هموم القومية العربية في شعر أمين الشيخ
هموم القومية العربية في شعر أمين الشيخ
أسامة محمد أمين الشيخ
/مصرعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
محمد أمين الشيخ ( 1924 – 1995م) شاعر دقيق الجسم ، متوهج الفكر، حديد النظر، مبتسم دائماً، ودود العشرة ، كثير الصحبة ، لا تسمع منه إلا ما تحب ، يأخذ الحياة مأخذاً مطمئناً ، لا ريث ولا عجل، صاحب فكر ومبدأ يؤمن بهما ويعمل لهما هكذا وصف الدكتور / الطاهر أحمد مكى – فى مقدمة ديوانه " جواز السفر " وشاعرنا الراحل / محمد أمين الشيخ – كان همه القومى القضية العربية فكثيراً ما تجول بين ربوع العالم العربى وكان يشعر بشعور أمته النابض فكان لسانها الناطق والمرآة التى تنعكس على صورة حياته فيحزن لآلامها ويسر لأفراحها فيواسى العراق ويرثى لحال اليمن السعيد ويحزن لما حل بالجماهيرية الليبية ويحتفل معها بالنهر العظيم ويشيد بالسودان ويسترجع أمجاد رفح ويعبر بقلمه عن مشاعره تجاه الجزيرة العربية والتى قضى بين وديانها وجبالها قرابة الأربع سنوات وفلسطين المسلوبة والمسجد الأقصر الحزين الذى كان دائماً يتمنى زيارته ولكنه لم يعرف الطريق إليه فأنشده حزيناً قائلاً :
كيف الطريق إليك ؟ قلبى فى يدى كـيف الطريق إليك ؟ أنى حائر كـيـف الحدائق قد تيبس عودها يـا أيـهـا الأقصى تفرق جمعنا | وجـوارحـى ومشاعرى تـاهت على اليم المحيط سفينتى وتـوهـنـت فى التين والزيتون وتـوحـلـت أقـدامنا فى الطين | وحنينى
وينتقل إلى شعب المختار " الشعب الليبى الشقيق " فيرفض الحصار الظالم ويحتفل معها بالنهر العظيم فيشدوه بقوله العذب :
أيـهـا الـنهر الذى قد سر تفجر وأملأ الأفاق خيراً هذه الأرض التى تسرى بها عـمـر الـمختار فى تربتها | راقناومضى يمخر عمق الصحراء واخـضراراً وارتقاء ونماء كـم تروت من دماء الشهداء لـم يزل الحنا مثيراً وحداء |
ثم يواصل شاعرنا الحديث عن المسجد الأقصى وارتباطه الوثيق بصلاح الدين الذى غاب عنا طويلاً فقال:
يا مهبط الإسراء يا نبع الهدى فلقد رأيت على الربوع جواده غادٍ على الأشواك يثقل خطوه | أنى أسائل عن صلاح يبكى الجهاد على ربا حطين فى سمت مأسور ودمع حزين | الدين
وكأن الشاعر الشيخ على موعد مع الأقدار والأحزان والمآسى الحزينة التى يتكبدها العراقيون على الرغم من تاريخ وفاة شاعرنا الراحل محمد أمين الشيخ كان يناير 1995م ولكنه جسَّد أحزان وأتراح أبناء الرشيد وفرسان الفرات قائلاً :
بغداد والجرح العميق يهزنى لكننى لن أنثنى
فأنا عشقتك قلعة فى موطنى وأنا أحس بان هنك فى الحياة يهمنى بغداد
هذا النضال على ربوع الأباء يشدنى يا بنت الرشيد تجلدى وتحصنى
لا تسجدى إلا لرب العالمين وتنحنى فأنا على شط الفرات مع الكتيب المؤمنين
ويتجه بعد ذلك إلى اليمن السعيد الذى صار حزيناً كئيباً فيتحدث عن صنعاء ذات الطبيعة الساحرة والجبال العالية الشامخة ولكن شاعرنا حزين لما أصابها من تمزق وتفرق فقال :
صنعاء يا نبع الشموس المشرقات على الورى
صنعاء يا مهد الجبال الشم عالية الذرى
يا عرش بلقيس القديرة والتشاور والسرى
كيف السقوط على الطريق ؟
وكيف عدت القهقرى وديانك الخضراء أمست للفوارس مقبراً
يا درة التاريخ والأمجاد كيف الحر أن يتعثراً
ووقف شاعرنا يوماً على رقح حينما دُعى إلى مؤتمر أدباء الأقاليم بالعريش ووقف يرقب الجانب الأيسر وقد حوطته الأسلاك الشائكة فقال:
وأنـا أرقـب الـحدود عـربـى أنا وأرضى فلسطين وهـنـا كـان صـلاح الدين وهـنـا الـقدس ملتقى الأنبياء | حسيراًكاسف الروح قد حوتنى الظنون وهـنـا غـزة هـنـا حطين شـامـخـاً صـلـداً لا يلين فـبالله كـيـف هـذا يـهون! |
وعن لبنان بلد الطبيعة الساحرة بلد الحدائق والكروم قال حزيناً لما آلت إليه :
لـبـنـان يـا بـلد أفلت بدورك واستمال الفرح وتـغـيـرت كـل الرؤى أيـن الـصباحة والوضاءة أيـن الـمـفاتن والمحاسن لـبـنـان فـيـروز ينوح وبـدت روابـيـه الجميلة | النجومخـبـت الـكواكب فــيــك إلــى وجـوم لا شـئ فـى الـدنيا يدوم والـنـضـارة والـطـعوم والـحـدائـق والـكـروم وقــد تـولاه الـسـهـوم كـالـخـرائـب والـركوم | والنجوم