وقفة مع اللغة(3)...
أصل كلمة فلاّح
أصل الفَلاح: القطع والشق. ومنه سُمّي الزارع فلاحًا لأنه يشق الأرض ليقوم بزراعتها.
هو أفلح وفلحاء: مشقوق الشفة السفلى. كان عنترة بن شداد يلقب بالفلحاء لأنه كان مشقوق الشفة السفلى.
ويكون الفلاح بمعنى الفوز والبقاء فقوله تعالى(وأولئك هم المفلحون) -سورة البقرة آية 5- أي الباقون في النعيم المقيم.
وفي الأذان: حي على الصلاة، حي على الفلاح. هلمّوا إلى ما فيه فلاحكم ونجاتكم والفلاح النجاة والبقاء، والمفلحون الفائزون بالبقاء.
الحرامية
الحرامية هم اللصوص، كلمة عربية صحيحة، نسبة إلى الحرام؛ فالحرامي هو الذي يأكل المال الحرام المغتصب بالسرقة، وقد وردت هذه اللفظة في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير:(وفي هذه السنة قطعت الحرامية الطريق على قَفَل كبير(قوافل) بولاية حلب).
راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير-حوادث سنة 482ﻫ.
الفرق بين الدخيل والمُعرّب والمُوَلّد في اللغة:
الاقتراض اللغوي ظاهرة طبيعية في كل اللغات الحية، وهو مظهر دال على تطور تلك اللغات. اضطرت اللغة العربية إلى الاقتراض من اللغات التي احتكت بها منذ الجاهلية الأولى، واتسعت هذه الظاهرة في صدر الإسلام لما طرأ على المجتمع من انفتاح على الحضارات والمجتمعات الأخرى نتيجة اتساع الفتوحات واختلاط العرب بغيرهم من أبناء الشعوب كالفرس، والروم والقبط وغيرهم، وقد شهدت الدولة نهضة علمية وأدبية، وثقافية، وتجارية في العصر العباسي ما أدى إلى دخول كلمات أجنبية إلى اللغة العربية وإلى توليد كلمات جديدة. وقد صنف العرب الكلمات إلى أصناف هي:
-الألفاظ والمفردات الأعجمية التي حافظت على عُجْمَتها ودخلت اللغة العربية دون تغيير، وهذه تسمى (الألفاظ الدخيلة)، أو الدخيل. مثل: تلفزيون، تلفون، ستوديو، فيسبوك، إنترنت.
-الألفاظ الأعجمية التي قام العرب بإلحاقها بكلامهم بعد تغييرها وصقلها بما يناسب لغتهم، فبدّلوا بعضًا من حروفها، أو زادوا عليها أو حذفوا منها لتتفق ومنهجَ نطقهم وطبيعة لغتهم، أي أخضعوها لمقاييس اللغة العربية، وأطلقوا عليها اسم (المُعرّب)، مثل: كسرى ومعناه الملك الأكبر من ملوك الفرس خاصة، وأصله في كلام الفرس: خُسرو بخاء مضمومه وواو في آخره، وسندس واستبرق وزنجبيل ومشكاة وسجيل.
-الألفاظ التي استعملها العرب بعد عصر الرواية وقد أطلقوا عليها اسم (المُولّد)، مثل: كاتب، سيارة، قطار، مكيّف هواء، كُبّة، كنافة، هاتف، مذياع.
في الأصوات
البَقْبَقة: صوت غليان القدر، صوت صادر عن انسكاب الماء من قنينة أو قلة. الحَمْحَمة: أن يردد الفرس صوته ولا يصهل. الجَفْجَفة: هزيز الموكب وحفيفه في السير. الحَفْحفة: حفيف جناحي الطائر. الجرجرة: صوت جرع الماء في جوف الشارب
الجعجعة: أصوات الجمال مجتمعة. صوت الرحى(الطاحونة). اسمع جعجعة ولا أرى طحينًا. أي كلام بدون فائدة.
الزعزعة: اضطراب الأشياء بالريح.
الزغزغة: اضطراب الإنسان في خفة ونزق.
الرفرفة: صوت أجنحة الطائر إذا حام ولم يبرح.
الزقزقة: تغريد العصافير، صوت الضحك الضعيف.
الفحفحة: تردد الصوت في الحلق. الكهكهة: صوت ترديد البعير هديره. القهقهة: الاستغراق في الضحك بصوت عال.
الوسوسة: حرة الشيء كالحلي.
الوشوشة: حركة القوم وهمس بعضهم إلى بعض. الوعوعة: صوت نباح الكلب إذا ردده. الوقوقة: اختلاط أصوات الطير. الوكوكة: هديل الحمام.
المزهر في علوم اللغة للسيوطي، ج1، ص 442.
التنغيم في اللغة:
من الأمثلة التي تبين أثر التنغيم في دلالات الجملة قولك: أحمدُ أخوك علاّمةٌ. فهذا التركيب يتكون من عدة جمل يفصل بينها جميعها التنغيم، فهو يُقرأ بالصور التالية: 1-أحمدُ أخوك علاّمةٌ.…(جملة تقريرية إخبارية ذات نغمة مستوية) 2-أحمدُ أخوك، علاّمةً…(جملتان: الأولى تقريرية والثانية حالية. كأنك تقول: أحمد أخوك، وهو علامة.. فالنغمة على الأولى مستوية، وهي على الثانية تظهر صاعدة لأنك ترفع الصوت عندها). 3-أحمدُ أخوك علامةٌ…(جملة استفهامية ذات نغمة صوتية صاعدة في كل أجزائها) 4-أحمدُ، أخوك علامةٌ. (جملتان: ندائية وخبرية) 5-أحمد، أخوك علامةٌ؟ (جملتان: ندائية واستفهامية) وهكذا ترى من خلال هذا التركيب، أن للتنغيم أنواعًا من النغمات الصوتية، فقد يكون التنغيم صاعدًا كما في الاستفهام والتعجب أو التحذير كقول الشاعر: أخاك أخاك إنّ من لا أخًا له*** كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
يوسف الجورابة،"التنغيم ودلالته في العربية"، بحوث في اللغة، اتحاد الكتاب، الموسوعة الشاملة.
وسوم: العدد 657