كيف شرح عبد القاهر الجرجاني نظرية النظم في دلائل الإعجاز؟
شرح عبد القاهر الجرجاني نظرية النظم في كتابه دلائل الإعجاز وعرضها عرضا واسعا، ففي مقدمته يعرف النظم بأنه(تعليق الكلم بعضها ببعض،وجعل بعضها بسبب من بعض ،والكلم ثلاث:اسم وفعل وحرف، وللتعليق فيما بينها طرق معلومة، لا يعدو ثلاثة أقسام:تعلق اسم باسم،تعلق اسم بفعل،تعلق حرف بهما) وبذلك كان أول ربط بين النظم وعلم النحو. ولابد من مراعاة المعاني النحوية والصرفية وتقبل المجتمع لهذا النظم الجرجاني معتزلي وليس أشاعري.
الفرق بين نظم الحروف ونظم الكلم
نظم الحروف:هو تواليها في النطق فقط وليس نظمها بمقتضى عن معنى ،ولا الناظم لها بمقتف في ذلك رسما من العقل،فلو أن واضع اللغة كان قد قال "ربض" مكان "ضرب" لما كان في ذلك ما يؤدي إلى فساد.
أما نظم الكلم:تقتضي في نظمها آثار المعاني وترتيبها على حسب ترتيب المعني في النفس،وليس هو النظم الذي معناه ضم الشيء إلى الشيء كيف جاء واتفق.
خلاصة قول الجرجاني
النظم هو توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم من علاقات حيث يقول "واعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو،وتعمل على قوانينه وأصوله،وتعرف مناهجه التي نهجت،فلا تزيغ عنها،وتحفظ الرسوم التي رسمت فلا تبخل بشيء منها".[3] وهذا التعريف الشامل يوضح مدى العلاقة بين علم النحو وعلم المعاني في تحديد نظرية النظم.
ما الفرق بين النظم والنحو؟
عندما نحتكم إلى نصوص عبد القاهر حول النظم الذي عده دعاة إحياء النحو رسما لطريق جديد في النحو نجد تفرقة واضحة بين النحو والنظم
فمعاني النحو ثابتة لا تحتاج إلى جهد ومعاناة ،أما "النظم" فيكون في حسن التخير والنظر في وجوه كل باب،فينظر في صور الخبر ،والأساليب من شرط وتوكيد وتخصيص ،فيجيء بذلك حيث ينبغي له ،ويحتاج ذلك قسطا كبيرا من التذوق والحس الأدبي والسليقة السليمة،وتلك مهمة فوق مهمة البحث في الصواب والخطأ ،وهنا ارتبطت البلاغة بالنحو ارتباطا وثيقا ،حيث تبدأ مهمتها من حيث تنتهي مهمة النحو،لأنها ستتناول الصورة الصحيحة التي تدور حول غرض واحد لترى أيهما أرفع في درجات البلاغة ولماذا.[4]
وسوم: العدد 836