في ذكرى رحيل شاعر العامية/ فنجري التايه
((فاعوص في ضي القمر))
أسامة محمد أمين الشيخ
/مصرعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
الظلمه والكلاب المسعوره وليل الغلابه طويل وديدان الطين صبيان وبنات و أرضنا السمرا .
في النجع النا حب عزب البوصي، .يا عم عجل في المزاد،.جن مصور في الحقيقه وفي الخيال.
عيل وجالح ع الاوان.جني ولا انسي مجني ولا جاني .ياسيده حضنك ما عدشي يلمنا
والديدبان شكم اللجام شق اللسان، بحر الدميره فاض لما سمع اسمي.انتو الحزانا برغم العرس جواكم، يا ابو قلب شايل همنا ، شلنا ك حكاية في قلبنا ، كانت ملامح بشرتك بلسم جراح ،.فرصتك والقبر غاير ، ويا شعب ناصر افتكر طوال الزمان مين شال همومك فوق كتافه وجنبوه.قوم ياسد ، قومي يااسوان قوم يا أسوان ، قوم يا دخان المصانع في سماء أسوان ، محمود الصل مات كانت أمه تغني له محمود يا ابن القبايل
صور وتراكيب ومعاني وفكر وألفاظ ورموز وعلامات تنم عن فكر شاعر عامي نبت من طين الجنوب حمل علي عاتقه هموم الفلاحين المساكين والعمال
تلك مفاتيح شخصية شاعر العاميه فنجري التايه من مواليد 14|6|1953 اسوان لكنه ينتمي الي اصول قوصية ( نسبة إلى مدينة قوص ) حاصل علي ليسانس الحقوق أسيوط 83 وهو مدير إدارة العقود واللوائح بشركة (كيما ) كان فنجري التايه رحل عنا في 2002 وكان ناصرى القلب والعقل واللسان وكان شاعرا متفتح الفكر مستنير الأفق بسيط المظهر عميق الجوهر مطمئن النفس مبتسم الوجه أصيل الملامح نافذ البصيرة كما وصفه محمود العسقلاني .
وفي مقدمة ديوان ((في ضي القمر)) قال شاعر العاميه الكبير الأستاذ / عبد الستار سليم إن الشاعر/ فنجري التايه قد استمد مادته الإبداعيه من أصداء ثوريه ومفردات حياتيه وأحاسيس داخليه وكلها تتفاعل داخل بوتقته الفنيه لتنصهر وتستحيل مدادا يكتب به شعره
ونظرا لان فنجرى التايه كان يمتلك الحسي الشعري الصادق والقدرة علي الاستيعاب والاحتواء
ولأنه عايش البسطاء وعاش بينهم ومعهم واكتوى أحيانا بنار الغبن والمتربة وقلة الحنان الذى قد يكون تربى فيه الشاعر وشاعرنا ولد مع مجىء ثورة 1952 م وما فيها من متغيرات صنعت منه شاعرا متمردا ونفسا ذات همة عالية تأبى الضيم ولا ترضى بالقهر ووصفه صاحب فن " الواو " عبد الستار سليم بأنه شاعر عرك الحياة وعركته ووقف على أوجاع الناس وفصل من آلامهم جلبابا بحكم خبرته كمحام وبعد القراءة المتأنية نلاحظ أن قصائد ديوان الشاعر فنجرى التايه تدور حول محاور ثلاثة هى محور الهم الذاتى أو الشخصى ، محور الهم الوطنى العام ، محور الانصهار فى بوتقة الكادحين ، نأتى إلى لب أعماله " فاعوص " الذى يحلو له أن يضحك فى ضوء القمر الذى يمثل شعب الأمة كاملا متحدا فى رجل واحد ، الحب عنده فعل لا قول ، يحلم بالوطن بكل جماله ، بأشجاره بقمره بالزهر الممزوج بألوان الطيف بالأنهار بالشمس و" فاعوص هذا شخص بسيط يمارس حياة ملايين البشر العايشين فى قراهم ونجوعهم واللابسين هدوم الستر الساتر والآكلين المش أبو دود والذاهبين إلى الغيطان حفايا والشاربين من الجداول والآكلين الفجل والجرجير والجعضيض
فاعوص إنسان بسيط من الشعرانى مركز قوص، فاعوص شغال فى شدة دق الطوب ، ولما تغيب الشمس فى جوف الكون ، تلاقى فاعوص قدام الدكاكيين ، بيزيح من فوق قلوب الخلق هموم اليوم ويرد فاعوص على فنجرى " الواد ابة تايه نشرنى فى الجرنان ، أما حتة واد خلبوص ، خرب أسوان والظاهر ناوى يخرب قوص ، تقول يا أبو خوه على ذمة أبو تمانين فدان، إنما ساعة القعده معاه ، ناس النجع يقولوا عليّ اتجن ، عقل فاعوص خف ياواد وبقى ملحوس ، يه يا فاعوص عامل غارة وضارب بوز ، حد يطول يطلع إسمه ف الجرانين ، وآه يا حزين خايف موت وشايل طين .
وفاعوص الذى يسكن قرية الشعرانى هو نفسه فاعوص الذى يقيم فى أسوان وقفط ونقادة ونجع حمادى وإسنا وأبو تشت .
ولا يزال الشاعر عبد الستار سليم يغوص فى الموروث اللغوى الشعبى الذى يتسلل فى نسيج الشعر الذى فى الديوان فنجده يستخدم المفردات الصعيدية وفضلا عن الأجواء الجنوبية
التى تتكون من اليومى والشائع ولكن فى صورة شعرية مراوغة وفنية وفى رؤية استفزازية ، صورة مفعمة بالدلالة حافلة بالرمز الموحى بفكر الشاعر ونبضه ، صورة لا تنطلق من فراغ ولا تنطلق فى أجواء مبهمة ومن روائعه :
يا ابو قلب شايل همنا مددك مدد يا مصر عاد لا تحزنى ابنى الفقير فى الصف قبل الغنى
مددك مدد الفجر شقشق ع الوشوش والصوت على غيطانك سنبلة فاستبشرى مددك مدد يا مصر قومى إدنى من الولاد على كل جبهة بسملى يا مصر أرواحنا فدا بس أنتى شاورى وأأمرى
أما جار النبى الحلو " المحلة الكبرى " فقال على مقهى أم كلثوم يكون بداية اللقاء ثم الكورنيش والنيل والدار واللقمة الهنية والبنت والأولاد والسوق ومقهى ليالى الحلمية ولعب الطاولة والشعر والسياسة وأحمد أبو خنيجر وقصر الثقافة فكان طفلا وحكيما معا يمشى محييا الجميع له جمال وخفة وسطوة وحضور الشعراء لشاعر كبير ومع سبق الإصرار والترصد لم يهتم بشعره الاهتمام اللائق فبعد رحيله كيف أسوان بدونك وكيف سأرى أسوان بدونك أنت فى القلب وانتظارك سيطول ـأما القاص والروائى /أحمد أبو خنيجر أحد أصدقاء الشاعر فيقول كان فنجرى كغيره من عباد الله الساعين فى الحياة ينبض بالمحبة للناس والشعر ويملك قلبا طيبا وصوتا جهورا أوقعه كثيرا فى المشاكل والخلافات أما محمد هاشم زقالى صديق العمر فيقول :
ما ليك فى كذب المواكب ولا ليك فى فن الوصول
والشعر أيامك أبعد مكان فى الكون
أما عمر صابون – أدفو فيقول فى رثاء التايه :
يا غرة الشعر الجميل ألا ترى
أنى سأثبت للجميع وفائيا
للنابهين الناجحين أولى النهى
صعدوا إلى العليا بذلت ثنائيا
فإذا بكاك الأصدقاء فإنما
يبكون مبنى أضاءت به أرجائيا
أما عن أسرة الشاعر / فنجرى التايه فجرى فى عروق الأبناء حمدى وإيمان ابنى الراحل فنجرى التايه شعر العامية إرثا وموهبة فكان ما كان ففى قصيدة
يا أهل الأدب والعلم دلونى
كان طير جميل واقف على غصونى
يصحى فى آخر الليل يتلى يعلمنى
الشعر والمواويل يخضر زيتونى
صحيت فى يوم ما سمعت أنغامه
سألت عنه الشجر قال الشجر هاجر
الليل بدون الأمل أسود فى عيونى
أما فى ذكرى الثلاثين لأبى الحبيب كتبت إيمان فنجرى فقالت :-
تلاتين يوم عدوا علينا وانت بعيد
طعم الفرقة يابا صعيب
تلاتين يوم نظرة عينك جوه ف قلبى
محمود الصل وعم فاعوص
نادوا عليك قمت جريت
سيبت المال والحال ورحت تقول يا فكيك
كربان ع الموت حنيت رجليك
هُنا عليك.
وبرحيل فنجرى التايه رحل الإنسان ورحل معه عم فاعوص ومحمود الصل ولكن فنجرى لا يزال فى قلوبنا فالموت حق دائم الثبوت ولكن ذكراك يا فنجرى لن تزول ولا تزول .