حروف على جدار صمت أدباء الأطراف
حروف على جدار صمت أدباء الأطراف
نايف عبوش
يأتي عنوان المقال بالصيغة اعلاه،مشتقا على نحو ما،من عنوان الكتاب الثاني،(حروف على جدار الصمت)، الصادر عن المنتدى الثقافي والأدبي في ناحية القيارة، من مطبوعات مطبعة الكرم في الموصل لعام 2011 ،من اعداد التراثي والأديب سلطان محمد الوسمي،الذي يتضمن مجموعة مختارة من قصائد الشعراء: ابراهيم (ابو يعرب)،وابراهيم رمضان، واحمد علي السالم ،واحمد عبدالله الفرج، وناجي حسن الرجب،ومحمد موسى القاضي، وصالح خلف الدخيل،وسلطان محمد الوسمي،وضياء العذاب،وسالم النجم،وقصص القصاصين، محمد هلال، وحمادة حسن هزاع، وسرمد عزيز، ووهاب محمود حمد،ليعبر باختصار شديد،عن ملامح تجربتهم،التي عكستها النصوص التي احتواها ذلك المطبوع.
ويأتي هذا الجهد،في اطار مسعى اولئك الشعراء والأدباء ،لتوكيد حضورهم في الساحة الثقافية ،بعد ان كانت نصوصهم غير موثقة، وحرصهم على رفدها بأثر مطبوع ،يتناسب مع طاقتهم الشعرية، وقدراتهم الإبداعية كنخبة من شعراء الجيل المعاصرين ،عسى ان يكون اضافة نوعية ،لتجربة جديدة، لها ملامحها الخاصة.
وإذا كان من الصعب كتابة تعريف موحد، لمجموعة شعرية ،وقصصية ،لمجموعة شعراء وقاصين في ان واحد،بسبب تنوع صور المجموعة،إلا ان انسياب إبداعاتهم على اختلاف التجربة الذاتية لكل واحد منهم، من منبع واحد، بمشتركات النشأة والتكوين، وموروث الاستلهام ،تسهل على الكاتب ،الاقتراب المتجسد،على نحو ما، من ملامح التجربة الجمعية لهم ،حتى وان فاتته بعض الخصوصيات، والكوامن الجزئية، في تجربة البعض منهم.
فالأدباء والشعراء المذكورون، ريفيوا الولادة والنشأة.وهم من مواليد قرى ريف اطراف جنوب الموصل.وبذلك فان عوامل النشأة والتكوين، اضافة الى مواهبهم الذاتية، واستعدادهم الفطري، قد انعكست بشكل مباشر ومؤثر،في تكوين ملامح شخصيتهم ألاجتماعية وتحديد نمط اسلوبهم الشعري والقصصي معا.
ومع ان صورهم الشعرية المتنوعة ،عكست نمط اسلوب كل واحد منهم على انفراد،فلا ريب انها جاءت وليدة تفاعل مخيالهم الحالم ،مع وحدانية كائنات بيئتهم،على اختلاف صورها،المعنوية منها والمادية،بحس صادق ،ومن دون تزييف.وبذلك تجلت الأصالة والخصوصية معا، بشكل واضح في نصوصهم الشعرية والقصصية،على تنوعاتها الفردانية،فصانتها من ارهاصات ألاغتراب رغم كل ضغوطات ومؤثرات العصرنة الجارفة، التي تركت بصماتها بملامح الاستلاب السافر ،على الكثير من النتاجات المتداولة في الساحة الأدبية فشوهت نقاءها، وعكرت صفاءها الى حد كبير.
وبذلك تمكن اصحابنا بملكاتهم الفطرية، وحسهم المرهف، من ممارسة كل فنون الشعر والقصة بجدارة،وبوحي من واقع مؤثرات انتمائهم الاصيل الى عناصر بيئتهم..حتى ان القارئ الحصيف، والناقد الادبي ،يمكنهما معا،ان يلمحا الكثير من النفحات التوجدية،المفعمة بمعاني الحب والشوق والمكابدة والحنين،في ثنايا نتاجاتهم،التي تعكس حقيقة تجليات عوالمهم الروحية السحيقة،المتنوعة الصور،تبعا لتنوع رؤاهم،وتعدد معاناتهم، حيثما استعانوا بها في تجاوز فضاءاتهم الحسية، كلما تزاحمت في مخيالهم ،احلامهم المكتظة ،في لحظة ولادة نصوصهم، لصور بيئتهم الحية ،بجزيئاتها المتشابكة.