كتاب "جرأة الأمل" يحيي ذكرى "الهولوكوست"
كتاب "جرأة الأمل" يحيي ذكرى "الهولوكوست"!
الرئيس "الكاثوليكي" يكمل مشوار "الرئيس الإنجيلي" في الحرب على المسلمين!
فضيلة الشيخ "أوباما" يعطي دروساً في التديّن الصحيح والتديّن المغشوش!
محمد عبد الشافي القوصي
في كتابه (جرأة الأمل the audacity of hope) لم يستطع الرئيس الكاثوليكي الأمريكي (باراك أوباما Barack Hussein Obama) أن يخرج من جلباب سلفه الإنجيلي (جورج بوش بوش G.Bush) لكنه يحاول أن يستعيد "الحلم الأمريكي" بطريقته الخاصة، وليس بالطريقة التي أرادها الآباء المؤسسون! فلم يخطر في أذهان الأوائل أن (أسْوداً) سيحكم العالم من خلال (المكتب البيضاوي (The Oval Office! ولم يضع المؤسسون الأوائل أيّة أولوية للعالم الثالث أو الرابع على الإطلاق! ولم يتطرق الأوائل إلى قضايا الدين أو العقيدة أو الجانب العاطفي والروحي أبداً.
الجديد في هذا الكتاب (the audacity of hope) أنّ مؤلفه هو الرجل الذي -لا أقول يحكم العالم؛ إنما يحكم دولة كبيرة فقط ( u.s.A)- لذلك نال الكتاب شهرة واسعة، وتسابقت دور النشر الكبرى وكذلك الصحف العالمية على طبعه ونشره وترجمته إلى مختلف اللغات. لكنه في الحقيقة خلا من أيّ فكرة جديدة تفيد القارئ العادي، فضلاً عن القارئ الواعي!
فالكتاب؛ كان بعيداً عن السياسة، قريباً من السيرة الذاتية .. أو هو في أحسن أحواله "حزمة آراء وخلطة أفكار متنوعة" كتبها -المؤلف- قبل أن يُصبح رئيساً للولايات المتحدة؛ وعلى وجه التحديد: بعد أن ألقى خطابه الشهير الذي حمل نفس العنوان (the audacity of hope) عام 2004 أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي، وأصبح "سيناتور Senator" عن ولاية شيكاغو!
لذلك؛ فإن ما سيحصل عليه )أوباما( B. Obama من عائد مادي لهذا الكتاب أضعاف أضعاف ما يمكن أن يحصل عليه من منصبه الجديد! ولِمَ لا؟ فقد حدث هذا الأمر مع الرئيس الأميركي الأسبق (بيل كلينتون Bill Clinton) الذي قال بالحرف الواحد: إن العائد المادي الذي حصلتُ عليه من كتابي (حياتي My Life) الذي ألّفته بعد مغادرة البيت الأبيض- يفوق ما حصلت عليه من منصبي الكبير!
إنّ القارئ لكتاب أوباما (the audacity of hope) لا يخرج منه بشيء، سوى السؤال الذي مازلنا نردده حتى تجمدنا عنده:هل هناك أحد كان يتصور أنّ رجلاً أسوداً سيتربع يوماً ما على عرش الولايات المتحدة؟ ومن ثمّ تكون سيدة أمريكا الأولى امرأة سوداء جداً!!
وإنْ كان هناك سؤال آخر تلوك به شفاه "النخبة" التي تتعاطى السياسة: ما الذي سيفعله أوباما في المرحلة المقبلة .. هل سيصلح ما أفسده سلفه؟!
لكن بمجرد أن تقرأ "النخبة" المثقفة في بلادنا كتاب (the audacity of hope) ستتبخّر الآمال! كما ستنطفئ "جرأة الأمل" التي كان "أوباما" يحلم بها؛ بسبب التعنّت الصهيوني!
نصيحة بوش الذهبية!
بعدما أهدى "أوباما" كتابه إلى امرأتين ربتاه هما: "أمه" و"جدته"، ثم وصفهما بقوله: "جدتي لأمي توتو: التي كانت صخرة من الاستقرار طوال حياتي، وأمي التي مازالت روحها المحبة تقدم لي الدعم والتشجيع والعون".
ثم راح "أوباما" يحكي عن مقابلته للرئيس السابق بوش بعد انتخابه سناتور بمجلس الشيوخ، حيث أسدى له بوش نصيحة، فقال له: "أمامك مستقبل مشرق جداً، لكنني عشتُ في هذه المدينة مدة، دعني أخبرك إن الحياة فيها ليست سهلة. وحين تجتذب اهتماماً كبيراً، كما فعلت، يبدأ الناس التصويب عليك .. الكل سينتظر أن تزل قدمك، هل فهمت ما أعني؟ لذلك انتبه لنفسك".
ثم يقول أوباما: دائماً كنت أقول "إنني لا أعدُّ جورج بوش سيئاً، وإنني أفترض أنه يحاول هو وأعضاء إدارته تقديم أفضل خدمة للبلاد برأيهم"!
استنساخ أفكار بوش!
وكثيراً ما يستنسخ "أوباما" كلام وحواديت سلفه "بوش Bush" فمثلاً يقول: "إننا إذا أردنا أن نجعل أمريكا أكثرَ أمانًا وأمْنًا، فعلينا أن نساعدَ في جعْل العالم أكثرَ أمانًا وأمنًا. إن التهديد اليوم لا يأتي من الدول المركزية، وإنما تلك الأجزاء من العالم التي تقع على هامش الاقتصاد العالمي، والتي غالبية سكانها من الفقراء، ويَشِيعُ فيها الفسادُ السياسي والمالي، وأن المنظمات الإرهابية قادرة على زعزعة الاستقرار بما تمتلكه من أسلحة وتقنية يمكن شراؤها من السوق السوداء؛ إذ أنَّ التحديَ اليومَ ليس حرباً عالمية ثالثة، وإنما مواجهة تحدياتِ دولٍ مارقة كإيران وكوريا، ودولٍ منافسة مثل الصين، وأنَّ من حق أمريكا اللجوءُ إلى العمل العسكري الأُحادي لمواجهة أيّ تهديد وشيك، وكذلك الضربات الاستباقية".
المخلّص المنتظر!
ثم يقف "أوباما" موقف الخليفة الزاهد الورع .. فيحلم بأميركا جديدة، بخلاف التي أسسها الآباء البيض الأوائل، فيقول: حين التقيتُ جماعة من الناس أول مرة يستشهدون أحياناً بعبارة قلتها في خطبة لي أمام المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 2004 "لا يوجد شيء اسمه أمريكا السوداء أو البيضاء أو أمريكا اللاتين أو الآسيويين– هنالك الولايات المتحدة الأمريكية .. في نظرهم يبدو أن العبارة تجسّد رؤية لأمريكا التي تحررتُ أخيراً من ماضِ هيمنت عليه سياسة التمييز العنصري، ونظام الرق ومعسكرات احتجاز الأمريكيين من أصول يابانية، والتوترات في أماكن العمل. إن أمريكا تُوفِي بوعد "مارتن لوثر كينج" بأننا لن نحكم وفقاً للوننا أو بشرتنا، بلْ تبعاً لمضمون شخصيتنا.
ويضيف -فضيلته- قائلاً: "لم يكن لديّ خيار آخر سوى الإيمان بهذه الرؤية لأمريكا، بوصفي طفلاً لرجل أسود وامرأة بيضاء، فضلاً عن ذلك أعتقد أن جزءاً من نبوغ وعبقرية أمريكا تُجسََد دوماً في قدرتها على امتصاص وتمثّل القادمين الجدد، وقد ساعدنا على ذلك دستور تضمّن في جوهره فكرة المواطنة والمساواة أمام القانون".
ويستطرد قائلاً: "إنه رغم كل الإصلاحات، ما زالت أمريكا تعاني من التمييز العنصري، وإنْ كان بأشكال مختلفة، ورغم أنَّ وضعَ السود تحسَّنَ اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بشكل كبير، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"اللاتين"؛ ومع ذلك فلا يزال أجر العامل الأبيض أعلى، يليه الأسود فاللاتين، ويرى -فضيلته- أنه لابد من تطبيق القوانين المناهضة للتفرقة العنصرية في مجالات أساسية، مثل الاستخدام والإسكان والتعليم".
الإيمان الديني
ثم يصعد الحاج "أوباما" المنبر، ويقول: إنّ للدين دوراً مهماً في حل أكثر المشكلات الاجتماعية صعوبة، حيث إن بيت والدته كان يحوي الإنجيل والقرآن وأغنية الربّ الهندوسية إلى جانب أساطير اليونان. فالإيمان الديني أكثر من مجرد مواساة المسكين والبائس والفقير، بلْ هو العامل الفاعل في هذه الدنيا. ويرى أنَّ الأمريكيين شعبٌ متديِّن، وأن 95% من الأمريكيين يؤمنون بالله، وأكثر من الثلثيْن ينتمون إلى إحدى الكنائس. ولعلّ (جيمي كارتر James Carter) كان أول من أدخل مفردات المسيحية الإنجيلية في قاموس السياسة الأمريكية الحديثة ..".
أوباما يبكي ضحايا المحرقة!
أمّا عن موقف "أوباما" من الحروب، فيلخّصه في جملة واحدة، إذْ يقول: "أنا لا أعارض جميع الحروب؛ فجدّي تطوع في الجيش في اليوم التالي لقصف بيرل هاربر، أمّا الحرب التي لا أستطيع تأييدها فهي الحرب الخرقاء، الحرب المتهورة، الحرب التي تشن اعتماداً على الهوى لا على العقل، على السياسة لا على المبدأ".
وقد بدأ "القديس أوباما" حروبه بالفعل، والتي ابتدأت من "وادي سوات" بباكستان، ثم امتدت إلى "هلمند" بأفغانستان ... ولا أحد يدري إلى أين تتجه آلة الحرب الصليبية!
ولعلّ أكثر ما كان يشغل عقل وتفكير "أوباما" هم ضحايا النازية، فراح يزرف الدموع عليهم مدراراً، ويقول ملخّصاً وجهة نظره في الصراع العربي- الإسرائيلي: "حينما جئتُ إلى المنطقة وقضيتُ أسبوعاً في إسرائيل والضفة الغربية استمعتُ لمسئولين من الجانبيْن الفلسطيني والإسرائيلي، وقدّرتُ معاناة كل طرف، ولكن أكثر ما آلمني "ضحايا المحرقة" وحزن أحفادهم من اليهود عليهم! لذلك لابد من وجود دولتين واحدة يهودية، والثانية للفلسطينيين، وإهداء أطفال العالم سلاماً يستحقونه".
* * *
من جانبنا، نسأل الرئيس أوباما الكاثوليكي: لماذا يدفع الفلسطينيون -دون الناس- ثمن هذه المحرقة؟ ولماذا يتحمّلون -وحدهم- إثم المحرقة؟ أليس في هذا الكلام مخالفة صارخة لما ورد في سِفْر حزقيال (الإصحاح 18: 20-22) حيث يقول: "الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن"؟!
ولماذا لم تؤلمك الحواجز والألغام التي زرعها الصهاينة؟ ولماذا لم تأخذك الشفقة على الفلسطينيين الذين يعيشون في سجن كبير؟! وكيف تتناسى ملايين المشردين والمبعدين من ديارهم منذ نصف قرن من الزمان؟!
هل هذه وصايا الإنجيل التي تقول: "لا تكافئوا أحداً بسيئة، ولكن من لطم خدكَ الأيمن، فانصب إليه الأيسر. ومن أراد مغالبتك وانتزاع قميصك؛ فاخلع له الرداء كله" (متى الإصحاح الخامس). إن الإنجيل الذي أقسمتَ عليه لحظة تولّيكَ السلطة؛ يشهد بأنكَ لستَ على شرعه، بلْ رددتَ حكمه ورفضته .. كما رفضتَ دين آبائكَ وأجدادكَ من قبل!
معذور (أوباما) لأنه لا يملك من أمر السلطة شيئاً؛ فخيوط اللعبة كلها بيد اللوبي الصهيوني، الذي يملك أن يثبّته في منصبه لمدة 8 سنوات، كما يملك -في ذات الوقت- أن يلحقه بالرئيس (كيندي John Kennedy)!