نور

عبير الطنطاوي

[email protected]

منذ اللحظة التي تم فيها نصيب ابنة قلبي وقرأت فاتحتها على ابن خالتها قلبي بدأ يخفق بشدة ووله .. فهذه الغالية سوف تغادرنا .. ليس إلى بيت الزوجية فحسب .. بل إلى بلد آخر .. بعيد عن عيني .. بعيد .. كنت أسلي النفس بأن الغالية ستكون بين أيدي أمينة .. وأنني لن أحزن كثيراً فوسائل الاتصالات لن تدع أحداً بعيد .. وأصبر الدمع وأمنعه عن الهطول .. وأسلي القلب وأتجاهل الذكريات .. منذ سنة تقريباً بدأت عيوني تودعها بهدوء وصمت .. كنت أخشى أن تزلق مني كلمة شوق قد تحرك فيها مشاعر الحزن أو تهطل من بين أهدابها الشقراء دمعة حزن .. فدموعها حبيبة حبيبة حبيبة .. غالية غلى الحب الذي أحمله لها منذ سنين .. تلك الشقراء ملكت علي قلبي .. شعرت بأمومتها قبل أن أصبح أماً حقيقية .. رأيت في نظراتها الحنونة حنان البنت لأمها .. بل أحيانا حنان الأم لابنتها .. ملأت فراغاً ما كان لأحد بقادر على ملئه سواها .. أسموها نوراً وهي النور يطفح منها في كل شيء .. في كلماتها نور .. في حركاتها وسكناتها نور .. في فرحها وغضبها نور .. وما أجمل نورها في حزنها النوراني .. فهي نور على نور .. ابنة قلبي ربما رأتك عيوني دون أن تحملك أحشائي ولكن قلبي أحبك وحملك ليس تسعة أشهر فحسب بل سنوات عمرك الطويل بإذن الله .. كم تمنيت فجر الفراق والسفر أن أضمك إلى صدري وأبكي بدموع الدنيا عل الدموع تطفي نار قلبي ولكني إلى آخر لحظة وأنا متماسكة خوفاً من دموعك عليك .. أما الآن وبعد الفراق لم أجد من يسلي وحدتي رغم كل الضغوط المحيطة بي وكثرة البشر حولي لم أجد سوى الدموع ألوذ بها أحادثها أشكو لها نار الفراق .. فلم تعد المحادثات تجدي نفعاً ولم تعد وسائل الاتصالات تسد رمقاً بل تزيد الشوق شوقاً .. ولا أجد سوى دعوة حرى إلى رب كريم أن يحفظك يا نور قلبي .. كم ناديتك نوري وكم تناديك ابنتي نوري فأرجو الله يجعلك نوراً لزوجك وأهله وأولادك في المستقبل إن شاء الله .. أعذريني حبيبتي كم تمنيت لو أعرف نظم الشعر لكتبت شعراً يطفي غليل قلبي ..