وقفة مع اللغة ..
لماذا سميت القرية بكفر
في الشام وفلسطين ومصر عشرات القرى التي تبدأ بكلمة كَفْر، نحو: كفر كنا، كفر قاسم، كفر قرع، كفر سميع، وفي لبنان كفار مثل كفار شوبا. فما أصل هذه الكلمة وما معناها؟
جاء في المعاجم أن كلمة كَفَرَ تعنى ستر وغطّى. ومن هنا سمي الزارع لأرضه باسم الكافر لأنه يحرث الأرض فيغطي البذور، وسميت القرية باسم كَفْر لأن أهلها يعملون بالزراعة حيت يغطون البذور في الأرض بواسطة الحراثة، ثم أطلق اسم الكافر مجازًا على كل من يجحد نعم الله وينكر وجوده.
استمارة أم استبانة
ذكر محمد علي الأنسي سنة 1902م في معجمه المعروف باسم "الدراري اللامعات في منتخبات اللغات" وهو قاموس للغة العثمانية، أن كلمة استمارهIstimara إفرنجية أي أوروبية وتعني تخمين، أو تقدير القيمة، وأن (اِسْتَه مَكْ) تعني الطلب والدعوة. يبدو أن الكلمة دخلت إلى اللغة التركية قديمًا على يد تجار البندقية إذ وجدت كلمة Stimare في اللغة الإيطالية بمعنى التقدير والقياس، وتخمين محتوى الحاويات حسب حجم سعتها، وكلمة Estimate في اللغة الإنكليزية تعني تخمين أو تقدير. وقد دخلت كلمة استماره إلى العربية من التركية وتطورت دلالتها فصارت تدل على المثال المطبوع الذي يتطلب بيانات خاصة لإجازة أمر من الأمور، أو نموذج لتعبئة بيانات. في إطار تعريب الكلمات رأى بعضهم أن أصل الكلمة هو "استئْمارة" مشتقة من الفعل "استأمر" الذي يعني طلب الإذن والأمر غير أن هذا التفسير مفتعل ويعتمد على تقارب الأصوات، وقد أخذ به مجمع اللغة العربية في المعجم الوسيط والمعجم الكبير دون سند. في المعاهد العلمية يستعملون مصطلح " استبانة" بدلاً من "استمارة". كم نحن بحاجة، اليوم، لمعجم في تاريخ اللغة العربية.
التوليد اللغوي على وزن فَعْلَنة/شرعنة
أخذ المعاصرون يولّدون مفردات عربية حداثية على وزن فَعْلَنة حيث قالوا: عَقْلَنة من العقل، وشهمنة من الشهامة، وشرعنة من الشرع، وحرمنة من الحرام وزعرنة من الأزعر، وخرفنة من الخرف. ونحن نجد في الموروث الثقافي بقايا لصيغة فَعْلَن مثل: امرأة خَلْبَن أي خرقاء، ورجل ضَيْفَن أي من يتبع الضيف متطفلاً دون أن يدعا، وهي صفات شبه ثابتة في سلوك الفرد. ووزن فعلنة يساعد على توليد كلمات كثيرة في العلوم الإنسانية.
فوائد لغوية عن الأنف
الأنف يقع في مقدمة الرأس وهو عند العرب يرمز إلى العزة والسيادة والإباء (رفض الضيم). قال الحطيئة: قوم هم الأنف والأذناب غيرهم***فمن يساوي بأنف الناقة الذنبا.
-وقوم شُمّ الأنوف: أُباة؛ وشُمّ العرانين: العرنين الأنف، أي أهل سيادة.
-فإذا مرغّت أنف فلان في الرَّغام أي في التراب قلت رغم أنفه أي غصبًا عنه، نقول: رغم أنفه، على الرغم من أنفه، بالرغم من أنفه خلافًا وتحديًا له. وكسر أنفه: حط من كبريائه وأخزاه وجعله يخجل.
-حَمِيَ أنفه: اشتد غضبه وغيظه. يقال رجل حَمِيّ الأنف: يرفض أن يًضام.
-شمخ بأنفه: تكبر.
-مات حتف أنفه: مات ميتة طبيعية، هلك على فراشه من غير قتل أو ضرب، وذلك أن العرب كانت تتخيل أن المرء إذا قُتِلَ خرج روحه من مقتله فإذا مات بلا قتل خرج روحه من أنفه أو فيه.
-حشر أنفه في ما لا يفهمه: تدخل فيما لا يعنيه.
- جِدْع الأنف: بمشقة، بصعوبة. جَدَعَ بمعنى قطع وهناك مثل مشهور "لأمر ما جدع قصير أنفه" يقال فيمن استعمل حيلة لنيل مراده.
-لا يرى أبعد من أرنبة أنفه: تنقصه النظرة الصائبة والرؤية البعيدة للأمور.
وسوم: العدد 655