الأخ الداعية صبري غنام في ذمة الله
في وداع اراحلين :
إنا لله وإنا إليه راجعون .
رحل عن دنيانا الفانية ، في أيام العيد ، الأخ الداعية المجاهد صبري غنام رحمه الله تعالى . وكنت قد تلقيت منذ صباح هذا اليوم رسالة من أخ حبيب يستجيد قولا : كم عدد الذين نكؤوا في الدعوة بعد أن حملوها ؟!! ولأنني على يقين أن الدعوة لا تنكأ في أبنائها ، أحببت أن أقلب السؤال ، وأوجهه إلى الذين يعيشون زهو لحظاتهم المخملية فيظن كل واحد منهم أنه في موكب هذه الدعوة الأول والآخر ..
الداعية المجاهد صبري غنام ( أبو عمار )
ولو قدر لك أن تعود إلى مدينة حلب في سبعينات القرن الماضي لرأيت الداعية المجاهد ( صبري غنام رحمه الله تعالى) ملء السمع والبصر ، يملأ الساحة حركة ونشاطا ودأبا. وقته كله لله ، يدعو ويعلم ، يدير وينظم ، يتحرك ويحرك ، ولأدركت أنه على كواهل رجال من أمثال الشيخ الداعية ( صبري غنام رحمه الله ) حضرت الجماعة بعد غياب ، وتوطدت أركان الدعوة ، وامتدت ظلالها ، وأصبحت ، رغم الملاحقة ، رقما صعبا ، ترهب الظالمين بقدرتها على التأثير الفاعل في بنية المجتمع العامة وعلى كل الساحات.
في سنة 1978 وبعد الانتخابات الداخلية في صفوف الإخوان المسلمين ، كان الأخ الشيخ صبري غنام ، رحمه الله ، محل ثقة إخوانه ليتقدم في حمل العبء في إدارة مركز حلب ، وفي تسلم جهاز الجامعة فيه ..
لقد كان بيت الأخ الداعية الشيخ صبري في حلب ، كأنه المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين . كل اللقاءات المهمة ، وكل اللقاءات على مستوى المحافظات ، كانت تعقد في بيت الأخ أبي عمار . حتى اللقاءات التي لم يكن الأخ صاحب البيت شريكا فيها . يهيء الأسباب ، ويطمئن على اكتمال الترتيبات ، وينسحب بلطف وهدوء ، ولا تسأل عن حفاوة وعن كرم وجود ..
وفي خضم حراك الثمانينات قدم الأخ أبو عمارأحد أولاده الذين كانوا على سنة أبيهم في البذل والتضحية والعطاء ..
إن حياة الدعاة ليست ملكا لهم . وإن عطاءهم وصبرهم وتجلدهم وتحملهم ليس مآثر تذكر عند وداعهم . إنها دروس على طريق الدعوة ، دروس للذين يظنون أن أمر الدعوة إنما يتم بسر كلمة ( كن فيكون ) .
في كتابه هذا الدين يختصر سيد قطب رحمه الله تعالى الكثير مما يدور في أذهان أبناء الجيل اليوم ، في محاولة لنسف المستقرات الخاطئة التي يكرسها أصحاب مدرسة الفقه القاصر سننتصر لأننا مسلمون !! يكتب سيد قطب ( منهج للبشر ) و بجهد البشر انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم وانتصر من بعده الأصحاب ..بجهد البشر المقترن بالتوكل على الله وليس بالمعجزات ، فقد مضى زمن المعجزات ..
إيهِ أبا عمار ..
أخا الدعوة والهجرة وسنين من الدأب والعمل والجهاد ..رحمك الله وأجزل مثوبتك ، ورفع درجتك ، وجمعنا معك على منابر النور ..
نعلم أن الرحلة كانت شاقة ، وأن الابتلاء كان على قدر الإيمان ، فهنيئا لك ما صبرت ونسأل الله لك نعم عقبى الدار ..ليست كلمة رثاء ولكنها دمعة وفاء تذرف في صفحة وداعك ..
ونتوجه بأحر مشاعر العزاء والمواساة لأسرة الشهيد الصغيرة وأنجاله وبناته وأصهاره جميعا ، وفي مقدمتهم أخونا عمار صبري غنام أبو ياسر .. ولأسرته الكبيرة من إخوانه الأوفياء في جماعة الإخوان المسلمين ومن يليهم ..
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ..
"وإنا لله وإنا إليه راجعون .."
وسوم: العدد 777