الغالية "غالية" ابنتي في عيد ميلادها الرابع
كاظم الساهر/ أغنية غالية
الغالية "غالية" ابنتي في عيد ميلادها الرابع
فراس حج محمد /فلسطين
أتذكر تماما ذلك اليوم، كأنه حدث اليوم، إنه اليوم الواحد العشرون من شهر شباط من عام ألفين وتسعة، كان يوما وليس له في الأيام قرين أو مثيل، جاءت بعد انتظار دام ست سنوات، كانت عندما هلّت وهج نور وأمل وحياة كاملة، كانت وما زالت نورا يضيء عليّ حياتي، كلما رأيتها ونامت في حضني، وتسللت من فراشها لترقد بجانبي أشعر بشعور لا أجده مع أي من إخوتها وأخواتها، لقد بلغت في المحبة شأوها، وكانت أعز الأبناء وأغلاهم.
قررت أن أسميها غالية، وكتبت فيها قصيدة "غالية الأسامي"، وكل يوم عندما تأتيني صباحا وتمنحني أملا جديدا رغما عما في النفس من شقاء وعذاب، أجدها تلك النسمة التي أرهفت الروح وأزاحت الهم والنكد إنها الغالية غالية.
إن لهذه القصيدة حادثة طريفة، ولها مصادفة عجيبة، فقد كتبت هذه القصيدة، وذكرت في مجموعة أبيات حروف اسمها، وبعثت بها لأحد أصدقائي الذواقة بالشعر والأدب، فاكتشف أن حرف اللام لم يكن له نصيب في القصيدة، تأملت النص جيدا، فعلا، لا وجود لحرف اللام، إنها الغاية إذن، يا لتلك المصادفة، غالية وغاية في الوقت ذاته، لعلها كانت رسالة غير مباشرة من لدن الغيب، بأن غاليتي وحبيبة قلبي ابنتي غالية هي الغاية. وإنها والله لكذلك هي!!
اعتادت مساء كالعاشقين! أن تأتيني بوردة جورية، وتناديني بصوتها العذب وكلماتها، بحروف لم تتقن صناعتها بعد، كل مساء تداعبني وتسهر معي، وتغفو بجانبي، تحدثني بحديثها الطفولي حول تلك الأغاني التي نسمعها سوية، فتقول لي "بابا أنا بحبها هاي"، فنظل نسمع ونسمع ونتحدث ونردد معا أغنياتنا المفضلة حتى ننام أو تنام.
إنها ابنتي وحبيبتي وغاليتي ووردتي التي تفوح بكل شوق، لولاها لما استطعت المقاومة أكثر ما تسربل في الروح من وجع وألم وهم، هي وحدها من يعطيني قوة الاحتمال والصبر وتحدي الصعاب، ألم تأت بعد ست من السنوات، إذن ما زال هناك متسع من الأمل، هكذا يعلمني مولدها وبهاء نور وجهها وحروف كلماتها المبعثرة.
جاءت السنة الرابعة، وأنا كما أنا أحبها وأزداد لها حبا، إنها تنتظرني كل يوم عند عودتي تلقاني بقبلتها، كأنها تحاول أن تستردّ قبلتها الصباحية، أو تطمئن عليها، بأن تلك القبلة ما زالت حيث وضعتها لم تغادر وجه أبيها، فيا لله كم هي جميلة ومرهفة وغنائية وموسيقية بارعة.
ابنتي الغالية غالية: لولا أن اليوم عيد ميلادك لكنت قد منعت القلم أن يكتب، أو يخط شيئا، ولكنت حرّمت على نفسي الفرحة والغناء والضحك لما ابتليت به اليوم من نكسة أخرى مجنونة، وقد لاح بريق من الأمل، فخَفَتَ في دقيقة واحدة، نعم يا ابنتي خفت ولم يتلاش، رقد قليلا ليعاود الاتقاد والنهوض قويا شامخا، ولكنني لا أريد أن أكسر توقعاتك بحنان أبيك أيتها الغالية، فعلى الرغم من أن القلب يعتصر ألما إلا أنك بلسم الجراح عسى الله أن يأذن بالفرج، فمولدك حياة، وقدومك بعد سنين ست عبرة، وإني لمنتظر مجيئكما معا في قابل الأيام.
كل عام ويوم وأنت الغاية والغالية أيتها الزهرة الفاتنة عطرا وعبقا وجمالا ملائكيا طاهرا. أحبك يا ابنتي.
أحبك يا ابنتي حُبَّينِ في ذات المقامِ
فأنت الصبح مزهوا يشعشع بالسلامِ
أحبك مثلها لحنا يعد عن الغرامِ
أحبك مثلها وجدا تكامل بالتمامِ