يحيى السماوي وإبداعه الشعري
يحيى السماوي وإبداعه الشعري
يحيى السَّماوي
حسين عاتق الغريبي
صديقي الشاعر العراقي يحيى السماوي من القلة النادرة التي تجيد العزف على أوتار ( العروض ) ، وتبدع في ( النص النثري ) المتميز بالموسيقى الشعرية العذبة .
أحبّ في السماوي طيبته وحسن مودّته ، وأهوى شعره حتى الثمالة لما فيه من عذوبة وبلاغة وإبداع ، ولما تحمله قصائده من صدق العاطفة وجمال الصورة .
يعيش شاعرنا حاليا في الغربة بعيدا عن الأهل والوطن ، وقد كتبت عليه قسرا ، ولطالما هزّه حديث صديقه ومعلمه الشيخ عبد العزيز التويجري تغمده الله بواسع رحمته حينما قال له : (لا تكن ظلا ً لغيرك .. فأن تكون فسيلة في واحة تحرثها بنفسك ، خير لك من أن تكون بستانا ً في لوحة معلقة على جدار) و (أن يكون المرء ولو مجرد عشبة في وطنه ، أثرى له من أن يصبح غابة في منفى .. فاتخِذْ من الفرات مدادا .. ومن السعفة قلما .. واصنعْ لوحك من طين العراق .. واعلمْ أن أعذب الشعر أصدقه وليس أكذبه) .
لقد كان السماوي صادقا ً مع نفسه ووجدانه ، فلم يهجر الحنين إلى وطنه ، ولا سلا عشقه وشوقه لكل ذرة من ترابه .. فكانت معظم دواوين شعره ثرية بالصور البديعة التي تعكس مدى حبه للوطن ، وتعلقه بأهله وأحبابه ، وآخر ديوان أهدانيه كان عنوانه " البكاء على كتف الوطن " يقول في إحدى قصائده :
أحـبابَنا في دار دجلة َ جفتْ ينابيعُ الوئام ِ وأصْحَرَتْ أحـبابنا واسْتوحَشتْ أجفانها أحـبـابَنا عزَّ اللقاءُ.. وآذنتْ أحـبابنا في الدجلتين تعطلتْ | عذرَكمْإنْ غـرّبَتْ قدمايَ يا بـدءَ الربيع ِ حدائقُ اللبلاب مُقلي وشاكسَني طريقُ صوابي شـمسي قبَيْلَ شروقِها بغيابِ أعـيادُنا من بعدكم .. أحبابي | أحبابي
ترجمَ معاناته وحرقته من البعاد ، في قصائد ملتهبة ، تصور المعاناة التي يعيشها بنو وطنه في العراق وخارجه نسأل الله أن يعيد دار دجلة إلى حضن الأمن والإستقرار والسلام.
قلت إنّ السماوي قد أبدع أيضا ً في نظم الدرر من النثر البليغ ، وهاهي نصوص نثرية من كتابه " مسبحة من خرز الكلمات " يقول فيها :
الحبُ والوطن
توأمان سياميّان
متشابهان ..
باستثناء :
أنّ للوطن حدودا ً
ولا حدود للحب !
الوطن ُ جسد ..
الحبُّ روح ..
بعقد قِرانِهما
يتشكلُ قوسُ قزح المواطنة
ويُقام الفردوس الأرضي !
ما أروعك أيها الشاعر الأصيل .. وما أمتع اللحظات التي تجمعني ببوحك المدهش . تطربني بشدوك العذب وإنْ غاب صوتك عن مسمعي .. لك حبي وإعجابي بكل ديوان أهديته لي .
عن صحيفة الندوة .