حلب دير ياسين جديدة
ربما للمرة الأولى أقولها
ربما لاحظها بعض أقوياء الملاحظة
لسوريا تأثير هائل على معنوياتي أنا شخصيا
أطرب لانتصارات المسلمين فيها
ترن أخبار سقوط الطائرات الروسية أو تدمير دبابات النظام أو أسر عناصر حزب الله أو إيران في أذني؛ لتحدث وقعا يتفوق في عذوبته على أجمل لحن موسيقي تستحضره.
أحيانا أسرح بخيالي وأتصور اسوداد وجه السفاح بشار حين تأتيه هذه الأخبار، وأشعر بحالة من النشاط غير العادي.
عيني على سوريا دائما وأنا أكتب عن مصر.
لسوريا مكانة كبيرة في قلبي، تعاظمت بعد الثورة، وأنا أتابع هتافات أهلها مع بداية ثورتهم.
وإذا كانت شرارة الثورة قد اندلعت من الحبيبة تونس، فإن نبتة الثورة قد صارت شجرة كبيرة راسخة الجذور في سوريا.
من هناك تعالت هتافات (يا الله ما لنا غيرك) لأول مرة.
هناك تَفتتَ أولُ جيش وكيل عن الاحتلال وداسته أحذية الثورة.
وإن كانت شجرة التقسيم قد زرعت لأول مرة في مصر منذ قرنين في عهد محمد علي، ففي سوريا ستقتلع الشجرة وتحرق لتصبح رمادا تدوسه الأحذية ويتطاير مع الرياح.
سوريا هي معركة المسلمين الأولى.
سوريا هي التي اجتمع عليها الشرق والغرب.
أذكر حتى الآن مقولة أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي منذ أكثر من سنة، حين قال إن سقوط نظام بشار خطر على أوروبا كلها.
أذكر زيارة نتنياهو لموسكو قبل التدخل الإجرامي الروسي للتنسيق معهم.
الكل يحارب سوريا.
الحرب على المكشوف.
أعترف بأنني أصاب بالاكتئاب حقيقة حين أستمع لأخبار الانكسارات في حلب.
تفجرت بالأمس في نفسي ينابيع غل لا تنضب، حين شاهدت مقطع فيديو للنازحين من حلب وعصابات نظام بشار تقف على جانبي الطريق، ترفع أصوات موسيقى تمجد بشار.
الفارق بين ما يحدث في سوريا والحرب العالمية، هو أنهم ببساطة لا يقولون لك إنها حرب عالمية.
الجماهير صارت رهينة لوسائل الإعلام وكلها مضلل بلا استثناء.
هذا يبرز أزمة اللاجئين ليحول القضية في لاوعيك إلى أزمة لاجئين.
وهذا يحدثك عن أضرار الحصار، ليتسلل إلى عقلك الباطن ويزرع فيه أفكارا تقودك في النهاية إلى التسليم بحتمية الحل السياسي.
ولا ننكر تفاقم أزمة النازحين ولا كارثية الحصار، ولكن إبراز هذه المعالم وجعلها الملمح الأبرز للحرب في سوريا، هو نوع من العزف على وتر الأمن مقابل الاحتلال.
مقايضة برعت فيها أنظمة الاحتلال بالوكالة.
تماما كما يقولون للبسطاء في مصر: (مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق).
هكذا تتم السيطرة على الشعوب.
قوة مسلحة ضئيلة العدد بالنسبة لعدد السكان، وآلة إعلامية تضخم تبعات التمرد على الاحتلال وتحوله إلى وحش يكاد يفترس خيالك، فتقضي عمرك راكعا.
الكل الآن يحاربون المسلمين في سوريا.
الشرق والغرب اجتمعا ووضعا سوريا على طاولة واستلوا السكاكين لتمزيق الجسد.
لماذا تضرب روسيا بهذه الوحشية فلا يتحرك خيال المآتة المسمى بالمجتمع الدولي ؟
لماذا تصب طائرات بشار والمجرم بوتين حممها على السكان، حتى بلغ عدد الشهداء 759 شهيدا بينهم 118 طفلا و71 امرأة؟
لماذا يجتمع مجرمو الأرض على حلب، حتى إن شاويش انقلاب مصر أرسل 18 طيارا إلى قاعدة حماة السورية ؟
والإجابة ببساطة أن هذه الوحشية متفق عليها.
اضرب أنت سوريا بوحشية وأنا سوف أدين وأدعو للاجتماعات، وأثير الرغاوي والفقاقيع وأعطلهم حتى تخلو حلب وباقي المدن من السكان.
الوحشية الروسية تعمل في اتجاهين.
الأول هو إثارة الذعر في نفوس السكان في حلب، ليغادروها فتخلو من الحاضنة الشعبية فيسهل احتلالها وتفريغها، وتتحول المقاومة إلى جيوب يسهل القضاء عليها.
فكر العصابات الصهيونية التي استهدفت دير ياسين في مذبحة وحشية إجرامية لدفع سكان فلسطين إلى ترك ديارهم والنزوح، لفتح الطريق إلى القدس.
والثاني هو تحويل سوريا لعبرة لكل من يفكر في الثورة على حكام سايكس بيكو.
وإخلاء حلب لا يجري اعتباطا، بل ربما يخططون لإخلاء مدن أخرى من المسلمين وحشدهم في مناطق أخرى؛ (ربما لإعادة رسم الخريطة السكانية لسوريا من أجل تقسيمها)، ثم تطبيق نموذج حلب في مدن سورية أخرى.
لا استطيع أن أرى هدفا مما يجري في سوريا ومن التبجح الروسي واللامبالاة في إعلان جرائمهم، إلا أنه محاولة لإخلاء حلب ثم مدن أخرى من أجل حرب كبرى يمهدون لها في سوريا؛ لإبادة المسلمين السنة.
لا أملك إلا أن أدعو لحلب ولمسلمي سوريا بالنصر على عدوهم.
اللهم يا قاصم الجبابرة انصر مسلمي سوريا على أعدائهم.
وسوم: العدد 699