قصة أطفال لنزهة أبو غوش
في ندوة مقدسية
جميل السلحوت
ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني قصة الأطفال"عمّي حسام وهدايا الأحلام" تأليف السيدة نزهة أبو غوش، رسومات آلاء حلومة، صدرت في طباعة أنيقة وورق صقيل ورسومات مفروزة الألوان وغلاف مقوى عن"دار الهدى للطباعة والنشركريم"في كفر قرع، بدون ترقيم للصفحات وبدون سنة نشر.
بدأ النقاش جميل السلحوت فقال:
عندما يكون السجع على حساب اللغة في قصة للأطفال
ملخص القصة:
طفل يحلم اثناء نومه بحصوله على أشياء مثل: ثياب جديدة، سيارة-دمية طبعا-
نظارة، حزام، حذاء، وألعاب، فتتحقق أحلامه بأن أحضرها له عمّه العائد من سفر خارج البلاد.
الشكل الفني والاخراج والرسومات:
الشكل الفني للقصة لافت بغلافه المقوى، ورسوماته مفروزة الألوان، ولم يكن هناك داع أو مبررٌ لوضع:"التأليف والتدقيق اللغوي" أمام اسم المؤلفة، فمعروف أنه تأليفها، وهي مسؤولة عن سلامة اللغة أو عدمها، بغض النظر عمّن دققها.
أما بالنسبة للرسومات فقد كان بعضها موفقا وملائما للمضمون، في حين أن البعض الآخر لم يكن كذلك، فعينا الطفل وعينا والدته بدتا في الرسومات وهي مغلقة، وكأنها عيون مسمولة، وليست مغلقة.
البناء الفني:
بدت الكاتبة قصتها على غرار بدايات الحكايات الشعبية،" في يوم من الأيام...." وفي الحكايات الشعبية:" كان يا ما كان في يوم من الأيام ، أو في غابر الأزمان...الخ" وفي ما جاء بعد ذلك خلطت بين القصّ والحكي.
السجع على حساب اللغة:
تتكئ الكاتبة على السجع بشكل كبير، حتى خُيِّل لي أنها لاتكتب الا من أجل أن تسجع، ومعروف أن السجع يأتي على حساب اللغة، كما هو حاصل في قصتنا هذه، لاحظوا معي:
(يا حسين،ليست حقيقةً الأحلام،
بل هي صور نراها في المنام)
فمن أجل الالتزام بالسجع أخطأت الكاتبة في تأخير اسم ليس"الأحلام" وهنا لا يجوز تأخيره، لأنه معرفة وخبره نكرة، وأصل الجملة"الأحلام حقيقة" وعند دخول ليس عليها لا يتغير فيها شيء سوى نصب خبرها دون تقديمه.
ولاحظوا هنا( عاد عمي حسام من بلاد الصين أو من بلاد الشام)فقد أقحمت بلاد الشام لتكون سجعا مع حسام) والعم عائد من دولة واحدة وليس من اثنتين.
أهداف القصة:
ترمي القصة الى تعليم الأطفال أو إخبارهم بأن الأحلام ربما تتحقق، وهذه معلومة مبكرة جدا على الأطفال، وقد تكون نتائجها عكسية، فمثلا فان الطفل قد يحلم حلما مزعجا جدا، كأن تدوسه عجلات سيارة، أو يأكله حيوان مفترس، واذا ما اعتقد بامكانية تحقيق الحلم فانه سيعيش حالة رعب ستهلك أعصابه الغضة، وتحد من نشاطاته وقدراته الاستيعابية، ومعروف أن للأحلام أسبابا نفسية لسنا في مجال بحثها، وأن ما يتحقق منها هو استقراء لواقع وليس نبوءة أو وحيا نزل على الحالم أثناء نومه.
وقال موسى ابو دويح:
رأى بطل القصة الطفل حسين في منامه ثيابا جديدة وسيارة حمراء وحيدة ونظارة وحزاما وحذاءا وألعابا.
حدث أصحابه الأربعة: (حنين وعلي ودعاء ومرام) عن رؤياه، فسمعته أمه فقالت له: الأحلام ليست حقيقة وإنما هي صور نراها في المنام، وفي بعض الأحيان تتحقق الأحلام.
عاد حسام عم حسين من سفره إلى الصين أو الشام، وكانت هديته لحسين تماما كما رأى في منامه، ففرح حسين لأنها تحققت أحلامه.
تقوم القصة على موضوع الرؤيا في المنام، وهذه قد تتحقق وقد تكون أضغاث أحلام.
اعتمدت القصة على السجع المتكلف، وهذا ما أضعف القصة. فالسجع المقبول هو الذي يأتي عفو الخاطر، ولا يتكلفه الكاتب. وانتشر السجع في عصور الأدب الهابطة، وهذا يذكر بالسجعة المشهورة التي نطق بها الخليفة أو الوالي: "أيها القاضي بقم، قد عزلناك فقم".
تقول الكاتبة: (في يوم من الأيام، وأنا في عز المنام، غرقت في أحلى الأحلام).
(رأيت ثيابا جديدة، وسيارة حمراء وحيدة).
(عندما أفقت من منامي، لم أجد شيئا أمامي).
(لم أكن غضبان، وأيضا لست فرحان، ولكني مشيت أفكر حيران).
(رتبت كل أفكاري، ورتبت أيضا كلامي، حكيت لأصحابي عما رأيت في منامي، استمعت أمي الى جميع كلامي).
(يا حسين، ليست حقيقة الأحلام، بل هذه صور نراها في المنام).
(يمكن أن تتحقق الأحلام، وتصبح حقيقة وليست صورا في المنام).
(أنا وأصحابي: حنين وعلي ودعاء ومرام، طلبنا من الرحمن أن تتحقق الأحلام).
(من السفر، عاد عمي حسام، ربما من بلاد الصين أو من بلاد الشام).
وكان يغني عن السجع أن تقول الكاتبة:
رأى الطفل حسين، في منامه ثيابا جديدة كثيرة، وسيارة حمراء.
وعندما أفاق من نومه في الصباح، لم يجد شيئا مما رأى في النوم.
لم يغضب، ولم يفرح، ولكنه احتار في معنى ما رآه في نومه.
قص حسين رؤياه على أصحابه الأربعة: حسين وعلي ودعاء ومرام، وطلب منهم أن يفسروا له ذلك، فسمعته أمه فقالت له: الأحلام يابني ليست حقيقة، وإنما هي صور يراها النائم في نومه، وقد تتحقق وقد لا تتحقق، وقد تكون النتيجة بعكس الرؤيا، وهناك علم خاص بتفسير الأحلام علمه الله للنبي يوسف عليه السلام، واشتهر بهذا العلم ابن سيرين عند المسلمين.
عاد حسام عم حسين من سفره، وكانت هديته لحسين ثيابا جميلة جديدة، وربطة عنق وحزاما وحذاء، وسيارة حمراء تسير على الريموت.
ولما رأى حسين هديته التي أحضرها له عمه حسام، قال: يا أماه لقد حقق الله حلمي، فالحمد لله رب العالمين.
وتكلف الكاتبة للسجع أوقعها في أخطاء لغوية: فقالت وأيضا لست فرحان، والصحيح فرحانا لأنها ليست ممنوعة من الصرف لأن مؤنثها فرحانة وليست مثل غضبان غضبى.
وتكلف السجع، يركز في ذهن الأطفال أن الكلام الجيد هو الكلام المسجوع فقط، فيحاول الطفل أن يأتي بالسجع ولو خالف المعنى. وهذا تكلف ظاهر. فالسجع الحسن الجميل هو ما جاء دونما قصد، وحافظ على سلامة المعنى، اسمع قول الله سبحانه:
"والسماء والطارق، وما أدراك ما الطارق، النجم الثاقب، ان كل نفس لما عليها حافظ" فلم يقل: النجم الحارق، ان كل نفس لما عليها سائق.
وختاماً كان بامكان الكاتبة ان تعرض قصتها -قبل الطباعة- على بعض اعضاء ندوة اليوم السابع الذين تعرفهم، ولا يبخلون عليها ابداً بالنصيحة.
بعد ذلك جرى نقاش مطول شارك فيه كل من:ابراهيم جوهر، رفيقة حمدان، راتب حمد،صقر السلايمة،وخليل سموم.