الصورة الايروتيكية في قصائد بنت اليوسف
الصورة الايروتيكية في قصائد بنت اليوسف
عماد كامل
تحاول الشاعرة(بنت اليوسف) ان تستفز القارئ للغوص في اعماق قصائدها،وهي تحاول ايضا ان تكون صورة شعرية ايروتيكية في نصوصها الانثوية لاستقطاب المتلقي والتفاعل مع قصائدها،كما انها تعمل على اثارة العاطفة عبر توظيف المحفزات المثيرة للانفعالات الجسدية،واذا ما حاول القارئ سبر اغوار القصائد والتوغل في بواطنها وكشف اسرارها الجمالية عبر اليات اشتغال تتناول التراكيب اللغوية والصور الشعرية،وهنا سنحاول ان نكتنه الشعرية الكامنة في نصوص الشاعرة الشعرية والتفاعل معها.
تجسدت تلك الانفعالات الشعرية عبر الصور الشعرية في قصيدة(جنون العشق)
اذ تقول:
حين سمعت همسات صوتك
تنادي باسمي
انتظرت
أن تأخذني بين ذراعيك تحتويني
تهز كياني وتلهب أحاسيسي
لمست يدي
تفجر بركان
غطت حممه المكان
ارتخت كل مفاصلي
وتعلقت بيدك
أخبرتني
وعينك تراقب عقارب الساعة
الوقت ... الوقت يمضي
تعلقت بك كطفلة
لا ترحل
ويبدو ان القصيدة تدور حول محور واحد هو رسم صورة كتابية للرغبة في داخل نفس الشاعرة المتوهجة،اذ ترسم القصيدة افتتان الجسد عبر صورة ايروتيكية بوصفها ترويض للغرائز وانفعال حاضر مع اللوعة الممزوجة بالحلم،اذ يتفاعل الحضور مع اشواقها المتوهجة لتشغل مساحات واسعة من نصوصها النثرية،عبر ايحاءات مبنية على تصوير وهج الجسد بكل تفاصيله المشبعة بالرغبة الجامحة والشبقية العميقة لفتنة المرأة واغراءاتها المتعددة لرسم خارطتها الانثوية،محاولة في الوقت نفسه ان ترد الاعتبار لهذا العشق وفك قيده من هيمنة الاخر(الرجل) معلنة بذلك تحررها من قيود العوالم الداخلية(المتخيل،الحلم) والانفتاح على العالم الخارجي(الواقع الصوري) عبر ايقاع الدلالات اللغوية.
لقد استطاعت الشاعرة ان تتجاوز سكونية الالفاظ لتتوغل في لغتها الشعرية وتعكس احساسها بالجمال عبر تصوير العواطف والاستجابة لادق التفاصيل الشعورية/الشعرية،وكأنها خلقت معادلا بين جماليات الالفاظ(النسيج الفني) والاحاسيس والمشاعر التي تجيش في وجدانها.
اذ يلاحظ القارئ ان دائرة الجرأة تتسع في قصيدتها متوغلة في فضاءات الرغبة المشحونة باللهب والمتمثل بأيحاءات المتخيلة عبر فضاء ايروتيكي رحب
وددت أن أحضنك
أقبلك
أشمك
أرقتني لشهور عدة
ارقني حبك
لا تذرني وحيدة انتظرك
فما عاد لي صبر كصبرك
أريدك ... أعشقك
وهنا تهيمن لغة الرغبة بجميع علائقها وتشابكاتها لرسم دلالة مجردة تلج الى الذات وتمظهر الانفعالات والخلجات النفسية،بعدها يتنامى التشكيل السردي عبر المخيال الشعري من دون حضور مادي للاخر(الرجل) ليكتشف القارئ ان كل ما تمنته الشاعرة(احضنك،اقبلك،اشمك) من افعال جسدية كانت مجرد خيالات اسرجتها الشاعرة على صهوة الرغبة في( المتخيل،الحلم) فتمظهرت في جسد القصيدة مثبتة لنا اشباع رغبتها بوصفها الغاء للبعد المحرم من الجسد عبر اشباعات شعرية خلاقة.
أما قصيدتها (اشتاق لعينيك) فقد استهلتها الشاعرة بمفردات هي جزء من الطقوس العبادية اليومية للتأكيد على اهمية الحبيب وحضوره من خلال التشكيل البصري لتجسد صورة ايروتيكية فتقول:
واهوي للسجود على شفتيك
وفي هذه الصورة المفترضة نلاحظ الخلجات التي تطلقها الشاعرة محملة بلوعة الاسى لانها تصور الحبيب غائبا عنها لذا فهي تخاطبه عبر المتخيل، وبهذا يكون السجود على شفة الحبيب فضاء رمزي تعزز الشاعرة من خلاله يقينها بفاعلية صورتها الشعرية(الواقعية) وهذه الفاعلية تثري المعنى في النص الشعري:
ايا ايها البعيد القريب
عشقتك عشق ثقيل سميك
فلا يجتاحه وهج الذكريات
ولا تزلزل فيه الأعاصير
ولا تسكن شطئآنه المهتاجة
إلا يديك
فأصبح للعشق سمك ولا يتأثر بالزلازل والاعاصير ولا يسكن هيجانه الا يدي الحبيب وفي هذا انفتاح على فضاءات دلالية نلمس من خلاله حسية التصوير عبر مزجها لمكونات الطبيعة(الزلزال،الاعصار) لرسم صورتها الشعرية وتعدد دلالاتها.
وتستمر الشاعرة بالمراوغة والاحتماء بالعلامات كي تعمق دلالات النص وتغنيه،عبر احكام اليات اشتغالها ورسم صورها المعقدة لتظهر اشواقها ورغباتها في جسد النص المتشبع بالتعقيدات ذلك الجسد الانثوي الذي يعكس كلمات الشاعرة لاثارة المتلقي وتحقيق وجودها امام غواية المعشوق.