رسائل من أحمد الجدع ( 77 )

رسائل من أحمد الجدع ( 77 )

أحمد الجدع

الأخ الشاعر محمد عدنان قيطاز – حماة .

تذكرني يا أخي بقطر ، وهل تُنسى قطر ؟

وصلتها أنا في 16/9/1964م وقضيت فيها ثلاثين عاماً هي أجمل أيام حياتي ، وها هي قصيدتك عن قطر ، تهديها إليّ عن بُعد ، وتقول لي : قد آن الأوان يا أبا حسان أن تغرف من حميم ذاكرتك وذكرياتك عن موطنك الثاني ومغتربك الذي قضيت فيه ميعة صباك ، وأرخت ذلك في صباح الأحد 28/5/2006م .

الحقيقة يا أخي أني لا أعتبر قطر موطني الثاني ، بل هي موطني الأول ، مثلها مثل فلسطين والأردن وسورية وسائر البلاد الإسلامية :

وكلما ذكر اسم الله في بلد

 

عددت أرجاءه من لب أوطاني

هذا هو اعتقادي واعتقاد كل مسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد r نبياً ورسولاً.

وعلى هذا نؤسس بأن قطر لم تكن مغتربي ، بل كانت ولا تزال بلدي ، وعندما تركت مدينة جنين وتوجهت إلى الدوحة كنت منتقلاً من بلدي إلى بلدي ، وعندما تركت الدوحة إلى عمّان كنت أيضاً منتقلاً من بلدي إلى بلدي :

سأعود من بلدي إلى بلدي

 

 

وكلاهما بصبابتي يغري !([1])

 

قرأت قصيدتك الغراء التي عنونتها بهذا العنوان الجميل "يا دوحة المجد" تذكر فيها أمجاد قطر وأيامك فيها ، تماماً مثل ما فعلت أنا عندما كتبت قصيدة بعنوان "قطر" أذكر أمجادها وأيامي فيها .

أنقل المقطع الأول من قصيدتك :

يا دوحة المجد جئت اليوم يحملني
شوق وقفت له قلبي وما ملكت
من قال إني لم أطرب وقد لمست
مرنح والقوافي ملء أوردتي

 

 

شوق قديم إلى الأحباب في قطر
يدي على الدهر من زاهٍ ومن عطر
مسامعي همسة النجوى ولم أطر
كـ "ابن الفجاءة" أمشي مشية الظفر

 

وأنقل أيضاً المقطع الأول من قصيدتي :

أنا منذ حُمَّ فراقنا ضَجِرُ
كم تسألون ، وفي الحشا لهف
كفُّ الخليج سماحة وندى
النار في أحشائها ذَهَبٌ
صحراؤها رَحُبَتْ مرابِعُها
أيامها اعتدلت مواسِمُها
.

 

أبداً أحنُّ إليك يا قَطَرُ
عندي لكم من أمرها خَبَرُ
ورجولة في القلب تَسْتَعِرُ
والماء تحت خليجها دُرَرُ
والشاطئُ الوضّاءُ والجُزُرُ
لا يُشْتكى طُولٌ ولا قِصَرُ
.

أخي الشاعر الفاضل :

سجلت في صحائفك أنك ألفت كتباً قيمة منها :

1- ابن رواحة الحموي : حياته وشعره .

2- ديوان وحيد عبود (جمع وتقديم) الصادر عام 1986م .

3- أسامة بن منقذ والجديد من آثاره وأشعاره 1998م .

ولك أيضاً من الشعر :

1- اللهب الأخضر ، ديوانك الأول الصادر عام 1978م .

2- في ملكوت الحب ، ديوانك الثاني الصادر عام 1994م .

3- أشعار ابن أيوب الحموي ، ديوانك الثالث الصادر عام 1998م .

ولعل في ديوانك الثالث إشارة إلى ما قاسته حماة في سبيل الدفاع عن عقيدتها ، فصبرت وصبرت ، كما صبر أيوب عليه السلام .

وديوانك هذا يذكرني بالشاعر الأردني الكبير حيدر محمود الذي أبدع قصيدة عنوانها "أيوب الفلسطيني" ومطلعها :

لو ذاق أيوب بعضاً من مصائبنا

 

 

لكان سمي "أيوب الفلسطيني"

 

وقد أصبح عندنا : أيوب الحموي ، وأيوب الفلسطيني ، وأيوب الأندلسي ، وأيوب السوداني ، وأيوب الصومالي ... وأكمل إن شئت ، وليكمل من شاء ممن يقرأ هذه الرسالة .

وبعد أن وصلت إلى هذه الكلمات الآسية ، كتبت هذين البيتين تحية لك ولحماة الصابرة المحتسبة :

يكفيك أنك من حماة
يا صادحاً في حبها السا

 

 

أرض البطولة والصلاة
مي أراجيز الحداة

 

ولعلي أن أكمل ...

أخي محمد عدنان قيطاز ، أقول لمن لا يعرفك بأنك ولدت في حماة عام 1936م ، وحصلت على إجازة في كلية الآداب – قسم التاريخ من جامعة دمشق .

ثم عملت في مجال التدريس والإدارة والإشراف على المكتبات ، ورئيساً لدائرة تقنيات التعليم .

شاركت في إعداد المعجم الجغرافي السوري ، وفي كتابة الموسوعة الإسلامية الميسرة .

وأنت عضو في جمعية الشعر .

وعملت في قطر مدرساً في مدينة الخور وفي أماكن أخرى .

الأخ محمد عدنان قيطاز : سلام عليك أينما كنت ، وغفر الله لك وأنا معك .

               

([1]) هذا البيت للشاعر المصري صالح جودت .