إلى متى يتجاهلون "أدونيس"

إلى متى يتجاهلون "أدونيس"؟!

محمد عبد الشافي القوصي

[email protected]

لقد تخطت جائزة نوبل "أدونيس" للمرة الخامسة عشر! بعدما حازت عليها هذا العام الألمانية Hirta Mollr لكن أحداً من أدباء العالم لم يعمل ما عمله الشاعر أدونيس للفوز بهذه الجائزة. فهو يوزع وقته بين الكتابة وبين "العلاقات العامة التي تنصب أولاً وأخيراً على أمر هذه الجائزة". لأنه إما ذاهب إلى السويد -مقر جائزة نوبل- أو راجع منها -كما يقول الكاتب السوري جهاد فاضل- وفي الذهاب مشقة حمل الهدايا الشامية إلى كل أساتذة جامعة السويد الموكل إليها الاهتمام بتوزيع الجوائز، وفي الإياب تقييم يستمر لأسابيع حول النقص في الرحلة السابقة، والإعداد الأفضل للرحلة اللاحقة وقد بلغ إعداد الرحلة الأخيرة ذروته. ذهب أدونيس قبل شهر من توزيع الجائزة وجدّد بنفسه طلب منحه إياها. ولم يكتفِ بحضوره الشخصي، بل نظّم في استوكهلم، بواسطة السريان والكلدان وبقية أقليات الجالية العربية في السويد، سلسلة ندوات شعرية وأدبية وفكرية حضرها جمهور سويدي. وبالإضافة إلى هذه اللقاءات، قام أدونيس بسلسلة زيارات لمراجع نافذة في الأكاديمية السويدية، أو لأقرباء وأصدقاء لهذه المراجع. ولم ينس أن يزور مستعربة سويدية هي زوجة سفير سويدي سابق في تونس، سبق لها أن كتبت عن شعره وعن موقفه السلبي من العروبة ومن الإسلام.

على أن الرياح -مازالت- تجري على غير ما تشتهي سفن أدونيس! فلا أصناف الحرير الدمشقي، ومعه أصناف الجوز واللوز والمشمش وبقية الفواكه الشامية المجففة نجحت في تأليف القلوب الفظة للجنة نوبل، ولا استمع أحد من أفراد هذه اللجنة للتصفيق الحاد الذي بدر من الجمهور السويدي وهو يستمع إلى قصائد أدونيس منقولة إلى السويدية. كما لم تؤثر لا من قريب ولا من بعيد زيارات أدونيس اليومية إلى الأكاديمية السويدية، وبخاصة إلى بعض الأساتذة الذين يقال إنهم أعضاء في لجنة نوبل.

منذ سنوات يحوم (أدونيس) حول جائزة نوبل ويطلب يدها. يقول لها إنه حائز على كل المؤهلات المطلوبة للظفر بها. فإذا كان أهم هذه المؤهلات عدم معاداة ما يُسمّى «بالسامية»، فقد فتح قلبه لهذه «السامية»، وإذا كان ثاني هذه المؤهلات معاداة العروبة والإسلام، فقد وقف حياته على هذه المعاداة. وخير ما يؤكد ذلك الإطلاع على إرثه الأدبي والفكري منذ أول كلمة كتبها إلى آخر كلمة سوف يكتبها. فلماذا إذن تتأخر نوبل وتتدلّل كل هذا الدلال؟ ألم تعط نوبل نفسها في السنوات الأخيرة  لمن يعادون الإسلام وأهله؟ فأدب أدونيس وفكره وشِعره يقوم على ذلك، فأين الإنصاف يا قوم؟!

أدونيس ذهب إلى السويد بدون موعد. جمهوراً ونُخباً ومثقفين وأساتذة جامعيين وأعضاء في اللجنة الفاحصة. فهو -إذن- حاصل على كل المؤهلات والشروط المطلوبة للفوز. فلماذا تتلكأ الجائزة أيها الناس؟!

نعم .. أين العدالة والموضوعية في توزيع الجوائز؟

أين العدالة والموضوعية -أيها الناس- في توزيع الجوائز؟

ما الذي ينبغي أن يفعله أدونيس "شيطان الحداثة الرجيم" أكثر من ذلك؟!

 لقد نال أدونيس الدكتوراه، من "الجامعة اليسوعية" في بيروت في نقد الإسلام والفكر الإسلامي، وهي جامعة لا يطمئن إليها حتى المسيحيون الشرفاء، لعلاقتها التاريخية بأجهزة المخابرات الأوربية، والتي تتخذ من هذه الجامعة وسيلة لنشر الأفكار التي تريدها، وتخرج العناصر التي تساعد على تطبيق هذه الأفكار، وهذه الأفكار تتلخص في العداء للعروبة والفكر الإسلامي الصحيح مع العمل على إبعاد لبنان عن محيطها العربي، وإلحاقها بالمحيط الأوربي والمصالح الأوربية.  

 ثم طبع هذه الرسالة في كتاب أسماه "الثابت والمتحول" تبلغ صفحاته حوالي 1000 صفحة، وامتلأ هذا الكتاب بالطعن في الثقافة العربية، حيث بذل جهده في أن يبرهن على أن الثقافة العربية لم تعرف التجديد والتطور والنهضة إلا على أيدي أصحاب المذاهب الباطنية، أمّا أصحاب "المذهب السني" الإسلامي بفروعه المختلفة، فهم الذين كانوا ومازالوا يمثلون الجمود في الفكر والثقافة والفن!

وهذه نماذج مما جاء في كتاب أدونيس "الثابت والمتحول":

- "لم يغير الإسلام طبيعة النظرة إلى المرأة كما كانت في الجاهلية، أو طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، واكتفى بأن نظم هذه العلاقة وجعل لها قانوناً وجعلها تتم وفقاً لطقوس معينة، فالحب في الإسلام بقي كما كان في الجاهلية حسياً، ولذلك من الأفضل الاقتصار على استخدام لفظة الجنس دون الحب، فالحب في الإسلام جنس في الدرجة الأولى" صـ226.

- "الإنسان مجزأ في الإسلام إلى جسد وروح وعقل ومن هنا يصعب فهم وحدته، وفهم الوحدة بعامة" صـ227.

- "العربي المسلم لا تهمه المرأة بل تهمه النساء، وهو لا يهمه أن يحبهن بل يهمه أن يمتلكهن" صـ227

- "القرآن يعتبر النفس كتلة من الغرائز والأهواء، وهو يضع لها قانوناً يسمو بها ويصعدها، ولهذا أبقى عليها كما كانت في الجاهلية، لم يحاربها ولم يقتلها، وإنما هذبها وصفاها، فليست هناك حبيبة في القرآن بل زوجة، وليس فيه حب بل جنس، وصورة المرأة فيه هي صورة الزوجة، والزواج متعة جسدية من جهة، وإنجاب من جهة، ومن هنا تقترن صورة الزوجة، بصورة الأم" صـ227

- "ينسجم الحب القرآني مع الحب اليوناني الوثني، ويمكن أن نصف الحب القرآني بأنه امتلاك جسدي من أجل القضاء على الشهوة التي هي رمز الشيطان. فالمهم هو إشباع الشهوة، وتسهيل هذا الإشباع" صـ228

- "الحب في القرآن قرار أو علاقة يقررها الرجل، وعلى المرأة أن تخضع، فليست الغاية الحب، بل التيه الجنسي وهذا مما فصل الحب عن العمل واللغة" صـ227

 إن كل ما كتبه أدونيس هو كذب وافتراء على التاريخ الإسلامي بأفكاره.. وأشخاصه.. إرضاء للجامعة اليسوعية التي منحته الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى!

هذا، ونلفت نظر القارئ –أيضاً- إلى كتاب آخر لأدونيس وهو كتاب (مقدمة في الشعر العربي) فهو لا يقل خطورة عن الكتاب السابق (الثابت والمتحول) حيث أجلب بخيله ورجله على التراث واللغة والأدب والشعر، وأفصح عن كل ما يجيش به صدره من كراهيته للعروبة والإسلام، فيقول -مثلاً:   

 "الله في التصور الإسلامي التقليدي نقطة ثابتة، متعالية، منفصلة عن الإنسان. التصوف ذوب ثبات الألوهية، جعله حركة في النفس، في أغوارها، أزال الحاجز بينه وبين الإنسان، وبهذا المعنى قتله (أيْ الله) وأعطى للإنسان طاقاته. المتصوف يحيا في سكر يسكر بدوره العالم، وهذا السكر نابع من قدرته الكامنة على أن يكون هو والله واحداً. صارت المعجزة تتحرك بين يديه".

ويقول أيضاً –في تعريفه للحداثة-:

"إنها تجاوز الماضي -الأشكال والمقاييس والمفاهيم- التي نشأت عن أوضاع وحالات مرتبطة بزمانها ومكانها وبات من الضروري أن يزول فعلها... إن القرآن نفسه إبداع، وكذلك السنة.. والإبداع القرآني والنبوي أوصدا الطريق أمام الإبداع الأدبي، وأوقعا الخوف في روع الأدباء.. إن الأدباء العرب لن يبدعوا إلا إذا حرروا أفكارهم من التقيد بالدين .. فالأدب للأدب..أي الأدب "الـلامعقول"، أو "الــلاواقع"، أو "اللاحياتي".

     وقد تواصى الحداثيون العرب بـ(بروتوكولات أدونيس) فقد فتح لهم طريق الإبداع، وكسر لهم قواعد الشعر وأوزانه التي أوصدت الطريق أمام الشعراء طوال القرون الماضية!

ولعل هذا الكلام يفتح شهية –القارئ– لمعرفة نوع هذا "الشعر" الذي أقاموا من أجله الدنيا، وملأوا الأرض ضجيجاً بالحديث عنه والاحتذاء به... فإليكم نموذجاً من هذا "الشعر" الذي يفرزه أدونيس ويتلقفه "الصبية" بحفاوة ونشوة بالغة، يقول:

رقصتُ للأفول

لجثة الإله !

لا الله أختار ولا الشيطان

كلاهما جدار

كلاهما يغلق لي عيني

أعبد فوق الله والشيطان   

دربي أنا أبعد من دروب

الإله والشيطان

خريطتي أرض بلا خالق

والرفض إنجيلي !

ترى.. هل يمكن أن يكون هذا المجون أدباً؟ وهل هذا الإسفاف يعد شعراً؟

الحق، إن كاتب هذا الكلام المقزز في حاجة إلى من يعلّمه الأدب، كي يفيق من غوايته!

إن إبليس –عليه اللعنة– لا يجرؤ على الجهر أوْ الإسرار بمثل هذا الكفر البواح، ولا ينبغي له أن يتلفظ ولو بكلمة واحدة مما قاله شيطان الحداثة الرجيم!

إنني أكتفي بهذه السطور عن  "شيطان الحداثة الرجيم" الذي مازال يرشّح نفسه في كل عام لجائزة نوبل، لكن يظهر أن القوم قد نالوا مبتغاهم منه، وحققوا مرادهم دونما أن يمنحوه شيئاً ... كما فعلوا مع أخيه في "الرضاعة" فاروق حسني!

 ولا أريد أن أفيض في الحديث من حيث أفاض الناس!