ودّع أهلك...
ودّع أهلك...
جميل السلحوت
أن يرتقي عرفات جرادات ابن قرية سعير-30 عاما-سلّم المجد شهيدا بعد ستة أيام من اعتقاله أمر يدعو الى فتح ملّف الأسرى لانقاذ حياتهم وتحريرهم قبل فوات الأوان، وأن يرى ويشخص الأطباء –ومنهم طبيب فلسطيني هو صابر العالول- كسورا وعلامات تعذيب شديد على جسد الشهيد، فهذا تأكيد لا يحتمل الشكّ بأنه قضى نحبه تحت التعذيب، وأن ما قاله بعض ذويه ومنهم خاله موسى جرادات على شاشات التلفزة بأن رجال المخابرات الذين اعتقلوه طلبوا منه أن يودع طفلته -4سنوات- وطفله-سنتان- فهذاعمل غير مسبوق، لكنه يحمل رسالة بأنه لن يراهم ولن يروه مرّة ثانية، وباستشهاد الأسير جرادات يرتفع عدد الأسرى الذين لاقوا ربهم تحت التعذيب الى 71 أسيرا، من مجموع 203 أسرى قضوا نحبهم في السجون، إما قتلا أو نتيجة للاهمال الطبي...وهذا يؤكد أن قتل الفلسطيني على أيدي المحتلين يتم بدم بارد، ومع سبق الاصرار والترصد.
ومعروف أن الأعراف والقوانين الدولية، واتفاقات جنيف الرابعة، ولوائح حقوق الانسان، تحرم قتل الأسرى، أو تعذيبهم، أو المسّ بكرامتهم، بل ان الحفاظ على حياة الأسرى أمر متعارف عليه بين البشر منذ آلاف السنين، لكن اسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي.
ان استشهاد عرفات جرادات قتلا تحت التعذيب يطرح بالحاح ملف الأسرى الفلسطينيين، خصوصا المضربين منهم عن الطعام منذ شهور ومنهم سامر العيساوي، جعفر عز الدين، أيمن الشروانة، وطارق قعدان، وضرورة العمل السريع على الاستجابة لمطالبهم العادلة وتحريرهم قبل فوات الأوان.
ومن المثير للاستغراب أن تطلب الحكومة الاسرائيلية من القيادة الفلسطينية أن تعمل على تهدئة الأوضاع في مناطقها، وكأنها المسؤولة عن ذلك، وأن "تفرج"حكومة الاحتلال عن بعض أموال الضرائب الفلسطينية وكأنها منّة اسرائيلية!!!ويتغاضى نتنياهو وحكومته عن أعمالهم التي تحرض المواطنين الفلسطينيين على الدفاع عن أنفسهم، مثل عمليات التنكيل بالأسرى، واستمرار مصادرة الأراضي، والبناء الاستيطاني، وعربدة المستوطنين، والتهرب من متطلبات السلام.
ان الدبلوماسية الفلسطينية والعربية مطالبة بالتوجه الى مجلس الأمن الدولي، لاستصدار قرار يوفر الحماية لأبنائنا الأسرى، كما أنها مطالبة بالتوجه الى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة المحتلين مرتكبي الجرائم بحق الانسانية.