مصطلح الأدب الإسلامي، والالتزام به

مخطط بحث

مصطلح الأدب الإسلامي والالتزام به

مقدمة .

تمهيد : وفيه 1- تعريفات

              2- موجز عن مسيرة الأدب الإسلامي التاريخية  .

أولاً – مصطلح الأدب الإسلامي:

1-                       العوامل  الأدبية لظهوره في العصر الحديث .

2-                       تعريف المصطلح ومفهومه.

ثانياً– مذهب النقد الأدبي الإسلامي والالتزام به:

1-                       أسباب ظهور مذهب النقد الأدبي الإسلامي.

2-                      مفهوم مذهب النقد الأدبي الإسلامي بين الإلزام والالتزام .

3-                      مظاهر الالتزام الإسلامي في الشعر المعاصر.

أ- في المضمون: (في النظرة إلى الكون، إلى الإنسان، إلى الحياة الدنيوية والأخروية)

ب- في الشكل: (استخدام الفصحى، الرمز بين الإيحاء والغموض، الفصل بين الأنواع الأدبية).

خاتمة .

قائمة الهوامش .

قائمة المصادر والمراجع .

 

مصطلح الأدب الإسلامي والالتزام

مقدمة:

منذ أن تحدث المولى تعالى عن الكلمة الطيبة، والكلمة الخبيثة، ومنذ أن ماز بين الشعراء الذي هم في كل واد يهيمون، والذين يقولون ما لا يفعلون، وبين المؤمنين الذين يعملون الصالحات والذين يكرسون الكلمة لنصرة الدين والدفاع عن المظلومين،منذ ذلك الحين بذرت بذور الأدب الإسلامي ونقده … ثم نبتت البذرة، وارتفعت سامقة في عهد النبوة، وبدأ الالتزام بالكلمة بناء على التصور الإسلامي لله والكون والحياة، ودور الإنسان في هذه الحياة.

وسار الشعر الإسلامي عبر العصور في اتجاهين: أحدهما إيماني هادئ رصين بدا في المواعظ والمدائح النبوية غالباً، وآخر سياسي ولاسيما في أيام الفتوحات والثورات الدينية …. ومع مطلع القرن العشرين وإسقاط الخلافة، وخيانة الحلفاء واستعمار الأراضي الإسلامية بما فيها العربية ولاسيما فلسطين، ثم التنكيل بالمسلمين وازدياد الضغوط عليهم بدأ الصوت الإسلامي يعلو ويندد بالاستعمار والطغيان،وهكذا أعيد الأدب الإسلامي بصوته الثائر إلى الوجود ثانية ، ثم انبثق عنه ظهور مدرسة نقدية أدبية تستند في رؤاها إلى فلسفة إسلامية تجاه الكون والإنسان والحياة .

وعلى هذا فإن الأدب الإسلامي لا يقتصر على العصر الحديث، وإنما تمتد جذوره عبر الأزمنة في شعاب الأرض وفي شغاف القلوب ، أما مصطلح الأدب الإسلامي ، والنقد الإسلامي الذي انبثق عنه ، والذي التزمه الأدباء الإسلاميون فجديد على الساحة الأدبية .

و سيكشف هذا البحث عن مصطلح الأدب الإسلامي، تعريفه ومضمونه، وما أدى إليه من ظهور مدرسة للنقد الأدبي الإسلامي والالتزام به، كما سيبين الفرق بين الإلزام والالتزام، ثم يعرج بإيجاز إلى الحديث عن مظاهر هذا الالتزام في مضمون الأدب وشكله.

 

مصطلح الأدب الإسلامي والالتزام

تمهيد :

1- تعريفات

الأدب لغة : الدعوة إلى أمر مادي أو معنوي، واصطلاحاً: هو التعبير الفني عن تجربة شعورية تعبيراً تشترك فيه اللغة والموسيقى والتصوير الفني لإيصال التجربة إلى المتلقي.

والأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الكون والإنسان والحياة وفق التصور الإسلامي .

والالتزام لغة: هو التعلق وعدم المفارقة، والاعتناق، واصطلاحاً: هو التعلق بأمر ما تعلقاً لا مفارقة بعده، واعتناق مبادئه وفق تصور ما .

والتزام الأدب الإسلامي يكون بالأخذ بالإسلام في كل ما يصدر عن الأديب سواء أكان الموضوع دينياً أم غير ديني.

2-موجز عن مسيرة الأدب الإسلامي التاريخية:

دعا المولى تعالى في وحيه المنزل إلى الكلمة الطيبة وضربها مثلاً فقال: )أم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء( [إبراهيم /24] ثم بين الغاية منها ،كما بيّن الفرق بينها وبين الكلمة الخبيثة ، وأوضح دور الأديب في الحياة في محكم تنزيله، وسمى سورة الشعراء بهذه التسمية ليشير إلى أهمية هذا الدور ، و صرح فيها بالفرق بين الشعراء الذين يتبعهم الغاوون، لأنهم في كل وادٍ يهيمون، وهم يقولون ما لا يفعلون، وبين المؤمنين منهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وانتصروا من بعد ما ظلموا، وهدد الأوائل بسوء المنقلب.

ومن هنا فقد التزام المسلمون الصادقون الكلمة الطيبة، وكان حسان بن ثابت المثل الأعلى في ذلك، وكذلك كعب بن مالك،وقد فخر هذا لأن الرسول r صحح له تصوره وفق المفهوم الإسلامي حين قال:

" مُجالِدُنا عن جِذْمِنا كلُّ فخمةٍ                       .....................

فقال له الرسول r : ( لا تقل "عن جذمنا" ولكن قل "عن ديننا" )، وأفهمه أن الحياة ليست عصبية قبلية، وإنما هي التزام بالدين وعيش في أفيائه، وحركة من أجله.

وهكذا عاش الأدباء مع الإسلام فقلل حسان بن ثابت من مطالعه الغزلية، حتى لم تظهر هذه إلا في ثلاث قصائد له فحسب، وكان المطلع في إحداها ثلاثة أبيات فحسب، ثم طبق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الالتزام، وعاقب الشاعر الحطيئة على مخالفته له حينما هجا الزبرقان ([1])، كما قتل سحيم عبد بني الحسحاس لتشبيبه بامرأة معروفة، وعزل النعمان بن بشير لأنه تحدث عن الخمرة وإن لم يشربها، وقال له "أما عذرك فقد درأ عنك الحد، ولكن لا تعمل لي عملاً وقد قلت ما قلت" ([2])، وذلك حتى يعيش الشعراء للإسلام أو يلتزموا حدوده . وقد مثل هذا الفكر الملتزم ذبّان بن الحارث السعدي بقوله :

فأصبحْتُ للإسلام ما عشْتُ ناصراً            وألقيت فيها كَلْكَلي وجِراني ([3])

ومع مرور الزمن ضعفت حدة الصوت الإسلامي الملتزم، وعاش الناس حياتهم في ظل دولة إسلامية كبرى، ثم ظهرت الشعوبية والزندقة فتحركت نزعة الالتزام، وبدت في مواقف الدفاع عن الإسلام وحضارته، وعن اللغة العربية ([4]) وانقسم الأدباء بين مؤيد لفنية النص، وبين مفضل لمضمونه، داعٍ إلى أخلاقيته، أو لنقل إلى أن يكون الأدب في خدمة الحياة والعقيدة، وكان ابن المعتز والصولي والقاضي الجرجاني من الفئة الأولى حتى قال الأخير: "فلو كانت الديانة عاراً على الشعر، وكان سوء الاعتقاد سبباً لتأخر الشاعر لوجب أن يمحى اسم أبي نواس من الدواوين…. ولكن الأمرين متباينان، والدين بمعزل عن الشعر"، بينما كان أبو عمرو الشيباني والأصمعي، والآمدي والثعالبي من ذوي الاتجاه الملتزم، فالأول يقول: "لولا ما أخذ فيه أبو نواس من الإرفاث لاحتججنا بشعره"، ولام الأنباري ابن المعتز لروايته شعر أبي نواس، وقال إن من حق شعر هذا الخليع ألا يتلقاه الناس بألسنتهم ولا يدونوه في كتبهم، ولا يحمله متقدمهم إلى متأخرهم. وكان الأصمعي لا ينشد شعراً فيه هجاء ([5])، وعاب الباقلاني أبيات امرئ القيس لما فيها من فحش، وعد ابن القيرواني النظرة إلى الشعر من زاوية خلقية من صميم الحكم الفني ([6])، ورأى الآمدي ضرورة الالتزام بالإسلام وأخلاقه، وعدم الخروج عن قيمه، وإلا كانت مغامرة غير محمودة العواقب ([7])، كما تعرض بعض الشعر الصوفي الذي حاد عن السبيل القويم إلى النقد لما فيه من مخالفة للتصور الإسلامي لله سبحانه والكون والحياة، من مثل تائية ابن الفارض في سلوك القوم إذ كانت تدعو إلى الحلول ووحدة الوجود، وكذلك  شعر محيي الدين بن عربي، وقد أثارت أشعارهما وأقوال من شابههما حركة نقدية كبيرة بين مؤيـد لهذا الأدب ومعارض له، و دعا الفقيه ابن الوردي إلى حرق كتاب فصوص الحكم لابن عربي لما فيه من انحرافات ([8]).

ثم استمر الأمر بين شد وجذب، فهذا يميل إلى فئة وآخر يناقضه، وينعكس هذا على النتاج الأدبي والنقدي إلى أن جاء العصر الحديث بنهضته، أو لنقل باستعماره الذي جثم بكلكله على صدر الأمـة  

وحاول أن يقضي على ثوابتها ، ويوجهها نحو التغريب والعلمنة، وينشرفيها مذاهب إلحادية أعلنت عداءها للقيم والثوابت الدينية وسقط الفن بما فيه الأدب بسقوط أهله. إثر هذا كله تيقظت فئة واعية من أبناء الأمة، وأدركت ما يحاك ضدها من مؤامرات، وراحت تسعى بأسلوب خطابي إلى تصحيح المواقف على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والفكرية، ثم بدأت الأقلام تنضج وتزداد قوة ونشاطاً، ولاسيما بعد نكبة فلسطين، وتعرض المسلمين للضغوط الأليمة، وقد جاشت القرائح، وفاضت في التعبير عن الآلام والآمال، وفي تحريك الهمم لإعادة التوازن إلى الحياة، وإنقاذ المجتمعات من التردي والانحلال، ولإشعارها بعزتها وكرامتها المهدودة، وبدور الأدب الفاعل في هذه الأجواء، لإعادة هويته الإسلامية، وربطه بماضيه المجيد بعدما حصلت القطيعة بين الجيل الجديد والتراث…

ومن هنا قدم الأدباء عطاءاتهم شعراً دافقاً بالعزة والكرامة، فياضاً بالمشاعر الأليمة، ونثراً مسرحياً وقصصياً يكون تذكرة للقارئين، وعبرة للمعتبرين. وأعيد إلى الوجود الأدب الإسلامي بكل ما تحمله هذه الكلمة من شمولية مصدرها شمولية الإسلام لجميع ألوان الحياة، ثم انتشر مصطلحاً جديداً في ساحة الأدب العربي الحديث ، وانبثق عنه مذهب نقدي نجم عن فلسفة الإسلام تجاه الكون والإنسان والحياة .

وسيكشف هذا البحث عن ظهور هذا المصطلح ومفهومه ، ومدرسته النقدية والالتزام بها مضمونا وشكلا .

أولا مصطلح الأدب الإسلامي :

كما ذكرت كان هناك عوامل سياسية واجتماعية شتى أدت إلى ظهور الأدب الإسلامي المعاصر ، ولكن كان هناك عوامل أدبية أيضا أدت إلى ظهور مصطلح الأدب الإسلامي ، وإلى بلورة تعريفه ، وسأتحدث عن هذه العوامل ، ثم أعرج إلى مادار حول هذا المصطلح من تعريفات شتى حتى استقر على ما هو عليه الآن :

1- العوامل الأدبية:

نتيجة للظروف التي أشرت إليها فقد كثرت الدواوين الشعرية الإسلامية حتى رَبَتْ عن تسعين، وكان أبرز الشعراء الإسلاميين الذين كرسوا قلمهم لتحقيق الغاية في وجودهم في الحياة الشاعر عمر بهاء الدين الأميري([9])، ومحمد المنتصر الريسوني([10])، وحسن الأمراني([11])، وعبد الرحمن العشماوي([12])، وعبد الرحمن العبادي([13])، وعارف الشيخ ([14]) وغيرهم كثير، وكانت السبعينات عهد ازدهار لهذه الدواوين، إذ نشر منها الكثير مما نبه المخلصين إلى ضرورة لملمة جهودهم لينشروا هذا الأدب بين الجماهير، وليكوّنوا مذهباً إسلامياً للأدب يوجه خطواتهم ويرشّد عطاءاتهم.

وكان لكتابي الناقد سيد قطب "خصائص التصور الإسلامي" و "مقومات التصور الإسلامي" أثرهما في التعريف بالرؤيا الإسلامية للأدب، فقد تحدث عن الله والكون والإنسان والحياة، وعرّفا المسلم أن الحياة وئام في ظل الإسلام، وليست صراعاً مع الطبيعة أو البشر، وأن الإنسان مسؤول عن أعماله في الدنيا والآخرة والأولى معرج للثانية، وقد أشار سيد قطب في كتابه "النقد الأدبي" إلى أن الأدب (تعبير جمالي شعوري باللغة عن تصور إسلامي للإنسان والكون والحياة) ([15])، كما لفت كتاب "منهج الفن الإسلامي" لمحمد قطب نظر المسلم إلى دور الفن في حياته، فالله سبحانه جميل يحب الجمال، ولكنه يريده نابعاً من تصور إسلامي لا مادي إلحادي، وعرف الفن الأدبي بقوله (هو التعبير الجميل عن الكون والحياة والإنسان من خلال تصور الإسلام للكون والحياة والإنسان) ([16]) .

وكانت هذه اللفتات قد نبهت الأذهان إلى أن الأدب الإسلامي شعر فكرة تبلورت في ظلال القرآن الكريم، والسنن المطهرة، وقامت على التصور الإسلامي للوجود.

وهكذا التقى أبو الحسن الندوي([17]) مع د.عبد القدوس أبو صالح([18]) في 1980، واستقر الرأي على تأسيس هيئة تدرس أبعاد فكرة إنشاء رابطة للأدب الإسلامي، وتخطط لها، وتراسل الأدباء في سائر الأقطار الإسلامية، وتعبر عن نظرة الملايين من العرب والمسلمين إلى الكون والإنسان والحياة، وتكوّن مذهباً نقدياً إسلامياً يكون بديلاً عن النظريات الغربية التي انتهت إلى العبثية والإلحاد، وفصمت الإنسان عن واقع حياته وعقيدته.

واجتمعت الندوة العالمية الأولى للأدب الإسلامي بدعوة من أبي الحسن الندوي في سنة 1981، وضمت د.عبد القدوس أبو صالح، و د.عبد الرحمن رأفت الباشا([19])، ود.عبد الباسط بدر([20])، و د.سعد أبو الرضا([21]) وآخرين، وكان جُلُّهم من المتخصصين بالأدب العربي الحديث ونقده، ثم عقدت في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ندوة أخرى بعنوان (الحوار حول الأدب الإسلامي) في سنة 1982، ثم ثالثة للأدب الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض في سنة 1984 ، وقد عملت هذه الندوات على بلورة الفكرة…

وفي الندوة التي تمخضت عن إنشاء رابطة الأدب الإسلامي العالمية طرحت مصطلحات عديدة لهذا الأدب منها (أدب الدعوة، والأدب الديني، والأدب المسلم، والاتجاه الإسلامي في الأدب)، وناقش الحاضرون هذه المسميات جميعاً، وأظهروا أفضلية مصطلح (الأدب الإسلامي).

وتبنى الشيخ أبو الحسن الندوي الإعلان عن إنشاء قيام (رابطة الأدب الإسلامي العالمية) في سنة (1986)، وعقد مؤتمرها الأول في مقرها في الهند في مدينة "لكنو" وانتخب الشيخ الندوي رحمه الله أول رئيس لها، ود.عبد القدوس أبو صالح نائباً له، ورئيساً لمكتب البلدان العربية للرابطة ([22])، وكان انتخاب الندوي رئيساً ينم عن الاعتراف بعالمية هذا الأدب الذي ينبثق من عالمية الدعوة الإسلامية.

وطرح هذا المصطلح في الساحة الأدبية، واعترض عليه بعض النقاد، بحجة أنه سيدعو إلى القول بالأدب المسيحي والأدب اليهودي، ولكن هذا الاعتراض زال بعدما أقيمت مؤتمرات وندوات، وألفت كتب في هذا المجال ،وأصدرت مجلة الأدب الإسلامي في الرياض والمشكاة بالمغرب، وأوضحتا دلالة المصطلح ومفهومه.

2- تعريف المصطلح ومفهومه:

1- كان أول تعريف للأدب الإسلامي صدر عن الشيخ الندوي هو قوله (الأدب الإسلامي هو الأدب الهادف السليم، الدافق بالحيوية،المتدفق بالقوة، الذي يحمل رسالة سامية سماوية، إنسانية إسلامية عالمية) ([23]) ، وهذا التعريف وإن كان يركز على سلامة الرؤية وغاية الأدب. إلا أنه تعريف فضفاض.

2- ثم عرفه د.عبد الرحمن رأفت الباشا بأنه (التعبير الفني الهادف عن وَقْع الحياة والكون والإنسان على وجدان الأديب تعبيراً ينبع من التصور الإسلامي للخالق عز وجل ومخلوقاته) ([24])، وهو تعريف يركز على فنية النص ومضمونه وفق التصور الإسلامي لله عز وجل ومخلوقاته.

3- ثم عرفه (محمد حسن بريغش)([25]) وهو عضو عامل في رابطة الأدب الإسلامي ومؤلف لكتب في الاتجاه نفسه، بأنه (أدب ينبع من الإسلام والمسلمين، له سماته وله صوره، وله أشكاله وأساليبه، وقد يلتقي مع هذا الأدب أو ذاك في شكل ما، أو في مضمون ما، لكنه يبقى إسلامياً، ويبقى ذلك غير إسلامي) ([26]) ، وهذا التعريف طويل إلا أنه يلفت النظر إلى قضية قائل النص، إذ شرط أن يكون الأديب مسلماً وهذا ما لم يصرح به غيره، وإن كان يفهم من كلمة (وفق التصور الإسلامي)، وقد أثار جدلاً حول هذه القضية.

4- أما د.وليد قصاب ([27])، وهو عضو عامل في الرابطة أيضاً ومؤلف لكتب في الأدب الإسلامي نقداً وإبداعاً، فعرفه بأنه (تعبير جمالي شعوري باللغة عن تصور للإنسان والكون والحياة) ([28]) ويفسره بأنه "أدب تمليه عقيدة المسلم لكل ما تمد به الأديب من رؤى ومشاعر". وهو تعريف قريب من تعريف الرابطة المتفق عليه كما سنرى بعد قليل إلا أنه يغفل كلمة (هادف).

5- ويشبهه في تعريفه د.عماد الدين خليل([29]) إذ يقول عنه: (إنه تعبير جمالي مؤثر بالكلمة عن التصور الإسلامي للوجود) ([30]) .

6- ويبدو ومن تعريف د.محمد عادل الهاشمي الذي نشره في مجلة الإصلاح في سنة 1994 أن المفهوم لم يستقر حتى هذا التاريخ، وأنه قد لفت النظر إلى النقد الإسلامي أيضاً حين قال: (الأدب الإسلامي مصطلح نقدي، له خصائصه ومميزاته، هو تعبير ملهم جميل عن حقائق التصور الإسلامي من كون وحياة وإنسان، وقيم وغاية ووجود، تتسع موضوعاته لقضايا الحياة والوجود كافة، له في كل رؤية أدبية متميزة وجهة نظر، يجلو ذلك على مستوى إبداع الأديب المسلم في أصالة ومعاناة) ([31]) ، وهو تعريف طويل لكنه واف.

7- أما د.بهجت الحديثي([32]) فيركز على (القصيدة الإسلامية) ويقدم هذا المصطلح ضمن مصطلح الأدب الإسلامي، ويراها (التعبير الجميل الموزون عن الإسلام عقيدة ونظاماً شاملاً لشؤون الحياة كافة)، ويدخل ضمن هذا المفهوم كل شعر يتحدث صاحبه عن الإسلام  قديماً وحديثاً، ولا يخرجه عن التصور الذي رسمه الإسلام للكون والحياة والإنسان، ثم يصرح بأنه يجب أن يصدر عن أديب مسلم.

8- أما التعريف الذي أخذت به رابطة الأدب الإسلامي بتوجيه من د.عبد القدوس أبو صالح، بعد نقاش دار حوله فهو: (تعبير فني هادف عن الكون والحياة والإنسان وفق التصور الإسلامي) ([33]).

وفي حديث لي مع الدكتور أبو صالح طلبت إضافة كلمة (التعبير عن الله) قبل (الكون) بعدما انحرف مفهوم كثير من الأدباء عن الوجهة الصحيحة في الحديث عنه، ولكنه قال (إنا نجلّ الله سبحانه أن نذكر عنه ما خاض فيه الجاحدون).

ولو نظرنا إلى هذه التعريفات لرأينا أنها تتفق في المضمون مع اختلاف في أساليب التعبير فهي تبحث في الأديب، وفي النص:

1ً- فالأديب : في مفهومه يجب أن يكون مسلماً ملتزماً بالإسلام قولاً وفعلاً، يعيش مع الإسلام، ويدور حيث دار، وتنفعل نفسه لأحداث أمته، يقول د.نجيب الكيلاني([34])  في ذلك، وهو من أوائل المنظرين للأدب الإسلامي: (الأدب الإسلامي لا يمكن أن يصدر إلا عن ذات نعمت باليقين…. وتشبعت بمنهج الله، ونهلت من ينابيع العقيدة الصافية، ومن ثمّ أفرزت أدباً صادقاً، وعبرت عن التزامها الذاتي الداخلي دونما قهر أو إرغام) ([35]) .

ويصرح كل من د.عبد الباسط بدر ([36]) و د.وليد قصاب أن الأدب الإسلامي ما وافق التصور الإسلامي، وصدر عن مسلم في زمان ومكان، ونبع من داخله، ولم يكن استجابة لانفعال مؤقت.

ولا يشترط التعريف أن يكون المسلم ملتزماً بالإسلام في حياته كلها ، تماماً كما لو صلّى المسلم وارتكب معصية، لأن ذلك لا يخرجه عن دائرة الإسلام، أما التقاء بعض التصورات والمعاني التي تصدر عن غير المسلمين فلا تجعل آدابهم إسلامية، لأنها تضمنت أجزاء وافقت الإسلام ولكنها لم تكن مقصودة، وصاحبها لا يرد أدبه إلى الإسلام، لأنه لا يؤمن به أصلاً، والرسول r لم يعد شعر أمية بن أبي الصلت الذي سبّح به ربه عز وجل أدباً إسلامياً.

ومثل هذه الآداب يسميها أبو الحسن الندوي أدباً صالحاً، ويسميها د.عبده زايد أدب الفطرة، ويطلق عليها د.وليد قصاب اسم الحكمة بمفهومها الواسع لا بمعنى المواعظ والأمثال، ولكن رابطة الأدب الإسلامي تبنت تسميتها (بالأدب الموافق) ([37])، وعدت هذا الأدب مثرياً للأدب العربي عامة، ولم ترفضه.

أما الأدب الذي فيه مخالفات شرعية فسمي أدباً مضاداً للإسلام لأنه لا ينبع عن تصور إسلامي سليم للكون والحياة والإنسان، وإن كانت هوية صاحبه مسلمة.

2ً- أما بالنسبة إلى النص : فيتعلق به قضية تسميته، ومضمونه، وشكله الفني.

أ- فمن حيث التسمية، يقسم د.أحمد بسام ساعي الآداب إلى ثلاثة: إسلامية، وجاهلية، وإنسانية ولا تعني الثانية العصر الجاهلي المعروف، وإنما تعني ما خالف التصور الإسلامي، مستنداً في ذلك إلى قوله تعالى: )أ فحكم الجاهلية يبغون( [المائدة/50]، وقد اعترض د.عبد الله الحامد على هذا، لأن هذا التقسيم يفسق الناس، وحسن الظن بالناس أولى من تجهيلهم.

أما الآداب الإنسانية برأيه فما صدر من غير مواطني الأمة الإسلامية، ويرد عليه أيضاً لأن الأدب يعد إسلامياً إن صدر عن مسلم في أي بقعة من أرض الله، إذ لا فرق في الإسلام بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.

ب- أما من حيث مضمون النص فالتعريف يقول إنه تعبير (هادف) إذ من أسس الجمال في المفهوم الإسلامي وفي النقد العربي كما يقول أبو حيان (الأساس الاجتماعي والديني والعقلي) أو الفكري، ولذلك يجب أن نسأل الأديب هل أضاف رصيداً خلقياً فيما سطره، وهذا الأمر ليس بالسهل في زمن كثر فيه العبث، ذلك لأنه يسعى إلى تغيير المجتمع نحو الأفضل، ويرى أن دعوته شاملة للفرد والمجتمع، وهي أيضاً ذات نزعة إنسانية تبنى على الأخوة لا على الصراع الطبقي.

أما قوله " تعبير عن الكون والإنسان والحياة وفق التصور الإسلامي "فإن لكل مذهب نظرة إلى الحياة، أو لنقل فلسفة مادية أو روحية، أو تجمع بينهما، والإسلام ينظر إلى الكون على أنه مخلوق مسخر من الله سبحانه، والإنسان يستخدمه في هذه الحياة ليحقق به عبوديته لله، وليكون عمله خلال تسخير معطياته وفق ما يرضي الله سبحانه، وهو يرجوه من ذلك أن يدخل الجنة، ولذا فالحياة عنده قسمان: دنيوية بكل ما فيها من أوضاع اجتماعية وسياسية وفكرية شاملة للحياة كلها، وأخروية لها أثرها فيما يصدره. ولا يعني هذا التصور اقتصار الحديث على العبادة بل يشمل أمور الدين والدنيا كلها، الفردية منها و الجماعية.

هذا هو التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة ، لا صراع فيه ولا تفلت، ولا أحقاد بين الطبقات ولا تنكر للخالق جل وعلا، وللأديب حرية القول ضمن هذا الإطار الإسلامي على نحو ما سأوضح في الالتزام.

ويرفض الأدب الإسلامي التصورات غير الإسلامية لأنها تؤدي إلى سلوكيات منحرفة عن طريق تأثر القراء بها، بل إنه وجد لينقي الأدب من الانحرافات .

وقد دعا د.محمد رجب البيومي إلى أن يحذف من كتب التراث ما فيه مجون وفحش كما في ديوان ابن حجاج الأندلسي، وكثير من نصوص الأغاني، لأن الأصفهاني تتبع سقطات الشعراء فأفسد النظرة إلى الأدب والتراث، وقد حاول المؤرخ الحديث " الخضري " أن يحذف هذه السقطات متأسياً خطوة ابن هشام الأنصاري الذي حذف من السيرة فاحش القول، ولكن د.طه حسين عارضه في ذلك، ولذلك اقترح بعض الدارسين أن تطبع أمثال هذه الكتب طبعتين، إحداهما كاملة وتكون محدودة العدد وتطرح للمتخصصين، والثانية من السفاسف، ويطبع منها أعداد كثيرة للعامة، ولكن رد هذا الاقتراح لأن المحذوف من الهوان بحيث يجب ألا نسأل عنه أو نتمسك به ([38]) .

ج- وأما من حيث الشكل الفني فإن التعريف يبدأ به فيقول "الأدب الإسلامي تعبير فني" فهو يتطلب من النص أن يكون رفيع المستوى ليحقق المتعة بالعبارة الجميلة إلى جانب المتعة بالمضمون الهادف ليكون مؤثراً في القلوب والعقول، ولا يبرر اهتمام الأديب بالمضمون ضعف أسلوب النص.

كما يطلب من الأديب العربي أن يلتزم الفصحى، ولا ضيرَ من الرمز إن كان هذا شافاً لا غامضاً، أما الغموض المبني على تحطيم قواعد اللغة وبنية الجملة، فإنه مرفوض .

كما يحافظ الأدب الإسلامي على سمات الفنون الأدبية، والأنواع الأدبية، فلا يخلط بين الشعر والنثر ويرفض ما سمي بقصيدة النثر، ويعدها خاطرة مؤثرة.

وهو لا يمنع الاقتباس من دراسات المذاهب الأخرى في مجال الدراسات التطبيقية شريطة ألا تتعارض مع التصور الإسلامي

…         …           …

استقر مصطلح الأدب الإسلامي، وصار له مجلات تصدر باسمه كمجلة الأدب الإسلامي في كلٍ من الرياض وتركيا، ومجلة المشكاة في المغرب، وقافلة الأدب في الهند وهناك مجلات للأدب الإسلامي باللغة الأوردية والبنغالية " لغة بنغلادش". وقد عقدت مكاتب الرابطة مؤتمرات وندوات ولقاءات لهذا الأدب ومذهبه النقدي في الرياض والقاهرة وعمان واليمن والمغرب، وفي تركيا وباكستان وبنغلادش والهند وماليزيا، وكان أولها في سنة 1994 تحت عنوان "رسالة الأدب والشهود الحضاري"، وكان الثاني بعنوان "النقد الأدبي بين التأصيل والتجريب" في الدار البيضاء في المغرب، ومؤتمر "الأدب الإسلامي في خدمة الدعوة" في سنة 1999 بالاشتراك مع جامعة الأزهر ورابطة الجامعات الإسلامية، وملتقى الأديبات المسلمات الأول في القاهرة في سنة 1999، وقد اشتركت فيه ببحث "صورة المرأة في القصة الإسلامية الحديثة"، ومؤتمر القصة والرواية في الأدب الإسلامي في سنة 1999 في بنجلور في الهند، ومؤتمر أدب الأطفال في الهند، ومؤتمر ثنائيات الشكل والمضمون والتراث والمعاصرة والأنا والآخر في جامعة الزرقاء في الأردن، ومؤتمر النقد التطبيقي بين المنهج والنص في 2001، والملتقى الأدبي الأول لجمعية الأدب الإسلامي بالقاهرة، وكانت الندوة عن الأديب مصطفى صادق الرافعي وندوة الرسول r في الشعر البنغالي في مكتب رابطة الأدب الإسلامي في داكا عاصمة بنغلاديش.

ودرس الأدب الإسلامي في كثير من الجامعات كجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وسائر جامعات المملكة العربية السعودية ، وفي المغرب والأردن، والإمارات والهند، وباكستان وكليات اللغة العربية في جامعة الأزهر.

أما في مجال النقد الإسلامي فقد أدخل في "قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي" في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض. وقد خطا النقد الإسلامي خطوات واسعة في مجال المصطلحات النقدية الإسلامية لإفادة الناقد الإسلامي، وبعض هذه المصطلحات لم تكن معروفة([39]) ، وسجلت رسائل دراسات عليا تحمل الصفة الإسلامية في الأدب والنقد في جامعات السعودية خاصة، منها (الالتزام الإسلامي لناصر الخنين)، وألفت كتب حسب المنهج الإسلامي، وكان أول كتاب يحمل اسم النقد الإسلامي (في النقد الإسلامي) للدكتور عماد الدين خليل في سنة 1972م، وكان خطوة أولى في عالم النقد الأدبي الإسلامي، وذكرت فيه عبارات (الأدب الإسلامي، والمسرح الإسلامي، والشعر الإسلامي، وأدب الأطفال الإسلامي)، ثم كتب نجيب الكيلاني كتابه "الإسلامية والمذاهب الأدبية" ، وألف د.عبد الرحمن رأفت الباشا كتابه "نحو مذهب إسلامي " حدد فيه معالم المدرسة النقدية الإسلامية، كما كتب د.محمد عادل الهاشمي كتباً التزم فيها المنهج الإسلامي منها (على منهج الأدب الإسلامي) و (الأدب الإسلامي تجارب ومواقف) و (قضايا وحوار في الأدب الإسلامي) و (الأدب الإسلامي والصحوة المباركة) و(الإنسان في الأدب الإسلامي) فرسخ فيها معالم نظرية الأدب الإسلامي ومنهج النقد الإسلامي. وهناك مؤلفات في هذين المجالين للدكتور عبد الباسط بدر، ود.محمد إقبال عروي، ود.عبد زايد، ود.محمد أحمد حمدون وله: نحو نظرية للأدب الإسلامي، ود.وليد قصاب، وله كتابان هما (في الأدب الإسلامي) و (الحداثة بمنظور إسلامي) و د.بهجت الحديثي، وله "القصيدة الإسلامية وشعراؤها المعاصرون في العراق "، كما ظهر ما ينيف عن تسعين ديواناً إسلامياً يعالج قضايا الذات والأمة برؤيا إسلامية ومن شعرائها عمر بهاء الدين الأميري، ود.عبد الرحمن العشماوي، ود.عبد الرحمن العبادي، ود.وليد قصاب، ود.عثمان مكانسي([40])، و… وظهرت قصص إسلامية للدكتور نجيب الكيلاني، ود.زينب بيره جكلي، و …. وأصدر أحمد الجدع "معجم الأدباء الإسلاميين" في ثلاثة أجزاء ترجم فيه للأدباء الذين التزموا في آدابهم الشعرية والنثرية منهج الأدب الإسلامي وقد بلغ عددهم 492 أديب.

كما دعت رابطة الأدب الإسلامي وأعضاؤها من أساتذة الجامعات إلى أن يعاد النظر في الدراسات الأدبية قديمها وحديثها بناء على وجهة نظر إسلامية، لأن الاهتمام بالدراسات الحيوية يرسخ المفهوم ويشيع استعماله.

وهذه الدراسات والمعطيات الأدبية والنقدية ثبتت كيان الأدب الإسلامي ونقده، حتى إن كثيراً من الجامعات درسته وبدأت جامعة أكسفورد تتحدث عن الأدب الإسلامي ونقده.

وهذا يقودنا إلى الحديث عن مذهب النقد الإسلامي والالتزام به .

ثانياً – مذهب النقد الأدبي الإسلامي والالتزام :

كما ذكرت وجد مذهب إسلامي للنقد الأدبي ، وهناك أسباب أدبية دعت إليه ،وإلى الالتزام به :

- أسباب ظهور مذهب النقد الأدبي الإسلامي :

كان الأدباء الإسلاميون قد هالهم ما رأوا من تطرف وجنوح في المدارس النقدية الغربية، ولاسيما في عبثها بالدين وقيمه، وجرف المجتمعات إلى الانحراف. فمدرسة الفن للفن دعت إلى أن يكون الشعر وسيلة إمتاع لا إقناع ولا انتفاع، فصوّر الأدباء ذواتهم وتطرفوا ولاسيما في غزلهم حتى جعلوا المرأة معبودهم والعياذ بالله، ونسوا ربهم، مع أن الفن حتى عند كثير من المفكرين الغربيين " ليس ذلك الذي يثير في النفس أحر المشاعر وأعنفها، ولكن الذي يثير فينا أكرم المشاعر وأنبلها " كما يقول جوير([41])، ويقول آرنولد "نتحول إلى الشعر ونلوذ به…. ليكمل لنا صورة هذه الحياة، وإن دور الشاعر… دور تربوي يقوم على إرشاد الإنسانية وهدايتها، والشاعر له مكانته في المجتمع، وهذا يساعده على أداء وظيفة تعليمية تهدف إلى تحقيق الكمال الخلقي على المستوى الجماهيري الواسع"([42]).

أما المذهب الواقعي النقدي فإنه يصور انحطاط المجتمع ومآسيه، ويروح يلتقط أسوأ ما في المجتمع فيشعر القارئ بتدني ما يحيط به، فيهون عليه أن ينساق وراء هذا التدني، فضلاً عن أنه يجعل الفرد لا حرية له ولا إرادة فينعكس هذا على نفسيته، ويصير يائساً متشائماً نافراً ممن حوله، والإسلام وأدبه يدعوان إلى أن يكون المؤمن ألفاً مألوفاً، إيجابياً في حياته، متفائلاً في مسيرته ([43]) .

أما " الواقعية الجديدة "، أو كما تسمى أحياناً " الواقعية الماركسية " فإنها جعلت الكلمة العليا للمجتمع لا لله، بل حاربت الأديان والثوابت، ولم يعد في نظرها شيء مقدس، واهتمت بالطبقة الكادحة، وقوت الروابط بين أبنائها لتحقيق أهدافهم، وصار الإنسان سيد الطبيعة، ومقره الدنيا ولاشيء سواها، وألزمت الأدباء على أن يكونوا بوقاً لها ([44])، ولهذا أفرزت جيلاً تكالب على الدنيا وحطامها، وحقد على الأغنياء، ثم كونت طبقت عليا من أتباعها على حساب غيرهم.

أما الرمزية فكانت معولاً في جسد اللغة العربية، إذ دعت ألا يتقيد الأديب بالكلمات المعجمية لأن هذه عاجزة – برأيها – عن التعبير عن المشاعر، وعلى القارئ أن يفسر الشعر بحدسه لا بعلمه، وبذلك اعتمدت على الجرس الموسيقي للكلمة وعلى اللمح والإيحاء ثم جنح كتابها إلى الغموض، وقالوا إن القصيدة لا تنقل معاني واضحة، وإنما تنقل معاني من الصعب التعبير عنها، وقد تحول أدب بعضهم إلى ما يشبه الطلاسم، وصار المعنى عندهم يستخلص من حل تتابعي لهذه الطلاسم، والصور تتدفق متكاثفة متلاحقة. وكل قارئ يفسر وفقاً لحالته النفسية أو المادية، وقد دعا مالارميه زعيم المدرسة الرمزية إلى تحطيم الأشكال التقليدية وإعادة بناء الشعر من خلال الرمز بوصفه قيمة تشكيلية ([45]) .

ثم ظهرت الحداثة لتضم ذوي النزعات المادية تحت شعار محاربة الماضي، والحداثة – دون مذهبها- مطلب حيوي يعني التواصل مع العصر والتجديد والتطور ليلبي حاجات المجتمع، ولكن حداثة المجتمع العربي لم تلب حاجته لأنها استوردت من الغرب، ومن الفكر الماركسي خاصة، ولهذا اصطدمت بقيم المجتمع المسلم، بل صارت عقيدة لأصحابها لها نظرتها إلى الكون والإنسان والحياة، مما أدى إلى تخلي المسلم عن رسالته الخالدة التي بنت حضارته المجيدة، وجعله يهدم تراثه وأصالته، وينتهك شريعته وعقيدته باسم محاربة التقليد والماضي، وقد أدى هذا به إلى هيمنة الغرب عليه، بل تطرف بعضهم في الاتجاه نحو الغرب وتقليده تقليداً أعمى حتى أنكر " يوسف الخال " أحد الحداثيين أن يكون للثقافة العربية والإسلامية دور في تكوين العقل البشري، وادعى أنها تكونت بالثقافة الإغريقية القديمة ([46]) ، كما أنكر أن يكون الله مصدر التشريع وزعم أن الدين والقيم قيود تنزع عن الإنسان شخصيته، ويجب الانسلاخ منها ليحفظ العقل البشري من التأثر الديني، وكلما تمكن المرء من تحرير نفسه من سلطة الدين وأخلاقياته كان أقرب إلى الحرية والسعادة، وقد أدى هذا بأصحابها إلى القلق والضياع، حتى قال نزار القباني:

تاريخي ! ما لي تاريخ .

إني نسيان النسيان

إني مرساة لا ترسو

جرح بملامح إنسان

ماذا أعطيكِ؟ أجيبيني .

قلقي ؟ إلحادي ؟ غثياني ([47]) ؟

ويتزعم هذا الاتجاه في أدبنا العربي أدونيس ويوسف الخال، ويقول الأول: "كل حداثة لا تصدر عن رؤية جديدة للحياة والإنسان والعالم، عبر رؤية جديدة لجمالية اللغة لا تكون ولا يمكن أن تكون ذات قيمة"، ويعلق د.وليد قصاب على ذلك فيقول " إن الحداثة عقيدة فكرية شاملة، تنتظم الكون والإنسان والحياة، وتقدم نمطاً حضارياً مخالفاً لكل ما سبق من الرؤى والأفكار والتصورات " ([48]) .

هذه فلسفة الحداثيين الأدبية، وأما موضوعاتهم فقد اقترح أحدهم أن يكتبوا في القلق والشر والخطيئة، وكانت قصص علي أبو الريش الإماراتي تحمل كثيراً من هذه المعاني، حتى كان في روايته (ثنائية مجبل بن شهوان) خمسة وثلاثون موطناً فيه فجور مقيت، فضلاً عن اتهامه تاريخنا ووصمه بأنه مزبلة ونفايات، وتشويه معالمه، والإشادة بأعداء الأمة ([49]) .

كما دعا أدونيس إلى ما سمي بقصيدة النثر، وأعجب بأبي نواس والحلاج والراوندي، ورأى في الأخير إبداعاً لأنه انتقد المعجزات النبوية، وادعى أن خطب أكثم بن صيفي أفصح من القرآن الكريم([50]).

وقد قلد أدونيس شعراء الغرب في قصائدهم، إذ بين " سامي مهدي " سرقاته لشعر " رامبو وبريتون" وتحويل قصائدهما إلى العربية، وذكر " كاظم جهاد " أيضاً أنه سرق قصائد " ميشونيك وبونفوا " الفرنسيين ولكن سرقته جاءت مغلفة بأسلوبه الجذاب، وبحديثه عن قضايا الوطن العربي.

وقد انحدر أسلوب أدونيس بعد السبعينات من القرن العشرين، إذ بدأ يكتب هذياناً وعبثاً، وأنشأ مجلة مواقف البيروتية ليدعو إلى مذهبه العبثي الجديد كنموذج للشعر الحداثي، كما في قصيدته التي أدخل فيها الأرقام والأشكال الهندسية مقلداً في ذلك عبث الشاعر الفرنسي جيوم أبو لينير (1880-1918م)، وذلك في قوله:

" مكان ولادتي

1930 الشمس قدم طفل

  </ عرفت أقل من امرأة

لأنني تزوجت بأكثر من امرأة

عرفت أقل من رجل

لأنني تزوجت بأكثر من رجل

1933 نبتة تشعل قنديلاً

1940 طفل يعد الغيم ، ينتظره الحريق ([51])

كما انحدر مضمون شعره إذ تخلى عن قضايا الوطن، ثم أنكر أن يكون للأدب وظيفة اجتماعية، وقال (القصيدة لا ينبغي عليها الذهاب إلى أي مكان، وليست لها أية وظيفة اجتماعية أو أيديولوجية أو تاريخية، القصيدة تخدم ذاتها فقط)، كما ندد بأصحاب قصائد المناسبات، وقال إنهم (بتوع المهرجانات والحناجر المدوية والزلاعيم والشعر المناسباتي) ([52]) .

وكذلك فعل محمود درويش حينما وقع تحت التأثير اليهودي وراح يقول في قصيدة له :

أورشليم التي أخذت شكل زيتونة

دامية

صار جلدي حذاء

للأساطير

وصليبي يقاتل

هلّلو يا ، هلّلو يا ، هلّلو يا ([53]) .

 والكلمة الأخيرة اسم للترحيب في اللغة العبرية .

أما سلمان رشدي فقد نال جائزة لأنه تهجم في روايته على بيت النبوة ([54]) .

إزاء هذا التطرف والعبث، والتنكر للماضي لطمس الهوية الإسلامية، والقضاء على الثوابت العقدية والقيمية كان لابد من انبثاق صحوة إسلامية جديدة، ومن ظهور أدب إسلامي يعتز بأصالته ويجمع بين الروح والمادة، والعقل والعاطفة، ويضبط السلوكيات القولية بقواعد تمنع من الانحراف والتردي، وأن يرافقها نقد إسلامي يرشِّد خطاها ويرسخ مفاهيمها .

وهكذا ظهر المذهب الإسلامي في النقد .

2- مفهوم المذهب الإسلامي بين الإلزام والالتزام :

الالتزام لغة : هو الاعتناق وعدم المفارقة، والالتزام بالمذهب الإسلامي يعني أن يصدر الأديب  -كما رأينا- عن رؤية إسلامية للكون والإنسان والحياة.

وقد شرح النقاد المبادئ التي يقوم عليها الالتزام الإسلامي، أو "المدرسة النقدية الإسلامية" التي دار حول تأسيسها نقاش طويل، استمر أكثر من عقد من الزمن، بحثت فيه قضية الزمان والمكان والمنهج، والنوع الأدبي، وعالمية المذهب، وحددت سمات هذا المذهب بما يأتي:

1- من حيث الزمان:نوقشت قضية الأدب الإسلامي القديم، هل يعد ضمن "الأدب الإسلامي" وقد اتفق على أن كل أدب توفرت فيه الصفة الإسلامية يعد أدباً إسلامياً، والمعاصر منه هو امتداد للقديم الذي كان بمثابة جذر الشجرة الذي يمدّها بالنسغ، تماماً كما هو الحال في المدرسة الكلاسيكية التي تمتد إلى العصور الأدبية الأولى، ولا يزال لها وجود، وما حصل في الكلاسيكية الجديدة عند العرب هو امتداد للكلاسيكية القديمة وإن بدت في يومنا هذا بثوب جديد يناسب العصر دون أن يخالف المذهب الأول.

2- المكان نوقشت قضية الأرض التي قيل فيها الأدب الإسلامي واتفق على أن كل نص إسلامي في أي أرض من أرض العالم يعد أدباً إسلامياً بناء على نظرة )إنما المؤمنون أخوة( .

3- ومن حيث المنهج فإنه منهج إسلامي يقوم على التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة، ويهتم بالفرد كما يهتم بالمجموع، لأن الإسلام لا يغفل جانباً على حساب الآخر.

4- ومن حيث الأنواع الأدبية: فإن للأديب حرية الإبداع وفق التصور الإسلامي، وله أن يستفيد من المذاهب الأخرى والأنواع الأدبية كلها وفق الضوابط الإسلامية، وبهذا يثري أدبه بشروطه([55]) .

وقد أوضح د.عبد الرحمن رأفت الباشا في كتابه نحو مذهب إسلامي كما أوضح غيره ممن قعّد هذا المذهب الفرق بين الالتزام الإسلامي، والالتزام الماركسي إذ سمى الأول التزاماً لأنه نابع من نفس الشاعر وليس مقسراً عليه، وسمى الثاني إلزاماً لأن السلطة الشيوعية حتمت على الأدباء أن يكونوا بوقاً لها، وحرمت عليهم أن يكتبوا فيما سوى فكرها، وعدت ذلك خيانة وأنانية وانطواء على الذات([56])، وهذه أهم الفروق بينهما ([57]) بعد قضية العقيدة.

1- الالتزام الإسلامي ينبع من دعوة القرآن الكريم والسنة المطهرة اللذين أوضحا التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة، والأديب مسؤول أمام الله سبحانه عما يقوله، والتزامه طوعي لأن الإسلام يؤمن بـ )لا إكراه في الدين( ، أما الإلزام الماركسي فإن الأديب يلزم فيه أن يكون بوقاً للحزب الشيوعي، سواء أ آمن بمبادئه أم لم يؤمن بها، ولذلك انفرط عقد الأدباء بعد سقوط الشيوعية، إذا كان كثير منهم يحس بالقهر والإكراه أمام السلطة التي تجبرهم على الحديث عنها.

2- همّ الالتزام الإسلامي مصلحة الفرد والجماعة، أما الإلزام الشيوعي فيضرب مصلحة الفرد عرض الحائط، ولذلك يغدو الأديب ناطقاً باسم مجتمعه لا ذاته ([58]) .

3- الأديب في الالتزام الإسلامي ينطلق وبثبات من قيم دينه ومجتمعه، المادية والروحية والنفسية، فهو أدب هادف يهتم بالمادة كما يهتم بالروح، ويعمل بوعيه مؤمناً بدوره في الحياة لحماية نفسه ومجتمعه من الانحلال والتفلت، وهو لا يحيد عن مبدئه لأن هدفه إرضاء خالق السموات والأرض، ولذلك يفجر طاقاته كلها في هذا السبيل، وللخير والبناء ولتحريك المشاعر السامية لا المنحطة، أما في الأدب الماركسي فإن صاحبه يؤمن بالمادية، ويكون همه جمع حطام الدنيا، فإن تعارض ذلك مع مصلحته فقد يتخلى عن مبدئه، بل يسفّهه، كما حصل في مبادئ ستالين، وقد ينساق للعبثية في المجتمع كما فعل اليهود، إذ استغلوا هذه الدعوات لإغراق العالم بالفكر الإباحي والإلحادي.

4- وطواعية الأديب المسلم تجعله يحلق في سماء الإبداع بأجمل تعبير وتصوير من أجل خدمة العقيدة، والحفاظ على الثوابت، وبناء الحضارة. أما الأدب الماركسي فإنه إن لم يكن نابعاً من فكر صاحبه كتب ما لا يؤمن به فيكون أدبه مسفّاً ([59]) .

5- حرية الأديب المسلم تقيد بقيود ربانية، ولا يعطل القانون الأخلاقي من أجل قيم أخرى، ولذلك لا يضحى بالمعنى، كما أنه لا يدع المعنى يصرفه عن حسن الأداء، لأن للشكل الفني أثره في تقبل الفكرة، أما في المذهب الماركسي فإن المضمون هو الأهم على أي حال.

6- الأديب الذي يعبث بالقانون الرباني يُنبَّه، ثم يوقف لأن الهدف من الكلمة إرساء قواعد الخير واقتلاع جذور الشر، ولا يسمح له بتمجيد الرذيلة، أما الإشارة العابرة فلا حرج فيها لأن الإسلام لا ينكر العواطف، ولكنه يرشّد خطوات الأديب في الحديث عنها، وله في القرآن الكريم والحديث الشريف خير نموذجين.

7- الالتزام الإسلامي يولد لدى الأديب العزة، ويدع له حرية الاستقلال في أدبه، فلا يتبع مدارس نقدية لا توافق المنهج الإسلامي، لأنه لا يرى ولا يفكر إلا بالمنظور الإسلامي.

8- وهو منفتح على العالم، يأخذ من معطياته الثقافية ما يوافق رؤيته، ولا ينسى هويته، إنه كما قال د.عماد الدين خليل يغربل هذه المدارس ويستفيد منها في تحليل النص الأدبي دون أن يحيد عن منهجه ([60]) .

9- الأديب الماركسي يهتم بالطبقة الكادحة، ويرى أن الصدق الأدبي لا يتحقق إلا من خلال الحديث عنها، كما أنه يفسر الظواهر تبعاً لأفكار هذا المذهب، أما الأديب المسلم فلا يهتم بطبقة دون طبقة، وتشمل دائرته الحياة كلها وفئات الناس كلهم.

10- الأديب الإسلامي متفائل لأن الحق يعلو، ولأنه ذو نزعة إنسانية.

وقد بدأت الدراسات المعاصرة ترسخ المذهب النقدي الإسلامي  بعد أن اكتملت فلسفته الإسلامية القائمة على التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة ([61]) .

    3 – مظاهر الالتزام الإسلامي في الشعر المعاصر:

بدت مظاهر التزام المذهب النقدي الإسلامي، أو المدرسة النقدية الإسلامية في مجالين كبيرين هما:

أ- المضمون .

ب- الشكل .

وسأوضح هذين المجالين كما بدوا من معطيات الأدب الإسلامي في مجال الشعر فحسب وبإيجاز يناسب المقام.

أ - المضمون :

قال الشاعر " أحمد بن روان المجدلي " ([62]) يتحدث عن الأدب الإسلامي:

راعِشٍ يخشى ويرهبُ ربا     أدبُ الإسلامِ خفقةُ قلبٍ   طاهرٍ واللفظُ يَخْرُج عذبا     أدب الإسلامِ إشراقُ معنى   في مضاءٍ كان ذلك دأبا     وبيانٌ ينصرُ الحقَّ دوماً   بهُدى الرحمنِ تزداد قُرْبا     أدبُ الإسلامِ دعوةُ صِدْقٍ   ينتشيها الناسُ عُجْماً وعُرْبا ([63])     هو روحٌ تملأ الكونَ حبّاً  

الأدب الإسلامي كما وصفه الشاعر المجدلي صادر عن قلب يخفق حباً لله سبحانه وخشية منه، ويفوه صاحبه بكل لفظ نقي عذب ينشر به الخير في أرجاء المعمورة دون أن يميز بين عربي أو أعجمي، وينصر فيه الحق أنى كان. ومن هنا كان مضمونه الحديث عن الله خالقاً منعماً رحيماً… وعن الكون الذي سخره للإنسان، وعن الحياة التي ينفقها صاحبها تبعاً لما فيه مرضاة الله عز وجل، بناء على قوله تعالى )قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين( [الأنعام/162].

وقد يظهر في النص ذي الصفة الإسلامية لمحات ضعف ولكن يطبق عليه مقياس الله سبحانه وتعالى )اعدلوا هو أقرب للتقوى ) ، إذ يجب أن ننظر إلى العمل الأدبي ككل، ونقومه حسب الصفة الغالبة عليه، ونشير إلى الانحراف عنه.

وقد بدت هذه المظاهر المضمونية في الشعر الإسلامي الحديث من خلال التعبير عن الكون والإنسان والحياة.

1ً- فالكون خلقه الله سبحانه، وبدت فيه آلاء عظمته وقدرته، وها هو عمر بهاء الدين الأميري يسبح بحمد الله ويشعر بأنه مع الله في كل حركة ونأمة، في اللهو والجد، في التلاوة والتفكر في عظيم مخلوقاته، وفي حال القوة والضعف، يقول في ذلك:

مع الله في لمَحَاتِ البصرْ     مع الله في سبَحاتِ الفِكَرْ   مع الله في الضَّعْفِ عند الكِبَر     مع الله في عُنفوانِ الصِّبا   مع الله في جلَسات السَّمَر     مع الله في الجدِّ من أمرِنا   ولمعِ البروقِ ودَفْقِ المطر     مع الله عند هزيمِ الرعودِ   مع الله في آيِهِ والسورْ ([64])     مع الله في وَحْي قرآنِه  

وهذا يوسف العظم يسبح الله ذاكراً بعض آلائه كإشراقة الصباح، وظلمة الليل، وتفتق الورود وفوح عطرها الشذي، يقول في ذلك:

فالكونُ من آياتِه     لا تمتروا في ذاتِه   والليلُ في ظلماتِه     والصبحُ في إشراقِه   يفوح من روضاتِه ([65])     والوردُ والعطرُ الشذِيُّ  

ويربط الشاعر " أحمد محمد صديق " ([66]) بين السجود لله وعزة المسلم فيقول:

تهوي ولكنْ نحو عِزِّك ترتقي ([67])     فإذا سجدْتُ ففي رحابكَ هامتي  

كما يربط الشاعر " مصطفى عكرمة " ([68]) بين وصف الطبيعة وحال الأمة الإسلامية إذ يبين أن سحابة علت الرؤوس حتى ظن أنها ستكون خيراً وبركة ثم أقشعت، ويتساءل عن سبب عدم إمطارها ثم يبين أن المسلمين تخاذلوا أمام عدوهم فخذلهم الله، ويتمنى أن ينطلق من صفوف المسلمين من يوحدهم لينطلق بهم نحو القدس وحماية الحق عسى الله بذلك أن يرحمهم، يقول في ذلك :

كثيفاً فوقنا انتشرا     سحابٌ يحمل المطرا   جرى من حولنا نهَرا     دنا منا فخِلْناه   نقلِّبُ بعدها النظَر     وما هي غيرُ ثانية   نرى لسحابةٍ أثرا     ونمعن في السماءِ فلا   على ما كان مستتِرا     كأن الله أطلعَه   كما كان العِدى زُمَرا     تشرْذَمْنا فأصبحْنا   ونرحَم كلَّ من قَهَرا     ونَقْهُرُ كلَّ محرومٍ   ولا نخزى إذا نفرا     فكيف نُؤَمِّل المطرا   يناجي ربَّه سحَرا     فهل في القوم مُتَّعِظ   فلا تلقى به أَشِرا     يوحد صفَّ أمتِنا   ويُنْزِلُ رحمةً مطرا ([69])     عسى الرحمنُ يرحمُنا  

وفرق بين هذا الوصف الإيماني عن الله وعظمته في كونه، وبين وصف الحداثيين من أمثال يوسف الخال الذي قال "والله في ديارنا مشرّد" ،أو قول أدونيس "أعبر فوق الله والشيطان" ([70]) ، أو قول محمود درويش "ولد الله فكان الشرطي" ([71]) ، والعياذ بالله من هذا الإلحاد )وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه( [الزمر آية 67] .

2ً - الإنسان :

والإنسان في الأدب الإسلامي مسؤول عن عمله، ولذلك فهو يخشى عذاب ربه ويتوب إليه، وقد يذرف الدمع حسرة على ما فرط كما بدا من قول " حسن إسماعيل " :

من سَرابٍ فيه تُهْتُ     ربِّ إني لك عُدْتُ   نَدَمٍ فيه انتهَيْتُ     وعلى وجهي شظايا   ني الذي منه هَرَبْتُ     هي نفسي وهي شيطا   وعذاباتي اتَّجَهْت ([72])     وإلى الله بنَوْحي  

أما إن كان همه المال والجاه فإنه يعيش في ضياع، ولذلك ينصح الشاعر " د.عارف الشيخ " أن يتذكر الموت والحساب:

وجُلُّ همِّ الورى إثْمٌ شرِبْناه     المال يشغُلُنا والجاهُ غيَّرنا   قد قيل بالأمسِ فافهمْ أنت مغزاه     يا خادمَ الجسمِ كم تسعى لخدمتِه   لا قيصرٌ دامَ، لا كسرى ولا شاهُ     لا خُلْدَ في هذه الدنيا كفى طمَعاً   ما عشْتُ أسعى لما يهوى ويرضاه ([73])     لاشيءَ غيرَ رضا الرحمنِ أطلبُه  

أما إن حمل الشاعر الإسلام رسالة إلى العالمين لينشرها دستور حياة لهم فإنه يشعر بالعزة، كما قال د.عبد الرحمن العبادي:

غيرَ ربِّ العالمينْ     ما عرفْنا من إلهٍ   طل في كلِّ عرين     مَنْ سوانا أزهقَ البا   سِلْمُ أرضَ البائسين     إن أردتُم أن يعُمَّ الـ   بأرضِ المسلمين ([74])     فاجعلوا الإسلامَ دستوراً  

والشاعر المسلم يسعى لتأدية مهمته في الحياة بعزة وإباء، ويتحمل في سبيلها الأذى ، يقول       "هاشم الرفاعي " ([75]) في ذلك:

أسمــى من التصفيــق للطغيان   وتقــول لي إن الحيــاة لغايـة إرهــابَ لا استخفــافَ بالإنسان   أهوى الحيــاةَ كريمةً، لا قيدَ  لا يغلي دم الأحرار في شرياني ([76])     فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي  

وينصح "عمر بهاء الدين الأميري " الإنسان ألا ينساق وراء نوازع النفس، فإن ما تدعوه إليه هو هتك وإثم لا طائل وراءه، والدين هو الحافظ من الانزلاق. يقول في ذلك:

أيها السادرُ في تِيْهِ الخَنا والخُيَلاءِ   لا تقلْ طينٌ وماءٌ أنا منْ طينٍ وماءِ   بيد أن الروحَ من ربي سُمُوي ووِجائي   إن أنثاه وما ينشُد فيها من هراء   عَبَثٌ، هَتْكٌ، وإِفْكٌ، وغُثاءٌ في غُثاء ([77])  

والمسلم يكرس جهده لتوجيه الأهل والمجتمع إلى ما فيه خير، يقول وليد الأعظمي ([78]):

يهدي الأنامَ إلى الهدى ويبيِّن     كنْ مِشْعلاً في جُنْحِ ليلٍ حالك   أولى الورى بالنصحِ منك وأقمن ([79])     وابدأْ بأهلِك إن دعَوْت فإنهم  

ويبين الأميري دور المسلم في هذه الحياة، فهو يثور وبقوة على الباطل حتى يزيحه لأن هداية العالم بيديه، يقول في ذلك:

فجِّــر اللهــم في عزمي من نـورك نورا واصطنعني لغد الإنسان في الآفــاق صـورا فأنا للحقِّ كالبرهانِ لا يترُك زورا   وعلى الباطلِ كالبركانِ ويلاً وثُبورا   إن دولابَ الهدى في الكونِ دوني لا يدورا ([80])  

والمسلم يستعذب العذاب مهما كان في سبيل الله والحفاظ على ثوابت دينه، يقول الشاعر " أحمد سالم باعطب " في ذلك، وكان قد سجن:

يدري بروعةِ سِحْرِه السجَّانُ     صمَتَ السجينُ وفي السكوتِ بيانُ   ما عاش فيها خائنٌ وجبانُ ([81])     واستعذَبَ التعذيبَ عاشقُ أمةٍ  

ويبدو التفاؤل والأمل بالنصر على الباطل في قول الشاعر " عبد العزيز سالم "، فقد آن الأوان للخلاص من الذل والهوان، يقول في ذلك:

برقَتْ أضرَّ بها الهوانْ     وأصابعُ النور التي   تِ خبا وصخرُ القلبِ لانْ     وسنا القلوبِ القاسيا   شُعَلٌ تقول: الوقتُ حان ([82])     وتراكضتْ في جوفِها  

3ً - والحياة في التصور الإسلامي لا تقتصر على الدنيا فحسب، وإنما هي معبر إلى الآخرة، ومعراج إلى مرضاة الله سبحانه، وسعادة المسلم في الدارين تتحقق باتباع الإسلام والعيش في ظلاله وبناء حضارته، يقول " يوسف القرضاوي" ([83]) مبيناً هذا ومتحدثاً عن دور المسلم في الحياة في الدعوة إلى الله ليعيش الإنسان في رحاب الإيمان مطمئناً بعيداً عن القلق والشك ليحظى بسعادة الدارين:

قل للذي يبغي السعادةَ هل علِمْتَ منِ السعيدْ؟   إن السعادةَ أن تعيش لفكرةِ الحقِّ التليْد   وتجيبَ عما يسأل الحيرانُ في وَعْيٍ رشيد   من أين جئتُ؟ وأين أذهبُ؟ لم خُلِقْتُ؟ وهل أعود؟   فتعيشُ في النفس اليقينُ وتطرد الشكَّ العنيد   وتردُّ للنهجِ المسدَّدِ كلَّ ذي عقلٍ شَرُوْدْ   فتعيشُ في الدنيا لأخرى لا تزولُ ولا تَبِيْدْ  

ويسعى المسلم في حياته لبناء حضارة حديثة تستمد من الماضي العريق أمجادها، وتربط بين الماضي الأصيل والحياة المعاصرة، يقول " يوسف العظم " رابطاً بين الماضي والحاضر:

وعلى الأرضِ كم بعثْنا سريَّةْ     في المحيطِ اللُّجِّيِّ قُدْنا سفيناً   بأكُفِّ الهدى صروحاً عليَّةْ     ننشرُ العدلَ والرخاءَ ونبني   وهو مِفْتاحُ نصرِنا والقضيَّةْ ([84])     ذاك سرُّ الفوزِ الذي نرتَجِيْهِ  

ويحذر الشاعر " شريف قاسم " ([85]) من هذه الحضارة التي يراها المرء في النظرة الأولى لها زاهية، فإذا ما خبرها مقتها، لقد باعت نفسها للشيطان واستسلمت لنزعاته، وراحت تدمر كل شيء، ولذلك فعلى أبنائنا في هذا العصر أن يحذروها وأن يتأسوا خطا أجدادهم في نهجهم القويم ، يقول في ذلك:

ما عليها من متعةٍ وازدهارِ     لا تغرَّنَّك الحضارةُ، ألقتْ   ءَ تثنَّتْ بمسرحِ الأوزار     وتعرَّتْ من الفضائل شَمْطا   نُ فاستسلمَتْ لأيدي الدمار     وبسوق الأهواءِ بايعَها الشيطا   بات يُقْصِيه عاصفُ التيار     ربِّ رُحْماك فالجناحُ مَهِيْضٌ   رانيات للعارض المدرار ([86])     لم تزل تستسقي العصورُ هُدانا  

ويبين د.عدنان النحوي فضيلة النظام الإسلامي على الأنظمة الأخرى التي برهنت الأيام على أنها تجمعات إجرامية تكيد كيداً عظيماً، يقول:

وقد كذبوا واللهِ يا هولَ مَأْثَمِ     وقالوا نظامٌ عالميُّ يصونُها   عنيداً بمكرٍ ظاهرِ الكيدِ مُحْكَم     لقد كان بالأمسِ القريبِ مدوِّياً   مع الليل أشتات الهوى المُتَوَهِّمِ ([87])     عصاباتُ إجرامٍ تدورُ بمكرِها  

وقد تحدث الشعراء أيضاً عن واقع الحياة العربية، بعد أن استعمرت الأراضي وعاث العدو فيها فساداً، وها هو " عمر بهاء الدين الأميري " يتحدث عن أطفال الحجارة في فلسطين ويصورهم وقد انطلقوا كالشهاب يرمون العدو وهم ينادون ( الله أكبر ) متحدين في ذلك المصاعب، لا يبالون بالشهادة في سبيل الله، يقول في ذلك:

" صائحاً … الله أكبر

قهر الصعبَ

ببأسٍ من حديدْ

ليس يُقهَرْ

يتحدى النارَ

كالإعصارِ

يصلاها … ويَجْأَرْ

ضارعاً لا ينثني

يُمْعِنُ في الزحفِ المُظَفَّرِ

صائحاً الله أكبرْ

لا يبالي

كان حيَّ الجسمِ

أم كان شهيدا ([88])

كما شارك الشعراء الأمة الإسلامية في مآسيها، وها هو " د.عبد الرحمن العشماوي " يتحدث عن مأساة البوسنة والهرسك وما حل بشعبها، رجالا ونساء من نكبات شتى ، ويصور ما تعرضت له مقدساتهم مساجدُ ومصاحف من انتهاكات، ، ثم يناشد الأمة الإسلامية ذات المليون نسمة أن تساعدهم في محنتهم وأن تحتج على ما يسفك من دمائهم، يقول في ذلك على لسان البوسنة:

وسئمت الأليمَ من ذكرياتي     أنقذوني فقد سئمْتُ حياتي   أشتكي من تَوَجُّعِ المُحْصَنات     أنا لا أشتكي من القصفِ لكن   ونسائي وصبْيَتي وبناتي     أنا يا مسلمونَ أبكي رجالي   صوتُ داعٍ في الخمسة الأوقات     أنا أبكي مآذني غابَ عنها   رسموا حولها صليبَ الطغاة     أنا أبكي مصاحفي مزَّقوها   يعلنون الدخول في غمراتي     أين ملياركم، أما فيه ألف   حقِّقوا لي الأقلَّ من أمنياتي ([89])     أسمِعوني يا قومُ صوتَ احتجاجٍ  

ويربط " محمد أمين أبو بكر " بين ماضي المسلمين وحاضرهم، ويستحضر شخصية هارون الرشيد رمز العزة الإسلامية، الذي أخضع نقفور يوم هدده، ولكن هذه العزة ضاعت بسبب تخلي المسلمين والعرب عن كرامتهم، واستسلامهم للهو، وسعيهم إلى حطام الدنيا لا خدمة الأمة، يقول في ذلك:

أ عرفْتَ يا هارونُ بعدَك ما جرى في أمةِ العُرْبِ ؟   باعوا مناراتِ الهدى واستبسلوا في ساحةِ اللَّعِبِ   كم أفحمونا بالتَّبَجُّحِ عن قواهِم ساعةَ الغضَبِ   عاثوا فساداً في الحِمى وتسابقوا لمعارِك النهب ([90])  

ولم يتوقف حديث الأدباء عن الحياة الدنيوية ومآسيها، وإنما راحوا يتحدثون أيضاً عن الدار الآخرة، ويذكّرون بزوال الأولى وضرورة العمل من أجل الثانية، يقول عارف الشيخ في ذلك:

لا قيصرٌ دام، لا كسرى ولا شاه     لا خُلْدَ في هذه الدنيا، كفى طمعاً   ما عشت أسعى لما يهوى ويرضاه     لا شيءَ غير رضا الرحمنِ أطلبُه   غُرّي سوايَ كفى صاباً جرَعْناه ([91])     طلقْتُ دنياي مبتوتاً فقلت لها  

وهكذا عبرت القصيدة الإسلامية عن تصورات الشاعر المسلم وفق المذهب النقدي الإسلامي ونظرته إلى الله والكون والإنسان والحياة.

ب- الشكل الفني :

أما مظاهر الالتزام الإسلامي في الشكل الفني فقد بدا في عدة مجالات أشرت إليها عند تعريف المذهب ويأتي في مقدمتها قضية اللغة العربية ورفض ما سواها في أي نص أدبي، وفرق بين لغة فصحى تجمع الملايين، ولهجة عامية تمزق العرب حتى أبناء  البلد الواحد، ولنقرأ هذا النص العامي لناصر الظاهري ([92]) وهو من الإمارات إذ يتبين به الفرق بين جمال الفصحى ورداءة العامية، يقول في ذلك:

-       " وكيف أصبحت اليوم؟ أمس شليت لك عشاء، ودقيت عليك الباب، ما حَدْ فتحْ لي .

- هيه، أمس نمت قبل صلاة العشاء، لعن الله إبليس ما وْعِيت إلى نصايف الليل .

- ها بعد ما خلصت من الدائرة، الناس تسلمت غوازيها من سنين مَحَدّ إلا أنت  [93]))

  والنص غني عن التعليق .

 وهناك قضية التخلي عن قواعد اللغة العربية، التي تبنتها الحداثة حين قالت (الخطوة الأولى للخروج من أزمة التعبير هي الخروج من حكم اللغويين) وادعت أن قواعدها تجعل القصيدة جامدة. ولذلك دمرت بنية الجملة العربية حتى تهافتت الفصحى على أيديهم وتردَّتْ، ومما قاله الشاعر أحمد مطر :

" حين أتى الحمار من مباحث السلطان

كان يسير مائلاً كخط ماجلان

خيراً أبا أتان

أتقثدونني ؟

نعم مالك كالسكران

لا شيء بالمرة يبدو أنني نعثان

كل الذي يقال عن قثوتهم بهتان ([94])

وهو يضع الـ التعريف للفعل ويجمع تعريفين للظرف الواحد ( بأل وبالضمير) وذلك في قوله :

" الدرج الرنا إلي عهداً

والكاد لي يشهق من دلال

والفوقه تعرش ياسمينة " ([95])

وقد أُغرقت الصحف والمجلات بشعر عامي حطمت فيه القواعد النحوية واللغوية، أو بشعر رمزي غامض لأن الوضوح بزعم الرمزيين تخلف ورجعية.

ولسنا مع الرمز المبهم ولكننا لا نمانع الرمز الذي يشير إلى المضمون بفنية ، كقول " سعيد عاشور" في حرب العراق الجارية:

قم يا صديقي كي ترى

تلك الجنانَ الزائفاتِ ستقترب

من كفِّ دجالٍ أَشِرْ

في كفِه الأخرى سنابلُ من لَهَبْ

قم يا صديقي وابتَهِلْ

لا تبتئِس

ضاع الوطن ([96])

وقد شرط النقاد الإسلاميون أن يكون هناك فصل بين الشعر والنثر، فالشعر ما توافر له وزن، أو تفعيلات بشروط الشعر الحر، أما ما سمي بقصيدة النثر فلا يعترف به المذهب النقدي الإسلامي ويعده خواطر أداها صاحبها بعبارات موسيقية.

ويكثر في الأدب الإسلامي ألفاظ المعجم القرآني كقول عمر بهاء الدين الأميري:

إلا لربي الواحد الديّان     أنا ما سجدت ولا انحنيت بقامتي   وتلوته في السر والإعلان ([97])     وحملت ما بين الجوانح مصحفي  

كما تكثر الألفاظ السياسية عند الأدباء الإسلاميين المعاصرين، وتلك التي تدل على الإحساس بالظلم والتفاؤل بالمستقبل المشرق، يقول عمر بهاء الدين الأميري متفائلاً رامزاً للمسلم بالصقر، وللجهاد بشجر الرماح، وللظلم بالليل البهيم المدلهم، وللتفاؤل بصوت الديك، والموعد في الصباح وازدهار الروابي:

من رَمْسِه شجرُ الرماحْ     صقرٌ سيَنْبُتُ ريشُه   بيدَ أن الديكَ صاحْ     ليلٌ بهيمٌ مُدْلَهِمٌّ   ستعودُ تزدهرُ البِطاحْ ([98])     الصبحُ موعدُهم بكُمْ  

وهكذا كان الأدب الإسلامي المعاصر الصوت المعبر عن الصحوة الإسلامية التي سببها تكالب الاستعمار على أراضينا والضغوط على الشعوب العربية والإسلامية، وهذا الأدب لا ينبَتُّ عن الأدب الإسلامي القديم، إلا أنه ظهر في الخمسينات من القرن العشرين عالياً مدوياً، يربط بين الدين والحياة بنظرة إسلامية وتصور إسلامي.

 

خاتمة

قد يلقى المذهب الإسلامي وأدبه معارضات من بعض النقاد الذين أنكروا وجوده، ولكنا نرد عليهم بأنه قائم على أسس سليمة، إذ لكل مذهب نظرة إلى الحياة، والمذهب الإسلامي له تصوره الفلسفي المنبثق عن الإيمان لا عن المادية الإلحادية، وله رؤيته وتصوره حول الكون والحياة والإنسان، وقد رسخه أدباء التزموا بالإسلام وأعلوا شأنه حتى دُرِّس في الجامعات، كما دُرِّست النظريات الغربية، ويحتاج هذا الأدب ومدرسته النقدية إلى أن يُسلَّط الإعلام عليهما حتى يتضحا في أذهان الآخرين.

 وإذا كانت المذاهب الغربية قد اعترف بها على الرغم من جنوحها وعبثيتها فإن المذهب الإسلامي له سماته وخصائصه، وكيف نعترف بمذهب المدرسة الواقعية الجديدة المنبثقة من اعتقادات الشيوعية ولا نعترف بالمدرسة الإسلامية المنبثقة من اعتقادات المسلم ؟.

ثم أليس من العجب ،كما يقول د.عماد الدين خليل، أن يستكثر علينا دعاة الإلحاد أن ندرّس مذهباً أدبياً نابعاً من بيئتنا وعقيدتنا، ويطالبونا بدراسة المذاهب الغربية ؟ مع أن المذهب الإسلامي يجمع بين الأدب والتنظير النقدي أو المذهبي الذي يبين طبيعة التجربة الأدبية ورؤاها، فضلاً عن أنه مذهب منفتح، يأخذ من المذاهب بعد غربلتها ما يوافق الإسلام في القضايا الفنية لا الفكرية.

ونوصي بأن تخاطب رابطة الأدب الإسلامي الجامعاتِ العربية كلها لتدرسه مادة عربية تحفظ العقيدة والتراث، وأن تهتم به أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وكذلك أعضاء الرابطة وكل غيور على دينه ولغته إبداعاً ونقداً، ذلك لأنه أدب يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وفيه بعث للقديم، ونبض العصر وقضاياه، وذلك وفق التصور الإسلامي.

هوامش البحث

 

([1]) الجمحي، محمد بن سلام، طبقات الشعراء ، تحقيق د.عمر فاروق الطباع، (بيروت، دار الأرقم، 1418هـ/1997م)، ص70-71 .

([2]) قصاب، وليد، في الأدب الإسلامي، (دبي، الإمارات العربية المتحدة، دار القلم، 1998م)، ص148 .

([3]) فيها: أي باطن عنقي، والأبيات في ابن سعد، الطبقات الكبرى ، (بيروت، دار صادر)، ج:4، ص54 .

([4]) أبو حاقة، أحمد، الالتزام في الشعر العربي ، (بيروت، دار العلم للملايين ، 1997م)، ص 80 .

([5]) المبرد، محمد بن يزيد، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق أحمد محمد كنعان، مجلدان (بيروت، دار الفكر العربي، 1999م)، م2، ص504.

([6]) الجرجاني، علي بن عبد العزيز، الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي، (بيروت، المكتبة العصرية، 1966م)، ص64 .

([7]) عصفور، جابر أحمد، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي (القاهرة، دار المعارف، 1973) ص235 .

([8]) الطباخ، محمد راغب، إعلام النبلاء بتاريخ الشهباء، تحقيق محمد كمال، 8 أجزاء، (حلب ، سوريا، دار القلم العربي، 1408هـ/1988م)، ج2، ص329 .

([9]) عمر بهاء الدين الأميري (1915-1992) شاعر سوري عمل في السلك الدبلوماسي، له دواوين متعددة منها : مع الله، ألوان طيف، حجارة من سجيل…. ينظر له في: الجدع، أحمد، معجم الأدباء الإسلاميين، 3 أجزاء، (عمان، الأردن، دار الضياء، 1994م)، ط2، ص922 .

([10]) محمد المنتصر بن أحمد الريسوني (1914-2000م) شاعر من المغرب، أصدر مجلة النصر 1957، له مؤلفات متعددة منها الإعلام الإسلامي، الشعر النسوي في الأندلس : الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين ، ج3، ص1261 .

([11]) د.الحسن بن عمر الأمراني (ولد 1949م) شاعر من المغرب، متخصص بالأدب العربي، له مؤلفات منها: المتنبي في دراسات المستشرقين الفرنسيين، وملحمة جسر على نهر درينا: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج1، ص  316 .

([12]) د.عبد الرحمن العشماوي (ولد 1956م) شاعر من السعودية متخصص في النقد الأدبي، له دواوين متعددة منها إلى أمتي، صراع مع النفس: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص696 .

([13]) د.عبد الرحمن العبادي (ولد 1952) شاعر من الإمارات له مقالات وقصائد نشرت في مجلة الإصلاح خاصة: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص687 .

([14]) د.عارف الشيخ (ولد 1952م) يعمل في مديرية التربية والتعليم في دبي، له دواوين شعرية منها: نداء الإسلام، إماراتي الحبيبة: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص634 .

([15]) قطب بن سيد، النقد الأدبي أصوله ومناهجه، (بيروت، دار الشروق، 1403هـ) ط5، ص20 .

([16]) قطب ، محمد، منهج الفن الإسلامي، دار الشروق، ص176 .

([17]) أبو الحسن الندوي (1914-1999) أديب من الهند ، كان مؤسس ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، له مؤلفات منها: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، قصص النبي للأطفال: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج1، ص62.

([18]) د.عبد القدوس أبو صالح (ولد 1932م) شاعر من سوريا، وهو الآن رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، من مؤلفاته: قضية الأدب الإسلامي، نحو منهج إسلامي في أدب الطفل: معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص750.

([19]) د.عبد الرحمن رأفت الباشا (1920-1986م) كاتب قصصي وله مؤلفات منها : نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، وقصة أرض البطولات: معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص681 .

([20]) د.عبد الباسط بدر (ولد 1944) شاعر من سوريا وهو حالياً رئيس المكتب العربي في رابطة الأدب الإسلامي، له مؤلفات منها: قضايا أدبية برؤية إسلامية: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص642.

([21]) د.سعد أبو الرضا (ولد 1938م) شاعر من مصر، له مؤلفات في الأدب الإسلامي وفي أدب الأطفال منها النص الأدبي للأطفال رؤية إسلامية: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص521.

([22]) جريدة الخليج ع7565 في 4/2/2000م، حوار مع د.عبد القدوس أبو صالح. ولمكتب البلدان العربية فروع شتى، ولكل مكتب نشاطاته التي ترسخ مفهوم الأدب والنقد الإسلاميين .

([23]) الحديثي، بهجت، القصيدة الإسلامية وشعراؤها المعاصرون في العراق، (الإسكندرية، مصر، المكتب الجامعي الحديث، 2003) ص60 .

([24]) الباشا. عبد الرحمن رأفت، نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، (القاهرة، دار الأدب الإسلامي للنشر والتوزيع، 1418هـ/1998م) ط4، ص113 .

([25]) محمد حسن بريغش (1942-2003م) أديب من سوريا له مؤلفات منها في القصة الإسلامية المعاصرة، أدب الأطفال تربية ومسؤولية: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص1107 .

([26]) الحديثي، القصيدة الإسلامية وشعراؤها ، ص58 .

([27]) د.وليد قصاب (ولد 1949) متخصص في النقد، وهو حالياً رئيس تحرير مجلة رابطة الأدب الإسلامي، له ستة دواوين ومجموعتان قصصيتان وأكثر من عشرين كتاباً في الأدب والنقد: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، ص1456 .

([28]) قصاب، في الأدب الإسلامي، ص23 .

([29]) د.عماد الدين خليل  (ولد 1939م) متخصص في التاريخ الإسلامي، له مؤلفات كثيرة منها فوضى العالم في المسرح الغربي المعاصر، التفسير الإسلامي للتاريخ: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص919 .

([30]) الحديثي، القصيدة الإسلامية ص57 .

([31]) مجلة الإصلاح ع308 من 6-12/10/1994: حوار أجراه عبد الكريم حمودي مع د. عادل الهاشمي حول الأدب الإسلامي، ص 48 .

([32]) د.بهجت عبد الغفور الحديثي (ولد 1943م) شاعر من العراق، يعمل حالياً في جامعة الشارقة، له مؤلفات متعددة منها: النبويات، دراسات نقدية في الشعر العربي: الحديثي، القصيدة الإسلامية ص119 .

([33]) جريدة الخليج ع7565 في 4/2/2000م، حوار مع د.عبد القدوس أبو صالح .

([34]) د.نجيب الكيلاني (1931-1995 م) طبيب وكاتب قصصي من مصر. من رواياته الطريق الطويل، النداء الخالد: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، ص1421 .

([35]) في الأدب الإسلامي ص31.

([36]) د.عبد الباسط بدر كان يرى أن الإسلاميين يجب أن تتوفر في النص لا في قائله، وقد أورد هذا في كتابه دليل مكتبة الأدب الإسلامي،     ( عمان ، الأردن ، دار البشير،1413هـ 1993م) ، ص13، ثم عدل عن هذه الفكرة إلى ماذكرت.

([37]) قصاب في الأدب الإسلامي ، ص38 .

([38]) مجلة الأدب الإسلامي، م2، ع5، ص 1415هـ1995م: ظاهرة الأدب المكشوف في كتب التراث، د.رجب البيومي، ص28 .

([39]) مجلة الأدب الإسلامي، م6، ع24، ص1420ه، بقلم عبده زايد، بعنوان المصطلح الإسلامي ص13 .

([40]) عثمان قدري مكانسي شاعر سوري له مؤلفات منها : نبضات قلب (ديوان ) والشعر العربي في الفتوحات العثمانية : معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص 838

([41]) الربيعي، محمود، في نقد الشعر، (القاهرة، دار المعارف بمصر 1977) ط4 ص45 .

([42]) نشاوي، نسيب، مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر، الاتباعية، الرومانسية، الواقعية، الرمزية، (دمشق، مطابع ألف باء الأديب، 1980م ) ، ص323، والباشا، نحو مذهب إسلامي ص65-66 .

([43]) نشاوي، مدخل إلى دراسة المدارس/324، وقصاب، وليد، الحداثة في الشعر العربي المعاصر، حقيقتها وقضاياها، رؤية فكرية ونقدية، (دبي، الإمارات العربية المتحدة، دار القلم) ص92 .

([44]) نشاوي، مدخل إلى دراسة المدارس، ص463-466، وساعي، أحمد بسام، حركة الشعر الحديث ، ط1978، ص483.

([45]) قصاب، الحداثة، 126 .

([46]) مجلة الفتح ، ع22 و 23،س1423هـ د.محمد عادل الهاشمي بعنوان أصالتنا الأدبية، ص26 .

([47]) مجلة الفتح، ع22و23، س1423هـ د.وليد قصاب بعنوان أبرز الملامح الفكرية للحداثة، ص38  .

([48]) نفسه .

([49]) ينظر على سبيل المثال: أبو الريش، علي،رواية مجبل بن شهوان ، الحب والغضب ، ( أبو ظبي ، الإمارات ، مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر ،1997م ص26،35،79….

([50]) مجلة الأدب الإسلامي، م5، ع17،س 1419هـ، أدونيس وديوانه الجديد. د.غازي طليمات، ص36 .   

([51]) مجلة الأدب الإسلامي، م1، ع4، س1415هـ، ص45-46 .

([52]) مجلة الصدى ،حوار مع أدونيس ، ص143 .

([53]) مجلة الأدب الإسلامي، م5، ع20، س1419هـ، نظرات في الشعر العربي في القرن العشرين، راضي صدوق، ص12 .

([54]) مجلة الأدب الإسلامي، م6، ع22، س1420هـ، هل للإسلامية مذهبها، د.عماد الدين خليل، ص36  .

([55]) الباشا، نحو مذهب إسلامي، ص149 وما بعدها.

([56]) مجلة الأدب الإسلامي، م6، ع22، س1420هـ، بعنوان هل للإسلامية مذهبها، د.عماد الدين خليل، ص36.

([57]) قارن د.الباشا المذهبين لأنهما يقفان على طرفي نقيض في قضاياهما كلها.

([58]) الالتزام في الشعر العربي، ص14.

([59]) مجلة الأدب الإسلامي، م9، ع33: الأدب الإسلامي ونقده عند أنور الجندي، ص43 .

([60]) مجلة الأدب الإسلامي م6، ع22، س1420هـ: هل للإسلامية مذهبها. د.عماد الدين خليل، ص36 .

([61]) قصاب، في الأدب الإسلامي، ص59-63، ومجلة الفتح ، ع16 و 17 س1422هـ، حوار عن الأدب الإسلامي مع د.عبد القدوس أبو صالح ، ص20 .

([62]) أحمد بن روان المجدلي (ولد 1965) شاعر من الجزائر له مجموعة شعرية بعنوان : المعراج الصعب: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج1، ص121 .

([63]) مجلة الأدب الإسلامي ، م5، ع17، للشاعر أحمد بن روان المجدلي، ص54 .

([64]) الأميري، عمر بهاء الدين، ديوان مع الله،( بيروت، دار الفتح،1392هـ ،1972م) ، ط2، ص41 .

([65]) يوسف العظم (ولد 1931) شاعر من معان في الأردن ،أصدر سلسلة مع الجيل المسلم للأطفال، وله ديوان عنوانه في رحاب الأقصى ، ومجموعة قصصية بعنوان يا أيها الإنسان: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، ص1487 والأبيات من ديوانه في رحاب الأقصى،(بيروت ، المكتب الإسلامي ،1420هـ،1980م)ط3 ، ص135 .

([66]) أحمد محمد صديق (ولد 1941) شاعر فلسطيني له مؤلفات منها: هكذا يقول الحجر، وقادمون مع الفجر: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج1، ص156 .

([67]) العفاني، سيد بن حسين ، رائق الشهد من شعر الدعوة والرقائق والزهد مع الله ، ( بني سويف ، مصر، مكتبة معاذ بن جبل 1420هـ،2000م) ،  ص72 .

([68]) مصطفى عكرمة (ولد 1943م) من اللاذقية في سوريا، له اهتمامات بأدب الأطفال وله مؤلفات ودواوين شعرية منها: فتى الإسلام، محمديات، أجمل ما غنى الأطفال: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، ص1359 .

([69]) مجلة الأدب الإسلامي م5  ع19، س1419هـ، قصيدة للشاعر مصطفى عكرمة بعنوان نحن والمطر ص88 .

([70]) قصاب، الحداثة، ص20-27 .

([71]) مجلة الأدب الإسلامي، م8، ع31،1422هـ،2002م، د.غازي طليمات، شبهات في شعر محمود درويش، ص 46 .

([72]) حسن إسماعيل ، رائق الشهد 199 .

([73]) مجلة الإصلاح ، ع261، في 4-10/10/1993، قصيدة للشاعر عارف الشيخ ، ص29 .

([74]) رابطة الأدب الإسلامي ، من الشعر الإسلامي الحديث، ( عمان ، الأردن ، دار البشير 1414هـ1993م)،ط2،ص379 .

([75]) هاشم الرفاعي (1935-1959م) شاعر من مصر لد ديوان : الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، ص1445 .

([76]) ديوان هاشم الرفاعي ، تح محمد حسن بريغش،(الزرقاء،الأردن،مكتبة المنار،1405هـ1985م)، ط2 ، ص358  .

([77]) الأميري، عمر بهاء الدين، ديوان إشراق، ( الكويت، دار القلم ) ، ص132 .

([78]) وليد بن عبد الكريم الأعظمي (ولد 1930-2004م) شاعر عراقي له ديوان ومؤلفات منها : شعراء الأعظمية في القرن العشرين، معارضات شوقي الحديثي: القصيدة الإسلامية، ص403 .

([79]) الأعظمي، ديوان وليد الأعظمي .

([80]) الأميري، عمر بهاء الدين، ديوان الزحف المقدس ،(عمان، الأردن، دار الضياء،1409هـ1989م) ص 37 .

([81]) مكي، الطاهر أحمد، الشعر العربي المعاصر روائعه ومدخل لقراءاته (القاهرة، دار المعارف بمصر) ط4، ص356. .

([82]) مجلة الأدب الإسلامي، م1، ع4، س1415هـ، قصيدة للشاعر عبد العزيز سالم ص61 .

([83]) يوسف عبد الله القرضاوي (ولد 1926) شاعر مصري له مؤلفات كثيرة منها: مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلامي، سلسلة حتمية الحل الإسلامي، وله مسرحية تاريخية بعنوان عالم وطاغية: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ص1498 ، والأبيات من موقعه على الشبكة العالمية ( الإنترنت).

([84]) في رحاب الأقصى ، ص36 .

([85]) شريف عبد القادر الحاج قاسم (ولد 1941م) ، شاعر سوري من دير الزور، له دواوين عديدة منها من جانب الطور، أناشيد على الدرب: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص578 .

([86]) مجلة الأدب الإسلامي ، ع19، س1419هـ ، قصيدة للشاعر شريف القاسم ص88 .

([87]) رابطة الأدب الإسلامي ، ديوان البوسنة والهرسك ، ( عمان ، الأردن،دار البشير،1414هـ1993م)ط2 ، ص18 .

([88]) الأميري، عمر بهاء الدين، حجارة من سجيل، شعر وفكر وسياسة ، إلى أبطال الانتفاضة الجهادية في فلسطين ،( الدوحة ، قطر، نشر دار الثقافة ،1409هـ) ، ص81 .

([89]) مجلة الإصلاح ، ع207 ص8-12/10/1993 ، قصيدة للشاعر عبد الرحمن العشماوي بعنوان الصرخة الأخيرة من سراييفو، ص35 .

([90]) مجلة الأمة، ع72، س1406هـ/1981م بعنوان رسالة إلى هارون الرشيد،للشاعر محمد أمين ابو بكر، ص84 .

([91]) مجلة الإصلاح ع261 في 4/10/1993م قصيدة للشاعر د.عارف الشيخ ص 29 .

([92]) ناصر الظاهري كاتب قصصي من الإمارات صدرت له مجموعة قصصية بعنوان عندما تدفن النخيل، نشر اتحاد كتاب وأدباء الإمارات سنة 1990 والنص من مجموعته هذه، ص16 قصاب، الحداثة /164 .

([93]) عندما تدفن النخيل ، ص16 .

([94]) جريدة الخليج الثقافي 16/9/1992،  ص23، وكلمة أتقثدونني بمعنى أتقتادونني ، ونعثان: نعسان، وقثوتهم: قسوتهم.

([95]) نفسه .

([96]) مجلة الأدب الإسلامي م10، ع37، س1424هـ/2003م ،للشاعر سعيد عاشور.

([97]) من الشعر الإسلامي الحديث /234 .

([98]) الأميري ، عمر بهاء الدين، الإسلام وأزمة الحضارة الإنسانية المعاصرة في ضوء الفقه الحضاري ، ( الرياض، الدار العلمية للكتاب الإسلامي ،1414هـ1993م) ، ص44.

المصادر والمراجع

1-     القرآن الكريم .

2-     أبو حاقة، أحمد، الالتزام في الشعر العربي (بيروت، دار العلم للملايين 1979م).

3-     أبو الريش، علي،

4-     ثنائية مجبل بن شهوان الحب ، الغضب ، ( أبو ظبي ، الإمارات ، مطابع مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر ط1997م

5-      الأعظمي، وليد، ديوان وليد الأعظمي (عمان، الأردن، دار الضياء، 2004م) ط2.

6-     الأميري، عمر بهاء الدين، الإسلام وازمة الحضارة افنسانية المعاصرة في ضوء الفقه الحضاري ، ،(الرياض، الدار العلمية للكتاب الإسلامي 1414هـ1993م).

7-     الأميري ، عمر بهاء الدين ، ديوان إشراق  (دار القلم ، بيروت ) .

8-     الأميري، عمر بهاء الدين ، ديوان حجارة من سجيل، شعر وفكر وسياسة،إلى أبطال الانتفاضة الجهادية في فلسطين ،(الدوحة، قطر، نشر دار الثقافة 1409هـ).

9-     الأميري ، عمر بهاء الدين،ديوان الزحف المقدس ،(عمان ،الأردن دار الضياء 1409هـ9 198م) .

10-  الأميري ، عمر بهاء الدين، ديوان مع الله  ،(بيروت ، دار الفتح ،1392هـ1972م)ط2

11-  -الباشا، عبد الرحمن رأفت، نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، (القاهرة، دار الأدب الإسلامي للنشر والتوزيع، 1418هـ/1998م) ط4.

12 - بدر، عبد الباسط، دليل مكتبة الأدب الإسلامي ( عمان، الأردن،دار البشير،1413هـ،1993م).

13 -  الجدع، أحمد ، معجم الأدباء الإسلاميين، 3 أجزاء، (عمان، الأردن، دار الضياء، 2004م)، ط2 .

14     - لجرجاني، علي بن عبد العزيز، الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي، (بيروت، المكتبة العصرية، 1966).

15     - الحمجي، محمد بن سلام، طبقات الشعراء، تحقيق د.عمر فاروق الطباع (بيروت، دار الأرقم، 1418هـ/1997م).

16     -الحديثي، بهجت، القصيدة الإسلامية وشعراؤها المعاصرون في العراق (الإسكندرية، مصر، المكتب الجامعي الحديث، 2003م).

17     -رابطة الأدب الإسلامي ، من الشعر الإسلامي الحديث ( عمان ، الأردن ، دار البشير ،1409هـ،1989م) .

18     - رابطة الأدب الإسلامي ، ديوان البوسنة والهرسك ، ( عمان، الأردن، دار البشير1414هـ،1993م) .

19     -الربيعي ، محمود ، في نقد الشعر ، (القاهرة ، دار المعارف بمصر ، 1977م ) ، ط4

20     - الرفاعي ،هاشم، ديوان هاشم الرفاعي ، تح محمد حسن بريغش،(الزرقاء ، الأردن، مكتبة المنار 1405هـ،1985م،)ط2 .

21      - ساعي ، أحمد بسام، حركة الشعر الحديث، ( ط 1978 م ).

22     - ابن سعد: الطبقات الكبرى (بيروت ، دار صادر).

23     - عصفور، جابر أحمد، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي (القاهرة، دار المعارف بمصر، 1973م).

24     - العظم، يوسف، في رحاب الأقصى ( بيروت ، المكتب افسلامي ،1400هـ1980م)ط3.

25     -العفاني ، سيد بن حسين ، رائق الشهد من شعر الدعوة والرقائق والزهد مع الله ، (بني سويف ، مصر ، مكتبة معاذ بن جبل ، 1420هـ،2000م) .

26     - الطباخ، محمد راغب إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء تحقيق محمد كمال، 8 أجزاء، (حلب ، سوريا، دار القلم العربي، 1408هـ/1988م).

27     - الظاهري، ناصر، عندما تدفن النخيل (الإمارات ، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، 1990م).

28     -قصاب، وليد، الحداثة في الشعر العربي المعاصر حقيقتها وقضاياها، رؤية فكرية ونقدية، (دبي، الإمارات العربية المتحدة، دار القلم).

29     - قصاب، وليد، في الأدب الإسلامي، (دبي، الإمارات العربية المتحدة، دار القلم)، 1998م .

30      - قطب، سيد، النقد الأدبي أصوله ومناهجه ،( بيروت، دار الشروق،1403هـ) ، ط5 .

31     -  قطب ، محمد، منهج الفن الإسلامي، دار الشروق .

32     - المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد، الكامل في اللغة والأدب .

33      -مكي، الطاهر أحمد، الشعر العربي المعاصر روائعه ومدخل لقراءته (القاهرة ، دار المعارف بمصر) ط4 .

34     -نشاوي، نسيب، مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر، الاتباعية، الرومانسية ، الواقعية، الرمزية، (دمشق، مطابع ألف باء الأديب، 1980) .

الدوريات

1-     مجلة الأدب الإسلامي، م1، ع4، س1415، ص45-46 . وص61 قصيدة للشاعر عبد العزيز سالم .

2-     مجلة الأدب الإسلامي، م2، ع5، س1415هـ، ظاهرة الأدب المكشوف في كتب التراث، د.رجب البيومي، ص28 .

3-     مجلة الأدب الإسلامي، م5، ع17، للشاعر أحمد بن روان المجدلي، ص54 .

4-     مجلة الأدب الإسلامي، م5، ع17، 1419هـ ، بعنوان أدونيس وديوانه الجديد (الكتاب أمس، المكان الآن) عرض ونقد د.غازي طليمات، ص36 .

5-     مجلة الأدب الإسلامي ، م5 ع 19، س1419هـ،قصيدة للشاعر مصطفى عكرمة بعنوان نحن والمطر ، ص88 ،  وفي العدد نفسه قصيدة للشاعر شريف قاسم  .

6-     مجلة الأدب الإسلامي ، م5، ع20، س1419، نظرات في الشعر العربي في القرن العشرين، راضي صدوق، ص12 .

7-     مجلة الأدب الإسلامي، م6، ع22، س1420هـ هل للإسلامية مذهبها د.عماد الدين خليل ، ص36 .

8-     مجلة الأدب الإسلامي ، م6، ع24، س1420هـ بقلم عبد زايد بعنوان المصطلح الإسلامي، ص4-14 .

9-     مجلة الأدب الإسلامي ، م8، ع31، س1422هـ،2002م د.غازي طليمات، شبهات في شعر محمود درويش، ص 46

10-  مجلة الأدب الإسلامي ، م9، ع33 الأدب الإسلامي ونقده عند أنور الجندي ، ص43 .

11-  مجلة الأدب الإسلامي ، م10 ، ع27، س 1424هـ/2003م ، قصيدة للشاعر سعيد عاشور .

12-  مجلة الإصلاح، ع207، ص8-12/10/1993، قصيدة للشاعر د. عبد الرحمن العشماوي ،الصرخة الأخيرة من سراييفو ص35 .

13-  مجلة الإصلاح، ع261، في 4/10/10/1993، قصيدة للشاعر د. عارف الشيخ ،ص29 .

14-  مجلة الإصلاح، ع308، من 6-12/10/1994 حوار أجراه عبد الكريم حمودي مع د.عادل الهاشمي حول الأدب الإسلامي، ص48

15-  مجلة الأمة، ع72، س1406هـ/1981م بعنوان رسالة إلى هارون الرشيد، للشاعر محمد أمين أبو بكر ص84 .

16-  مجلة الصدى ، حوار مع أدونيس

17-  مجلة الفتح، ع16 و 17، س1422، حوار عن الأدب الإسلامي مع د.عبد القدوس أبو صالح، ص20 .

18-  مجلة الفتح، ع22و23 ، 1423هـ ، د.وليد قصاب بعنوان أبرز الملامح الفكرية للحداثة ص38 .و د.محمد عادل الهاشمي بعنوان أصالتنا الأدبية ، ص22 .

19-  جريدة الخليج الثقافي 16/9/1992م، ص23 ، للشاعر أحمد مطر.

20-  جريد الخليج الثقافي ع7565 في 4/2/2000م حوار مع عبد القدوس أبو صالح

21-  جريدة المسلمون

الإنترنت  موقع يوسف القرضاوي .

وسوم: العدد 656