إخبار بتصحيح نسبة أشعار
هذا مقالٌ أتناولُ فيه ما حصل خطأٌ أو سهوٌ في نسبته إلى غير قائله، وأكثرُ الأخطاء تأتي مِنْ تمثُّل أحدٍ بشعرٍ ما فيَظنُّ السامعُ أو الناقلُ أنه له، ومِنْ سهو فكرٍ، أو قلمٍ، وهذا يدعونا إلى ضرورة التثبت من النسبة، وعدم الاكتفاء بالظاهر.
وفيما يأتي (24) مثالاً على ذلك:
1- قال الصفدي في "الوافي بالوفيات" (6/ 342) في ترجمة عثمان بن عمر بن ناصر الأنصاري (ت: 687هـ بدمشق):
"وأورد له ابنُ الصقاعي شعراً:
صن النفسَ واحملها على ما يزينُها" في ستة أبيات.
قلت: لا يصح هذا، فهذه الأبيات مذكورة قبل هذا التاريخ، ذكرها ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" في ترجمة الشافعي (43/ 11)، فانظره.
♦♦♦♦
2- وفي "الغرر السوافر" للزركشي بتحقيق مرزوق علي إبراهيم صـ 39:
"فسرْ في بلاد الله والتمس الغنى *** فما الكَرَج الدنيا ولا الناس قاسمُ". ا هـ مصححاً
وقال المحقق:
"نسبه ابنُ عبد ربه في العقد الفريد (2/ 38 - 39) لأبي دلف...".
قلت: وهذا غريب جداً، فإن أبا دلف - كما في النص المنقول - قال للمأمون عن نفسه: "ولكني الذي يقولُ فيه ابن أخيه"، وهذا نصٌّ صريحٌ على أن البيت لابن أخي أبي دلف.
♦♦♦♦
3- وقال ابن الملقن في "العقد المذهب في طبقات حملة المذهب"[1] صـ 158، في ترجمة قاضي القضاة بحلب: يوسف بن رافع (بهاء الدين ابن شداد الحلبي) (539 - 632هـ):
"ومن شعره:
إنَّ السلامة من ليلى وجارتها *** لا يمر على حالٍ بواديها" ا.هـ. مصححاً.
قلت: والبيت أورده ابن الجوزي (510 - 597هـ) في كتابه "كشف المشكل من حديث الصحيحين"[2] (2/ 105) قائلاً:
"فما الدنيا إلا كما قيل:
إن السلامة من سلمى ...".
فهل البيت لابن شداد حقاً، واستشهد به ابنُ الجوزي في حياة قائله؟!
وقال الصفدي في "أعيان العصر" (2/ 71) في ترجمة الملك المظفر ركن الدين البرجي الجاشنكير المنصوري: "كان أبيض أشقر مستدير اللحية أزهر، فيه عقل موفر الأقسام، ودين لا يدعه يقع في محظور ولا حرام. يتجنب الفواحش ويحاذيها، ويقول:
إنّ السلامة من ليلى وجارتها *** أن لا تمرّ بوادٍ من بواديها"
وظن بعضُهم أن الصفدي نَسب البيت إليه، وليس كذلك، ومعنى قول الصفدي أن حاله يقول كذا.
والبيت تمثّل به الأستاذُ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - في تعليقاته على "رسالة المسترشدين" [3] صـ 179، ونصه:
"إن السلامة من سلمى وجارتها *** أن لا تمر على حال بواديها".
ولم يعين قائله، وإنما اكتفى بقوله: "وقد صدق القائل البصير".
♦♦♦♦
4- ونسب السخاوي في "الضوء اللامع" (9/ 219)، والشوكاني في "البدر الطالع" صـ 773 إلى العلامة محمد بن محمد العيزري الغزي الشافعي (ت: 808هـ) هذين البيتين:
عدوُّك إما معلنٌ أو مكاتمٌ
وكلٌّ بأن تخشاه أو تتقي قمِنْ
وزد حذراً ممن تجدهُ مكاتماً
فليس الذي يرميك جهراً كمَن ْكمِنْ
أقول: والبيتان في "الوافي بالوفيات" (22/ 172) لأبي الفتح علي بن محمد البستي (ت: 401هـ)، ونصهما فيه:
عدوُّك إما معلنٌ أو مكاتمٌ
فكلٌّ بأن يُخشى وأن يُتقى قمِنْ
فكن حذراً ممن يكاتمُ أمرَهُ
فليس الذي يرميك جهراً كمَنْ كمِنْ
والظاهر أن العيزري تمثل بهما فظُنّا له.
♦♦♦♦
5- وقال السيوطي في "تاريخ الخلفاء" صـ 678 في ترجمة المستنجد بالله (ت: 566هـ):
"ومن شعره:
عيرتني بالشيب وهو وقارُ
ليتها عيَّرتْ بما هو عارُ
إن تكن شابت الذوائبُ مني
فالليالي تزينها الأقمارُ".
وعلق المحققُ بقوله: "البيتان في "تاريخ الإسلام" (29/ 257 - 258)".
قلت: لا تصح هذه النسبة، فالبيتان ذكرهما الباخرزي (ت: 467هـ) في كتابه "دمية القصر" (1/ 243 - 244) في ترجمة أبي عبد الله الزنجفري (ت: بعد سنة 440هـ) وفيه:
"عيرت بالمشيب". و"تشيبها" بدل: "تزينها".
وللزنجفري ترجمة في "تاريخ بغداد" (2/ 338)، و"اللباب" (1/ 509).
♦♦♦♦
6- وقال السيوطي في كتابه "تحفة الأديب في نحاة مغني اللبيب" (1/ 397 - 398) في ترجمة الزمخشري (467 - 538هـ):
"وقال الزمخشري - أورده الصلاح الصفدي في تذكرته -:
قطعتُ الأرضَ في شهري ربيع
إلى مصر وعدت إلى العراقِ
فقال لي العذولُ وقد رآني
سبوقاً للمطهمة العتاقِ
ركبتَ على البراق فقلتُ: كلا[4] ولكني ركبتُ على اشتياقي".
قلت: لا يصح هذا، وقد نسبها الباخرزي (ت: 467هـ) إلى الوزير أبي القاسم المغربي. انظر: "دمية القصر" (1/ 115 - 119) ط التونجي.
ونُسِبتْ إلى القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي. انظر: "ديوانه" صـ 53.
♦♦♦♦
7- وقال ابن طولون في "الفلك المشحون" صـ 151:
"أنشدني الشيخ أبو الفتح المغربي المالكي لنفسه ارتجالاً فقال:
احرصْ على جمع الفضيلة جاهداً
وأدم لها تعبَ القريحة والجسدْ
واقصد بها وجه الإله ونفعَ مَنْ
يأتيك ممنْ جدَّ فيها واجتهدْ
واترك كلامَ الحاسدين وبغيهم
هملاً فبعد الموت ينقطعُ الحسدْ"
وهذا خطأ، والأبيات ليست له، وهي لابن دقيق العيد (ت: 701هـ). انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى" (9/ 227).
وقد ذكرها السيوطي في آخر كتابه "الإتقان" (6/ 2456)، وفي رسالته "اليد البسطى في تعيين الصلاة الوسطى" (2/ 46 من "عشر رسائل في التفسير وعلوم القرآن" للسيوطي)، ولم يعين القائل، ولكن يفيد هذا كذلك أنَّ نسبتها إلى أبي الفتح المغربي هذا خطأ.
♦♦♦♦
8- وقال الغزي في كتابه "الكواكب السائرة" (1/ 76) في ترجمة محمد الجلجولي (ت: 910هـ):
"ومن كلامه:
حياكم الله وأحياكم
ولا عدمنا قط رؤياكم
ولا حضرنا مجلساً بعدكم
محسناً إلا ذكرناكم".
وقد وردا في ترجمة علي بن عثمان الرفاعي المتوفى سنة (584هـ) في كتاب "جلاء الصدا في سيرة إمام الهدى" لابن جلال اللاري (من أهل القرن التاسع)، وهو مخطوط (انظر الصفحة 241 من نسخة السيد شاكر آل غلام السامرائي).
♦♦♦♦
9- وقال المرادي في "سلك الدرر" (3/ 11) في ترجمة الشيخ عبد الرحيم بن مصطفى الشهير بابن شقيشقة الدمشقي الحنفي المتوفى سنة (1173هـ):
"وله من الشعر قوله:
اصبرْ لكل مصيبةٍ وتجلدِ
واعلمْ بأنَّ المرء غير مخلدِ
وإذا أصبتَ مصيبةً ترزى بها
فاذكر مصابَك بالنبيِّ محمّدِ".
ونقل هذا الباحثُ العربي الدائز الفرياطي في كتابه "الإمام عبد الله بن سالم البصري المكي" ص122.
قلت: هذا خطأ، والبيتان لأبي العتاهية في أكثر من مصدر؛ منها "بهجة المجالس" لابن عبد البر، ومعها بيتان آخران، وهي:
اصبرْ لكل مصيبةٍ وتجلدِ
واعلم بأن المرء غير مخلدِ
أوما ترى أن المصائبَ جمة
وترى المنيةَ للعباد بمرصدِ
مَنْ لم يُصب ممن ترى بمصيبةٍ؟
هذا قبيلٌ لستَ فيه بأوحدِ
وإذا أتتك مصيبةٌ تشجى بها
فاذكر مصابَك بالنبيِّ محمّدِ
♦♦♦♦
10- وجاء في "حاشية الباجوري" على "السنوسية" صـ 42 بيتان نسبهما المؤلف إلى الزمخشري (ت: 538هـ)، وهما:
صفت الدنيا لأولاد الزنا
ولمنْ يُحْسِنُ ضرباً أو غنا
وهي للحُرِّ مخاضٌ كدِرٌ
غُبِنَ الحرُّ - لعمري - غُبنا
أقول: وقد رأيت البيت الأول في كتاب متقدم، وهو "عقلاء المجانين" لأبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المتوفى سنة (406هـ)، أي قبل ولادة الزمخشري. فقد جاء فيه صـ 85 - 86:
"أنشدني أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الأديب ببوشنج:
صفت الدنيا لأولاد الزنا
ولمنْ يُحْسِنُ عزفاً وغنا
وأخو الآداب في آدابهِ
خلف باب الدار...في الإنا".
فالبيتُ الأول ليس للزمخشري قطعاً.
♦♦♦♦
11- وقال الصيادي في كتابه "فصول الحكماء" صـ 72، في ترجمة الشيخ عبد القاهر السهروردي (ت: 563هـ)
"ومن شعره بيتٌ مفرد:
تالله ما طلبوا الوقوفَ ببابه *** حتى دُعوا وأتاهمُ المفتاحُ".
والبيت من قصيدة ليحيى السهروردي المقتول سنة (587هـ). انظرها في "وفيات الأعيان" (6/ 271-272) و"إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء" للطبّاخ (4/ 281)، وهو ينقل عنه مؤيداً، ومطلعها:
أبداً تحن إليكم الأرواحُ *** ووصالُكم ريحانُها والراحُ
♦♦♦♦
12- وقال الكتاني في كتابه "سلوة الأنفاس" (2/ 249) في ترجمة الشيخ علي بن أحمد الدوار الصنهاجي (ت: 947هـ):
"وله أيضاً أبيات تنسب إليه وهي:
الموت أفنى مَنْ مضى
والموت يفني مَنْ بقي
والموت يجمعُ في الثرى
بين المنعَّم والشقي
يا مَنْ أسا فيما مضى
كن محسناً فيما بقي"
قلت: وقد ورد البيتان الأولان في "بستان الواعظين" لابن الجوزي المتوفى سنة (597هـ)، فلا يمكن نسبتهما إلى الصنهاجي، ويظهر أنه تمثّل بهما.
♦♦♦♦
13- وقال الزمخشري -كما في إجازته الثانية إلى الحافظ السِّلفي التي أوردها السيوطي في "تحفة الأديب" (1/ 387) -:
ألا يا مستعير الكُتْب دعني
فإنَّ إعارة المكتوب عارُ
فمعشوقي من الدنيا كتابي
وهل أبصرتَ معشوقاً يعارُ؟
وقد عُزِيَ هذان البيتان على ظهر مجموعٍ مخطوطٍ ملكه الأديبُ جميل العظم (ت: 1352هـ) إلى سعد الدين التفتازاني، ومعهما بيتان للسيد الشريف الجرجاني جواباً عليه كما في "الصُّبابات فيما وجدته على ظهور الكتب من الكتابات" ص 119، ولكن الزمخشري يصرِّح أن البيتين له ويكون التفتازاني قد تمثّل بهما. وانظر: "الكتاب بين الإعارة والاستعارة" ص26-27.
♦♦♦♦
14- وقال ابن زيدان في كتابه "إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس" (4/ 274 - 275) في ترجمة محمد بن خليفة، التونسي الأصل، المدني الدار، المغربي الرحلة والجوار، المكناسي الإقبار (ت: 1313هـ):
"ومن شعره معارضاً قول مَنْ قال:
ألا يا مستعير الكتب دعني
فإن إعارتي للكتب عارُ
فمحبوبي من الدنيا كتابي
وهل أبصرت محبوباً يعارُ
-ومن خطه نقلت-:
ألا يا مالكاً للكتب عِرْها
فما بإعارةٍ للكتب عارُ
لئن أحببتَ مِنْ دنيا كتاباً
فمحبوب الأحبة قد يُزارُ
وقول مَنْ قال:
لا تعيرن كتاباً
واجعل العذرَ جوابا
واقبض الرهن عليه
إنَّ في الرهن صوابا
بقوله:
عِرْ إلى الخل كتاباً
لا يكُ العذرُ جوابا
واترك الرهنَ عليه
لا ترى في ذا صوابا
فإذا خالفتَ قولي
أنت ضيَّعت الصوابا".
قلت: ومن الواضح أن: "ألا يا مالكاً للكتب" و"عر إلى الخل" هي للتونسي هذا، ولكن فيليب طرازي عكس الأمر تماماً، وجعل البيتين الأولين: "ألا يا مستعير" للتونسي، ونَسَبَ بيتي التونسي لشاعرٍ لم يسمّه!
انظر: "خزائن الكتب العربية في الخافقين" (3/ 927)، وهو ينقل عن "إتحاف أعلام الناس"!!
♦♦♦♦
15- وجاء في كتاب "زبيد: مساجدها ومدارسها العلمية في التاريخ" للأستاذ عبد الرحمن بن عبد الله الحضرمي، وقد ذكَرَ أبا إسحاق إبراهيم بن مهنا بن محمد بن مهنا (المتوفى سنة 747هـ) صـ 181:
"روى له الجندي هذين البيتين المشهورين:
نروح ونغدو بحاجاتنا
وحاجات مَنْ عاش لا تنقضي
تموتُ مع المرء حاجاته
وتبقى له حاجةٌ ما بقي".
والصواب أنهما ليسا له، وهما قديمان للصلتان العبدي من قصيدةٍ له في "الحماسة" وغيرها.
♦♦♦♦
16- وجاء فيه صـ 262، وقد ذكَرَ مكتبة أحمد بن محمد المسيكي الزبيدي المتوفى سنة (943هـ):
" كانت لعموم الطلاب بقوله:
كتبي لأهل العلم مبذولةٌ
أيديهمُ مثل يدي فيها
متى أحبوها بلا منّةٍ
عارية فليستعيروها
أعارنا أشياخُنا كتبهم
وسُنّة الأشياخ نمضيها".
والصواب: أنها ليست له، وهي لخميس الحوزي، رواها عنه الفقيه ابن الباقلاني (ت: 599هـ). انظر: "الذيل على طبقات الحنابلة" (2/ 527) من طبعة العثيمين، وثَمَّ معها بيت يكون ثالثاً:
حاشاي أنْ أكتمها عنهم *** بخلا ًكما غيريَ يخفيها
♦♦♦♦
17- وجاء في "تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري" (1/ 546) في ترجمة الشيخ عبد القادر القصاب (ت: 1360هـ):
"ومن شعره الكثير قوله:
(كيف الوصولُ إلى سعاد ودونها)
(قُللُ الجبال ودونهن حُتُوفُ)
(والرِّجل حافية وما لي مركب)
والجسمُ مني موثَقٌ مكتوفُ
والطَّرف مكفوفٌ وما لي قائدٌ
(والكفُّ صِفر والطريق مخوفُ)
مَنْ لي بأن أرقى ذُرى عقباته
وأدورُ من حول الحمى وأطوفُ
أشكو إلى مولاي بثِّي إنه
بَرٌّ رحيمٌ محسِنٌ ورؤوف".
والصواب أنها ليست له كلها، وما وضعتُه بين قوسين مقولان قديماً، وقد نُسِبا إلى أبي حنيفة والشافعي. انظر: "أزهار الحديقة" ص115 و"راحة الأرواح" ص37 وكلاهما للصيادي (ت: 1327هـ).
♦♦♦♦
18- وجاء في كلمة للدكتور أحمد بن محمد نور سيف عن والده الشيخ محمد نور سيف (ت: 1403هـ):
"وسمع أحدَ المشايخ يقول: حسن الكشط يدل على كثرة الغلط. فصاغَ المعنى في بيت من الشعر:
حسنُك في الكشط دليلٌ على *** أنك في الخطِّ كثيرُ الغلطْ" [5].
والظاهر أن الشيخ محمد نور تمثّل بهذا البيت، فقد رأيتُه في "مستوفي الدواوين" لمحمد بن عبد الله الأزهري (من أهل القرن التاسع)، ونصه:
"قال آخر في كاتب:
وكاتب أقلامه
معودات بالغلطْ
يكشط ما يغلطه
ثم يعيد ما كشطْ
وأظرف منه قولُ الآخر:
حذقُك في الكشط دليلٌ على *** أنك في الخطِّ كثيرُ الغلطْ" [6].
♦♦♦♦
19- وجاء في كتاب "علماء دمشق وأعيانها في القرن الخامس عشر" للأستاذ نزار أباظة صـ 361-363 في ترجمة الشاعر نزار قباني (ت: 1419هـ-1998م).
"وحج في أواخر عمره فوقف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم باكياً، وأنشده إحدى قصائده خجلاً، وقال فيها:
قصدوك وامتدحوا ودوني أغلقت *** أبواب مدحك فالحروف عقامُ".
ومنها:
حُوربت لم تخضع ولم تخش العدى *** مَنْ يحمه الرحمن كيف يُضامُ؟
ومنها:
الحزن أصبح خبزنا فسماؤنا *** شحن وطعمُ صباحنا أسقامُ
في أبيات أخرى تبلغ (22) بيتاً.
وحين قرأتها استغربتُ نسبتَها، ولغتَها، ومضمونَها، ولم أرها تشبه شعرَ نزار ولا نفَسَه ولا نفْسَه، ثم تبين أنها للشاعر السعودي يحيى توفيق حسن، ومطلع القصيدة:
عزَّ الورودُ وطال فيك أوامُ *** وأرقت وحدي والأنام نيامُ
♦♦♦♦
20- وجاء في "المستدرك على تتمة الأعلام" لمحمد خير رمضان يوسف صـ 247 – 248، في ترجمة الشيخ محمد سعدي ياسين (ت: 1396هـ)
"وكانت له مكتبة كبيرة في ثماني خزائن، وعلى إحداها شعر له...:
وقائلةٍ أنفقتَ في الكتب ما حوتْ
يمينك من مال فقلت دعيني
لعلي أرى فيها كتاباً يدلني
لأخذ كتابي في غدٍ بيميني".
وهذا خطأ، والبيتان للفقيه سلمان بن عبد الحميد البغدادي ثم الدمشقي، كما في ترجمته في "الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد" لابن المبرد (ت: 909هـ)، ولفظ العجز الأخير فيه: لأخذ كتابي آمناً بيميني.
♦♦♦♦
21- وجاء في المقال "الشيخ محمد يوسف البنوري وجهوده العلمية 1326 - 1397هـ" بقلم الدكتور عبد العزيز عزت عبد الجليل ضمن "رجال فقدناهم" للأستاذ مجد مكي (2/ 763):
"كان البنوري أديباً وشاعراً... وأذكر هنا نموذجاً من قصائده في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
كأن نجوماً أومضت في الغياهب
عيون الأفاعي أو رؤوس العقارب
إذا ما أتتني أزمة مدلهمة
تحيط بنفسي من جميع الجوانب
تطلبتُ هل من ناصرٍ أو مساعد
ألوذ به من خوف سوء العواقب... "
قلت: وهذه النسبة خطأ، والأبيات للإمام ولي الله الدهلوي من قصيدة طويلة، ذكرها الشيخ عبدالحي الحسني في ترجمته في "الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام" (6/ 423).
♦♦♦♦
22- وجاء في كتاب "الرسول المعلِّم صلى الله عليه وسلم وأساليبه في التعليم" للشيخ عبد الفتاح أبو غدة صـ 29:
"قال أبو الطيِّب:
ليس الغبيُّ بسيد قومه *** لكنَّ سيد قومه المتغابي".
وهو لأبي تمام من قصيدته:
لوْ أنَّ دهراً ردَّ رجعَ جوابِ *** أوْ كفَّ منْ شأويهِ طولُ عتابِ
♦♦♦♦
23- وجاء في كتاب "الحاج محمد بن عبدالله الفياض الكبيسي" للدكتور عبدالملك السعدي ص 56 ط2: "ولقد أحسن الشيخ محمود شكري الآلوسي حين يقول:
"إن الطبيبَ له طبٌّ ومعرفة
إن كان في أجل الإنسان تأخيرُ
حتى إذا ما دنتْ منه منيتُهُ
حار الطبيبُ وخانته العقاقيرُ"
والصواب: أنهما ليسا له، وقد ذُكرا في مصادر متقدمة على محمود شكري الآلوسي –سواء قصد الجد أو الحفيد- منها "فيض القدير" للمناوي (ت: 1031هـ) ونصهما فيه (2/ 256):
"إن الطبيبَ لذو عقلٍ ومعرفةٍ
ما دامَ في أجل الإنسان تأخيرُ
حتى إذا ما انقضتْ أيامُ مدتهُ
حار الطبيبُ وخانته العقاقيرُ"
♦♦♦♦
24- وقال الشيخ محمد الحجار في تعليقه على "بستان العارفين" للنووي ص 38 ط5: "رحم الله ابن الحاج [ت: 737هـ]حيث قال في كتابه "المدخل":
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه
ولا بكاؤك إنْ غنى المغنونا
ولا صياحٌ ولا رقصٌ ولا طربٌ
ولا اختباطٌ كأنْ قد صرتَ مجنونا
بل التصوف أنْ تصفو بلا كدر
وتتبع الحقَّ والقرآن والدينا
وأنْ تُرى خاشعاً لله مكتئباً
على ذنوبك طولَ الدهر محزونا"
قلت: ليست الأبيات لابن الحاج، بل نجد في كتابه "المدخل" (4/ 23) قوله قبلها: "قال بعضُهم في هذا المعنى".
والأبيات لأبي عبدالله محمد بن حسن بن الطوبي الصقلي الكاتب. انظر "خريدة القصر" للعماد الأصفهاني، و"ذيل تاريخ بغداد" لابن النجار (2/ 132)، وبين النصين خلاف يسير.
[1] تحقيق (!!) أيمن نصر الأزهري وسيد مهنى، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1 (1417هـ-1997م)، وهي طبعة تالفة.
[2] تحقيق: د. علي حسين البواب، دار الوطن - الرياض.
[3] ط8، مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب، (1416هـ-1995م).
[4] في الأصل: لا!
[5] محمد نور رائد التعليم في الإمارات للأستاذ إبراهيم بو ملحة صـ 291.
[6] مستوفي الدواوين (2/ 83).
وسوم: العدد 647