قراءة في رواية (بدر الزمان)
قراءة في رواية (بدر الزمان)
لفاضل السباعي *
|
|
فاضل السباعي محمد الحسناوي
بقلم: محمد الحسناوي
القناع في الفن - وفي الأدب خاصة - مجاز فني أو جواز أمني، أو هو الأمران في وقت واحد، يلجأ إليه الفنان أو الأديب، فيتخذه رمزاً (ليضفي على صوته نبرة موضوعية)(1) لا سيما في الشعر، أو ليتجنب قلم الرقيب وسوطه في أحوال أخرى. وهذا الرمز يأخذ شكل شخصية تاريخية غالباً(2) أو أسطورية.
أما القول بأن (القناع) وسيلة جديدة من وسائل (القصيدة العربية الحديثة وهي تتوغل في وهدة الذات وما فيها من ذعر وأمل) أو أن (القناع) (تقنية عني باستخدامها شعراء هامون في العالم، مثل ييتس، ازرا باوند، ت.س اليوت) لدرجة الظن بأنها إنجاز غربي ففي الأمر نظر. لقد حفل الأدب العربي منذ القدم بأقنعة فنية بدءاً بالشاعر حميد بن ثور الهلالي ومروراً بـ (كليلة ودمنة) وقصص (ألف ليلة وليلة) ومقامات بديع الزمان و (حي بن يقظان) لابن طفيل. لقد نهى الخليفة عمر بن الخطاب الشعراء عن التشبيب أو التغزل بالنساء، فلجأ الشاعر حميد بن ثور الهلالي إلى أن يكني بالسرحة - الشجرة الطويلة، فقال:
أبـى الله إلا أن سرحـة مـالك على كل أفنان العضاه تَروقُ(4)
فقد ذهبتْ عرضاً، وما فوق طولها مـن السرح إلا عشة وسحوقُ
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من ورد العشي تذوقُ
فهل أنـا إن عللتُ نفسي بسرحة مـن السرح مسدودٌ عليّ طريقُ
نحيل هذه المسالة إلى طلاب الدراسات العليا ليقولوا قولهم فيها، ولندرس أقنعة القاص فاضل السباعي في روايته / حكايته الأسطورية: (بدر الزمان)، وهو اسم من أسماء (ألف ليلة وليلة)، ولكن ليس أميراً في بلاد (الواق واق)، بل هو مربي دجاج صغير في إمبراطورية مديدة واقعة في ناحية من العالم، إمبراطورها اسمه (يان - تسون)، أشبه بأباطرة الصين القدامى، حيث كان الناس في هذه الإمبراطورية وإمبراطورهم على طرفي نقيض (صفحة 15) (هم يطمحون إلى الحرية والعدالة والمساواة، وهو يطوقهم بأغلال من الظلم والقهر، ويتحيز لحاشيته العريضة، مغدقاً النعم على كل من يمالئه، ويهتف بحياته!).
كان لبدر الزمان كوخ متواضع ومجموعة دجاجات يحلم بتوالدهن وتحصيل ما يعينه على اختيار زوجة وإنجاب أولاد صالحين، كما كانت له أخت من الجن الطيب، تزوره في ليلة النصف القمرية، وهي (القطة بشيرة)، تؤنسه وتشير عليه، وتتنبأ له بأنه سوف تكون نهاية الإمبراطور الظالم على يديه، فيتعجب من نبوءتها، ويستغرب ذلك، وهو الوحيد الضعيف. على أن أوضاع الإمبراطورية تتطور من سيء إلى أسوأ، نتيجة تصرفات الإمبراطور الاستبدادية وشهواته العدوانية، مثل إلحاحه على صيد طيور اليمام الأليفة، وشيها على نار هادئة، وجعلها ادامه الدائم المفضل، مما اضطر هذه الطيور المسالمة إلى الهجرة طلباً للأمن والسلامة في غابة الصنوبر العظيمة البعيدة، حيث تستقبلها بالعطف والحماية الطيور الجارحة والوحوش الكاسرة، وتحول دون توغل جنود الإمبراطور وصياديه داخل الغابات في إثرها.
أما الإمبراطور فيصاب بالإفلاس، فيعمد إلى إصدار قرار بتعميم البيض، الذي هو غذاء الشعب المفضل، يوافق عليه مجلس العدالة الإمبراطورية بالإجماع، على حين ترتفع أسعار بيض الدجاج نتيجة احتكار السلطة طلباً للربح الفاحش من جهة، ولسوء إدارة الموظفين الحكوميين للجمع والتخزين والنقل والتوزيع من جهة ثانية، مما زاد من نقمة المواطنين، عليه الذين حاولوا الصوم عن البيض، والامتناع عن شرائه فترة غير قصيرة، أعقبتهم مرضاً وهزالاً، وارتفعت أصوات المواطنين بالاحتجاج والدعاء على الإمبراطور: (قصف الله عمر الإمبراطور)، وحينما كان بدر الزمان يسمر في ساحة الضيعة مع مواطنيه أعلن عن تمنيه: (ألا ليت إمبراطورنا يكف عن قهرنا ومص دمائنا!!) فينتقل هذا الكلام من زوج وزوجته ومن صديق وصديق، حتى يصل إلى مسامع الإمبراطور، الذي يغضب، ويحكم على بدر الزمان بالجلد والسجن حتى الموت. وفي السجن وفي ليلة النصف القمرية تظهر القطة بشيرة، وترسم له طريق الخروج من السجن، بالامتناع عن الطعام طوال شهر قمري يتحول بعد ذلك إلى يمامة، تتسلل من بين قضبان السجن، وتنتظره القطة خارج السجن على شكل يمامة أيضاً. وهكذا يبدأ بدر الزمان حياة جديدة في غابة الصنوبر العظيمة مع حشود اليمام المرحبة به زعيماً من زعمائها، حيث يلتقي بيمامة شابة جميلة، تخطبها له من أهلها بشيرة، ويتم زفاف العروسين، وسط زقزقة العصافير وسرور اليمام ورقص الأفاعي والسلاحف.
لاحظت اليمامة الزوجة (بدور) ما يشغل بال زوجها بدر الزمان من حنين إلى الوطن وألم على مصير شعبه المظلوم في ظل الإمبراطور عدو اليمام، فتقترح عليه يوماً القيام برحلة إلى الوطن، فيفرح بدر الزمان بشجاعة بدور، وينفذان الاقتراح في الوصول إلى قريته ليلاً، حيث تضع بدور بيضة هدية في شباك أقرب كوخ من كوخ زوجها المسوَّى على الأرض. ينتشر خبر هذه الزيارة للوطن بين جيل اليمام، فتشتعل الحماسة، ويجمع كل زوج على القيام بمثل هذه الرحلة الليلية، وإلقاء بيضة هبة من بيض اليمام للمواطنين. فرح المواطنون بعودة اليمام أو بيوضه، لكن الطريف أن البيضة الواحدة أخذت تتحول إلى قنبلة يدوية في يد المواطنين، فلما سمع الإمبراطور وحاشيته بانفجار بعض هذه القنابل للتجريب، قام بحملة ضارية ضد اليمام والبيوض، وحين يستطيع رجاله الوصول إلى قنبلة مخبأة في حفرة نتيجة تعذيب المواطنين، تتحول القنبلة إلى بيضة يمام عادية.
ما زالت القطة الجنية أو اليمامة بشيرة تؤكد لبدر الزمان دوره في القضاء على الإمبراطور بكل يقين، وحين تستشهد بدور برصاص الجنود الإمبراطوريين أمام عيني زوجها بدر الزمان، لا يكف عن التفكير في تحرير شعبه من هذا الإمبراطور، حتى حمل هو نفسه في جوفه بيضة، أخذت تكبر، فتقول له بشيرة: إنها الصاروخ المنقذ، وإن دورك قد جاء يا بدر الزمان لقذف الإمبراطور في موكبه صباح اليوم الخميس، والقضاء عليه مع حشد من أعوانه. وهكذا انتهز شباب العاصمة الفرصة، ويكملون عملية بدر الزمان بقذف أعوان الإمبراطور ببيوض اليمام المتحولة إلى قنابل يدوية محززة فعالة، ويكون النصر. فيكافئ المواطنون الشهيد بدر الزمان بنصب تمثال له في ساحة ضيعته حيث جلد وعذب، وتمثال آخر لليمامتين الزوجين بدر الزمان وبدور في وسط العاصمة (ومع ذلك ظلت عين الشعب ساهرة، لاتنام) ص138.
ذلك هو موجز الحكاية التي ساقها السباعي للصغار والكبار (تنقد بسخرية طافحة، جانباً مما يعاني العالم الثالث في أرجاء المعمورة(.
إن المزاوجة بين الأسطورة والواقع، بين الخيال والحقيقة ليست بالأمر اليسير، وإن كان الكبار يقبلون على أدب الأطفال بنسبة كبيرة ولأسباب متعددة. كما أن الأقنعة المستخدمة في هذه الحكاية لا تحتاج إلى جهد كبير لفك رموزها وبسط مدلولاتها، فالكاتب على الرغم من استخدامه شخصية جنية، وإقامة تعاون وتعاطف بين الوحوش والحيوانات الأليفة الضعيفة، أو بين الحيوانات وبين البشر.. على الرغم من كل ذلك يستخدم أدوات ومنجزات ومصطلحات عصرية، كالسيارة والجمعية التعاونية والتأميم والبنادق النارية والقنابل الانفجارية وحتى الصارخ، بل إنه يؤلف أسلوبياً بين التراكيب والألفاظ التراثية (عمت مساءً) ص13، (عليك بالصبر مدة) والإسلامية: (أن تستكمل نصف دينك) ص88، (هذا من فضل ربي) ص25. وبين الألفاظ والتراكيب المحدثة: (قصف الله عمر الإمبراطور) ص20، لهجة حلبية، (نحن الشغيلة نتعب - وهو الحاكم ينهب) ص26. شعارات، مثل ذلك: (يسقط يسقط طير الغاب. لحم الحمام للحاكمين. بيض الدجاج للكادحين.. يمامته يمامته هي المنى في خلوته) (جائز للضرورات الإمبراطورية!!) ص32، (لمتابعة تحقيقه منجزاته الوطنية) ص33. لكن الجامع بينها براعة التوظيف، وسيرورتها مثل: (بإجماع الأصوات) ص34، (طارت الزوجة، وذهب الأولاد) ص36، (الله أعلم أني سوف أكون أول المجلودين) ص39، (إيه! كل حال يزول) ص81، (سبحان من صور) ص87.
معيار السيرورة هذا لا يقف عند الألفاظ والتراكيب والصور: (كما تخرج دودة الحرير من شرنقتها فراشة تطير، تسنى لبدر الزمان أن يتسلل..) ص82. بل يشمل البنية القصصية للحكاية فالنموذج (الثمية) هنا أشبه بنموذج قصة النبي يوسف عليه السلام في القرآن الكريم ﴿إذ قال يوسف لأبيه: يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدي. قال: يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً. إن الشيطان للإنسان عدو مبين﴾ وتتابع أحداث قصة يوسف تفسر الحلم الذي رآه يوسف في بداية القصة والسورة: ﴿ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً. وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل...﴾. فالقطة الجنية الطيبة (بشيرة) تعرض على بدر الزمان منذ البداية أن يتحول إلى يمامة، فيرفض فتعلن له: (لتكن على يقين، يا بدر الزمان، من أن نهاية الإمبراطور ستكون، في يوم من الأيام، على يديك!!) هكذا كانت النهاية، ومنذا الذي لا يتذكر قصة يوسف ورؤياه من الكبار والصغار، وهو نموذج مشوق ومبسط في الوقت نفسه، ترفده إرهاصات بين الحين والآخر، ولم يجد بدر الزمان بداً من التحول إلى يمامة، حتى يتسلل من قضبان السجن، لكن اليمامة الذكر كيف تحمل بيضاً ثم تبيض، إنها أسطورة أخرى متداولة منذ عهد بشار بن برد (بيضة الديك):
يا عذبـةَ الريق إني غير مُختبرٍ إلا الذي كان من طرْف المساويكِ
قـد زرتِنا مرة في العام واحدة ثني ولا تجعليها بيضة الديك (5)
وقد اشترط المنظرون للواقعية السحرية أن يكون الخروج عن المألوف أو الواقع لا يكون إلا بشكل مسوغ، والأسطورة حين تشيع شعبياً وتنتقل عبر العصور تحفر لنفسها أخدوداً من التأثير والإقناع غير قليل مثل بيضة الديك. أما أن يقذف طير اليمام المسالم صاروخاً مدمراً فهذا لا يكون إلا من الطائرة العسكرية الحديثة، أو في أحلام الأطفال أو الكبار المقهورين المسحوقين في أعماق السجون.
إلى هذا الحد تتداخل أو تتعانق التخوم بين الأسطورة والواقع، أو بين الخيال والحقيقة.
وللأمانة نذكر أن المنطقة الفاصلة بين عالم الحيوان وعالم الإنسان لم تعد برزخاً صلداً ولا حجراً محجوراً، فالمعلم الحديث قد كشف الكثير عن عوالم الطير والحيوان والهجرات الجماعية لهذه المخلوقات ولغات تخاطبها، بل إن القرآن الكريم حدثنا عن النبي سليمان الذي قال: ﴿يا أيها الناس عُلِّمنا منطق الطير..﴾ كما أنه تحدث مع الهدهد الذي قال: ﴿جئتُكَ من سبأٍ بنبأٍ يقين..﴾ وسمع كلام النملة التي قالت: ﴿يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده، وهم لا يشعرون. فتبسم ضاحكاً من قولها..﴾، حتى الغراب كان معلماً للإنسان كيف يدفن أخاه: ﴿قال: ياويلتا أعجزتُ أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأًصبح من النادمين.﴾
بقي أن نعلم أن الجن ليسوا كلهم أشراراً، بل منهم الصالحون والمسلمون، قال تعالى على لسانهم: ﴿وأنَّا منَّا المسلمون ومنَّا القاسطون، فمن أسلم فأولئك تحرَّوا رشداً﴾.
هذا كله رصيد أدبي وعقدي في ذاكرة الصغار والكبار، يصب في تجسير المسافة بين الخيال والحقيقة، بين الأسطورة والواقع. ألا ما أغنى تراثنا، وما أعظم رصيدنا الفني! أما ملاحم الصراع بين العدل والظلم بين الرعية المستضعفة والحكام الطغاة كفرعون وهامان، فما أكثرها وما أجملها في كتابنا المحكم. وكأني بفاضل السباعي يعني هذه المعاني، حين أخذ يردد رجالات الدولة الإمبراطورية وقادته وولاته وقضاته في استقباله - ومنهم من انحنى وأفرط بالانحناء حتى مستوى السرة ص32 -: (-يان تسون، يان تسون.. منك الرضا، منك العون، إلى أن تعب وجهه من التبسم، وملت نفسه من سماع الهتاف، فأشار بيده أن اسكتوا!! فكفوا دفعة واحدة، وقد تجرحت حناجرهم، وزخ العرق من آباطهم، وتهالكوا على كراسيهم كالقتلى) ص33. وهذا يسلمنا إلى أسلوب السخرية الذي حفلت به هذه الحكاية الروائية.
هناك سخرية لمجرد الدعابة وتمليح الأسلوب القصصي كقول بدر الزمان: (إنهم يأخذون مني، صباح كل يوم البيض من مؤخرة دجاجي إلى أفواه المستهلكين رأساً) ص36. وهناك تعبيرات ساخرة دارجة (طارت الزوجة والأولاد!!) ص36، وهناك الشعارات: (يمام السماء دواء الملوك.. وبيض الدجاج غذاء الديوك!) يوضح المؤلف قائلاً: (لأن الديكة لا تفترس بيض إناثها، فقد بدا أن المقصود بكلمة الديوك نقيض الملوك: الشعب العامل!) ص31. وهناك السخرية من تضخم الأجهزة الحكومية (البيروقراطية) من خلال المسميات: (وزارة الشؤون البيضية) ص39 و(وزارة الشؤون اليمامية!) ص118 و (تعميم البيض) ص34 و (مجلس العدالة الإمبراطورية) ص34، وتبلغ السخرية حداً تحاصر الإمبراطور في تعليقاته المتعالمة بعد سماعه هتاف البنات الصغيرات: (يمامته يمامته.. هي المنى في خلوته!) وقد علق يان - تسون اللطيف على هذا الهتاف الأخير: (فيه لحن لغوي، يسمى في علم الشعر: الإقواء، فالصواب: في خلوته، بالكسر.. ولكنه جائز للضرورات الإمبراطورية!) ص32، ودعك من وصفه باللطيف وعدوانه على اللغة فضلاً عن عدوانه على الشعب للضرورات الإمبراطورية. مرة أخرى نلتقي بالسخرية ذات السيرورة والرصيد القرآني حين قتل الإمبراطور (لم تدمع على الإمبراطور عين) ص137، وحين أغرق الله تعالى فرعون وجنوده في البحر قال: ﴿فما بكتْ عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين﴾.
هذه السيرورة في الأسلوب التعبيري والتصويري. في البناء القصصي لم تضق عن محمولات فكرية واجتماعية وسياسية عميقة وبسيطة بآن واحد، بل بوسعك أن تستنبط برنامج عمل للمعارضة الشعبية التي أودت بنظام الظلم والقهر والاستعباد المستغل لقوت الشعب بالسياط والزنازين ص98 (عهد المجازر الذي استباح فيه الإمبراطور الحرمات من أجل وجبات طعام مشتهاة، واضطرار اليمام إلى الهجرة الجماعية بعيداً عن المدن والقرى) ص101. تضمن هذا البرنامج فيما تضمن:
1- كون المعارضة وحركة التغيير شعبية بدءاً من بدر الزمان مربي الدجاج، مروراً بالشغيلة مثل سائق السيارة.. (هذا الشعب متواطئ مع أعدائي) ص47.
2 - تنويع أساليب المقاومة قبل المواجهة المسلحة: (إن لم يستطيعوا الثورة على هذا النظام وتغييره، أمكنهم مع ذلك القيام بعصيان من نوع ما: أن يصوموا عن البيض، معلنين احتجاجاً صامتاً، ملحقين ضرراً باحتكارات الإمبراطور) ص ...46 (وشيئاً فشيئاً، انحل إجماع الناس على الإضراب) ص48.
3 - إصلاح النظام الاقتصادي: (ليس تعميماً على الحقيقة لا ولا تأميماً.. إنه احتكار لتجارة البيض تقوم به الحكومة.) طرح بديل. (ولن يفلح موظفون عامون حيث ينجح أفراد ويعملون لحسابهم الشخصي، أو جمعيات تعاونية..) ص36 منعاً للاستغلال (الإمبراطور عمم البيض جنياً للاستغلال.. (وغلاء الأسعار) فقد عمد إلى رفع سعره (والفساد الإداري) ولما كان من البيض ما يفسد فتذهب قيمته هدراً، ومنه ما ينقله رجال الشؤون البيضية إلى بيوتهم) وهل يصح أن يحصلوا شراء على حاجتهم من السلعة التي بها يتعاملون! فإن ذلك كله حمل على فرض زيادة أخرى..) ص42.
4 - التخلص من نظام: (قهر ومص دماء! ظلم وجشع!) ص63.
5 - النظام الشرعي: (ليحل محله حاكم يمثل الشعب.. ) ص124.
6 - مواصفات النظام المطلوب: (..فيتمتع الناس جميعاً، في ظل قيادته الحكيمة، بالحرية والكرامة، وعودة المشردين المهاجرين أو العناية بالبيئة العامة (ويعود لليمام الوديع الأمان والعيش قريباً من الجدران) ص124.
7 - التخلص من الفئة الطفيلية: (وفي مقدمتهم المطبلون والمزمرون..) ص132.
8 - الاعتماد على وحدة الشعب: (حقيقة ما وقع أن الشعب الذي وحده طغيان الإمبراطور، قام قومة الرجل الواحد) ص137، و (الشعب الطيب، الذي وثق الليل الحالك عرى المحبة بين أبنائه..) ص138.
9 - القضاء العادل في تصفية بقايا النظام: (.. نظر بعين العدل في أمر رجال الإمبراطور السابق، حاشيته، عيونه، أصابعه، مخالبه، ألسنته، فمن كان منهم مغرراً به تم العفو عنه بعد التوبة النصوح، ومن كان ضالعاً في الظلم والفساد نال جزاءه في محاكمة عادلة) ص138.
في الحقيقة إن هذه الحكاية الروائية حافلة بالأقنعة / الرموز وبالموحيات والدلالات الفنية نكتفي منها بوقفة عند موحيات الهجرة الجماعية لليمام من الوطن إلى الغابات، وحنين جيل كامل منه للعودة إلى الوطن وأشجاره قرب دفء الجدران، ودور هذا اليمام المهاجر بحركة التغيير والتحرير من النظام الاستبدادي. تذكرنا هذه الهجرة بهجرة الأدمغة وأجيال المعارضة في المكان، كما تذكرنا بهجرة الأدباء من الكتابة للكبار إلى الكتابة للأطفال والصغار مثل سليمان العيسى ومحمود مفلح وعبد الله الطنطاوي ومحمد الحسناوي ويحيى حاج يحيى وغيرهم كثير مثل فاضل السباعي نفسه، وهي هجرة فنية توحي بضرورة الإصلاح الجذري بدءاً من أطفال الوطن بعد أن استفحل الخراب في كباره. وهكذا شأن الفن الخالد: جمال وبساطة في الأداء وعظمة في عمق الدلالة والإيحاء.
* الأعمال المتكاملة - اشبيلية للدراسات والنشر والتوزيع - دمشق - ط1/ 1992 - (152ص(
(1) انظر مقال (بنية الإيقاع: قراءة في قصيدة أحد عشر كوكباً) لعلي جعفر العلاق - مجلة (علامات) ج 25 - مجلد 7 - سبتمبر / أيلول 1977م - ص75.
(2) المرجع السابق - ص76.
(3) المرجع نفسه – ص75.
(4) شاعر صحابي - انظر كتاب (الصحابي الشاعر حميد ثور الهلالي - حياته وشعره) د. رضوان محمد حسين النجار - ط1: 1985م/ 1405هـ - وانظر الأبيات في ديوانه - تحقيق الميمني - ص 38 – 40، وفي الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ج4، والقصيدة طويلة موجودة في الكتاب المشار إليه أيضاً (الصحابي الشاعر حميد..)، مطبعة الخالدي - عمان.
(5) الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني - أخبار بشار بن برد - مطبعة دار الكتب المصرية - ج4.