدة الوحيُ و أنا / من كتاب وجُوديات )

أذكر حينَ عُدت إلى وطني

عدتُ من أجلِ رؤيةِ الحبِّ

وحينَ رأيتُه يعُجُّ بالظلمِ

والخرابِ

بَكيتُ....

رأيتُ خفافيشَ الظلامِ 

تُغطيْ السماءَ

ومخالبَ رابطةِ الشرِّ

تنهَشُ جسدَ القصيدةِ

تسخَرُ من الكلمةِ

تُحرقُ صوامِعَ الحُبِّ 

والشِعرِ....

(من قصيدة الحزنُ الأسود / من كتاب وجُوديات )

في الخفاءِ

امتدتْ يدٌ حاقدةٌ

من إسطَبلِ العَتمةِ

اغتالتِ الحُلمَ

وأجلَسَتِ القصيدةَ

على كرسيِّ الإعدامْ...

نظرتُ إلى السماءِ

كانتْ تخفِقُ

ترتعشُ

وسرعانَ ما لمعَتْ

في الأفقِ الممتدِّ

و تلاشَتْ وراءَ الفكرةْ....

هتفُوا

ولوَلُوا

سُحقاً لك أيها الشاعرُ

أو لا تدري

هنا كل شيءٍ

يسيرُ عكسَ عقاربِ الساعةِ

والساعةُ تشير إلى اللاشيء....

(من قصيدة من يَفهمُ الشاعر / من كتاب وجُوديات )

يقَعُ الطائرُ فريسةً

لذئابِ المدينةِ

يرى عَبْرَ نافذةٍ

أقلاماً تُكسِّرُها الشياطينُ

تروي غِلَّ حِقدِها

وأوراقاً تحترقُ

وأحلاماً تتلاشى مع الحريقِ

لم يَبقَ لطائرِ الجنّةِ

سوى خفافيشَ تملأُ رؤاهُ

وكلابٌ زرقاءُ تفتِّشُ عنهْ

(من قصيدة طائرُ الجنّة من كتاب وجُوديات )

 

نتُوه بين تحوُّلاتٍ

تُمزِّقُ شكلَ الحياةِ

ورغبةٍ تُشاركُ الموتَ في الموتْ....

نتصارعُ كالمجانينِ

على مَطرِ سحابةٍ

لم تُمطرْ بعدُ....

كنّا نحلُمُ بالنهرِ والبحرِ

بغاباتِ اللوزِ والزيتونِ

بحدائقِ البرتقالِ والرمّانِ

ورضِينا بجَناحِ دجاجةْ....

كنّا نريدُ شُربَ الخمرِ

أحرَقْنا كُرومَ العِنبِ

وارتوينا مِن ماءِ القطْران...

لم يبقَ إلاّ صورةُ وطنٍ 

على شكلِ كرسيٍّ

وحلمٌ يتكسَّرُ في الأنواءِ...

(من قصيدة مرثيّةٌ فلسطينية من كتاب وجُوديات )

هنا في الأزقَّةِ 

أصواتُ أخوةِ يوسفَ يتنازعونَ 

ويوسُفُ في غياهِبِ الجُبِّ 

يتلو آياتِ الوطنِ الذبيحِ 

والذئبُ يشحَذ أنيابَهُ 

ملَّ التعبَ والانتظارْ

(من قصيدة غزةُ تحترقُ... نموتُ جوعاً من كتاب وجُوديات )

أنا بينَ الريحِ والعدَمِ وبلَغتُ من العُمرِ عتيّاً 

وسيفُ الجوعِ يمزِّقُ أضلُعي 

نبتهجُ بالوهمِ والزبَدِ ونبحثُ عن شيءٍ لا نجِدُهْ 

فما قيمةُ الانتصاراتِ والهزائمْ 

إذا كان الجوعُ يحاصِرُنا

(من قصيدة غزةُ تحترقُ... نموتُ جوعاً من كتاب وجُوديات )

أنتَ يا وطني

أشبَهُ بِسحبٍ ممزَّقةٍ

في مطرٍ منسيٍّ

وحين أتجوَّلُ في طُرُقاتِ الذِكرى

أراني أنجِرفُ في زوبَعةِ الموتِ والولادةِ

أُصارِعُ العدَمَ وغُبارَ ظِلِّكَ

وفي وسطِ وهمِ حُلمٍ

أَصْحو متثاقلاً 

أراكَ واقفاً عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ

أنا لا أُعاديكَ

لكنّني أتألَّمُ

وما بيني وبينَكَ

أفسَدَتْهُ خفافيشُ الدَجَلِ

(من قصيدة أَنا في البحرِ، والبحرُ فيَّمن كتاب وجُوديات )

أنا ما جِئتُ إلى هنا

باحِثاً عن نبتةِ الخُلودِ 

وإنَما لاجِئاً

بعد ما خانني إخوتي

ومُغنِّياً 

بعد ما ملَلْتُ صوتَ الطبلِ

والمزمارِ

نَعيقَ الشعراءِ 

وعنترياتِ الخُطباءِ

يتبارَونَ في سُوقِ النِخاسةِ

في حَضْرةِ السُلطانِ 

ليَحظَوا بجاريةٍ روميةٍ

فارسيةٍ

أو حبشيةْ

(من قصيدة أَنا في البحرِ، والبحرُ فيَّمن كتاب وجُوديات )

أنا المنفيُّ في وطنِهِ

في وطنٍ تغادرُهُ نوارسُ الشعرِ

يغادرُهُ الوحيُ والأنبياءُ

وتموتُ فيه فراشاتُ الحُبِّ

وأبقى وحيداً

أشنُقُ صَرَخاتِ جُوعي

بحَبلِ ضُعفِي

أُجفِّفُ دموعَ حبيبتيْ

بمناديلِ الوهمِ.... !

(من قصيدة حُلمٌ في قواربِ الموتْ من كتاب وجُوديات )

أمّاهُ

أبخِرَةُ المِلحِ في عيوننا

المرارةُ في شفاهِنا

والجُوعُ ينمو في أجسادِنا....

نُولَدُ في المقابرِ والمنافِيْ

نقتاتُ زبَدَ الحجارةِ

وأعشابَ الوهمِ

نستسلِمُ بلا مُقاومةٍ

لدعاءِ الموتِ اللامتناهيْ...

(من قصيدة حُلمٌ في قواربِ الموتْ من كتاب وجُوديات )

سُكارى

مُحنَّطونَ بزيتِ العُقمِ

مُطأطِأةً رؤوسُهُمْ

تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ...

لا يرونَ شيئاً

غيرَ حانةٍ قذرةٍ

تُشبهُ عجوزَ خريفٍ مريضْ

يُهلِّلُونَ لأوثانٍ تُرابَيَّة مُتهالِكةً

تبِيضُ

بيضَ العدَمِ المُشوَّهَ

لتَقطيعِ أوصالِ أغانٍ عميقةٍ...

يقتُلُ العُشبَ الرضيعَ

لاعتدائِه على النِفطِ

تُشنَقُ نوارسُ الشِعرِ

بتُهمةِ الكُفرِ

تعتقِلُ صِيصانَ الأفكارِ

منعاً لانتشارِ أمراضِ الرِدَّة...

(من قصيدة الشعرُ و الأوثانُ المُتهالِكة من كتاب وجُوديات )

 

المُدنُ الغارقةُ في الوَحلِ البربريِّ

وسْوَسَ غولُ الشرِّ في صدرِها

 لا تدرِي كيفَ تستقبِلُنا

توَّجَتْنا بالحُزنِ و التشرُّدِ....!

قالتْ : لَيْسَ لكم وطنٌ أيُّها الغرباءُ

وأنتَ أيُّها الفتى اللازورديُّ

إيَّاكَ أنْ توزِّعَ القصائدَ على العابرينَ

أو شوكولا الحُلمِ على أطفالِ الشتاتِ

كي لا يُصبِحوا يوماً ثوَّاراً

وإيَّاكَ أن تَمُرَّ مِن أمامِ تلكَ النِسوةِ

حتى لا يقطَعْنَ أثداءَهُنَّ...!

مَن غيُركَ أيُّها الفتى اللازورديُّ

أسرَفَ على نفسِهِ بالهوى و الغرامِ

اِشرَبْ من نبيذِ الحُزنِ حتى الثُمالةِ

واسقِ كلَّ مَنْ جاءَ معكَ مِنَ العَراءِ....!

و حذارِ ...

حذارِ أن تفتحَ نوافذَ الحُلمِ

 لـ يُطِلَّ الشِعرُ ...

وفي الهُدوءِ الصافِي

يبدأُ الحُبُّ بالهذيانِ....!

(من قصيدة ملحمةُ التوائِمِ اللازورديَّة / من كتاب حبيبتي و الحلم )