مراجعة كتاب قصة "الصغير هانا"

مراجعة كتاب قصة "الصغير هانا"

لـ أماني الجندي

جمال القواسمي

صدرت قصة ’’الصغير هانا‘‘ لـ أماني الجندي عن دار اوغاريت، 2008. وتتكون القصة من اثنتي عشرة صفحة تضم رسومات لـ ديما ابو محسن. وقد جاء في الغلاف ان القصة للأطفال.

ملخص القصة:

وتتناول القصة شخصاً اسمه أبو هانا، وهو رجل سلبي باطل عن العمل. من السهل عليه أن يكون متبطلاً هروبياً، ولديه الحجج والذرائع المعتادة كما يقول: "فتشت سابقاً وفشلت"  .... "لا احمل شهادة ولا حرفة" ... ولا يذهب للبحث عن العمل إلا إثر إلحاح زوجته عليه فتقول له : "استمر في المحاولة، ابحث في كل مكان. وأنتَ هنا لا تعرف ما يحدث هناك!"

أبو هانا رغم قلة مؤهلاته، لديه قدرة عجيبة وهي قدرة الشم القوية. هو يستطيع أن يشم الأماكن والناس بقوة أكثر من الجنرال "فرانك سلاد" (بطل فيلم ’رائحة إمرأة‘) أو حتى "أبو كلبشة" صديق غوار الطوشة. بل أن قدرة الشم تنقلب على الساحر فلا يعود المسكين يتحمل نتانة المدينة فيهرب إلى الريف وروائحه المنعشة. بل انه كان يستطيع أن يشم جيرانه وأولادهم، ويشم مشاعرهم..

وهو لا يبحث عن عمل إلا بعد أن أصبحت زوجته حاملاً. وهي لا تقنعه بالرغبة بالعمل إلا في يوم ولادتها..

يذهب للمدينة. يرجو الآخرين ويتذلل لهم ليعمل عندهم، لكنهم يطردوه لأنه دون مؤهل. ثم يذهب لمقهى ليشرب فنجان قهوة، كما يفعل الباطلون عن العمل. وهناك يراه ياباني، وبطريقة عجيبة يوظفه في شركة عالمية. ويعود في اليوم نفسه يزف الخبر لزوجته "ومن بعيد شم رائحة ولادة.."

وتنحل مشكلة أبو هانا لفترة زمنية غير محددة في القصة..  شهور، أيام، أسابيع، سنوات.. القصة لا توضح شيئاًً.  ثم يفقد قدرته على الشم، وبطريقة عجيبة يجد الابن هانا علاج أبيه وتعود قدرة الشم له مرة أخرى. لأنه يوجد فلتر هو عبارة عن كتلة سوداء كانت تمنع الروائح من الوصول إلى أنف أبو هانا.

ملاحظات عن القصة:

·  قصة هانا الصغير قصة تناسب الكبار ولا تناسب الصغار.

·  ربما تتناول قصة الأطفال شخصية سلبية، طفل ما أو بطلها طفل أي بنت أو ولد، له تصرفات أو أفكار أو شخصية سلبية، والهدف منها أن يتعلم العكس، أي الأمر الإيجابي أو معرفة حل المشكلة بشكل إيجابي، لكن أن تكون في قصة الأطفال الشخصية الرئيسة شخص بالغ وسلبي، فهذا  أمر أشك في أنه أمر صحي لطفل يقرأ قصة شخص سلبي من بداية القصة حتى نهايتها، ولا يتم التعليق او حل لمشكلة السلبية في نهاية القصة. ماذا نريد من الطفل أن يتعلم؟ أن يقبل الفشل كأمر واقع؟

·  يوجد ارتباكات كثيرة في سرد الأحداث. وتسلسل الأحداث غير مقنع.

1- الزوجة تقنع زوجها بالبحث عن عمل. ثم نتفاجأ بأنه ذهب في يوم ولادتها للبحث عن عمل. معقول أن يترك زوج زوجته وهي في فترة يمكن فيها ان تلد بأية لحظة ويذهب للمدينة للبحث عن عمل؟

2- صدفة لقاء الياباني صاحب شركة عطور في مقهى للباطلين عن العمل غير مقنعة بتاتاً. ولو التقاه مثلاً بالصدفة في مكان يبحث فيه عن عمل، لكان أكثر إقناعاًُ. لماذا يشرب رجل أعمال قهوة في مقهى وليس في فندق أو شركة تسويق أو الخ.

3-  حوار مع الطبيب ونقاش ابنه في الحوار غير مقنع تماماً.

4-  ابنه عمره حوالي 8-11 سنة، لماذا انتظر أبو هانا لكل هذه المدة ليستشير طبيباً؟

·  الغموض في حوار الدكتور وأبو هانا قد يخيف الأطفال: فأمور الصحة والنتائج الغامضة التي قد تحدث أمور غامضة يصعب فهمها. البطالة تحدث دون تفسير للأطفال. المرض يحدث (فقدان ميزة الشم العجائبية) دون أي تفسير منطقي.

·  فكرة قدرة البطل على الشم في القصة جميلة جداً، وكان على الكاتبة تطويرها.

·  نهاية القصة كانت جميلة لأن ثمة دور إيجابي للإبن هانا، لأنه أنقذ أباه. وحتى السرد في الصفحة قبل الأخيرة من القصة كان جميلاً، يناسب قراءة القصة للأطفال. وكان التركيز على الكلمة: "هاتشه!" موفَّـقاً وفي محله. لكن نهاية القصة ليس هو الأهم في قصة الأطفال، بل ما نقوله طوال القصة أو المغزى.

·  المغزى من القصة. ما المغزى من القصة؟ هل هو البطالة؟ العمل؟ أهمية أن نلتقي بحياتنا شخص ياباني يحل مشاكلنا؟ أهمية امتيازنا بقدرة عجائبية ما تقلب حياتنا رأساً على عقب؟ أهمية أن نكون مثل الناس وغير مميزين مثلاً؟

·  مع ذلك هذه قصة جميلة تناسب الكبار فقط، لأن عالم الكبار قد يكون عالماً غير منطقي، وتافهاً، حياته بلا معنى ولا سبب. عالم لامعقول... صورة سيريالية غير مبررة وليس من الضروري تبريرها.. وهذا ما فهمته من قصة الصغير هانا.

·  رسوم الكتاب: جذبتني رسوم الكتاب. إجمالا رسوم جميلة موفَّقة. أعجبتني شخصية أبو هانا: لأنَّه ملتح ويعتمر طاقية تقليدية خاصة في هذا العصر، الذي يُشتبه فيه كل شخص مسلم، عربي أو شرقي لأنه ملتح!!! وكنت أتمنى لو كان بنطاله مرقَّعاً أو مثقوباً ولم يكن ممزقاً بشكل متعرجzigzag  هكذا، فهذه الموضة الهيبية لا تناسب شخصاً يعيش في الريف الفلسطيني.