في غرفة التحقيق
"السجن"
بكر زواهرة
بأسباب ولا أسباب
أنت الآن لاتسل , كيف لما ومتى
في غرفة التحقيق
أمام ضابط عصبي المزاج
فورأ , أوامره الجلوس فتجلس
فيصرخ فيك هيا قف,فتقف
فيصرخ مرة أخرى لتجلس
فهو لا يقصد الجلوس ولا الوقوف
بل الأمر مابين الوقوف وما بين الجلوس
لكن ضابط التحقيق لم يعد يدري ما يريد
ففكره مشغول بتسديد القروض
أو ربما بأمر زوجته
من فترة يشك في خيانتها له
"أيا سيىء الحظ" ان كان بالخيانة مقتنع
فتلك الصفعة الأولى
وماذا فعلت في صمت تقول
وما سموك من سموك من ؟
وكم ملكت يمينك؟
وكم ملكت جيوبك في البنوك؟
واسئلة عن التاريخ تسأل!
وجغرافية الشوارع والبيوت
وتواريخ الولادة والنهاية ... والسلوك
وأسئلة بلا اجابات ستأتيك
واسئلة كبرنامج لاليست لمن يربح المليون
لا بل من ستخسر في الاجابة
أمك أم اباك ام أخاك
وان لم يكن فلتخسر صديق
فتغرق في الاجابة والجماعة يرقبو نك كالذئاب
ثم السلاسل قيدوك وربطوك
ولسيارة الأمن التي تبدو كلون الضبع المرقط يدفعونك باحتقار
وقعقعة السلاح بها كأحشائه من بعد طول تجوال في الفيافي بها جوع قديم
فلا تنسى في بطنها تسبيحا كتسبيح الخلاص ببطن حوت
ونحو السجن تسرع في الطريق
فتحمل مثل الثمين تحمله اللصوص
تبقى منه شيء وشيء سيسقط في الطريق
فتدخل بوابة القبر الكبير
على بابه ليست ملائك الرحمن بل
شرطي بشكل غريب عجيب
كتمثال حجري تقاذفته يد الطبيعة منذ آلاف السنين
عليه اشارات "على وجهه " ورموز وطلاسم
لكنه هنا بدون معنى تاريخي أو حضاري أو ديني
يفتش كل شيء مثل دجاجة تنقر في تراب الأرض بحثا
عن حبة القمح الصغيرة
أو كقط حاذق بأكوام القمامة يدري
بأن القاع فيه دهن سمين
في السجن ضوء الشمس ممتنع الدخول
سوى أمل يطل كما شمس لاتزول
وهناك الحياة متسللة بشكل غير قانوني
وتمارس بعض حقوقها
بشكل مطلق السرية
والحراس يؤدون واجباتهم تماما
كمثل انقلاب عسكري
يريدون كل شيء بسرعة فائقة وحذر شديد
هلع يتجول في انفاس السجانين
يصور سعد بن معاذ في جيش حول الباستيل
في السجن تقتلع الأظافر والعظام
في هجمة البحث عن بئر أسرار خفي
في السجن مجزرة بدون دماء
لأن الدم قد تحول من السيلان الى الصلابة من شدة البرد
وعلى الجدران أمثلة منحوتة بأصابع اليد
حكم وأبيات من الشعر :
اذا الشعب يوما أراد الحياة
ورسومات لأشجار صبار وزيتون
وذكريات حب وآيات من القرآن
وأسماء لمعتقلين توحي بأن شعبا كاملا قد اعتقل
علب السجائر سعرها أغلى من الذهب المصفى في سوق مزدحم
وكبسولة فيها دواء لكل داء أوعليل
روائح مثل الكراهة ساعة الظهر الحرور
وماء الشرب يبدو سرابا من فم الوعد المصحر بالجفاف
صيام بلا فطور وليل بلا هلال
وجرثومة السجن بأجنحة تطير
وجندية ذات وجه جميل بينها وبينه
حاجز نفسي طويل كجدار الفصل العنصري
مطعونة بخناجر الاكتئاب
بسبب ظروف العمل
تلهو بهاتف نقال تشاهد صورا لسجن ابي غريب
في السجن كل جميل قبيح
وخارجه كل قبيح جميل
وفيه وردة مزروعة "قيد الاعتقال"
تتسلق الجدران ترنو الهروب أو على الأقل حصولها
على جرعة الضوء التي تكفي للبقاء على قيد الحياة
ونوافذ السجن ان وجدت
كفوهات البنادق في صفوف
ويحتاج الهواء الى زناد
ليقذفه الى مجرى الانوف
كبلاطة الموتى أسرة للنوم مصنوعة من الاسمنت المقوى
عليك أن تختار على أي جنب تريد النوم
لان الانقلاب على الفراش هناك أمر مستحيل
عند الصباح محكمة ولائحة اتهام بها عشرات البنود
آخرها بأي حق انت تحيا في البلاد
وبأي حق أنت تنتشق الهواء
وبأي حق شربت شايك من شرفة تطل على معسكر للجيش
شيدتها من دون اذن وترخيص
تذكرت ابا فراس
ولم ابصرحمامة اسره:
يـالـيـت صوتا للحمام يا حظ من سجع الحمام بسجنه أأبـا فراس ان الغراب لناعق قـد بـدلت ايدي الزمان ثيابه اذ أنـت فـي قيد الاسار مكبل للروم خوف أن يمسك عارض ولا انـت في ذاك الأسار مكرم لـو كـنت تبصر ما اكابد غمة هل كان عندك في القيود صبية لا أشـتكي والقيد ينخر أعظمي بـل أن جرحي ما أتاني زائر لـولا الأحبة في الفؤاد وشوقهم لـلـيـل أنس اذ تلوح كواكب ان حط طير في السجون جناحه أأبـا فـراس ان الديار سجينة | ينوحمـا مـن حـمـام نائح حظي كلاب في السجون تجوح حـولـي وحقد الحابسين يفوح وأطـل و جـه لا يطاق قبيح زارتك من بشرى الفكاك فتوح فجيوش قومك في البلاد تسوح فـالـنصر يبقى والبلاء يروح لـعلمت أسرك كالفراش يريح تـبـكي وجند بالبذيء تصيح أو ان علت فوق الجروح قروح قـلـب لأ مـي بالهموم ذبيح مـا كـنت أعبأ أن يشد صفيح لـكـن تـحصين المكان يشيح فـلأجـل تقبيل الرجال يطيح ضـاقـت علينا والفضاء فسيح | فأبوح