قصة قوس قزح للأطفال
للأديب فاروق وادي
جمال غوشة
ناقشت ندوة اليوم السابع الاسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني - الحكواتي سابقا- في القدس قصة أطفال بعنوان "قوس قزح" للأديب فاروق وادي الصادرة عام 2005 عن منشورات مركز أوغاريت الثقافي في رام الله، وهي من تأليف الأديب فاروق وادي ورسومات الفنان جاد سلمان، وهي مطبوعة بخط مشكل على ورق مصقول، مع فرز ألوان، وبدون ترقيم للصفحات.
بدأ النقاش جميل السلحوت فقال:
نحن أمام قصة موجهة للأطفال، وهذه القصة ذات مضمون تربوي تعليمي إنساني، تصلح ترجمتها للغات الأجنبية وتعميمها على كافة أطفال العالم، لأنها لا تأخذ بعدا محليا منغلقا، فإذا كانت الألوان هي أبطال القصة، فإنها في نفس الوقت تبين لنا جمال الطبيعة من خلال تعدد ألوانها، فخالق الكون أبدعه بجماليات تدهش الإنسان الذي يعيش في هذا الكون، وأي خلل في هذا الكون يؤدي الى فقدان عنصر من عناصره، سيكون له تأثير سلبي على ألآخرين، لكن الكاتب يريد إيصال الأطفال بطريقة إبداعية، دون مباشرة، ودون تلقين الى أن الأجناس البشرية - التي تختلف في ألوانها – تكمل بعضها بعضا لتعمير الكون، وأن لا فضل لجنس على جنس بسبب لونه، فالفنان الذي يرسم لوحته الجميلة ما كان يستطيع ان يخرجها بهذا الجمال لولا تعدد الألوان فيها، ووجود كل لون فيها له أهمية جمالية ووظيفية معينة، وما كانت تتحقق هذه الأهمية وهذا الجمال لو كان بمفرده، فاللون الأبيض تفاخر في القصة بأنه يشبه الحمام الطائر، وتعالى على اللون الأسود، لذا فإن اللون الأسود يرد عليه بقسوة "لو أراد صديقنا الرسام أن يرسم لوحة بك، لما فعل شيئا، لأن قماشته ستبقى بيضاء" ثم يضطهده قائلا: "لو كنت قاضيا لحكمت عليك بأن تتحول الى ثلج، فتذيبك أشعة الشمس ولا نعود نراك" ثم يزهو على الألوان الأخرى متسائلا: "ما نفع الألوان الأخرى، إن لم تستطع رسم الليل ورسم الظلال على اللوحة"؟
أما اللون الأزرق فإنه يتفاخر بأنه "لون ماء النهر وماء البحر" .... وما من نبتة خضراء طلعت في الأرض إلاّ بعد ما ارتوت بمائي، ولو أوقفت مائي عنكم لحكمت بالموت عليكم جميعا".
ويتفاخر اللون الأخضر بأنه لون الأشجار والغابات والسهول، في حين تفاخر الأصفر بأنه لون الثمار الناضجة، ولون الليمون وحبات البرقوق والإجاص والبلح، كما يتفاخر اللون الأحمر بأنه لون الدم.
ويواصل المؤلف قصته ليوصل الأطفال الى أن الألوان تكمل بعضها بعضا، وأن التزاوج بين الألوان هو الذي يولد الجمال، وهو الذي يعطي الطبيعة جمالها الذي نراه.
وهكذا فإن الكاتب يحث الاطفال على التفكير بالأجناس البشرية، دون أن يأمرهم بذلك، بل دون أن يتطرق الى ذلك مطلقا، وهذه روعة القصة، فالتعاون بين الأجناس البشرية مختلفة الألوان والأعراق، هو الذي سيولد السعادة للبشرية، وأن التزاوج بين هذه الأجناس سيولد ايضا أجيالا تحطم هذه الفوارق.
وفي النهاية يمكننا القول أننا أمام قصة هادفة الى محاربة التمييز العنصري، وداعية الى المحبة والسلام.
وبعده قالت ولاء حسين :
قصة قوس قزح تتناول تعريفا جميلا وحكيما للالوان بحيث يعلق في ذهن الطفل ويتعلمه سريعا.
الصورة معبرة وتساعد على الفهم وتسلسل الاحداث، كما ان العنوان والغلاف مناسبان ويخدمان القصة.
ولكن، بنظري البداية غير موفقة "قبل ان يخرج من بيته في الصباح" اذ كان اكثر تشويقا وجمالا لو ابتدأها بالعبارات المعهودة "كان يا مكان" "في أحد الايام" "قيل ان" كما ان القصة غير مرقمة الصفحات، فعندما أردت التعليق على بعض الكلمات لم أعرف بماذا أعبر عن الصفحة أم آخذ الأمر على عاتقي وأرقمها بنفسي.
واخيرا، ارى ان بعض المصطلحات صعبة بعض الشيء على الأطفال مثل "انبرى" "ماء السماء" "اغتاظ".
وبعدها قال محمد موسى سويلم:
تأبى العصي اذا اجتمعن تكسرا واذا افترقن تكسرت آحادا
مجموعة من الألوان تصيح وتصرخ، وكل لون يدعي انه ذو أهمية أكثر من الآخر، وان الألوان الأخرى لا تصلح بدونه، وتبدأ عملية طبع النعوت والألقاب والتمايز مثلهم كمثل التينة والزيتونة، قال وكيف كان ذلك؟ قال: يروى أن فلاحا كان يجلس بين شجرتي زيتون وتين، وبدأ يسمع ذمّ كل واحدة منهما للأخرى فتقول الزيتونة أنا دائمة الاخضرار وثمري أطيب وأغلى، وذو جودة أكثر منك، وهناك اهتمام بي أكثر منك، فقالت التينة: أنا أفضل منك، ثمري طيب والناس يعاملونني برفق، ولا يضربونني بالعصي مثلك ... الخ حتى النهاية فما كان من الفلاح إلا أن قطع الشجرتين وحرقهما .
الاتفاق والوحدة شيء جميل، ويعطي عملا ناجحا مثمرا يحقق السعادة والطمأنينة للجميع، ثم لنحتكم أمام الناس والمثل القائل "يد واحدة لا تصفق" فهل نرسم قوس قزح بلون واحد.
القصة قصيرة تربوية هادفة وذات معنى تربوي مميز وضوابط تربوية جميلة منها:
1. ضبط الوقت واحترام المواعيد .
2. الاتحاد والتعاون.
3. نبذ الخلافات .
4. عدم إلصاق النعوت بالآخرين.
وبعده قال صقر السلايمة:
كان صديقى الرسام قد شد قطعة قماش بيضاء حول أطار خشبي، فأصبحت لوحة بيضاء، تحلم بان تملأها ريشته وألوانه بالأزهار والمياه والأشجار والطيور والفراشات الملونة، لكن وبعدما طال انتظار اللوحة البيضاء، وكذلك طال انتظار الريشة، وأيضا طال انتظار الألوان، حدث ما لم يكن في الحسبان، لقد تباهي كل لون بنفسه وبجماله ساخرا ومستهزئا ومستخفا بالألوان الأخرى، وشعر كل لون بأنه سيد الألوان بلا منازع، وعنده يبدأ وينتهي كل شيء، وهنا شب عتاب وشجار كبير بين كل الألوان .. تحول الشجار إلى معركة، عند ذلك حزنت اللوحة البيضاء، وأحست بأنها سوف تخسر أحلامها الجميلة، وسوف تبقى بيضاء إلى الأبد، فأخذت تبكي بكاءا مرّا لم ينقطع، وحين سمعت الريشة بكاء اللوحة البيضاء أصابها حزن شديد فصاحت بالألوان: أما آن لك أيتها الألوان أن تكفي عن حماقاتك، وهنا أدركت كل الألوان حجم المشكلة، وبأن لا معنى ولا قيمة لأي لون لوحده، بل القوة والجمال فقط في مزج الالوان مع بعضها البعض حتى تكتمل اللوحة بالمعنى والجمال والفرح والسعادة للصور برسم السماء اللوحة البديعة قوس قزح أي كل الالوان ممزوجة مع بعضها البعض.
. انها قصة جميلة ولطيفة تعرفنا على الالوان وتحذرنا من الغرور والأنانية .
. تحثنا القصة على الاتحاد ففيه كل الجمال والحب والمصالحة مع الآخرين .
. تخبرنا بانه يجب ان نكون عقلاء حتى في الأوقات الحرجة، حتى يوقفوا أي عراك او شجار بين الزملاء والاصدقاء .
. المؤسسة الناشرة دائما تقع في نفس المشكلة وهي عدم ترقيم الصفحات.
وبعده تحدث موسى أبو دويح فقال :
بدأ الكاتب قصته بأن شد الرسام قماشا أبيض على إطار خشبي فصار لوحة، وترك الرسام ريشته والألوان واللوحة البيضاء مدة من الزمن دون أي رسومات، فجرى حوار بين الألوان حيث صار كل لون منها يمدح نفسه، ويذم بقية الألوان، فنشبت معركة حقيقية بين الألوان، إلى أن صرخت الريشة بالألوان، وقالت: اسكتوا أيها الألوان وكفوا عن حماقاتكم، فسألها احد الألوان: لماذا أنت غاضبة أيتها الريشة، ولا ترقصين كعادتك؟! فأجابت:"وهل ترقص الريشة على صراخ ألوان متحاربة؟ ! وكيف ارقص وأنا استمع إلى بكاء اللوحة البيضاء، فهل رأيتم أحدا يرقص على صوت البكاء؟ ! بعد احتجاج الريشة صمتت الألوان، وصار كل لون منها يفكر في أن يشكل رسما يفخر به، فوجد أنه لا يمكنه ذلك إلا مع بقية الألوان الأخرى فمن الألوان وامتزاجها تتشكل اللوحات الجميلة، وبضدها تعرف الأشياء، فقررت الألوان الا تعود إلى الخلاف والنزاع مرة أخرى، وهنا يحضر الرسام، ويتناول ريشته وبغمسها في الألوان حيث شكل منها جميعا لوحة جميلة. وتصرّ الألوان على الرسام ان يرسم في سماء اللوحة قوس قزح دليلا على امتزاجها ووحدتها. القصة تترك مجالا لخيال الطفل أن يسرح مع الألوان، ويصل الى حقيق أن المرء وحده ضعيف، وبإخوانه قوي، ووحيدا لا يعمل القليل، ومع الآخرين باستطاعته فعل الكثير.
الألوان في القصة زاهية جميلة، ولغة القصة جيدة، وخلو القصة من الأخطاء إلا من جزء كلمة أشياء بتلوين الكسر، وهي ممنوعة من الصرف لأنها شاذة، وهكذا وردت في القرآن الكريم:" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم لسؤكم".
وبعده قال خليل سموم:
• قصة خيالية، رمزية، تفاؤلية، ذات أهداف تربوية ايجابية، فيها حوار ساخن، وخصام شديد، ودموع، وعتاب وتفكير جاد، وتصالح، وتعاون، وبناء، وفرح.
• دب الملل بالالوان بعد ان تأخر الرسام عليها، فتخاصمت من منطلق أن كلا منها يرى أنه الوحيد الأحق بالحياة دون الاخرين، وأن على الألوان الأخرى أن تفنى، فبكت اللوحة البيضاء بشدة، لأها خافت من أن حلمها بأن ترسم عليها الأشياء لن يتحقق، فانبرت الريشة توبخ الالوان على خصالها، تأثرت الألوان من بكاء اللوحة وتوبيخ الريشه، فصمتت، وبدا كل منها يفكر في كيفية إرضاء اللوحة، واكتشف كل منها أن الرسمة لن يتم انجازها، ولن يكتمل جمالها الا اذا تعاون كل لون مع لون آخر، ومع الوان اخرى، بل انها طلبت من الرسام – بعد أن رسم صورته البديعة – بأن يظهرها هي نفسها بارزة متوحدة في سماء اللوحة على شكل قوس قزح.
• الرمزية واضحة في القصة، فقد قصد الكاتب باللوحة الوطن، وقصد بالألوان المجموعات الرئيسية المختلفة من أبناء هذا الوطن، وقصد بالريشة الأشخاص الوطنيين الذين تهمهم مصلحة الوطن قبل مصلحة مجموعاتهم.
ملاحظات مختلفة:
• هناك راو للقصة، وهو صديق الرسام، واستخدام الراوي في مثل هذه القصص للأطفال شيء جيد، حيث يعزز لديهم مصداقية حدوث القصة.
• استعمل الكاتب الإثارة العاطفية لإيقاف الخصام بين الألوان، ولم يوظف بجانبها ولو قليلا من الإقناع العقلي.
• كان الكاتب موفقا في اختيار اللون الابيض للوحته التي ترمز هنا للوطن، إذ أن هذا اللون يرمز الى النقاء والطهر والبراءة، وهي صفات ملازمة لكل وطن.
• لقد توفر السرد والحوار في القصة بشكل مناسب ومتلائم، ولم يطغ احدهما على الآخر، بل ظهر في القصة كما ينبغي.
• لغة الكاتب جيدة، ومناسبة للاطفال، لكن الكاتب استعمل بعض الكلمات المرتفعة عن مستواهم، مثل: أيقاع/ ينصب/ انبرى/ بئر عميق بلا قرار/ حنق/ ادعاءات/ محرج/ تناهي/ وفروا دموعكم/ تخوض/ الحاح.
• الأخطاء المطبعية قليلة جدا، وتشكيل الكلمات شيء جيد، لكن هناك بعض الأخطاء في التشكيل مثل: ( حَنَقَ) والصحيح ( حَنِقَ).
• الكمات واضحة، والورق جيد، والصور جميلة وواضحة وفيها حركة.
• عنوان الكتاب جيد، حيث إن الكتاب قصد التأكيد على قوس قزح، فهو يرمز الى التعددية واللامتزاح الجميل، وهما جوهر ما سعى اليه الكاتب في قصته.
• واخيرا، هل ننصح بأن يقرأ اطفالنا هذه القصة؟ والجواب بالايجاب، ففيها قيم تربوية ايجابية كثيرة، من أبرزها أن التعاون والتعاضد يؤديان الى البناء، فيما التخاصم والحقد وحب النفس فقط تؤدي الى الهدم. وبالاضافة الى ذلك، فان القصة تفاؤلية، حيث يبنى الوطن في النهاية بفضل حماس ابنائه لذلك.
ومسك الحتام كان مع ابراهيم جوهر :
على المستوى الفني الهندسي، فإن فاروق وادي يهندس قصته وفق هندسة خاصة، جاءت بثلاث مراحل هي: البدء بالوصف والاخبار، ثم نقل جو الحوار والتباهي والأنانية في حوار الألوان وادعاءاتها وتقيميها والمضخم لذاتها، الى أن يتازم الموقف وتتعقد المسألة. وفي هذه الأثناء تكون اللوحة الصماء والريشة المخلصة صامتتين تراقبان بأسى وحزن، فتتدخل الريشة مؤنبة وزاجرة بقولها: أما آن لك أيتها الألوان أن تكفي عن حماقاتك؟ ثم ما يكون من شأن الألوان التي تهدئ من منسوب ادعائها وتفاخرها لتكتشف أنها ليست بهذا السوء الذي نقله الينا حوارها. فهي ألوان محبة للوحة وتبكي لبكائها، وهي تستمع للريشة وتستجيب لزجرها كما يستجيب طفل لأبيه! حتى أنها بدأت تفكر في كيفية إدخال البهجة والسرور الى قلب اللوحة وإبعاد الحزن والبكاء عنها.
وهنا تكتشف عجزها الفردي، فمهمة ادخال السرور الى قلب اللوحة مهمة عظيمة وكبيرة تحتاج الى تضافر الجهود وتوحدها، لأن كل لون يكمل الآخر وتحتاج اليه. وهنا تتحقق الفكرة المركزية من القصة كلها: التوحد والعمل المشترك في سبيل انجاح المهمة المركزية للعاملين. ولو اسقطنا هذه الفكرة على ظروف القضية الفلسطينية لقلنا انها تدعو الى الوحدة الوطنية بين ألوان الطيف السياسي الفلسطيني المختلفة التي تشكل بتوحدها قوس قزح، او قل قوس النصر: النصر على الأهواء والمكاسب الذاتية الضيقة لصالح المجموعة العام.
من هنا تعود الريشة الى رقصها الذي عرفت به وهي توزع الألوان على اللوحة البيضاء. وعادت الألوان الى رقصها لأنها شعرت انها تخوض أجمل معاركها.
اما المرحلة الثالثة من هندسة القصة الفنية فتأتي مع نهاية القصة في قول الكاتب : " أمّا أنا، فقد أردت أن أصف لكم تلك اللوحة لكي يكون وصفي لها نهاية لهذه الحكاية.
لكن صديقي الرسام رفض ذلك، وقرر أن يضع اللوحة التي رسمها نهاية لهذه الحكاية". وتكون اللوحة نفسها جزءا من أجزاء القصة.
لقد أوصل فاروق وادي فكرته عن التعاون ونبذ الانانية والتفرد وأهمية العمل الجماعي بفنية جميلة ومقتنعة، وهي الفكرة التي تتناص مع افكار لكتاب آخرين في اعمال اخرى، مما يدلل على مدى الحاح هذه الفكرة على الكتاب .
إن فكرة القصة العامة هنا تتناص مع فكرة قصة خالد جمعة ( دموع اللون الاصفر) من اصدار الاونروا سنة 200 وتتناص مع قصة لكاتب هذه السطور ( ابراهيم جوهر ) التي تحمل عنوان " أيام الاسبوع" من بين قصص مجموعة ( أنا والبطة ) من اصدار اتحاد الكتاب الفلسطينيين سنة 1988.
ومع قصة ( الحروف والتعاون) المنشورة في مجلة نوافذ للاطفال سنة 1996، ومع قصص اخرى.
ان الحاح الكتاب على مسألة التعاون يعني شعورهم بأهمية إيصال هذه الفكرة في قوالب فنية متعددة، وبأساليب مقنعة مختلفة أرى أن الكاتب هنا قد أجاد فيها فأمتع وأفاد.
وفاروق وادى هنا ينحاز الى العمل المؤثر المنتج الذي يخرج مخرجات محسوسة، وهو يحارب القعود واليأس، لذلك نجده قد أعاد فكرة غسان كنفاني في رواية ( أمّ سعد) حينما قالت أمّ سعد: لقد بكينا يا ابن العم أكثر مما هطل ليلة أمس من أمطار في المخيم، ولكن دموعنا كلها لا تستطيع أن تحمل زورقا ورقيا.. لقد انحازت أمّ سعد عند كنفاني الى العمل، لذلك فإنها قد زرعت عرض الدالية التي برعمت في نهاية الرواية، كما برعمت لوحة فاروق وادي في نهاية هذه القصة الجميلة، بل انها جاءت افضل مما هيأه خيال الرسام، لأن العمل المنتج المتقن يفوق ما يوحي به الخيال.
" وفروا دموعكم، فاللوحة البيضاء ليست في حاجة الى الدموع، فحتى لو أغرقتم الغرفة بدموعكم، لما حقق ذلك للوحة البيضاء أحلامها." هكذا تقول الريشة للألوان التي كادت أن تبكي بعدما سمعت صوت نحيب اللوحة البيضاء.
البكاء لا يفيد ولا يحل مشكلة، فالعمل هو المطلوب، هذه بعض القيم التي أراد فاروق وادي ايصالها الى الأطفال، ربما لأنه يئس من ايصالها الى الكبار!! وربما لأنه أراد أن يشب لدينا جيل يتحلى بقيم الشهامة والكرامة الجماعية والعمل المنتج المشترك بعيدا عن الانانية الذاتية او الحزبية الضيقة.. فهل تصل الى أسماع الغيورين ، أم أنها صرخة في واد ؟ ! رسم هندسية القصة عند فاروق وادي.