"التعويذة"مجموعة قصصية للأسد العويضي

دراسة نقدية

"التعويذة"مجموعة قصصية للأسد العويضي

الأسد العويضي

[email protected]

أسامة محمد أمين الشيخ/مصر

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

[email protected]

يغوص بنا مبدعنا الشاب القاص الأسد العادلي العويضي في مجموعة قصصية رائعة في مشاكل شبابنا، وأبحر بخياله في الغربة والشرود وصدمنا بالتعويذة والنائب الانتهازي. بدأت المجموعة القصصية بالإهداء العائلي إلى روح والد القاص وإلى روح الفنان الراحل رائد فن الخط العربي/ حامد العويضي، وفي المقدمة التي خطاها الدكتور/ محمد أبو الفضل بدران عميد كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، والذي قدم للقاص تحية وأشار إلى أنه سوف يسهم في إعادة مجد قوص الأدبي وأن قصصه تعيد مجد الحكي العربي.

وبنظرة تحليلية لقصص مبدعنا، نجد أنه ينتمي إلى جيل تجرع فيه كأس البطالة فكانت بداية قصصه قصة "فلسفة الخردة". فقد حطم الكاتب أحلام الشاب الجامعي وحطمنا معه. فقد وضع القارئ في حيرة من أمر الطالب الحاصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة، والذي هبط من برجه العاجي إلى عربة الكارو، ويصطاد بها كل حديدة ملقاة وبقايا الشوارع أو ما يسمى الخردة. بالإضافة إلى فقدان عنصر الزمن في قصته، وإن حرك ذهن القارئ بما جرى في الإدارة التعليمية والكلية وبرواز الشهادة وتاجر الخردة وبيته ومراكز الكمبيوتر والصيدليات والمطابع بحثاً عن عمل. أدرك الكاتب أنه عبر عن معاناة جيله.

وفي قصة "شرود" وإن كنت أرغب أن اسميها هروب من زوجته ومتطلبات حياتها وأولاده إلى حيث لا يدري أين يذهب ؟ أيركب القطار؟ ولكن أين وجهته؟ ومن يمتلك تلك المشكلات اليومية، كيف يمتلك وجهاً طفولياً بريئاً؟ ويصف كاتبنا المقاعد الرخامية في المحطة بأنها رطبة، لكنها في بلدتنا البائسة اليائسة شديدة الحرارة، فبلادنا لا تعرف إلا الصيف ولا تستظل إلا بالحرارة الشديدة والشمس المحرقة. وصف كاتبنا للسكة الحديد ومجيء القطار والمسافرين والزحام، يرجع في أغلب الظن إلى أنه مشهد متكرر مألوف لكاتبنا لأنه يقطن بجوار محطة السكة الحديد، وفي طريق عمله ذهاباً وإياباً. وفي نهاية القصة لم يصل بنا الكاتب إلى حقيقة رحيل هذا الرجل، وإلى أين يذهب؟ بل أكد لنا في نهاية القصة أنه ذاب وسط الزحام. وظهر لنا التفاوت الغريب بين قصص كاتبنا مما يدل على قدرته على اختزال المواقف والحوار بين الشخوص. ففي قصة "خليل" ذلك القروي الساذج، الذي صار من وجهاء المدينة، هناك سؤال ألح على مخيلتي، لماذا ارتبط القروي بالسذاجة؟ الفران الذي لا يعرف سوى وضع المازوت للأفران وقت القيلولة كيف حدث له ذلك؟ هذا ما أغفله الكاتب في قصته، وإن كان يريد أن يستخلص لنا عبرة أن الحياة لا تدوم على حال، شخوص القصة قليلون مع إغفال عامل الزمن أيضاً، وإن لم تخرج القصة من دائرة ضيقة وهي المخبز. وفي قصة "غربة" لا ندري غربته عن محبوبته أم غربة العربي عن بلاده. سار بنا الكاتب في شوارع الغربة وصدمنا بالصخور القاسية، ولا يدري هل يضمد جراح غزة ويجمع الأشلاء في بغداد الحبيبة وفي بيروت الممزقة، ويغسل جراحه في مياه النيل، فيزيده هموماً على همومه، فالفتاة هي رمز العروبة ولكن استخدام القاص للألفاظ الآتية "المدفأة" "الرعشة الخفيفة" "البرد القارص" "حبات المطر" "أنهار الحنين" "المرافئ" جعلنا نعيش في إحدى مدن أوروبا خلال شهور الجليد، فبلادنا لا يزورها المطر إلا قليلاً ولا يعرف البرد طريقاً إليها. وفي قصة "ذهول" حدثنا الكاتب عن العجوز الذي يخرج في بداية الليل للعمل كمترجم، ومن المعروف أن العجوز لا يفضل الخروج إلا نهاراً، وإن كان ليلاً فإلى المقاهي لاسترداد ذكريات ما مضى. أما عن العملة المعدنية "الجنيه" الذي عثر عليه، فعرفناه حديثاً، وهو العملة الدارجة حالياً، وحينما قام بإعطائه إلى عامل المقهى رفض وأعطاه مكانها عملة ورقي، وكان هذا الجنيه هو مرتبه عندما كان يعمل كمترجم في وزارة الثقافة. لنخرج من هذه القصة أن هذا الرجل العجوز مثل هذا الجنيه.

نقتبس من خلال هذه القصص بعض خصائص كاتبنا في تحليل مفرداته، فوجدنا صوره قليلة ميلاً إلى الواقعية وألفاظه سهلة ومركبة أحياناً، حواراته واضحة جلية بين شخوصه وإن كانت قليلة، واستخدامه للرمز نادراً.