أعشقني، وتواترات أطراف المعادلة بين الفنتازيا ورسائل الحب والجنس
د. سناء الشعلان فرج مجاهد عبدالوهاب
الفانتازيا: جنس سردي، خطابي، يتولد من التردد الذي يقع فيه المتلقي، أو الشخصية، عندما يفاجأ بحدث غرائبي يخرق قوانين العلم والعالم، مما يجعل المتلقي يقف أمام موقفين: موقف يعتبر الخارق فيه من قبيل الغريب الذي ر يمكن تفسيره فيتساءل إن كان ينسبه إلى الواقع أم يرفض نسبتها إليه، فيعتبر الخارق عندئذ وهماً وخيالاً، فتطل قوانين العالم على ما هي عليه .
وموقف يجعله يعتبر ما رآه له علاقة ما بالواقع فيحيله إلى الواقع ليضعه تحت مصطلح (العجيب) الذي يتصل عادة بما يثير الانتباه ومن خلال ترد الملتقي بين الموقفين، يُحلق الإيهام بفضاء الفانتازيا.
وبالمقابل، فإن الخيال العلمي هو (أدب الخيال العلمي الذي يتناول الأفكار والتصورات الحاضرة والمستقبلية ) (1)، بينما الباحثة الدكتورة (فالنتنيا إيفاشيفا) توسع دائرة مفهوم المصطلح، وترى أنه (صورة من الأدب الإمتاعي بغض النظر عن درجة المعرفة العلمية التي قد يكون الخيال قائماً علمياً ) .
وإذا كان مسرود الخيال العلمي، ينطلق من شروط استشراف المستقبل المتطور، فإن مسرود الفانتازيا العلمية لا يخضع بشروط الممكن ولا تراعيه، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه ليس ثمة حدود دقيقة بين المصطلحين، لا سيما إن كان المستحيل في الماضي أو الحاضر، يغدو واقفاً في المستقبل القريب أو حتى البعيد .
من آفاق المصطلح المحدد لمسرود الخيال العلمي المتنامي مع شروط الفانتازيا العلمية المتماهية مع الخيال، يمكن الدخول إلى عوالم الرواية المميزة (أعشقُني) التي أبدعت صياغتها الأدبية الأردنية (د.سناء شعلان ) فقدمت نصاً روائياً متكاملاً من خلال ثمانية فصول، لكل فصل عنوانه الطويل والخاص به مشكلاً مفتاحاً دلالياً لكل ما جاء في الفصل ، مقسمة الرواية إلى قسمين ، في القسم الأول رؤية فانتازياً لشطحة خيال علمي، بدا غرائبياً لعدم توفي القناعة الكافية لمكنة تحقيقه، سواء في الحاضر أو المستقبل ولكن لعبة المبدعة التي نقلت الحدث - موضوع الرواية- إلى المجرة منح الحدث رؤية غيبية تشير إلى أنه وفي هذا المجال الكوني يمكن أن يتحقق الحدث، ضمن الشروط العلمية التي وفرتها المجرة لتحقيق نجاح الحدث، ولذلك امتد إلى مسار خمسة أبعاد هي: (الطول، والزمن والارتفاع، العرض ، الحب)القسم الثاني، خرج من إطار الفانتازيا وشروط الخيال مع احتفاظه بكثير من المصطلحات العلمية، ليحلق في إطار رومانسية وجدانية من خلال ثلاثة فصول (نظرية الطاقة/ المعادلة النظرية- انطلاق الطاقة ) لتفرز علاقة حب من نوع خاص بين خالد وشمس، كانت الرسائل المكتوبة على الصفحة الضوئية كشفت عن كثير من المواقف والأفكار التي لم تخرج عن إطار الحب والجنس والجسد والعشق والحياة والموت، موضحة أبعاد العلاقة التي جمعتهما مخلفة جنياً في رحم شمس .
تبدأ الرواية بمدخل يكشف يوميات امرأة عاشقة من مجرة درب التبانة، تفرش المبدعة من خلاله الأسس التي شكلت فيما بعد فضاءات الرواية بقسميها، حيث تطرح معادلتها التي تؤكد على (أن الحب هو البعد الخامس الأهم في تشكيل معالم وجودنا، وحده الحب هو الكفيل بإحياء هذا الموت، وبعث الجمال في هذا الخراب الالكتروني البشع، وحده القادر على خلق عالم جديد، يعرف معنى نبض قلب، وفلسفة انعتاق لحظة، أنا كافرة بكل الأبعاد خلا هذا البعد الخامس الجميل ) ص:9 .
في الفصل الأول وعنوانه (البعد الأول: الطول، في امتداد جسدها تسكن كل آمالي، ويغفو بدعة طوق نجاتي) حيث يجتمع في إحدى غرف المستشفى العسكري، الضابط (باسل المهري الذي تعرض لحادث إرهابي، خلفه عقلاً ينبض بالحياة، ولكن من دون جسد، إلى جانب سريره تغفو المناضلة السياسية (شمس) القادمة من غياهب الزنزانات الانفرادية في معتقلات السياسة في أقاصي كوكب المجرة، تترجل عن صهوة كبرياء فأضحت جسداً حياً ولكن من دون روح، والمطلوب نقل دماغه الحي إلى جسدها الميت أو البدء في العملية يتوقف على موافقته، فتأخذه الرؤى التخيلية إلى أنه:(عليه أن يختار سريعاً وهذا ما يخيل لي أنني سأفعله، أو ما يجب أن أفعله فعلاً، ولكن الحقيقة تقول بصفاقة لا مبالية إلى أن الأقدار اختارت مسبقاً، ورتبت الأمور والصدف والأحوال كما ينبغي، وأنا مضطر إلى أن أوضح إلى تصاريف الصدف والأفعال العبثية والقدرية في أن ما دام العالم كله، والتقدم الحضاري بأسره في الألفية الثالثة من تاريخ البشرية وسلطتي ورتبتي العسكرية الرفيعة، ونفوذي الخطير، وسيرتي العسكرية المشرفة، وطموحاتي العملاقة ومآثري المزعومة، لا تستطيع جميعاً أن تهيني لحظة حياة إضافية في حين انتهت إقامتي الجبرية اللذيذة في سيرورة الحياة، حتى جسدها الصغير المقرر، هو قدري في هذه اللحظات فضلاً عن موتها أو للدقة قتلها في يوم حاجتي إلى جسد ما) ص:18
الأطباء يؤكدون أن جسدها هو الوحيد الملائم جينياً وأنسجة وخلايا لجسده، يحاول وهو الذي لا يثق بمخابرات المجرة، ولا بالأطباء ولا بالعملية المستحيلة ولا حتى بجسدها المسجي بصمت واستسلام، ولكنه يمشى بعجز واضطرار بطاقة كونية قادرة على أن تخلصه من هذه المحنة الخرافية (يدرك أنه نسى معظم ما قيل له، خلا أن جسده البالي سيلقى في مشرحة كلية الطب، ودماغه سيرتدي جسدها، وهي ستكونه، وهو سيكونها، وبذلك يكون رجلاً في جسد امرأة أو جسد امرأة بعقل رجل ، أي سيكون اثنين في واحد إلى تنجح العملية ثم يعيد الأطباء الكرة، ويحبونه جسداً ذكورياً حتى يأتيه الموت مرة أخرى ) ص:23.
في الفصل الثاني، وعنوانه : (البعد الثاني الزمن، ثمة مفاهيم جديدة ونظريات نسبية أخرى للزمن عندما يتعلق الأمر باحتلال جسدها وأنا محتل آثم ) ص:27، حيث يلعب السارد لعبة الترقب الزمني من خلال عقارب القرص الدائري الالكتروني، والترقب المحفز يأتي من العقارب التي يبدأ عدها في الخامسة إلا ثلثاً.. ثم إلا سبع عشر دقيقاً.. ثم إلا تسعة عشرة دقيقة ويغمض عينيه ويسدد في صمت، مئات الصور والذكريات والألوان تجتاح لحظته، يتعالى في أذنيه صخب آلات يدرك أنها أصوات الآلات الطبية المشغلة والسابرة لأعضائه الحيوية ووظائفها الحساسة يقول بتمتمة – متلعثمة: آه .. المستشفى ) الساعة الخامسة لكن أين أنا ؟ آه .. آه .. آه : ص28.
وتجري العملية بنجاح، وينقل دماغه الحي إلى الجسد الأنثوي، وأصبح من السهل عليه أن يستيقظ وأن يفتح عينيه دفعة واحدة وتكرر أسئلته :
من أنا ؟
ماذا أفعل هنا ؟
كم الساعة الآن ؟
لماذا لا أستطيع التحرك
أنا جائع .. أنا عطشان
أنا باسل المهري
أنا مريض ، الساعة الآن هي الواحدة
نحن الآن في يوم الأربعاء
نحن في عام 2010 ميلادي
أنا سأتحرك في القريب، يجب أن آخذ الدواء ) ص:31
ويمضى ستة أشهر سارداً في عالمه الدبق الرتيب، وشهراً معناه في صحوة مباغتة ( أول حركة ليديه سرحت دون وعي منه إلى قضيبه المجيد، فقد اعتاد في الماضي على أن يداعبه في كل ليلية مستغلاً عراءه في سريره الدافئ، لا سيما إن كانت زوجته غائبة...
لكن مفاجأة رهيبة كانت في انتظاره، لقد اختفى العضو، تحسس مكانه برعب وتوتر، فتأكد من فقدانه مخلفاً وراءه تجويفاً ناعماً غريباً له أطراف وأشفار تذكره بالشكل المنفر للجزء السفلي في جسد زوجته الذي اقترن بذهنه بالتبول والتغوط ورائحة التعرق الكريهة ) ص:35.
ويدرك أنه أمسى حبيساً ذليلاً داخل هذا الجسد الذي لا يحمل أي شيء من ذاكرته .. ثم ما هذا التكور العملاق في منطقة البطن؟ تباً ماذا يعني هذا التضخم المفاجئ في البطن ؟ ويتأكد أن التضخم نتيجة حمل كان ق توضع في رحم الجسد الجديد الذي سكنه .
في الفصل الثالث، وعنوانه (البعد الثالث: الارتفاع، جسدها الصغير النحيل هو اقرب مسافة لنفسي نحو الأمل) ص:41
من الأطباء أنه حمل يحتاج إلى رعاية خاصة إلى حين انتهائها تلقائياً وقد تحتاج إلى عملية في مرحلتها الأخيرة . ص:41
ويشعر أنه وحده في هذه التجربة (نعم أنا وحدي وليس معي أي عون أو قوة، وحده هذا الجسد الغريب الصغير هو رفيقي في هذه التجربة القاسية ) ص:44، ويهيئ المختصون له أرشيفا كونياً جديداً ووثيقة رسمية جديدة ، (أنت منذ الآن باسل المهري يبعث من جديد في جسد آخر، سأل بحزن مداهم لا يعرف له معنى : وماذا عنها ؟
هي ماتت وانتهى أمرها وأقفل ملفها إلى الأبد، أنت وحدك الباقي الآن، أجاب لمندوب بتقريريه عالية تحمل كلمة الأمر الخفي: أليس هذا الشكل الأنثوي متناقض مع اسمي وعملي وحياتي بل وذاكرتي، ص:41
ويغرق في ضياع سحيق في روحه، يتفرس في بطنه المنتفخ، وانزلق بغير تدريج على قدميه الصغيرتين، فيتساءل متى بالتحديد سأشفى من مرض الحمل، فيمتص سؤاله ولا يفهمه .
الفصل الرابع، وعنوانه (البعد الرابع، لا تتجاوز مساحة الكون عرض أحزاني) ص:53 .
لم يتلبس الرجل جسدها فقط، وإنما تغلغلت إلى عقله وسيطرت على وسامته، لدرجة أنه لم يعد يرى نفسه، لأنها الحاضرة الدائمة في كيانه كله، وحدها أصبحت تسكن مجالات الرؤية والحقيقة والوجود، تكرس بحضورها الدائم غيابه، ففي حضرة جسدها( اشعر بكل الغربة والتطفل: ولذلك اعتدت منذ أسابيع على أن أجلس في الظلام كي لا أراه) ص:53، وهنا برز قمة الجسد كمركز استراتيجي لدوران الأبعاد جميعها .
(وحده جسدها هو من استطاع أن يهزمني، ووحده من استطعت أن أذله، بل أن أكرس له كل وقتي وجهدي من أجل أن أهزمه ) ص:55.
(جسدها لي، وأنا من له أن يمسك بكل خيوط اللعبة في هذه اللحظة، ولن أخسر مهما كلف الأمر، هذا الجسد بات لي، ولم يعد لها قريباً سأطردها من جسدها، سأجرى عمليات تجميل لأحول هذا الجسد الأنثوي إلى آخر يضج بالرجولة سأخضع لعملية إزالة لورم الحمل ، وسأحلق شعر رأسها من جديد فأنا أكره شعرها الجميل لأنها تحبه ) ص:56.
ويبقى في حالة صراع دائم بين تداعياته وسطوة جسدها المتحكم بمساراته العقلية والنفسية التي تدفعه إلى مقاومة جسدها، نعم سأنتصر عليها بها، سأكسرها في، لن أفكر فيها أبداً، خضرة عينيها المائيتين، أريدها أن تكون نورساً مكسور الجناحين، قدره أن مهجورة متأبدة لا يقصدها ضال في أي حال )ص:57 .
الفصل الخامس ، وعنوانه ( البعد الخامس : الحب وحده من تتغير به حقائق الأشياء وقوانين الطبيعة ) ص: 61
يستمر الضغط النفسي في قيادة صاعه مع الجسد الأنثوي الذي حلت فيه روحه وعقله، حتى يجد نفسه حبيس الأشياء جميعها من دون ذنب اقترفه فهو سجين إجازته الإجبارية من العمل بسبب ظروفه، سجين رفض زوجته وأبنائه له بسحنته الجديدة .
ويتجه التفكير إلى ضرورة معرفة أي نوع من النساء تلك التي يسكن جسدها، ويسلك نحوها كثيراً من الطرق السريعة والمختصرة، فيكتشف أنها أكثر شهرة من جهله بها، ويعلم أن لها مريدين وأتباعاً وقراء ومشجعين، وأن الدنيا قامت ولم تقعد إثر قتلها في المعتقل، ووجد أن المخابرات المركزية للمجرة المصدر الأصب للحصول على معلومة عن صاحبة جسده التي أودعت فيه جنيناً منتظراً الخلاص منه قبل أن يتم شهره الثامن، حيث ستجري له عملية إجهاض وبموافقة أمنية (خاصة وشبة عاجلة من المجلس الأعلى للمخابرات والمجلس القضائي الكوني الأعلى وإدارة الأبحاث الطبية ومنظمة الأطباء الرواد التي أجرت عملية نقل دماغه إلى جسدها ولكن سيكون عليه حينها أن يدفع مخالفة مالية عملاقة قد تنسف ثلث تقاعده، وربع تعويضه المالي عن إصابته في أثناء تأديته لمهام عمله بالدولة، نظير قيامه بمخالفة خطيرة لكل قوانين المتعة والزواج والإنجاب في الدولة، وسيكون عليه في الوقت نفسه أن يخضع لجلسات قضائية معقدة حتى يشرح كيفية تورطه في هذا الحمل الغريب وفي هذه المخالفة الشائنة ) ص:67.
يستمر السارد في توصيف معاناته مع الحمل الذي لم يتوقعه وهو يتأمل جسده، ومنظر ثدييه المتضخمتين المرتبط بالحمل وهرمونات الجسد في الوقت يجد في البحث عن الخدمة الضوئية التي قيل له إنها أخر ما كتبت ( ولكن بفضل موتها وتحولها إلى نسيً منسيً، لا قلق أو قضية اعتقالها وتعذيبها، وعدم احتوائها على أية معلومات خطيرة في نظر المخابرات والحكومة، وبفضل إصراري على أنني سأعيد الخدمة مع آمر الوثائق الالكترونية في المخابرات، وبسبب مصالح له معلقة بي فقد حصلت على الحزمة الضوئية أخيراً ) ص:64.
بلهفة بالغة لمعرفة أسرار من يسكن جسدها يفتح الحزمة الضوئية المكتوبة بعد أن أدخل الرقم السري ، ليقرأ في نفس عميق في الصفحة الأولى على عجالة لم تكتب فيها إلا فقرة واحدة تقول: (وحدهم أصحاب القلوب العاشقة من يدركون حقيقة بعد خامس ينتظم هذا الكون العملاق، أنا لست ضد أبعاد الطول والعرض والارتفاع والزمان، ولكنني أعلم على اليقين والمؤمنين والعالمين والعارفين والدارين وورثة المصفوفة والعشاق المنقرضين منذ آلاف السنين، أن الحب وحده هو البعد الخامس الأهم في تشكيل معالم وجودنا، وحده الحب هو البعد الخامس الأهم في تشكيل معالم وجودنا، وحده الحب هو الكفيل بإحياء هذا الموات، وبعث الجمال في هذا الخراب الالكتروني البشع وحده القادر على خلق عالم جديد يعرف معنى نبض القلب، وفلسفة انعتاق لحظة، أنا كافرة بكل الأبعاد خلال هذا البعد الخامس الجميل أنها بنية هذا العصر الالكتروني المقيت، فهل من مؤمنين، لأكون وخالد وجنينها القادم المؤمنين الشجعان في هذا ابعد الجميل خالد، أنا أحبك، وأحب جنينها كما ينبغي لنبقية عاشق أن تحب) ص:19، تقوده كلماتها إلى مشارف الاعجاب المتسائل إن كانت كلماتها تحمل شيفرات سرية الاختراع جديد أو اكتشاف فيزيائي خطيرة، ... يتوقف كثيراً متأملاً متسائلاً عن نظرية البعد الخامس وهل هي نظرية تستدرك على النظرية النسبية لأينشتاين فتنسفها ويصل بذهنه إلى أن هذه المرأة أخطر مما كان يتوقعه، وما عليه إلا أن ينزلها من مكانها الصحيح في تقديره، وأن يأخذ منها الحيطة والحذر، وينتقل عبر الآمر الالكتروني إلى صفحة ضوئية جديدة يجد زهرة برية مجففة مجهولة الفصيلة، يداعبها برقة خوفاً من أن تسقط بتلاتها، يقربها من أنفه يشعر أنها لا تزال تملك بعضاً من شفراها الطبيعي المسكر، فيتساءل : ( من أين لها بهذه الزهرة الجميلة؟ هل قطفتها من محمية ما ؟ ألا تعرف أن هذا سلوك جرمي ويعاقب عليه القانون بغرامة كبيرة؟ يبدو أنها مولعة بحق المخالفات وبالغرامات وبالجنح القانونية) ص:72.
ويقلب الصفحات على عجل حتى يصل إلى الصفحة الأخيرة مستعرضاً نظام الصفحات المدونة بطريقة النابض اليدوي الطريقة القديمة شبة المنقرضة والتي تحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل ويمضى يقرأ لنفسه وجنينه الجملة الأخيرة التي تذيل الصفحة الأولى .
من يوميات امرأة عاشقة من مجرة درب التبانة، فيقر بأن ما سيقرئه لا يعدو أن يكون يوميات شخصية لها، ويتساءل إن ما زال هناك بشر يفكرون في كتابة سيرهم الشخصية ويومياتهم؟ ولمن يكتبونها؟ ولماذا ؟ أكاد ألا أصدق أن هذه المرأة اللغز أحرقت الكثير من وقتها وجهدها من أجل هذه اليوميات ) ص:75
ويتابع تقليب الصفحات الضوئية حيث تبدأ بتاريخ اليوم والشهر والسنة بشكل متتابع في اقل من شهر ويرى أنه لا يوجد يوم دون تدوين وكتابة، اليوم الأخير من هذه اليوميات هو المنقوص، إذن عمر هذه الحزمة الضوئية في مجمله إن أضفنا إليه الأشهر التي أمضاها حبيساً في قسم الحرائز في مخابرات المجرة تسعة أشهر، إذن هي يوميات جديدة، تأتي بعد فترة من تحليق نجمها في عالم النبوءة ، وبداية ولادة معضلاتها الدولة، وفق المعلومات التي جمعها عنها ومساعدة الآلي) ص:78، كما لاحظ أن كل صفحة تبدأ وتنتهي بقطعة نثرية مكتوبة بالون الأحمر الفواح بنكهة الفراولة المصنعة، أما القطاع الأكبر فمكتوب باللون الأزرق بنكهة الياسمين المصنعة، أما النصوص التي كتبها خالد فإنها تعود إلى تواريخ متعددة ممتدة إلى أكثر من ثلاث سنوات وفي نهاية يوميات كل يوم قصة قصيرة هي امتداد ملغز ليومياتها، ويرى أنه من المسلي أن يجد في نهاية كل يوم من يومياتها قصة تسككن قلقه وبحثه وتغزي لهاثه الشوكي خلف نبضها الخافت فيها، العاصف في روحه ومداركه .
من الواضح أن الشغل على الفانتازيا لم يأخذ سوى مساحة محددة تلخصت بالمكان الذي كون مفاعلات الأحداث وهذه المجرة في درب التبان، إضافة إلى الزمان الذي يعود تاريخه إلى عالم 3010م أما الحدث فيتلخص بإجراء عملية نوعية نقل الأطباء الكونيون عقل باسل المهري المصاب بحادث إرهابي مات فيه جسده وبقى عقله حياً إلى جسد المناضلة المقتولة في المعتقل وقد مات عقلها وبقى جسدها فتتم العملية بنجاح مخلفة جنيناً في جسده ولذلك فإن الشغل على الفانتازيا من خلال إجراء العملية لم يكن البنية الأساسية للفعل الكتابي الروائي في هذا القسم بالذات، وبقيت العملية الجراحية مجرد فعل غرائبي ، لأن الهدف منصب على وحدة الأبعاد الخمسة، التي قدمت إبداعات رمزية كان من أهمها التركيز على دلالات كل بعد من هذه الأبعاد التي بقيت مشدودة إلى مركز دائرتها وهو الجسد ولذلك اختلفت دلالات الأبعاد .
ويبقى الفضاء اللغوي الذي استطاع أن يلم أجزاء دلالات الأبعاد ولذلك حملت مستويين من الدلالة : دلالة رمزية كاشفة ودلالة علمية تبدت من خلال جملة من المصطلحات الطبية والكونية .
(الصفحات الضوئية، النابض اليدوي، النابض النووي، الفراغ الكوني، الرجال الآليون، المجلي القضائي الكوني، الطبيب الآلي، التواصل الفضائي، الكيمياء الكونية، الانفجار الكوني، الولادة النجمية، الغلاف البلوري الصناعي، الحمل الكوني، شبكة التواصل الزمنية ) إلى آخر المصطلحات التي رافقت مجريات الأحداث التي عبرت عنها اللغة المعبرة والكاشفة عن دلالات الأبعاد الخمسة التي حملت بنية القسم الأول في الرواية .
بينما القسم الثاني فقد كان كشفاً ليوميات المرأة العاشقة التي حلت بجسدها مع عقل باسل المهري الذي أصر على كشف أسرارها، والتي امتدت على مدار ثلاثة فصول .
في الفصل الأول من القسم الثاني، السادس في بنية الرواية حمل عنوان (النظرية، نظرية طاقة البعد الخامس) ص:83 .
وهي بداية مذكرات شمس ويومياتها المتبادلة مع حبيبها خالد وتعطي الكاتبة إيضاحاً تقول فيه ( لعل هذه الرسائل من رجل حقيقي اسمه خالد ينتمي إلى زمن مفترض، وليست نصوصاً إبداعية للمؤلفة خالد وحده يعرف الحقيقة في زمن الكذب، وأنا لا أملك حق البوح حين يصمت خالد!) ص:83.
تبدأ اليوميات تاريخ 3 شهر النور عام 3013م وتضم رسالة وجدانية رقيقة جداً مما جاء فيها: ( حبيبتي ورد، فقط عرفت أنك أصبحت حقيقة في عالم الوجود، بكيت كثيراً فرحاً بحضورك البهي، فقد جئت في زمن الفقد لتقولي لي إنني حقيقة، ولست كاذبة، وأن عشقي الخالد هو البعد الخامس الجبار الذي يمكنه أن يلد المستحيل، ويعيد تشكيل خرائط السعادة والعطاء والتمرد في هذا الكون) ص:83 .
يقول فيها : (هل تعلمين لماذا أكرر كلمة أحبك ألف مرة، لأنها تختزل تجربة الإنسانية كلها في ممارسة الحب والجنس، أنا مستعد لكي أملأها باسمك وحدك، بحبي لك وحدك بجسدك وفتوتك وبهائك ورائحتك، ونظراتك وعناقاتك ياشمس، أشتهيك، كما أشتهي الفلاسفة نهايتهم) ص:89، ويعلق باسل على ما قرأه: يالها من امرأة عاشقة، وبعد أن يرتاح يعود ليقرأ يوميات يوم 4 شهر النور عام 2013م ، ومما ورد في يوميات ذلك اليوم (لا قيمة للحياة دون الجنس، ولا جدوى للذكورة والأنوثة دون فعل التواصل الجنس الكامل) ص:95
ومما تقول حكاية النوم يا ورد الجميلة: نقرأ ، الشعاع الضوئي الصغير المولود حديثاً كان سعيداً بقوته مغتراً ببريقه وشفافية المدهشة ... ولكن عندما عجز ع اختراق نفسه عرف معنى الهزيمة والخزف، وأصبح حكيماً كغيمة عجوز) ص:97
ومن رسائل خالد نقرأ في هذا الفصل، كيف أصبحت يا وجه الله في روحي، إن العطش وحده يعملنا لذة الماء، والحرارة وحدها تعلمنا لذة البرد ومعنى الشتاء ولياليه الباردة) ص:97 .
وبعد أن ينهي قراءة يوميات ذلك اليوم يتساءل إن كان إصرارها على كتمان سرها ابتسامتها القرمزية، ويعود بذاكرته إلى تلك الليلة التي قابلها فيها جثة عارية من كل شيء في غرفة العمليات؟ كأنها تهزأ من جلاديها الذين سلبوا روحها، ويربت على بطنه لأول مرة، ويقول بنبرة حُبلى بالرجاء:
( وأنت أيها الجنين لماذا أنت صامت؟ لماذا لا تكف عن هدوئك الذي بات يُغيظني؟ قل لي شيئاً حول كل ما قرأت لك، أنا أشعر أن روح أمك لا تزال تسكن جسدي وتزحمه علي، تحرك، ارفسنى لو شئت المهم أن تقول شيئاً)ص:99
ويعود ليقرأ يوميات يوم 5 شهر النور عام 3010، وفيها نقرأ :
(ما معنى أنني عدت إليك أبتها الأرض بعد أ، غبت عنك، وتركتك حبلى بالموت والآلام، قولي لي أيتها الساكنة جسدي: هل تموت الروح حين تفارق مسكنها ) ص:100
وتقول حكاية النوم يا ورد الجميلة ( الأم الطيبة كانت أكثر نساء الدنيا حزناً وألماً، فقد ولد توأماها الجميلان بزوجي عيون دون نوى ) ص:106
ومن رسائل خالد نقرأ: (هل تعلمين حقيقة حب لا يتحقق إلا زمناً، إلا امتداداً أفقياً على قمة تلال الوقت والعمر والزمن، هل تعلمين أن الزمن وحده يحقق أبعاد الحب التي لا يدركها العامة) 107.
وبعد أن يستعيد بعض ذكرياته القديمة والحديثة وكيف رفضته زوجته وابنيه بعد إجراء العملية، يقرر الاحتفاظ بجنينه مهما كلفه الأمر ويعود ليقرأ تفاصيل يوم 6 شهر النور عام 3010م : ( من أنا لأقول لك إنني أكثر حباً لك من كل المحبين ؟ ) ص:111
وتتحدث الرسالة عن الجوع والحزن والانتظار وحربها التي ليست سهلة والخوف ويعود إلى حكاية النوم يا ورد الجميلة لتروي قصة الملك الطماع المولع بجمع الأشياء الجميلة، ومن رسائل خالد، نقرأ: (قولي إني كائن كي أحقق كينونتي الكبرى يا امرأتي الرائعة : أنا مواطن الكون، أنا مواطن بلد العشق، لست بشراً من الأرض، بل أنها المضمخ بملح وماء عطر، أنا السائح الجوال الذي اشتغل عشقاً وشوقاً بماء عينيك الفارقتين في خصرة الحياة ) ص:118.
لم يستطع النوم فالقلق العجيب ينهش لحظاته دون توقف، ويعود لجنينه الذي لابد أن يخرج إلى الحياة بشكل طبيعي، وسيكون اأمين عليه وعلى سر أمه الذي بد أيعشقها (إنني رجل يعشق امرأة في ظروف عجيبة، إذ هو مادياً مفقود، وهي روحانياً مفقودة، وكلانا في هذه اللحظة في ذات واحدة، هي إياها وإياي، إذن أنا أعشقني .. ولذلك فأنا أعشقها ) ص:120.
أعشق أمك شمس بامتداد لا يعرف نهاية، فهل تغصب، تستطيع أن تركلني بقدر ما تشاء إن كنت حانقاً على، ولكن ذلك لن يغير شيئاً من حقيقة أنني أ .. ع ... شى .. ق.. نِ .. ي ) ص:121.
1- اليوم 6 شهر النور عام 3010م ويضم :
أ) تقول حكاية النوم يا ورد الجميلة، ويسرد فيها قصة الأمير المشاب الذي اراد أن يختار عروساً تملك قوة خارقة .
ب) من رسائل خالد .
ج) موقف باسل المهري بما قرأ : ( ولكنني أعشقها، أعني أعشقها، كيف تصبح المرأة التي أعشقها وهما لم يكن، كيف يصبح جسدها غريباً عنها ؟ وكيف يصبح جنينها نباتاً شيطانياً يلهو في أحشائي دون هوية أو ماضياً أو حاضراً أو مستقبلاً .. شمس أنا أعشقك، أنا أعشقني لأنك إياي، أو أنا إياك ،فهل تعشقيني ؟ ) ص:63 .
2- اليوم 8 شهر النور عام 3010 ويتضمن :
أ) تقول حكاية النوم يا ورد والجملية، ويروي قصة الليلة الماطرة .
ب) ومن رسائل خالد :
1- قبليني : 6 شهر مسقط القمر عام 3008م .
2- حبي لك 28 شهر مسقط القمر عام 3008م
3-أغار عليك يا شمس، ارحميني: 22 شهر الشمس عام 3008م .
4- الكون، هو أنت يا شمس: 23 شهر الشمس عام 3008م .
5- أهديك قطرات المطر : 14 شهر الكوكب العظيم عام 3009م .
6- أهديك قطرات المطر : 14 شهر الكوكب العظيم عام 3009م .
7- قبليني من جديدة أشهر الكوكب العظيم عام 3009م .
8- عيناك غائمتان : 18 شهر الكوكب العظيم 3009م .
9- ماء الروح: 19 شهر الكوكب العظيم 3009م .
10- حرقة النسيان : 1 شهر المسرات الأولى 3009م .
11- حرقة النسيان : 2 شهر المسرات الأولى 3009م .
12- أنا سليل الألم : 6 شهر المسرات الأولى 3009م .
13- حبي صوفي : 12 شهر المسرات الأولى 3009م .
14- سري : 16 شهر المسرات الأولى 3009م .
15- سري : 25 شهر المسرات الأولى 3009م .
16- كل صورك : 12 شهر المسرات الأولى 3009م.
ج) موقف باسل المهري، على مدار ثماني عشر صفحة يتناول السارد بها موقف باسل المهري مستعرضاً كثيراً من المواقف التي بدأت بدوار انتابه بعد قراءة هذا الكم من الرسائل التي كتبها خالد ويخاطب جنينه والانتظار يؤخر حضوره وكيف يفكرون باستئصاله وهو رافض لكل اعتباراتهم والغريب أنه يدخل حمله في الشهر الحادي عشر وهو مصمم على ألا يغادر رحمه، ويرى أن خالداً يملك معادلة غريبة من الحب والدعم والإقدام والإحجام والخوف والرجاء والقوة والعطاء والتمني والتمنع والغيرة والتفهم، والإدراك والفناء في اللحظة والامتداد والتمحور فيها. يملك كل التناقضات دفعة واحدة وبطعم حلو ) ص:153.
ويقرر عدم التنازل عن هذا الجنس مهما كلفه الأمر ( لا .. هذا لن يكون جنيني، هل تسمعني، لن أسمح لك بأن تستلم، أنت ابن النبيه وابن خالد لقد غيرا قانون كل الأشياء من أجلك. ص:156، ويطلب منه أن يدلى بتصريح في مؤثمر كبير باعتباره أول رجل في تاريخ البشرية تجرى له هذه العملية، فيحيطه الصمت وهو غارق في وجومه، وفي البحث عن إجابات ضائعة في غاية سائلة من الأسئلة المجنحة، ويسأل عن جنينه إن كان سيحتفظ به، والجنين ذكر وسيكون اسمه ورد ( لقد آمن بالله رباً، وبها نبيه كلمته، وأخرجته كما خرجت، وأخرجت الكثيرات، من ظلمات الإلحاد والكفر إلى فراديس من نور الإيمان، وحلاوة قرب الخالق الأحد الفرد الصمد وتزوره زوجته مع ولديه، فينكرهم قانعاً نفسه بأن الجنين الذي يحمله هو ابنه الوحيد.
الفصل الثالث والثامن الأخير في بنية الرواية وعنوانه ( انطلاق الطاقة، ص:171 ويتضمن اليوميات التالية ويلم :
1- اليوم 9 شهر النور عام 3010م .
تقول حكاية النوم يا ورد الجميلة وتروي قصة فخر النساء التي خلقت في لحظة رضا من الرب .
- من رسائل خالد
2- اليوم 10 شهر النور عام 3010م ويتضمن :
أ) نص شعري وجداني طويل تنسبه المؤلف إلى المبدعة الدكتورة/ سهى فتحي من الجامعة الأردنية لزوجها ولابنها .
ويقرر أنه لم يعد يروي المزيد من القصص في الأيام القادة
ب) من رسائل خالد .
3- اليوم : 12 شهر النور عام 2010م ، وفيها نقرأ : ( الخيانة قضية كبرى ياشمس، هي من القضايا التى تؤثر على ضغطي الدموي، هل الحب خيانة، أم أن ممارسة الحياة بصدق هي الخيانة ؟ ص: 196.
ويعود السارد إلى موقف باسل الذي قرر طلاق زوجته.
4- اليوم 13 شهر النور عام 2010 وفيه نقرأ : ( حبيبتي يبدو أن قبلاتي على شفتيك كانت ثقيلة وما جنة، هل قاطعتني بسبب مجوني روقاً حتى إنه حبى لك، ولذلك سأظل أقبلك على شفتيك رغماً غمك، فهل ستقضيني، سأحبك ولو غضبت وسأقبلك ) ص:208.
5- اليوم 14 شهر النور عام 2010م، ويتضمن رسالة في رسالة خالد يقر فيها بأنه ليس فحلاً ولكنه شبق حتى النخاع، ويعشق السباحة في ملكوت الجسد الأنثوي وأعشق العراء الذي يكون وراء لباس أسود شفاف) ص:214.
6- اليوم 14 شهر النور عام 2010م، وهو اليوم الأخير من يوميات شمس وفيه تقول : ( إن الأرض لا تدور إلا بك، إلا بمائك بمائي بمائنا،هل فهمت لفة الماء؟ اغسلي وجهك بماء الورد وارسمي لي قبلة في الهواء أشتهيك:خالد)ص:215.
ويخاطبها خالد ويقول: ( يوم جديد يمر، ولا أخبار عن خالد، أشعر بدوار في روحي، الباب يقرع الآن، سأرى من الطارق بهذه الطريقة العاصفة، وسأعود غليك بعد لحظات انتظريني.. أحبك ) ص:215.
أما باسل المهري، فإنه ( يشد المعطف أكثر باتجاه بطنه، ويقول لجنينه وهو يمسد عليه، ويطالع صفحة السماء غير الصافية تماماً، ما رأيك أن ألدك في القمر يا ورد هذه هي رغبة أمك، أمك لا تعرف أنك ذكروا هي تظنك فتاة، ولكن والدك سيعرف أنك رجل استثنائي مثله، هل تحب والدك يا ورد؟ عليك أن تفعل ذلك، أنا أحبه كثيراً، وأحب أمك أقول لك سراً.. أنا أعشق أمك، أنا أعشقني بقوة )ص:216.
وهكذا كما قال جر ترود شتاين: ( ليس هناك جواب، ولن يكون هناك جواب، ولم يكن هناك جواب قط، وهذا هو الجواب ) ص:218 .
إذا كان القسم الأول قد قدم البعد الخامس وأبعاده الخمس متجاهلاً الحدث الفانتازي الغرائبي الذي بدأ وكأنه عنصر مضاف إلي فضاء الرواية التي طغت الشعرية الجاذبية على مداخلات العملية الجراحية لتبقى اللغة الشعرية هي السائدة مشكلة نصاً شعرياً إبداعياً كانت اللغة أهم بطل فيه، فإن القسم الثاني المختصر على ثلاثة فصول فقد اهتمت بالنظرية التي تعد امتداداً لأبعاد الخمسة، بل نتيجة لطلبها وبرهاناً لفرضها .
فالفعل الأول، حمل عنوان : ( النظرية : نظرية البعد الخامس) ص:83 .
حاول الفصل من خلال الرسائل المتبادلة بين ورد وخالد وقصص ما تقوله حكاية النوم يا ورد الجميلة أن تؤكد طاقة البعد الخامس وهو الحب الضامن للسعادة والنشوة والجسد والخاص لأبعاده المتعلقة بالطول والعرض والزمن والارتفاع وهي مدارات البعد الخامس نفسه ولذلك شكلت المؤلفة من الأبعاد جميعها نظرية مستقلة هي نظرية البعد الخامس.
لقد تحولت النظرية إلى معادلة واضحة الأبعاد وهي :
الفصل الثالث، وعنوانه ، ( إنطلاق اطاقة، وقد كشفت الرسائل المتبادلة موقف باسل المهري العاشق لنفسه وقد توزعت سياقات تلك العناصر في الأبعاد التالية :
الطاقة ( طاقة الحب – طاقة الجنس – طاقة الجسد – طاقة الانتظار – طاقة الذي يحتل جسداً غير جسده)
مما لا شك فيه، أن الروائية المبدعة (سناء شعلان) في ( أعشقني) قدمت أكثر من إشكالية فنية وتناولية، سردية ولغوية، تماهي فيها الفنتازي مع الغرائبي مع الحب ورسالة المشتعلة بالشبق الجنس والعاطفة الفياضة والجياشة التي تستبيح الجسد كقوة، والحب كأداة والجنس كوسيلة من أجل التأكد على بلاغة وأهمية البعد الخامس: احب القادر على خلق عالم جديد يعرف نبض القلب .
فهل استطاعت المبدعة أن تقدم ذلك كله، وتحل اشكالياتها وتفك ارتباط أبعادها، وعل كانت وفية لنظرياتها وابعادها التي امتدت على مساحة ثمانية فصول ؟
لقد حرصت المبدعة على تحقيق ذلك، وإن تجاوز الوجداني، العاطفي، الجنس الفانتازي والغرائبي، مقدمة بذلك تجربة روائية ماتعة ومن نوع خاص جداً، ولكن لا يمكن استيعابها من القراءة الأولى، حيث لابد أن يعمل القارئ فكره، ويغوص في تفاصيل الأبعاد والنظريات، ويفك اشتباك عوالمها وتفكيك أبعادها ومعرفة ما تخفي السطور من أسرار، عندها يدرك قيمة الرواية الحديثة التي أضافت شيئاً كثيراً لفضاء الرواية العربية المعاصرة .
- د. سناء شعلان : قاصة وروائية أردنية – عضو في عدد من الجمعيات الأدبية في الأردن وخارجها، حصلت على عدد من الجوائز الأدبية ، شاركت في عدد من المؤتمرات العربية والدولية ، صدر لها عدد من الكتب النقدية المختصة وعدد من المجموعات القصصية والروايات وأدب الأطفال .
- صدرت الرواية عن مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع – عمان – الأردن 2012م .
وسوم: العدد 696