كلب أبيض ذو بقعة سوداء لمحمود شقير

كلب أبيض ذو بقعة سوداء لمحمود شقير

موسى أبو دويح

كتب الأستاذ محمود شقير قصة قصيرة للأطفال بعنوان: " كلب أبيض ذو بقعة سوداء " من منشورات مركز أوغاريت الثقافي في رام الله سنة 2008م. وجاءت القصة في أربع وعشرين صفحة مصورة وإن كانت صفحاتها غير مرقمة.

بطل القصة كلب يعيش في أحد بيوت يهود في إحدى المستوطنات اليهودية في فلسطين. سئم الكلب الحياة في المستوطنة، وتمكن من الإفلات من رباطه والفرار إلى منطقة عربية، بل إلى القدس الشرقية التي فيها القبة المذهبة والمآذن و الصلبان وهي ما تسمى بالبلدة القديمة داخل السور، ثم وصل الكلب إلى حي خارج سور المدينة ونام تحت شجرة، فجاء ولد صغير يحمل رغيفا من الخبز فأطعمه إياه، وتجمع أطفال الحي حول الكلب وصاروا يلعبون.

تصور القصة حياة يهود، وما فيها من شقاء، حيث يعيشون تحت وطأة السلاح ليل نهار، فوصف الكاتب حارس المستوطنة بقوله: "لكنه لا يتخلى عن السلاح(البندقية) لحظة واحدة". وهذا هو الشقاء بعينه، فلا يشعر المغتصب ولا المنتهب ولا اللص بشئ من الطمأنينة والأمان، ولن يهدأ لهم بال ما داموا مغتصبين لأرض فلسطين، ولن ينسى أهل فلسطين فلسطينهم، مهما طال الزمن وتعاقبت السنون، فلا بد للحق أن يعود لصاحبه، ولا بد للباطل أن يزول. وصدق الله العظيم: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه، فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون". الأنبياء الآية 18.

لغة القصة مناسبة جدا للأطفال، بل أن هناك جملا في القصة تظهر وكأن المتحدث طفل من الأطفال، أي أن الكاتب تقمص شخصية الطفل وهو يكتب له هذه القصة. اسمعه يقول:

"الولد تحسس رأس الكلب" ولم يقل: تحسس الولد رأس الكلب.

وقال: "والرجل وضع للكلب طعاما" ولم يقل: وضع الرجل للكلب طعاما.

وقال: "والولد والبنت ذهبا إلى المدرسة" ولم يقل: ذهب الولد والبنت إلى المدرسة.

وقال: "الحارس معه بندقية" ولم يقل: مع الحارس بندقية.

وقال: "والكلب ركض مبتعدا" ولم يقل: ركض الكلب مبتعدا.

وقال: "والرجل ظل جالسا على المقعد" ولم يقل: ظل الرجل جالسا على المقعد.

وقال: "والحبل تمدد قريبا منه" ولم يقل: وتمدد الحبل قريبا منه.

وهكذا بدأ بالاسم أولا في كل هذه الجمل وفي غيرها أيضا ولم يبدأ بالفعل، أي بدأ كما يبدأ الأطفال. حيث يقدمون الاسم على الفعل في أغلب أحاديثهم.

وقال: "وكان في الساحة أولاد وبنات" بنفس طريقة الأطفال في الفهم والتعبير، مع أن الكاتب يعلم علم اليقين أن لفظة الأولاد تشمل الذكور والإناث وليست للذكور فقط. ولم يقل: وكان في الساحة بنون وبنات أو صبيان وبنات أو فتيان وفتيات؛ لأن الأطفال يعتبرون الأولاد ذكورا فقط والبنات بنات.

القصة رمزية موحية ومعبرة عن واقعنا الفلسطيني وعما نعانيه من غطرسة يهود، وتدل على تمسكنا بحقنا، حتى أطفالنا يعلمون ظلم يهود وعنجهيتهم ولكنهم لا يستكينون لهم. اسمع عائشة تقول لعصابة يهود الذين جاءوا يستردون الكلب: "أسامة ليس لصا، أنتم اللصوص".

وأخيرا لقد ختم الكاتب القصة بقوله: "بعد ذلك حل المساء، ولم يكن في الساحة أحد".

هكذا ختمها بخاتمة جيدة، مفتوحة، عامة، يستطيع كل طفل وكل راشد أن يتخيل النهاية التي تعجبه وترتاح إليها نفسه.