تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ = 70

تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ = 70

مَنْهَجٌ فِي التَّأْليفِ بَيْنَ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ طُلّابِها ، بِوَصْلِ حَياتِهِمْ بِحَياتِها

[ تَعْليقَةٌ عَلى مَتْنِ " دَلائِلُ الْإِعْجازِ " لِعَبْدِ الْقاهِرِ الْجُرْجانيِّ ]

د. محمد جمال صقر

[email protected]

قالَ

قُلْتُ

اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ الْفاسِدَ وَالرَّأْيَ الْمَدْخولَ ، إِذا كانَ صَدَرُه عَنْ قَوْمٍ لَهُمْ نَباهَةٌ وَعُلوُّ مَنْزِلَةٍ في أَنْواعٍ مِنَ الْعُلومِ غَيْرِ الْعِلْمِ الَّذي قالوا ذلِكَ الْقَوْلَ فيهِ ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْأَلْسُنِ ، فَتَداوَلَتْهُ ، وَنَشَرَتْهُ ، وَفَشا ، وَظَهَرَ ، وَكَثُرَ النّاقِلونَ لَه وَالْمُشيدونَ بِذِكْرِه - صارَ تَرْكُ النَّظَرِ فيهِ سُنَّةً ، وَالتَّقْليدُ دينًا ، وَرَأَيْتَ الَّذينَ هُمْ أَهْلُ ذلِكَ الْعِلْمِ وَخاصَّتُه وَالْمُمارِسونَ لَه ، وَالَّذينَ هُمْ خُلَقاءُ أَنْ يَعْرِفوا وَجْهَ الْغَلَطِ وَالْخَطَأِ فيهِ - لَوْ أَنَّهُمْ نَظَروا فيهِ - كَالْأَجانِبِ الَّذينَ لَيْسوا مِنْ أَهْلِه ، في قَبولِه وَالْعَمَلِ بِه وَالرُّكونِ إِلَيْهِ ، وَوَجَدْتَهُمْ قَدْ أَعْطَوْهُ مَقادَتَهُمْ ، وَأَلانوا لَه جانِبَهُمْ ، وَأَوْهَمَهُمُ النَّظَرُ إِلى مُنْتَماهُ وَمُنْتَسَبِه ، ثُمَّ اشْتِهارُه وَإِطْباقُ الْجَمْعِ بَعْدَ الْجَمْعِ عَلَيْهِ - أَنَّ الضَّنَّ بِه أَصْوَبُ ، وَالْمُحاماةَ عَلَيْهِ أَوْلى ! وَلَرُبَّما - بَلْ كُلَّما - ظَنّوا أَنَّه لَمْ يَشِعْ ، وَلَمْ يَتَّسِعْ ، وَلَمْ يَرْوِه خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ ، وَآخِرٌ عَنْ أَوَّلٍ ، إِلّا لِأَنَّ لَه أَصْلًا صَحيحًا ، وَأَنَّه أُخِذَ مِنْ مَعْدِنِ صِدْقٍ ، وَاشْتُقَّ مِنْ نَبْعَةٍ كَريمَةٍ ، وَأَنَّه لَوْ كانَ مَدْخولًا لَظَهَرَ الدَّخَلُ الَّذي فيهِ عَلى تَقادُمِ الزَّمانِ وَكُرورِ الْأَيّامِ ! وَكَمْ مِنْ خَطَأٍ ظاهِرٍ وَرَأْيٍ فاسِدٍ حَظِيَ بِهذَا السَّبَبِ عِنْدَ النّاسِ ، حَتّى بَوَّؤوهُ في أَخَصّ مَوْضِعٍ مِنْ قُلوبِهِمْ ، وَمَنَحوهُ الْمَحَبَّةَ الصّادِقَةَ مِنْ نُفوسِهِمْ ، وَعَطَفوا عَلَيْهِ عَطْفَ الْأُمِّ عَلى واحِدِها . وَكَمْ مِنْ داءٍ دَويٍّ قَدِ اسْتَحْكَمَ بِهذِهِ الْعِلَّةِ ، حَتّى أَعْيا عِلاجُه ، وَحَتّى بَعِلَ بِهِ الطَّبيبُ !

لئن كان في حصول ذلك للناس عذر ، إن في حصوله للعلماء لذنبا عظيما !

ثم لقد تَمَثَّلَتْ لي الآن تماثيلُ الجاحظ والمتنبي والجرجاني وشاكر ، فرأيتُهُمْ أمة بعضها من بعض ، يوالون في الإتقان ويعادون ، ويُعَبِّرون بما يخرج من مشكاة واحدة !

إِذا أَبى أَنْ يَكونَ الْمُقْتَضِيَ وَالْموجِبَ لِلَّذي تَراهُ مِنَ النَّسَقِ ، الْمَعاني - وَجَعَلَه قَدْ وَجَبَ لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إِلَى اللَّفْظِ ، لَمْ تَجِدْ شَيْئًا يُحيلُ في وُجوبِه عَلَيْهِ الْبَتَّةَ - اللّهُمَّ - إِلّا أَنْ يَجْعَلَ الْإِعْجازَ فِي الْوَزْنِ ، وَيَزْعُمَ أَنَّ النَّسَقَ الَّذي تَراهُ في أَلْفاظِ الْقُرْآنِ ، إِنَّما كانَ مُعْجِزًا مِنْ أَجْلِ أَنْ كانَ قَدْ حَدَثَ عَنْهُ ضَرْبٌ مِنَ الْوَزْنِ يَعْجِزُ الْخَلْقُ عَنْ أَنْ يَأْتوا بِمِثْلِه . وَإِذا قالَ ذلِكَ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقولَ : إِنَّ التَّحَدِّيَ وَقَعَ إِلى أَنْ يَأْتوا بِمِثْلِه في فَصاحَتِه وَبَلاغَتِه ، لِأَنَّ الْوَزْنَ لَيْسَ هُوَ مِنَ الْفَصاحَةِ وَالْبَلاغَةِ في شَيْءٍ ؛ إِذْ لَوْ كانَ لَه مَدْخَلٌ فيهِما لَكانَ يَجِبُ في كُلِّ قَصيدَتَيْنِ اتَّفَقَتا فِي الْوَزْنِ أَنْ تَتَّفِقا فِي الْفَصاحَةِ وَالْبَلاغَةِ . فَإِنْ دَعا بَعْضَ النّاسِ طولُ الْإِلْفِ لِما يَسْمَعُ مِنْ أَنَّ الْإِعْجازَ فِي اللَّفْظِ - إِلى أَنْ يَجْعَلَه في مُجَرَّدِ الْوَزْنِ ، كانَ قَدْ دَخَلَ في أَمْرٍ شَنيعٍ ، وَهُوَ أَنَّه يَكونُ قَدْ جَعَلَ الْقُرْآنَ مُعْجِزًا ، لا مِنْ حَيْثُ هُوَ كَلامٌ ، وَلا بِما بِه كانَ كَلامٌ خَيْرًا مِنْ كَلامٍ .

في تجريد إعجاز النظم ، تجريد بطلان دعوى المعتزلة ، ولكننا إذا خلونا من تلك المحنة ، أحسنا تأمل حضور إيقاع تلك التراكيب ، في أثناء إعجاز نظمها . ولقد كنت انتويت أن أنشئ أنا وإخواني " جَمْعيَّة الموسيقا اللُّغَويَّة " ، لِتَتَخَرَّج فيها أعمال المُتَحَقِّقين بعلوم العربية وفنونها ، ولا يمتنع أن تتناول القرآن الكريم - فخَوَّفَني تلميذي النجيب الدكتور تامر عبد الحميد ، أن يسوء فهمُ ذلك كما ساء من قبل . وقد رأيت ألا مانع إذا خلصت لوجه الحق نية متأمل القرآن الكريم ، وتحركت بالإجلال أعماله ؛ فإنما الحق نريد ،  لا التنفير ، ولا التكفير !

هَبْ أَنَّه يَصِحُّ لَه أَنْ يَفْعَلَ ذلِكَ .

ها سيدنا ذا قد سد بالمصدر المؤول مسد مفعولي " هَبْ " ، على ما يُسْتَنْكر ! لكأنه تركيبٌ يفرض نفسه ؛ فلا نستطيع الهرب منه ، إلا أن نتعمد التهذيب !

تَتَأَيَّى الطَّيْرُ غُدْوَتَه ثِقَةً بِالشِّبْعِ مِنْ جَزَرِهْ

أهكذا ترسم ألف أمثاله ! أما نحن فنرسمها " تَتَأَيّا " .

هذِه كُلُّها عِباراتٌ عَمّا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ ، وَيُسْتَنْبَطُ بِالْفِكْرِ ، وَلَيْسَ الْفِكْرُ الطَّريقَ إِلى تَمْييزِ ما يَثْقُلُ عَلَى اللِّسانِ مِمّا لا يَثْقُلُ ؛ إِنَّمَا الطَّريقُ إِلى ذلِكَ الْحِسُّ .

بل هي عبارات عما لا سبيل للحسّ إلى تمييزه ، على حين يُسَلِّطُ الفكرُ الحسَّ إلى تمييز ما يثقل على اللسان !

اعْلَمْ أَنّا لا نَأْبى أَنْ تَكونَ مَذاقَةُ الْحُروفِ وَسَلامَتُها مِمّا يَثْقُلُ عَلَى اللِّسانِ ، داخِلًا فيما يوجِبُ الْفَضيلَةَ ، وَأَنْ تَكونَ مِمّا يُؤَكِّدُ أَمْرَ الْإِعْجازِ ، وَإِنَّمَا الَّذي نُنْكِرُه وَنُفَيِّلُ رَأْيَ مَنْ يَذْهَبُ إِلَيْهِ ، أَنْ يَجْعَلَه مُعْجِزًا بِه وَحْدَه ، وَيَجْعَلَهُ الْأَصْلَ وَالْعُمْدَةَ ، فَيَخْرُجَ إِلى ما ذَكَرْنا مِنَ الشَّناعاتِ !

ها سيدنا ذا قد آثر الإنصاف !

كانَ لَفْظُكَ بِه إِذا أَنْتَ لَمْ تُرِدْ ذلِكَ وَصَوْتًا تُصَوِّتُه سَواءً !

قد نُقِلَ عنه أنه بمعنى مع صوت ، ولكن " سَواءً " التي بمعنى " ... مُسْتَوِيَيْنِ " ، تحتاج لى أن يرتفع " صَوْتٌ " ، معطوفا على " لَفْظ " ، ليتطابق طرفا الإسناد !

اعْلَمْ أَنَّ ها هُنا أَصْلًا أَنْتَ تَرَى النّاسَ فيهِ في صورَةِ مَنْ يَعْرِفُ مِنْ جانِبٍ وَيُنْكِرُ مِنْ آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّ الْأَلْفاظَ الْمُفْرَدَةَ الَّتي هِيَ أَوْضاعُ اللُّغَةِ ، لَمْ توضَعْ لِتُعْرَفَ مَعانيها في أَنْفُسِها ، وَلكِنْ لِأَنْ يُضَمَّ بَعْضُها إِلى بَعْضٍ ، فَيُعْرَفَ فيما بَيْنَهُما فَوائِدُ . وَهذا عِلْمٌ شَريفٌ وَأَصْلٌ عَظيمٌ . وَالدَّليلُ عَلى ذلِكَ أَنّا إِنْ زَعَمْنا أَنَّ الْأَلْفاظَ الَّتي هِيَ أَوْضاعُ اللُّغَةِ ، إِنَّما وُضِعَتْ لِيُعْرَفَ بِها مَعانيها في أَنْفُسِها - لَأَدّى ذلِكَ إِلى ما لا يَشُكُّ عاقِلٌ فِي اسْتحالَتِه ، وَهُوَ أَنْ يَكونوا قَدْ وَضَعوا لِلْأَجْناسِ الْأَسْماءَ الَّتي وَضَعوها لَها لِتَعْرِفَها بِها - هكذا وكأن الصواب : لِنَعْرِفَها - حَتّى كَأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَكونوا قالوا : رَجُلٌ ، فَرَسٌ ، دارٌ ، لَما كانَ يَكونُ لَنا عِلْمٌ بِهذِهِ الْأَجْناسِ - وَلَوْ لَمْ يَكونوا وَضَعوا أَمْثِلَةَ الْأَفْعالِ لَما كانَ عِلْمٌ بِمَعانيها - حَتّى لَوْ لَمْ يَكونوا قالوا : فَعَلَ ، وَيَفْعَلُ ، لَما كُنّا نَعْرِفُ الْخَبَرَ في نَفْسِه وَمِنْ أَصْلِه - وَلَوْ لَمْ يَكونوا قَدْ قالُوا : افْعَلْ ، لَما كُنّا نَعْرِفُ الْأَمْرَ مِنْ أَصْلِه ، وَلا نَجِدُه في نُفوسِنا - وَحَتّى لَوْ لَمْ يَكونوا قَدْ وَضَعُوا الْحُروفَ ، لَكُنّا نَجْهَلُ مَعانِيَها ، فَلا نَعْقِلُ نَفْيًا وَلا نَهْيًا وَلَا اسْتِفْهامًا وَلَا اسْتِثْناءً ؛ كَيْفَ وَالْمُواضَعَةُ لا تَكونُ وَلا تُتَصَوَّرُ إِلّا عَلى مَعْلومٍ ! فَمُحالٌ أَنْ يوضَعَ اسْمٌ أَوْ غَيْرُ اسْمٍ لِغَيْرِ مَعْلومٍ ، لِأَنَّ الْمُواضَعَةَ كَالْإِشارَةِ ؛ فَكَما أَنَّكَ إِذا قُلْتَ : خُذْ ذلِكَ ، لَمْ تَكُنْ هذِهِ الْإِشارَةُ لِتُعَرِّفَ السّامِعَ الْمُشارَ إِلَيْهِ في نَفْسِه ، وَلكِنْ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ الْمَقْصودُ مِنْ بَيْنِ سائِرِ الْأَشْياءِ الَّتي تَراها وَتُبْصِرُها - كَذلِكَ حُكْمُ اللَّفْظِ مَعَ ما وُضِعَ لَه . وَمَنْ هذَا الَّذي يَشُكُّ أَنّا لَمْ نَعْرِفِ الرَّجُلَ وَالْفَرَسَ وَالضَّرْبَ وَالْقَتْلَ ، إِلّا مِنْ أَساميها ! لَوْ كانَ لِذلِكَ مَساغٌ فِي الْعَقْلِ ، لَكانَ يَنْبَغي إِذا قيلَ : زَيْدٌ ، أَنْ تَعْرِفَ الْمُسَمّى بِهذا الِاسْمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكونَ قَدْ شاهَدْتَه ، أَوْ ذُكِرَ لَكَ بِصِفَةٍ .

تنتمي فكرة سيدنا هذه الآن إلى علم اللغة النفسي ، الذي يفتش عن اللغة في تفكير الناطق والسامع ، كيف يقع بها التفاهم ؟ ولقد صرت أومن أن علم اللغة النفسي أحق بموضع علم أصول النحو مثلا ، إلا أن يُمَيَّزَ صراحة بين علم أصول النحو الذي هو علم أصول تفكير علماء النحو ، وعلم اللغة النفسي الذي هو علم أصول تفكير أصحاب اللغة ناطقين وسامعين ، وعندئذ يُصَفّى كُلٌّ منهما مما يخص الآخر .

إِذا قُلْنا فِي الْعِلْمِ بِاللُّغاتِ مِنْ مُبْتَدَأِ الْأَمْرِ أَنَّه - هكذا والصواب : إِنَّه - كانَ إِلْهامًا ، فَإِنَّ الْإِلْهامَ لا يَرْجِعُ إِلى مَعانِي اللُّغاتِ ، وَلكِنْ إِلى كَوْنِ أَلْفاظِ اللُّغاتِ سِماتٍ لِتِلْكَ الْمَعاني ، وَلِكَوْنِها مُرادَةً بِها ؛ أَفَلا تَرى إِلى قَوْلِه - تَعالى ! - : " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئوني بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ " ، أَفَتَرى أَنَّه قيلَ لَهُمْ : " أَنْبِئوني بِأَسْماءِ هؤُلاءِ " ، وَهُمْ لا يَعْرِفونَ الْمُشارَ إِلَيْهِمْ بِـ" هؤُلاءِ " ؟

لكن ثَمَّ فطرة لغوية عامة ، فطر الحق - سبحانه ، وتعالى ! - عليها الإنسان ، فأَهَّلَه لإدراك المعاني المفردة والقضايا المركبة والأفكار المعقدة والرسائل الكاملة - حتى إذا ما علَّمه أسماء المعاني المفردة ، ذهب يُرَكِّبها حتى بلغ بها الغاية !

ثم لقد بنيتُ لتلامذتي بالفرقة الثانية من كليتنا ، في مسألة الجامد والمشتق الصرفية ، تصورا عربيا إسلاميا ، أبني به لديهم وعيا لغويا جديدا ، وأهدم غفلة قديمة - فذكرت أن الحق - سبحانه ، وتعالى ! - علم آدم أسماء الأجسام التي سيعاملها ( حَجَر ، خَشَب ... ) ، ثم لما عاملها استحدث هو أسماء المعاني بفطرته اللغوية تلك التي فطر عليها ، وسواء أأخذ أسماء المعاني من أسماء الأجسام أنفسها ، كما في أخذ اسْتِحْجار ، وتَخَشُّب ... - أم أخذها من معاملة أسماء الأجسام ، كما في أخذ كَسْر ، وضَرْب ... .

ثمت شرحتُ لهم كيف تُوَلَّد الكلمات في العربية من المادة المعجمية ( تُشْتَقُّ ) ، عن طريق المصدر المعين ؛ فتولد كَسَرَ يَكْسِرُ اكْسِرْ كاسِرٌ مَكْسورٌ ... من ك س ر عن طريق كَسْر ، وتولد انْكَسَرَ يَنْكَسِرُ انْكَسِرْ مُنْكَسِرٌ ... من ك س ر كذلك ولكن عن طريق انْكِسار - أما اسْتَحْجَرَ يَسْتَحْجِرُ اسْتَحْجِرْ مُسْتَحْجِرٌ ، فمن ح ج ر عن طريق حَجَر ثم اسْتِحْجار - وكذلك طريقة توليد تَخَشَّبَ يَتَخَشَّبُ تَخَشَّبْ مُتَخَشِّبٌ ... ، من خ ش ب عن طريق خَشَب ثم تَخَشُّب ، لا كما يظن صرفيون أن التوليد هنا من أسماء الأجسام أنفسها مباشرة ، ويسمونه الاشتقاق من أسماء الأعيان .

ثمت لقد حظي هذا التصور برضا تلامذتي وقبولهم ، على رغم نشأتهم على النفور من تأمل بواطن الظواهر اللغوية ، ولا سيما أن غَلَبَ على أمرهم من قديم لغويون وصفيون ، حرموا عليهم تأمُّلَ نشأة اللغة !