تغطية أمسية الأستاذ حنا السلامة
تغطية أمسية الأستاذ حنا السلامة
مكتب الأردن الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية-اللجنة الإعلامية
أقام مكتب الأردن الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية يوم السبت 25/2/2012م محاضرة ثرية في الأدب الاجتماعي للأديب المتميز الأستاذ حنا ميخائيل سلامة، وذلك في مقر المكتب في العاصمة الأردنية عمان، وأمام جمهور حاشد متميز من أعضاء الرابطة وأصدقائها بدأت المحاضرة بمقدمة بليغة من مدير الأمسية الشاعر المعروف الأستاذ سليمان المشيني، جاء فيها:
" أُحَيِّي هذه الرابطة الخالدة .. التي هي حقاً قلادة وضّاءة في جيد الأردن العزيز .. وصرحٌ سامق في طليعة صروحنا .. وركنٌ موطّد من أركان سؤددنا .. إِذ تسهم أَيّما إِسهام في نهضتنا الثقافية .. وتقوم بجهد عظيم في سبيل أداء رسالتها على أكمل وجه .. وليس أَدَلّ على ذلك ما تبذله من نشاط .. الأمر الذي يدعو إلى الاعتزاز بها .. والثّناء على إدارتها .. وكما تطلع الشمس بأنوارها، طلعت هذه الرابطة المباركة لتفجّر ينابيع الضياء في النفس الإنسانية .. وتطهرها من خسائس الفكر المادي .. وتجسّد أجلّ المعاني من وجود العقل .. وتغرس في الإنسان مكارم الأخلاق والمُثُل السّامية العُليا التي تقوده نحو سبيل الكمال.
غنيّ عن التعريف الأستاذ الأديب الباحث حنّا مخائيل سلامة النّعمان .. فمنذ أكثر من ثلاثة عقود، وهو يمارس الكتابة الأدبية وبخاصة في مجال النقد الاجتماعي .. ويتميّز قلمه بأنه شجاع في قول كلمة الحق .. ويحدّثُكَ حديثَ الوِجدان ببراعة وطلاقة .. عقلهُ مضاءٌ بالنور .. وَجَنانُهُ مُشِعٌّ بالإيمان .. رسالته الصّلاح والإصلاح .. داعياً إليهما مُنادياً بالسّير بأظلالهما.
الأديب الكاتب حنا ميخائيل سلامة نعمان، أفـْقٌ رحبُ الأجْواء، وخيالٌ سامـِقٌ، وعقلٌ دائمُ البَحْثِ والتحليل، وقلبٌ مُـفـْعَمٌ حُباً لرقيّ وطنهْ... وسيفٌ باترٌ بوجهِ التـَّخلفِ والقـِيَمِ الزائفةِ والرواسبِ الاجتماعية... ودعوة خالصة إلى الإصلاحِ والبناءِ والخيرِ والعطاءْ... أمَّا أسلوبُهُ الأدبي، فرَشيقٌ جذّابٌ. ويـُعتبرُ شاهدَ عصرهِ الأمين، فهو يعيشُ مشاكـِلـَهُ وأسْقامَهُ وآمَالـَهُ وأمانـِيَّه، فيعكِسَها في مقالاتٍ رائعةِ الجمال والبيان لا يُعْوِزُها الشعورُ العَميقُ وحرارة التعبيرِ. ويُمثـِّـل أدبُهُ صِلـَة الأدبِ بالحياة. إذ يَغوصُ في أعماقِ المجتمعِ مُحَلِلاً ومُدققاً وموجّهَاً. وباعتقادي أن أدَبَهُ لا يعدو أن يكونَ فلسفة ترتدي ثوبَ الأدب. وأضاف إنَّ الأدبَ أولاً وقبلَ كلِّ شيء موهبة إلهية لابُدَّ من إثـْرائِها بالاطلاعِ المستمرِّ وإغنائِها بالثقافةِ ما استطاعَ الأديبُ إلى ذلكَ سبيلا. وهذا شأنُ أديبـِنا أبي حسامٍ الذي يُصرُّ فيما تخطـُّه يَرَاعتـُهُ، أن يوجِّهَ بأسلوبٍ غيرِ مُباشرٍ وذلكم شأنُ الأدبِ الراقي الذي يستهدفُ بَعثَ الرَّجاء والحثَّ على العملِ وتقويمُ المُعوجِّ وإحالة اليأسِ أملاً. وقال: إنَّ الأدبَ الرفيعَ كروْضةِ الربيعِ سَقاها الحَيا وأنضرتـْها الشمسُ والصَبَا... لهذا فإنَّ أديبـَنا البليغَ حنا ميخائيل سلامة يَحرصُ على أن يُثـبِّتَ فيما يكتبُ الحكمة الخالدةَ: إذا عَرَفـَتْ الأمة الوسيلة والغاية، ثم عَمِلـَت واستمرتْ وصَبرتْ وصابرتْ فلن يقوى أحدٌ على صَدِّها والوقوفِ في وَجْهِ نهضتها وإعاقتـِها عن غايتـِها".
وكطبيب حاذق راح أديبنا حنا السلامة يجس مواطن الألم في المجتمع ويبحث عن البلسم لتخفيف معاناة الإنسان وكأني به يحمل هم الإنسانية على كاهله، إنه يكشف عن البقع المظلمة في الأمة بعين مضيئة بنور المحبة والرحمة، ومن تلك الصور التي أقضت مضجع أديبنا الإنسان:" .. ويقوم شباب عابثون ممن تبخرت مشاعرهم باستخدام أدوات حادة لشطبِ جوانب السيارات وإحداث أخاديدَ وخطوطَ عليها، وتمتد أيدي تلك الفئة لخلع ماسحات الزجاج أوالهوائيات أو المرايا، ومنهم من يهوى ثقب وتنفيس دواليب المركبات.. والظاهرة الأخرى تتعلق بإطلاق الشتائم أثناء قيادة السيارات.. إذ يضغط سائق أرعن على زامور سيارته لتفتح له مسربَ الشارع على ضيقِهِ واختناقـَه.. وما أن يتسنى له التجاوزَ حتى يأخذ بقذف ما اختزنه مِن شتائم.. فتقول في نفسِك: لعل لديه ما يستدعي السرعة ليلتحق بمهمة إنسانية أو أمنيَّة.. لكن يخيب ظنك إذ تراه بعد مسافة واقفاً أمام كشكٍ يبيع القهوة الساخنة، أو أحد معرشات بيع البِطـِّيخ والشَّمَام ،يفاوضُ البائع المتسلح بسكينٍ لِمَن يشك في لون وحلاوة ما يبيع.
وتُذعِن شريحةٌ واسعة ٌ مِن أبناء مجتمعنا لإملاءَات، بل قُل خزعبلات المنجمين والمنجمات، الذين يستخُّفون بعقولِهم - الكوكب جوبيتِير غاضب والكوكب فينوس فرحان - وتجارةُ قِراءة الأفلاكِ يقومُ عليها مَن جعلوا بطونهَم لأكل الحرام، بدليل أرصِدَتِهم الفلكية في البنوك.. وبدليل الأزياء باهظة الثمن التي تكسو أبدانهم التي تعرضت لعمليات تجميل وترقيع ! قال المعري:
ينجِّمون وما يدرُون لو سُئلِوا عن البعوضةِ أنىَّ منهُمُ تقِفُ
أيضاً ظاهرَةُ تيَبُّس القلوب وتـَنَـكـُرِ الأبناء وعقوقـِهم لوالِدِيهم حال تنازلهم عما يملكِون بعد تطييب خاطرهم بالوعود البراقة، ليكون مصيرُهم بعد فترة إمَّا في دور الرعاية.. أو رفعاً للعتب تحت رحمة خادمات آسيويات يصعُب التفاهُم معهم! أيها الأعزاء، يقول النَسْر المقـيّد "اذبحني ولا تنتِـفَني ريشةً بعد ريشة.. حتى الدجاجة تقول ذلك"!
هذا غيض من فيض من مواجع الأمة التي أرّقت الأستاذ حنا السلامة مما دفعه للصراخ بأن أفيقوا واحذروا، فالمجتمع مسؤولية الجميع من العقلاء..، وقد رحبت رئيسة مكتب الرابطة السيدة نبيلة الخطيب بالضيفين الكريمين مدير الأمسية ومحاضرها، وأدلى العديد من الحضور بمداخلاتهم وتعقيباتهم وشهاداتهم حول ما سمعوا من أدب مسؤول.