ندوة في أسباب ضعف الطلبة في اللغة العربية

يقيم قسم اللغة العربية جامعة مؤتة عنوانها

ندوة في أسباب ضعف الطلبة في اللغة العربية

وطرق معالجتها ، وتوصيات

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

يزمع فسم اللغة العربية في جامعة مؤتة  برئاسة  أخينا  زميلينا  الأستاذ المشارك الدكتور خليل عبد الرفوع على عقد  الندوة الموسومة بأعلاه ،  بإذن الله يوم الاثنين الموافق لليوم الحادي عشر من شهر آذار من عام 2009م ، في قسم النشاطات في مدرج عمادة شؤون الطلبة ،لأهمية الندوة ،فيما  يعتري الطلبة من أخطاء تعتورهم في كتابتهم أو في حديثهم ، وأسبابها ، وكيف لهم أن يستكملوا مظاهر تأدية الصواب فيها ، وكيف لهم أن يعبروا  بلغة سليمة تقيهم من سقطات عامة لا نكاد نبرئ أحدا منها ،

والحقُّ فان مما يشكر  للدكتور رئيس القسم تنبهُه لأهمية هذه الندوة ، وتشديدَه على حضورها ، أساتذة وطلبة لمعاينة الصواب والاحتذاء به ، وتجنب ما  يمكن أن  يقع الطلبة والكتبة من هنات أو هفوات ،ولعلها تعتد الندوة الأولى ، ،في ما أظنه من ثماني  سنوات خلت ،مما أشهدتها خلال تدريسي في هذه الجامعة الفتية . ولعلها أن تكون  بداية موفقة لا نهاية لها ، لمناقشة انموذجات تطبيقية مما يقع بها الطلبة ، وتشهد عليها رشقات أقلامهم ..

***

ولعلَّ لخبرة أستاذ اللغة دورا في استكشاف ما يقع فيه الطلبة من أخطاء في اللغة العربية ، وان كانت النماذج غائبة هذه المرة فأرجو  ألا تغيب عن ندوات مشابهة إذا عقدت مرة أخرى ، لان المحاضر في الندوة يستحضر معه قول الله تعالى "قل هاتوا برهانكم "

أما نظرية الخطأ التي تعادل" اللحن "في القديم،، فيمثل منهجا لغويا قائما يوازي ما يقوم به البحثة في مجالات اللغة المتعددة ، وعلى هذا فيمكن تقسيم  الأخطاء  التي يقع بها الطلبة والكتبة  قسمين هما :أولا: أخطاء الطلبة والكتبة 

ثانيا "مصادر تعدد الوجوه .

أولا

أمَّا ابرز ما يقع فيه الطلبة والكتبة في ما نعرفه، ونشهد عليهم أوراق إجاباتهم  أو عند حديثهم وتحليلهم النصوص، بله شروحهم فهي لا تقل عن عشرين منها:إلزام المثنى بالألف،أولا ونعت المجرور من المثنى بالألف ثانيا ، واثبات النون في الأفعال الخمسة منصوبة ثالثا ، وحذف الفاء الواقعة في جواب الشرط رابعا ،ونداء ما فيه "ال" ب"يا" مباشرة خامسا ،وإدخال "ال "على بعض سادسا ، ونصب خبر "‘نَّ"سابعا ،وتعدد الممضافات على توحد المضاف إليه ثامنا ،وتوظيف الكاف في موضع ب"صفته"تاسعا ،وإدخال "أل" على "غير"مضافة عاشرا ، وأخطاء تتسع وجوه الصرف، حادي عشر ،وتوهم أصالة الخرف، ثاني عشر ، واطراد القياس على التوهم في أبنية الصرف ثالث عشر،وأخطاء مردها إلى تقدير شكلي رابع عشر ، وأخطاء يفسرها جنس الكاتب ذكر أو أنثى، خامس عشر ،وأخطاء لا تقصر فيها أبنية الكلم ،سادس عشر ، وأخطاء يفسرها الازدواج سابع عشر ، وأخطاء تتأتى للمبالغة في التصحيح ، ثامن عشر ،وأخطاء تنجم عن اثر الترجمة تاسع عشر ،وخطاء تنجم عن محاكاة المنطوق عشرون.

  أما من الأمثلة التطبيقية على كلٍّ منها مكتفيا بمثال كما يلي:

(1)أما من أمثلة إلزام المثنى الألف كقولهم :"تزوج احمد امرأة ورزق منها ب"ولدان "، ولهذه اللغة تخريج على لغة بلحات "

إنَّ أباها وأبا أباها    قد بلغا في المجد غايتاها

  كما تجدُ لها في كتاب الله تعالى تخريجا من قوله تعالى "إن هذان لساحران "(سورة طه30/63)

(2)نعت المجرور المثنى بالألف كقول بعضهم :"الأسرة تتألف من الزوج والزوجة ، اللذان)غادرا منزلهما أمس ، ويمكن أن يسوغ على ماذكرناه سابقا ،أو على النعت المقطوع عند النحاة على من قرأ بسم الله الرحمنُ بالضم .

(3)إثبات النون في الأفعال الخمسة منصوبة كقول بعضهم ذهب الجنديان ليقضيان عطلتهما في العقبة ،ولهذا القول مندوحة في إثبات النون عند النحاة كقول احد الشعراء (فأثبتها مرة وحذفها مرة )

أن تقرآن على أسماء َويحكما     مني السلام وأن لا تشعرا أحدا :

(4)حذف الفاء اللازمة في جواب الشرط كما في قول بعضهم :"إذا بقي على قراره لن يستمرَّ في عمله "وحذف الفاء جائز على بعض الشواهد النحوية (من يفعل الحسنات الله يشكرها ) بحذف الفاء اللازمة لجواب الشرط .

(5) نداء ما فيه "ال"ب" يا "مباشرة كقول بعضهم :"يا الروح المقدس "وهي جائزة

(6)إدخال "أل" على "بعض" كقولهم :" البعض من الدراسات جيد والبعض الآخر ليس كذلك "

(7) نصب خبر إنَّ"كقول بعضهم :" نجد أن البحث مقسما أقساما "ويمكن حمل نصبه على وجه من لغة تميم ممن كانوا ينصبون اسم إن وأخواتها جميعا ، والشاهد القول :

إذا اسودَّ جنح الليل فلتأت ولتكن     خطاك خفافا ، إنَّ حراسنا أسدا

(8)تعدد المضافان على توحد المضاف إليه كقولهم في أحسن وأفضل الحالات " والأقوى في أحسن الحالات وأفضلها ، ويمكن تخريجه على ما استظهره النحاة من قوله صلى الله عليه وسلم "قطع الله يد ورجل من قالها "

(9)توظيف الكاف في موضع بصفته كقولهم ا:" احتلت الأم كشخصية رئسة في النص

(10)التضمين وتعاقب حروف الجر ، ويعني تداخل الحرف المتعدي واللازم  فيالنصوص على نحو قولهم :"هذا نجاوب عليه ".

(11)إدخال (أل) على( غير) مضافة :كقول بعضهم احتصلت هذا الفصل على التقديرات الغير ملائمة "

(12)أخطاء تتسعها وجوه الصرف من نحو إثبات ياء المنقوص مجرورا أو مرفوعا غير معرف ولا مضاف كقولهم :" كاتب المقال غير راضي عنه "

(13)توهم أصالة الحرف ،نحو قولهم بحثي يبلور الأمر "والصواب "يبلر "لان الواو زائدة غي المادة "بلر "فلوجه أن يقال "تبلَّر"

(14)أخطاء مردُّها إلى تقدير شكلي نحو إعراب اسم إن حين يتأخر مرفوعا والصواب نصبه كقولهم :"لا ريب في أن فرق كبير بين المسالتين "ولعل شاهدا من القرآن الكريم أن  يكون الأنموذج العالي  لتصويب الإشكال قوله تعالى "إنَّ مع العسر يسرا "، وكذلك إعراب اسم كان حين يتأخر كقولهم :" ونأمل أن يكون لبلدتنا هذه ناديا "

(15)أما الأخطاء التي يفسرها جنس الكاتب ذكرا أو أنثى فيظهر في قولهم :" سأدرس في إحدى أقسام الكلية "وقولهم "سلام عليكي يا فاطمة "والصواب عليكٍ بكسر كاف الخطاب للمؤنث كما تفتح للمذكر .، ومنه ما تكتبه الطالبة :"أنا فاطمة غير راغب في هذا التخصص " والصواب راغبة "

(16)أخطاء يفسرها الازدواج بين الفصحى والعامية منها التسكين كقول بعضهم :" الطلبة يعانون ضعف في اللغة العربية "ومنها إسقاطهم  نون الإعراب من الأفعال الخمسة كقولهم :"ليتخيلوا ما يتخيلوه "

(17)أخطاء تنتج عن المبالغة من نحو التركيز على رسم نقطتي التاء المربوطة ، فيتعدونها إلى رسمها على حرف الهاء،نحو كتابتهم :" هذة منة إلية "

18) أخطاء من اثر التصحيف من نحو عدم التفريق بين "نفد" و"نفذ"، و"غداء " و"غذاء "

(19)أخطاء من اثر الترجمة ، فيذكرون حرف العطف "و" في آخر متعدد كقولهم :" زرت اربد ، السلط والقدس "

(20)أخطاء ناتجة عن محاكاة النطق فتمد في الكتابة كما تنطق نحو :" ما هاذا يا هاولاء ؟"وهاذا هوه كتابهو"

ثانيا

 أمَّا مصادر تعدد الوجوه ،فننهض على  تسعة ندرجها متسلسلة بإيجاز  كما هي تاليا: أولا لهجات عربية متعددة قبل الإسلام في جزيرة العرب ،إذ تعددت لهجاتهم ، ولكنها التقت على أساس مشترك واحد في النظم الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية، تم افترقت في أشياء عند أهل اللغى  ثم حصروها وقعدوا لها [1] ،وابرز القبائل التي تعد لغتها حجة هبي قيس وتميم وأسد وطبئ وهذيل ، وعل ذلك فمن القبائل من اعمل "ما"كاهل الحجاز "ومن من لم بعملها كتميم ،ومن العرب من ينبر الهمزة ك(رأس)في لهجة تميم ، في حين أن غيرها لا ينيرها ، تسهيلا ، ومنها كسر أوائل الأفعال المضارعة نحو تِتعب وهي لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز ..

 كما تنهض ثانيا على الصرف نحو فثنائية الضبط بين فتح وكسر  أو ثنائية الضبط بين فتح وضم، نحو هاء "هيام" بين  وهما لغتان جائزتان كما هي في أدب الكاتب[2]  والإمالة  التي تنجو بالإلف جهة الياء كما في لهجة لبنانية نحو" والإمالة لغة تميم ومن جاورها من أهل نجد كاسد وقيس  "سالم "[3] ،وبفهم من تداخلات هذه اللهجات المتعددة بروز ظواهر عامية

كما تنهض ثالثا على مثل من  المعجم ،فإطلاق بعض الألفاظ على مسمياتها، كما هو ملاحظ. في المعجم؛ فالساجد في لغة طيئ بمعنى المنتصب ، لكنه في الفصحى بمعنى الواضع جبهته بالأرض[4]

أمَّا رابعا  فالاختيار من متعدد ، يقوم على سعة الاختيار، لا على صارم المعيار، كما هو في قول الأستاذ نهاد الموسى من مثل  قولك "اشكر لزيد " أو اشكر زيدا "والمعنى واحد بلفظين مختلفين .

 أمَّا خامسا فالاختلاف بين التعلم والاكتساب يودي بالتنا[5]قض بين اللغة المحكية  واللغة الفصحى ، كاختلافهم في صحة القول "لا يمكن لأحد"عند الكرملي ، و"لا يمكن أحدا " عند غيره[6]

أمَّا سادسا فكان لاختلاف القدماء بين المقيس والمسموع دوره:نحو قول بعضهم :"حزنني الأمر حزنني "وبعضهم قال هو حزنني أحزنني"وكلاهما جائز، لشاهد قرآني قوله تعالى "لا يحزنهم الفزع الأكبر "[7]،وجاز يَحزنهم ويُحزنهم [8]

  أما سابعا فالتصحيح على وفق منطق المعاني في العالم الخارجي كان يقال مات الميت والصحيح مات الحي فاستظهر على القول قول الشاعر ساخرا [9]:

إذا ما مات ميت من تميم    وسرَّك أن يعيش فجئ بزاد

أما ثامنا فلتناقض العلماء دور في تعدد الوجوه ، شان الحريري الذي خطأ من يقول كافة مضافة ، إلا انه وقع في ما حذر منه كما هو عنده في درة الغواص فها هو يقول " وتشهد الآية باتفاق كافة أهل الملل"[10]

أمَّا تاسعا فلاختلاف المحدثين سبب في تعدد الوجوه ، نحو قول مصطفى جواد في كتابه "قل ولا تقل "فيقول الصواب ان تقول نقد على فلان قوله وانتقد عليه قوله ولا تقل نقد فلانا وانتقده لان النقد والانتقاد يوجهان  على شيء من أشياء فلان لا على الشخص نفسه ، مع انه في العربية تقول نقدت فلانا وانتقدته .[11]

التوصيات

* أن نقلل من لوم المعلمين الذين درّسوا الطلبة في مراحل ما فبل الجامعة،وعلى الأساتذة أن يصححوا الأخطاء التي يتلمسونها عند الطلبة الجامعيين سواء  أكان في كتاباتهم أم في شروحهم ، وفي كل مناسبة يجدونها  سانحة للتصويب لأنها  الغاية الميتغاة ، فحسب

* أن تعقد ندوات أخرى مماثلة على أن تكون بعد الامتحانين المقررين في كل فصل دراسي ، ليحتفظ المشارك بنماذج تطبيقية ، يدلِّل بها على ما وقع به الطلبة من أخطاء ، ويمكن أن أنْ ينزع الاسم أو يرقم سريا ، منعا من إحراجه ،لان الغاية إصلاح لا إحراج .

*أن تشكَّل لجنة من الطلبة الجادين الغيارى على لغتهم العربية من مختلف المستويات ، بإشراف الدكتور رئيس القسم ليناط بهم مسؤولية الحفاظ على سلامة اللغة والتنبيه إلى ما تتساقط من كلمات عامية ، وترميمها وإصلاحها شأن ما حدث في الجامعة الأردنية إذ صوَّبوا كلية بكسر الكاف إلى "كُلية " بضمها  والجمع "كُلى" ثم عممت فقيل لطبيب هو اختصاصي في أمراض "الكُلى "ومثلها عنوانات بدل عناوين ، والتلفت إلى كتاب محمد العدناني " معجم الأخطاء الشائعة " مفيد في هذا الباب

* تنشأ لوحة باسم اللجنة وتعلق عليها الإعلانات تصويبا وتبدل بين الحين والآخر

* أن يكون للجنة باسم رئيس القسم أو أي مسئول آخر رصيد مالي ، لما تتكلفه اللجنة  أحيانا من طباعة أو تصوير أو غير ذلك ، موثقة  بفواتير مصدقة ومعتمدة .وقد يكون الأمر من عمادة  شؤون الطلبة ..

* أن نجهر بلغتنا ولا يضيرنا المنتقصون منها  في البداية، وان نحرص على أن نتكلم الفصحى  في الجامعة على الأقل ، لأنها لغة القرآن الكريم

*ننصح بتدريس كتاب أستاذنا نهاد الموسى الموسوم ب";اللغة العربية وأبناؤها

              

[1] (السيوطي ، حلال الدين :الاقتراح في علم أصول النحو ، حيدر أباد الدكن،1359ه÷ص19،وانظر الدكتور نهاد الموسى ، اللغة العربية وأبناؤها ، مكتبة وسلم ، ط2،1990م ، ص 20،)وانظر الفارابي:كتاب الحروف ، تحقيق محس مهدي ،دار المشرق ،بيروت ،1970، ص 147)وانظر ابن جني : الخصائص في بابه الموسوم "اختلاف اللغات وكلها حجة "

[2] ابابن قتيبة : أدب الكاتب ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ،المكتبة التجارية ،القاهرة ،1962، ص43

[3]span> شرح المصل ج9/54

[4] لسان العرب "سجد"

[6] الأستاذ الدكتور نهاد الموسى :اللغة العربية، ص64

[7] الأنبياء 103

[8] السوطي : المزهر ،ج1/233

[9] رمضان عبد التواب   : لحن العامة ولم يذكر الأستاذ نهاد الموسى رقم الصفحة انظر كتابه  ه ص83

[10] الالحريري : درة الغواص في أوهام الخواص أعادت طبعه بالاوفست مكتبة المثنى ،بغداد ،ص 109

[11] مصطفى جواد : قل ولا تقل ، بغداد ص 108