حساسية الروائي وذائقة المتلقي، من الكتب النفيسة عن عالم الرواية، للروائي عبد الباقي يوسف

clip_image002_3ccd0.jpg       clip_image003_c9849.jpg

الروائي عبد الباقي يوسف      ناصر الحسن

من أروع ما قرأت هذا الشهر عن فن الرواية كتاب ( حساسية الروائي وذائقة المتلقي ) للروائي عبدالباقي يوسف . فالكتاب مرفق مجاناً مع آخر إصدار للمجلة العربية التي بلغت قيمتها خمسة ريالات !! حقيقة كان ثمن بخس حتى أني شككت في السعر وطلبت من موظف الكاشير التأكد من السعر ، وبالفعل أكد لي ذلك ..!

يستهل الكاتب تعريفه للرواية بقوله:

الرواية هي الحبيبة وهي الأم التي تنتظر أولادها ليعودوا من العمل متعبين فيرتاحوا على صدرها ويرضعوا حليبها ، الأم الأبدية التي دوماً تنتظر أولادها في سكنهم الآمن.

ثم يضيف في عنوان هامشي ( عالم الرواية ):

نحن لا نحتاج أن نقرأ رواية لمجرد أننا نرغب في قراءة رواية إننا نحتاج إلى رؤية رواية جديدة ، ذلك لأن الرواية معنية بفتح عالم جديد أمام قارئها.

الرواية التي لا تحمل بين غلافيها شمسا وقمراً ، ونجوماً ، وبحاراً، وصيفاً، وربيعاً، وخريفا، وشتاءً كثير عليها أن تحمل اسم رواية.

الرواية تحمل عبق الإنسان ، تحمل رائحته الزكية، إنها أكثر الحلات صفاءً وانسجاماً مع تفاصيل الحياة.

ثم ينتقل إلى هيمنة فكرة الرواية وكيف أن الفكرة تشغل بال الروائي عن النوم وتلح عليه بل لا تطلق سراحه عن الخروج من البيت احتفاء بعثوره على جملة مضبوطة يمكن أن يبدأ بها فصلاً من رواية جديدة، وكأن الفكرة تنطق وتقول:

لست أنت من يريد أن يكتبني ويرويني، ولكن أنا من أكتبك وأرويك وأقدمك.

يقول في صفحة 18 من الكتاب:

تتشكل خيوط الرواية لتؤرخ إنساناً في موقف ، تؤرخ موقفاً في إنسان، تؤرخ المجد وكذلك تؤرخ الفشل ، كل هذه الصيحات الروائية المدوية في عالم الإبداع الأدبي هي دموع تنهمر من ضمير الإنسان ومن روحه ، تحاول أن تلفت النظر إلى رؤية هذا الإنسان، إلى اللحظات القصيرة التي تحمل أحداثاً لا يلتفت إليها أحد، أجل فإن وظيفة الرواية تكمن في مقدرتها على أن تجعلك تلتفت لوقائع مرت وفاتك أن تتأملها وهي بذلك تمنحك هذه الفرصة الذهبية مجدداً.

الواقع أن الموهبة لوحدها لا تكفي ليقدم الموهوب رواية جيدة ولكن ثمة تفاصيل لا يراها ولا يلمسها ولا يحياها إلا المبدع نفسه ، ثمة أسرار لا تنكشف إلا أمام روح المبدع ذاته إنه يمتلئ بالعالم والحياة مع كتابة كل صفحة جديدة.

إن الرواية هي هواه الوحيد وعندما يبعد عنها يشعر بأنه خسر العالم برمته لذلك يهرع عائداً إليها بحرقة وألم وهو ينفجر ندما على تركه لها فيقدم لها الاعتذار ويطبع على جبينها قبلات ساخنة.

ينتقل بعد ذلك إلى قضية التأليف والربط بين المؤِلف والمؤلَف ويعبر عن المؤِلف بأنه قادر على أن يؤلف بين عشرة أشخاص من الواقع في شخصية واحدة يقدمها روائيا وأن المؤلف هو فنان في تأليف شخصية من عدة أشخاص دون التشتت ويصبها في قالب واحد وبذلك تكون متماسكة دون تمييز بأنها من لبنات عدة.

يقول في صفحة 22:

يُظن أحياناً أن كتابة رواية متميزة مقترنة بخصوبة خيال كاتبها الذي عليه أن يكون خيالياً بامتياز حتى ينجح في إبداع شخوصه . حتى أن الفن ذاته يكون مقترناً بقوة الخيال ، فأن يقال هذا مؤلف يعني أنه فنان، وأن يقال: إنه فنان يعني أنه يبني عمله بلبنات من خيال. في الماضي كنا نرى كلمة ( تأليف ) على أغلفة الأعمال الروائية والقصصية ، ولكن في وقتنا تكاد تختفي تلك الكلمة، ويكتفي المؤلف أن يضع اسمه دون أن تسبقه كلمة تأليف، بل إن البعض ينحرج إذا وضع هذه الكلمة جوار اسمه. وفي حقيقة الأمر فإن هذه الكلمة هي الأكثر تعبيراً عن مهمة الروائي والقصصي.

ينتقل بعد ذلك إلى الأسطورة والرواية وكيف أن الرواية اعتمدت في بعض مراحلها على توظيف الأسطورة.

 أصداء الشخوص الروائية

بعدها ينتقل إلى أصداء الشخوص الروائية ويحكي عن كل شخصية بأنها متشكلة في أعماق الروائي وجميع الشخصيات أبطال .. لأن الرواية تعتمد على الأشخاص ، فهو من يحاورهم وهو من يستخرج لآليء وشذرات فلسفية وحكمية لذلك يقول في ص 30 :

إن كل كنوز العالم تعجز أن تهبك سنة واحدة، ولكن ثمة كتب تقرأها تهبك خمسين سنة من الحياة في خمس ساعات قراءة.

زخم هي أحاسيس الإنسان ، بنك لا ينفد. مترع بالمشاعر الجياشة، خصوصا حين يكون نقي الفطرة ، فهو أقرب إلى الوليد ، فحين تبتسم له يبادلك الإبتسامة ، وحين تعبس في وجهه يطلق صراخه طالبا النجدة من أمه. ما أروعها والله من مشاعر مرهفة لا تعرف الكراهية أو الحقد ، أوالنقد! ذلك النقد الذي هو بمثابة أشفار الجزارين ، يكفيك فقط حين يمر بها على سطح مشاعرك ، ليترك أثاراً بالغة عصية على الاندمال.أحيانا تنفر من أشخاصا بالفطرة ، لا يعني أنهم سيئوا الطباع ، ولكن طريقتهم في النقد تشعرك بالقرف! لقلة اللباقة ، وعدم المهارة في إصدار التقييم.

" النقد " عرفّوه بأنه التمييز بين الجميل والقبيح ، ومن شروط الناقد سلامة الذوق ، وليس هناك معيار دقيق لقياس " السلامة " ولكن كلما كانت الفطرة أنقى كان الذوق أصفى ، ومهما بلغ الناقد في مدارج النقد يظل أقل مرتبة ، وأقل حظاً من المبدع . فالناقد لا يستطيع التحرك إلا إذا حلق المبدع ، كعربة الحصان. فهو في نوم وكسل دائم . لذلك حين ينقد فهو يحدث صريرا نزقا كمفاصل باب صدئ ، وفي أحسن الأحوال يتحول إلى هزل جارح ، وهذا الكلام لا ينطبق على كل النقاد ، بل على بعضهم.

يكاد يجمع النقاد على أن كل فن إبداعي عصي على التعريف . لذلك" الإبداع " لا يخضع لشروط ثابتة ، بل هو الذي يكسّر الحواجز التي وضعها النقاد ويحلق إلى سجف أرحب.

رهافة الحس عند الروائي قد لا تجدها في أبطال شخصياته، فقد يكون الروائي يعاني في حياته اليومية من فرط حساسيته . لذلك يحاول التخلص من تلك العقدة بخلق شخصيات معقدة التركيب، غير متصالحة مع ذواتها . الاستفزاز الذي يعانيه الروائي كل يوم في واقعه قد يترك إنطباعاً قاسياً على ذاته حد الانتحار!

ينقل الكاتب عبدالباقي في نفس الكتاب صفحة 144 عن الروائي الياباني يوكيو ميشيما قبل انتحاره:

( أريد أن أجعل من حياتي قصيدة ) وبعد انتحاره نستخرج جملة هامة من سيرته: ( اعترافات قناع ) هي:

كانت تصيبني الرعشة مع لذة غريبة حينما كنت أفكر بموتي، كنت أشعر أنني ملكت العالم بأسره ).

" الحساسية " هي شكل من أشكال التأزم النفسي ، ولا يفرق بين رجل أو إمرأة ، وبين كبير أو صغير ، وبين روائي وقائد كتيبة ، إلا أن الفرق بينهما أن الأول يخلق في خياله كل شخصياته ثم ينتحر ! والثاني حين يتعرض للهزيمة يعدم كل جنود كتيبته حتى إذا ماتوا عن آخرهم أقدم على الانتحار.

تطرق الكاتب إلى كل تقنيات السرد خصوصا عند أكابر الروائيين في العالم مثل ماركيز ، ميلان كونديرا ، المركيز دو ساد ، همنغواي ، فرانز كافكا ، يوكيو ميشيما وغيرهم .. وفي كل شخصية كان يقف على سيرة حياته ، والمواقف المؤلمة التي مر بها . لذلك كانت هناك حساسية مفرطة لدى بعض الروائيين على سبيل المثال الروائي المعاصر غابرييل غارسيا ماركيز الذي أحب في زمن الكوليرا والذي يتجنب الموت لشخصياته ويعلق قائلا على ذلك:

أنا لا أخلق شخصياتي ليموتوا .. أخلقهم ليعيشوا .

تقول ( مرسيدس ) زوجة ماركيز بأنه في رواية ( لا رسالة لدى الكولونيل ) أطلق صراخاً ثم هرب من غرفته شاحباً مرتعداً ، وعندما سألته عما حدث .. أجاب بارتباك كمن عاد للتو من اقتراف جريمة مروعة :

لقد قتلت الكولونيل الآن . ص 135

هذا المقطع المروع الذي كتبه ماركيز يدل على فرط حساسيته وتعايشه مع شخصياته حد الامتلاء . أتذكر أني قرأت مقابلة مع الكاتب عبده خال والذي تطرق إلى إحدى شخصياته في رواية ( فسوق ) كان يذهب إلى مقبرة جدة ويحاول تخيل المنظر الذي سيكون عليه ذلك الشخص في روايته حتى أنه قال بما مضمونه:

كتبت هذا المقطع عشر مرات وفي كل مرة كنت أذهب إلى المقبرة وأركل الأرض أتخيل نفسي تلك الشخصية .. وهذا واضح لمن قرأ رواية (فسوق ) سيجد ذلك جليا في الفصل الأخير من الرواية.

أعود إلى الكاتب عبدالباقي الذي قسّم كتابه إلى ثلاثة فصول وخاتمة. ففي الفصل الثاني من الكتاب استهله بهذه المقدمة:

عندما نقرأ قصة قصيرة فإننا نشعر بأننا تعرفنا على فكرة، أو على منظر ، أو على لقطة ذكية، أو على موقف. وعندما تقرأ قصيدة نشعر بأننا عرفنا شيئاً من دفق حميمية المشاعر الإنسانية، وعندما نقرأ مسرحا نشعر بأننا عرفنا شيئاً من طبيعة العلاقات الإنسانية المتداخلة ، وعندما نقرأ الفكر ، نشعر بأننا عرفنا بعض وجهات النظر الجديدة. وعندما نقرأ الفلسفة، نشعر بأننا عرفنا شيئاً جديداً من تأويل التراث الفكري البشري. ولكننا عندما نقرأ الرواية، نشعر بأننا تذوقنا كل هذه المعارف وأشكال وألوان الآداب والفنون، نشعر بأننا ندخل إلى بلاد جديدة لم ندخلها من قبل ، ولذلك فإن قراءة كل رواية هي بمثابة دخول بلد جديد، بمثابة التعرف على شعب جديد لم نعرفه من قبل، ... بمثابة واقع لم يثر انتباهنا من قبل... الرواية الجيدة هي تلك التي تستطيع أن تحقق لقارئها كل هذه الميزات، وإن لم تتمكن فإنها تكون رواية أقل من مرتبة الجيدة. ص 102

لعل أفضل شيء أثاره الكاتب في كتابه وبما يتوافق مع عنوانه هي قضية الروائي فرانز كافكا والمركيز دي ساد. فلقد عانا كل منهما منذ صغره .. لذلك تجسدت كثير من آلامهما على أعمالهما . ينقل الكاتب شذرات جميلة من مذكراتهما .. فينقل على سبيل المثال عن كافكا قوله:

أيام البؤس والشقاء تحرّض على الخلاص وتولد نزعة غامضة في النفس.

لا حياة مع الحرمان ووخزات الألم، تتحول الحياة إلى جحيم حينما يسخر الجميع منك، أنت وحدك ولأنك مريض ، لأنك متواضع، لأنك لست جشعاً يُنظر إليك كحشرة غير مرغوب فيها.

إن المجتمع يرفضك، ومن الطبيعي أن تبادله هذا الرفض، تسخر منه بطريقتك الخاصة ، وتصبح شاهداً على سلبيته وعنجهيته، وتشعر بإحراج كونك تعيش معه في فترة زمنية واحدة. ولأنك إنسان تقبل أن تكون الضحية، وتندفع نحو الموت اختصاراً لمزيد من الحرج الذي يسببه لك عيشك في عمق هذا المجتمع الذي يرفضك، وتبادله الرفض . لا شيء يبعث على الأمل بهؤلاء ، وأنت إلى متى تعيش في قاعك المظلم ، عليك أن ترقد ولا تفتح عينيك إلى الأبد. لا شيء يستحق أن تفتح عينيك من أجله. لقد لوثوا حتى الطفولة التي كنت تعقد آمالاً عليها. أي قسوة هذه.

يعلق الكاتب عبدالباقي على كلام كافكا بقوله:

نثق بأنه كان سينتحر قبل بلوغه العشرين وهو يحمل كل هذه الحساسية تجاه مجريات ووقائع الحياة التي يعيشها. ص 110

أما عن حساسية المركيز دي ساد فترتكز على قضيتين أساسيتين:

أولهما حياته الحافلة بالضعف والآلام من قسوة أمه التي ولّدت لديه نزعة العنف الجنسي تجاه المرأة ، والثانية القلق والتوتر خصوصا أنه شهد أحداث الثورة الفرنسية بالإضافة إلى سجنه ثمانية عشر عاما.

لذلك تلقى بعض النقاد أعماله بالقرف والاشمئزاز ، واعتبروا أعماله هلوسات ووثائق إجرامية.

ينقل الكاتب رأي " فرويد " عن السادية في صفحة 125 :

أن السادية تقوم بدور معين حتى في العلاقة السوية، وتسمى انحرافا حين تستبعد الأهداف الأساسية ، وتفلح السادية في الاستعاضة عنها بهدفها الخاص. وهي تحمل مثالاً رائعاً لالتحام غرائز الشهوة بالعدوانية.

إذن فالسادية نزعة فطرية في الإنسان إذا لم تحيد عن الهدف على حد زعم " فرويد ".. ولكن أعمال الماركيز ساد واضح أنها حادت عن الجادة خصوصا في أشهر أعماله ( أيام سادوم )..

يختم الكاتب كلامه عن " ساد " بقوله:

ليس بوسعنا أن نفهم " سادية " ساد الحقيقية التي ينشدها إلا بقراءة آثاره وعند ذاك ندرك كم أن ساد نفسه ليس ( ساديا ) بالمعنى الذي يرد بكثرة في معظم المناسبات بشكل يكاد يكون عابراً . ص 126

نلاحظ أن الكاتب حين تطرق إلى أعمدة الرواية في العالم فإنه ارتكز على مذكراتهم وليس رواياتهم ، فمن الخطأ إسقاط النص على الناص ، وهذا ما يصر عليه عامة الناس ومن ليس له دراية بالرواية. فالمذكرات هي بمثابة إعتراف من الكاتب على نفسه ، وهي أصدق المشاعر الإنسانية ، خصوصا وأنها تكتب بحساسية عالية وصادقة. وليس من الغريب أن تجد صراعاً محتدما بين ذات الراوي والموت، لذلك كان البعض يقتل أبطال شخوصه الروائية بخلاف الأفلام السينمائية الحديثة التي تميل مع رأي الجمهور بالنهايات السعيدة.

      الرواية النسوية

خصص الكاتب في الفصل الثالث من الكتاب عن الأدب النسوي ، وهذا المصطلح قد لا يتفق عليه بعض النقاد! إلا أنه برر سبب التسمية باختلاف تركيبة المرأة عن الرجل من الناحية النفسية والجسدية ، وأن المرأة مختلفة عن الرجل في أحاسيسها تجاه زوجها فهي تخشى وتغير عليه حتى لو كان في السبعين من عمره. وأن الفوارق عند الرجل والمرأة لا تكتمل إلا بوجود الآخر .

أنتقى الكاتب شخصيات مهمة في عالم الرواية مثل " آغاثا كريستي " وقضية انفصالها عن زوجها ودخولها مصحة نفسية، وزواجها بمهندس يعمل في العراق. كل هذه المحطات في حياتها جعلها تكتب عن كل التفاصيل التي عاشتها ، وتركت آثاراً عنيفة على أحاسيسها. ولكنها تغلبت على كل تلك الأزمات حتى لقبت ب ( الملكة الثانية للإمبراطورية البريطانية ).

أيضا الروائية السوداء " توني موريسون " التي ذاقت طعم الاضطهاد والتمييز العنصري ، إلا أنها غدت داعية للسلام في العالم، حتى حصلت على جائزة نوبل. يقول الكاتب في ص 189:

رغم مشاهد العنف التي تصورها في رواياتها، يشعر القارئ بأنها تكتب بقلب أبيض، وتدعو إلى تصحيح الأخطاء التاريخية، لأن الإنسان بوسعه أن يفتح صفحات جديدة في علاقة إنسانية جديدة... إلى أن يقول تستخدم في بعض مراحل الكتابة لغة شاعرية بالغة الرهافة حتى وهي تعالج موضوع التفرقة العنصرية.

وفي خاتمة الكتاب تطرق إلى إرشادات للقارئ تعينه على القراءة ولفتح شهيته وذائقته لأي كتاب . تبقى مسألة الذائقة تختلف من شخص لآخر بحسب طبيعته وبيئته ، وتركيبته النفسية لذلك قالوا:

لا مصالحة ولا مصادمة في الأذواق.

لا أريد أن أطيل أكثر وأحرم القارئ متعة القراءة ، سأكتفي بهذه الشذرات المختارة والساحرة من الكتاب.

وسوم: العدد 630