المنسف الغالي في البيت العالي

من الشعر المبتسم

المنسف الغالي في البيت العالي

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

مهداه للأخ الدكتور أبي مصعب: مفيد أبي عمشة زميلي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران بمناسبة وليمة أقامها في منزله كان "المنسف"  الذي أذوقه لأول مرة  هو الصنف الرئيسي فيها، وكان ذلك في مساء 14 من مايو 1997م:

تـقـولُ بـوجـه فـاض بـشـرًا وفرحة
فـفـول  وجـرجـيـر وصـحن iiبصارة
وشـربـة عـدس مـن يـراهـا iiيـظنها
وجـبـن  قَـريـش غـير طرشي iiوعجّة
فـقـلـت  ذريـنـي الـيـوم يا أم iiياسر
وعـدسـك  والـفـول الـمـدمس راعني
فـحـتـام أبـقـى رهـن أكـل iiمـهمش
ذريـنـيَ أسـعـى لـلـولـيـمـة iiإنـه
أأسـتـبـدل  الأدنـى بـمـا هـو خـيِّر
وقـد ضـرب الله الـمـذلـة iiوالـخـنـا
بـعـدس  وفـول بـعـد مـنٍّ iiوسـلـوة
أيـتـركُ هـذا الـسـيـدُ الـفـذ iiجـهلة
يـمـيـنًـا  بـأنـا لـو فـعلنا iiلأصبحتْ
فـلـمـا  دعـانـي لـلـولـيمة iiصاحبي
هـمـسـتُ  "رعـاك الله ذرنـي iiمـخافة
طـعـامُ  الـرجـالِ الـزاهـديـن iiتطلعا
فـقـالـ:  "مـعـاذ الله صـبـرا iiفـإنني
طـعـامـي إذا مـا فـيـس يـوما iiبغيره
أقـدم صـنـفـا لـم تـذق قـط iiمـثـله
فـقـلـت حـمـانـا الله فـالـنسف iiقاتلٌ
و"مـقـلـوبـة" حـيـنـا، وحينا ii"مسخنٌ"
مـن  الـقـلـب والتسخين والنسف أصلها
طـبـيـعـة  إرهـاب سـرت iiلـطعامكم
فـقـالـ:  دع  الـهـزل الـمنمق واستمع
فـقـلـتـ:  اعـذرنـي إنني اللحم iiعاشق
خـبـيـر بـلـحـم الـضأن دون iiمنازع
ومـن  لـم يـصـدق فـلـيـقـدم ذبيحة
فـذا  (بـيـت لـوح)، ذي (نفوس) iiرخية
أبـا  مـصـعـب مـا (منسف) أنت iiذاكرٌ
أقـولـ:  فـصـفـه  إن وصـفـك iiممتع
وأنـت  وسـيـطـي فـي الزواج فكن لنا
فـقـالـ:  إلـيـك  الوصف فهو كما iiترى
ثـلاثٌ  مـن الـطـبقات فلي السبكِ iiواحدٌ
تـرى  "الإقـط" رواهـا لـذيـذًا مـلاطفا
فـتـنـسـي وقـورَ الـقـوم كـل iiوقاره
تـرى كـفـه فـي سـرعة الضوء iiلاتَني
فـقـلـت "لـحـاكَ الله" أنـت iiقـصدتني
وأي    وقـارٍ    نـافـع    أو    رزانـة
أبـا مـصـعـف ذكـرتـنـا فـعل iiحاتم
كـريـم عـفـيـف هـادئ الـطبع iiعالمٌ
هـواه  مـع الـقـدس الـشـريـف iiمتيم
فـقـيـه  يـرى الـفـقـه الحقيقي مسلكًا
وأن    نـظـام    الله    ديـن    iiودولـة
أكـلـنـا  ويـبـقـى الـود خـير مجمع
وبـالـحـب  يـبـقـى الجمعُ كلا iiكواحدٍ
وتـبـقـى  قلوبُ الصحب بالصدق iiوالتقى
فــعـنـا جـزاك الله خـيـر iiجـزائـه














































إلـيـك عـشـاء عـنـه يـعجز iiواصفُ
وطـعـمـيـة  تـشـفـي العليل وتسعف
مـذوب  نـضـار بـاسـمها القلبُ iiيهتف
يـحـيـط  بـهـا أرز سـخين، iiوأرغف
فـأكـلـك أعـيـانـي، وما زلت iiأضعف
فـصـرت كـأنـي نـحـو حتفي iiأزحف
وفـي قـيـد عـدس أو بـصارة iiأرسف؟
"أبـو مـصـعـب" الـفـذ المفيد iiالمعرَّفُ
ولـم  يـغـن عـن لـحم الطناجر iiأرغف
عـلـى  آل إسـرائـيـل حـيـن iiتخلفوا
وتـيـه  تـولـى أمـرهـم وهو iiيعصفُ
ونـهـرع  نـحـو الـفولِ دومْما iiونوجف
لـنـا  سـمـعـةٌ في القوم تزري وتكسفُ
أبـو  مـصـعـب الـغالي المفيدُ iiالمعرفُ
يـكـون  طـعـامٌ مـثـلُ مـا أنا iiعارف
إلـى مـتـع الأخـرى التي ليس iiتوصف"
عـرفـتـك سـمـحـا مـثلما كان iiأحنف
لـكـان  كـمـا قد قيس في الحسن iiيوسف
هـو  الـبـلسم الشافي من الجوع ii"منسف"
يـدمـر مـا يـلـقـاه قـهرا .. iiويجرفُ
يـضـمُ  إلـيـهـا في طعامك iiمنسف[1].
فـهـل  أنـت لـلأمـن الـموثق iiناسفُ؟
فـعـانـقـت الأسـمـاء وهـي تـخوفُ
فـإنـي أراك الـيـوم تـهـذي .. تخرفُ
وأعـرف مـنـه كـيـف تـؤكـل iiأكتفُ
بـذا  "قـر" أصـحـاب لـنـا.. iiومعارف
لأشـرح أجـزاء لـهـا لـيـس iiيـعرفُ
و  (بـيـت كـلاوي) ثـم (قص) iiيشارف
فـهـلا وصـفـت الـصنف، إياك تسرف
ودمـت مـفـيـدًا مـثـلـما كنتُ iiأعرفُ
صدوقًا بوصف الصنف والصدق منصف[2]
رقـاق  وأرز فـوقـه الـلـحـم iiأسـقفُ
مـن  سـحـرهـا تَـهـوي عيونٌ iiوآنفُ
فـصـارتْ هـي الـسحرُ الحلالُ iiوألطفُ
ويـصـبـحُ كـالـطاحون يفري iiويقصف
صُـعـودا  هـبـوطـا وهي للحم iiتخطف
بـوصـفـك هـذا بـيـد أنـك مُـنصف
إذا  مـا شـهـدنـا الـمـنسف الفذ iiيهتف
وفـعـلـك عـن أصـلِ أصـيلٍ iiمكاشفُ
ويـحـفـظ مـاء الـوجـه، والمال iiيتلف
وبـالـمـسـجـد  الأقـصى حفي ومدنفُ
ومـنـهـج  عـيـش في الدُّنى لا iiيحرفُ
وعـلـم  ومـنـهـاج وسـيف iiومصحفُ
يـؤلـفُ  مـنـا خـيـرَ عـقـدٍ.. يؤلف
أخــوةُ  ديــن صــادقٍ لا iiتـحـرفَ
عـلـى وتـرِ الـحـب الـمـخلد iiتعزف
أبـا  مـصـعـب فـالفعلُ للأصل iiكاشفُ

               

الظهران

[1] المنسف والمقلوبة والمسخن ألوان من الأكلات المشهورة في فلسطين.

[2] كان أبو مصعب يعرض عليَّ  من باب التوسعة الحلال  أن أتزوج بثانية حددها، وتسلينا كثيرًا بحديثه الممتع كوسيط زواج.