إلى الأخ الكريم الإعلامي الكبير عبد الله الطنطاوي
رسائل من أحمد الجدع
( 3 )
الأخ الكريم الإعلامي الكبير عبد الله الطنطاوي - سورية
د. عبد الله الطنطاوي |
أحمد الجدع |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أكرمك الله حين سخرك لخدمة الأدب الإسلامي المعاصر في وقت مبكر من عمرك وفي وقت مبكر أيضاً من عمر الأدب الإسلامي المعاصر، فكنت في ذلك رائداً ، يعترف لك بذلك جمهرة كبيرة من الشعراء والأدباء الذين غدوا الآن ممن يشار إليهم بالبنان .
أنشأتَ في سورية رابطة للشعراء الإسلاميين أسميتها " رابطة الوعي الإسلامي " وحقاً لقد جاءت هذه الرابطة عام 1954 م حين كانت الدعوة الإسلامية بحاجة إلى بعث الوعي بأهمية الشعر بخاصة، والأدب بعامة،و بأهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به الشعر في بعث جديد للوعي الإسلامي، ولعل الشعر نفسه كان بحاجة إلى الوعي لأن الساحة الأدبية الإسلامية كانت مستلبة من أعداء الإسلام وخصومه .
وأنشأتَ " الجمعية العربية للآداب والفنون " ورأست إدارتها أربع سنوات، وشاركت في إنشاء "الجمعية الأدبية" مع أحد عشر كوكباً من كواكب الكُتَّاب والشعراء في حلب .
ثم إن الله اختار لك الهجرة ، وفي الهجرة خير، فقدمت إلى أرض الرباط لتستمر في مسيرتك الإعلامية فأسست فيها داراً للنشر " دار يمان للنشر والتوزيع" وأنت تعلن بهذا العنوان تفاؤلك بهجرة ميمونة وبمسيرة مباركة ، منتقلاً من رابطة كان مجالها المجلات الإسلامية الناشئة في ذلك الوقت ( 1954) إلى الكتاب ، وعاء المعرفة ، الذي بدونه لا تتقدم الأمم ولا ترقى .
وعندما خيب سوق النشر آمالك العراض وهمتك العالية، وبدأت حقبة الحواسيب والمواقع الإلكترونية شددت همتك فأسست رابطة أدباء الشام ، موقعاً الكترونياً يحتضن كل الاتجاهات الأدبية لبلاد الشام، معلناً صفحة مفتوحة من صفحات التسامح الإسلامي الذي يجد كل قلم شآمي له موقعاً فيه .
وغدا هذا الموقع أثيراً ليس لذوي الاتجاه الإسلامي فحسب، بل ولدى كل صاحب قلب حي وعقل منير .
يكفيك يا أخي العزيز أنك تنبهت مبكراً لدور الإعلام في حياة الدعوة؛ رابطة ترعى شعراء الدعوة ، ودار نشر تنشر كتبهم، وموقعاً يحتضن إنتاجهم، وأضفت إلى ذلك كله مجموعة من المؤلفات الدعوية يعجز عن مثلها العشرات، بل المئات ممن أعطاهم الله الوقت والمقدرة فأهدروا ذلك كله وركنوا في زوايا النسيان والإهمال .
يكفيك أنك تعمل وغيرك رضي أن يكون من القاعدين .
لا شك وأنت المسلم المثقف الواعي قد سرت على خطا الرسول r وهو يولي الإعلام الأدبي رعاية شديدة، وهو يطلب من الأنصار أن ينصروا الإسلام بألسنتهم كما نصروه بسيوفهم ،وقد لاحظت أن رسول الله r لم يكن يتهاون مع شعراء عصره، وهم رجال الإعلام آنذاك ، عندما يلمس منهم عداوة للإسلام، فيهدر دماءَهم وينزل بهم أشد العقاب، ذلك لأنه عليه السلام يعي أن كلمة إعلامي معادٍ يمكن أن تضل عشرات الآلاف وذلك لسطوة الإعلام على قلوب العالمين، ومقدرته على قلب الحق باطلاً ، ولو أنا استعرضنا الرجال الذين أمر رسول الله r بقتلهم وهو يدخل مكة ويعلن الأمان العام لأهلها لوجدناهم كلهم من رجال الإعلام ، شعراء ومغنيات وقاصين .
الأخ المجاهد عبد الله الطنطاوي ، لقد سررت بالتكريم الذي كرمتك به إثنينية خوجة بمنحك درجة الدكتوراه الفخرية، سررت وأنا أعلم أنك أكبر بكثير من الدكتوراه ومن هي أعلى منها من الشهادات، فكم من رجال يحملون هذه الشهادات وهم من بعدها غدوا نكرات لا نحس بهم ولا يحسون بنا .
أخي عبد الله الطنطاوي رائد الإعلام الأدبي الإسلامي المعاصر .... سلام عليك .
صباح الخميس 24 محرم 1432هـ
الموافق 30/12/2010م