صدرو كتاب: " الصورة، الإنسان و الرواية عبد الرحمن منيف أو شرق المتوسط مرة أخرى"
صدرو كتاب: " الصورة، الإنسان و الرواية عبد الرحمن منيف أو شرق المتوسط مرة أخرى"
للباحث الدكتور عزيز القاديلي
عن دار النشر إي-كتب و بفضل المجهودات القيمة للسيدة شموس الصراف مديرة العلاقات العامة بهذه الدار، صدرت الطبعة الثانية من كتابي: " الصورة، الإنسان و الرواية عبد الرحمن منيف أو شرق المتوسط مرة أخرى"
لقد حاولت في هذه الدراسة التي هي في الأصل أطروحة الدكتوراه المعنونة ب:" صورة الإنسان من خلال رواية هنا..الآن أو شرق المتوسط مرة أخرى لعبد الرحمن منيف" قلت أنني حاولت الانطلاق من تصور فكري أساسي مفاده أن الرواية كفاعلية تخييلية تقدم لنا تمثلات أو تصورات ثقافة ما عن نفسها، و بما أن الأمر يتعلق بالرواية العربية و بروائي كبير من حجم عبد الرحمن منيف إن السؤال الذي خامرني منذ مدة هو ما نوع التصورات و التمثلات التي تحملها روايات عبد الرحمن منيف على اعتبار أنها روايات تنتمي إلى الثقافة العربية.
لكن و أنا أحاول العمل على هذا الموضوع طرحت على نفسي السؤال التالي: إذا كانت الخطابات الفكرية و الفلسفية تشتغل على المفاهيم و الأفكار فما هي هذه الوسائل الأدبية التي تعتمدها الرواية لتنقل لنا عبرها تصوراتها و تمثلاتها؟ لقد قادتني هذه التساؤلات و غيرها إلى اعتماد مفهوم الصورة الروائية كوسيلة لمقاربة موضوع تمثل ثقافة لذاتها من خلال خطابها الروائي، و هنا كان لزاما علي أن أعيد بناء مفهوم الصورة الذي يتناول عادة في الخطاب الشعري من خلال مفاهيم المجاز و الاستعارة و الكناية، و أن أوسع من هذا المفهوم ليتلاءم مع الخطاب الروائي ذي الخاصية السردية. فقمت بالربط بين الصورة و مفاهيم مثل التمثل و التخييل، ثم الصورة قي الأدب المقارن ثم أنقل كل هذا إلى الصورة السردية أو الروائية.
السؤال الآخر الذي طرحته على نفسي هو كيف تتشكل هذه الصورة الروائية؟ و قد كان الجواب هو أن الصورة الروائية تتشكل من التقنيات الروائية و السردية في حد ذاتها، أي أن الروائية من بفعل مكوناتها السردية و بعلاقتها مع القارئ تعمل على تشكيل هذه الصورة.
و لقد قادني التحليل إلى تناول التقنيات السردية بالدراسة و إبراز كيف تعمل هذه التقنيات من أجل إنتاج صورة سردية، و بالفعل توقفت عند عتبات النص و الجنس الروائي في حد ذاته، ثم انتقلت إلى دراسة السارد و المنظور السردي ثم توقفت كثيرا عند أثر الشخصية حسب منظور الباحث فانسون جوف الذي أفادني كثيرا في تحليل صورة الشخصية الروائية،و ختمت دراسي بتناول مفهوم المكان باعتباره هو الآخر يساهم في بلورة و تشكيل الصورة.
و النتيجة العامة التي خلصت إليها من خلال دراسة الصورة الروائية هي أن عبد الحمن منيف ينطلق في إبداعه الروائي من خلفية فكرية نظرية يمكن تسميتها بنزعة إنسية أدبية، و هذه النزعة هي التي تحركه للدفاع عن الإنسان العربي و فضح الوضع اللاإنساني الذي يعيشها الإنسان العربي و الذي يرمز إليه بالإنسان الذي يعيش شرق المتوسط.
إن روايات عبد الرحمن منيف منشغلة بفضح الوضع اللاإنساني للإنسان العربي و هي إذ تفعل ذلك فمن أجل العمل أدبيا و مجتمعيا و حضاريا على بناء وضع إنساني لهذا الإنسان العربي.
لا أدعي أن دراستي شاملة و متكاملة، المهم أنني حاولت تقديم تصوري الخاص لمفهوم الصورة الروائية من جهة و حاولت دراستها من خلال أهم الروائيين العرب الذين اهتممت بقراءتهم بنهم و شغف و لذة و كان لزاما علي كقارئ أن أتفاعل مع هذا الإبداع و أن أحاول تناوله من خلال أهم القضايا التي تشغل الساحة الأدبية العربية المعاصرة.
وسوم: العدد 768