ما هكذا يكون الوفاء
ما هكذا يكون الوفاء ...
سامحنا يا شيخ
(ادخل وابكي أخي نعم أبكي نعم والله إني ابكي)
خالد عبد الهادي المغربي
بسم الله الرحمن الرحيم
سامحنا يا شيخ ..
لطالما جلسنا في حلقاتك .. ولطالما رددنا مقولاتك ..
لطالما اصطففنا في القيام خلفك نستمع الى قراءتك فتحلّق أرواحنا في آفاق من الإيمان واليقين ...
ولربما حدثنا أنفسنا أننا نفديك - عند الشدائد - بآبائنا وأمهاتنا وأرواحنا فضلاً عما دون ذلك .
وجاءت ساعة الامتحان وأقبلت الشدائد بثقلها ..
فما الذي حدث ؟
لقد نجحت نجاحا باهراً .......................... واخفقنا إحقاقا فاضحاً !
دخلت سجنك كما يدخل الأسد إلى قفصه في كامل أبهته .. لم تلِن لك قناة .. ولم تنحَنِ لك هامة .. ولم ينكسر لك طرف .
أخذت بالعزيمة التي تليق بالعلماء ، فأديت زكاة ما تحمله في صدرك من النور والهدى .. مع مرضك وضعفك وضرارتك وشيخوختك .
أما نحن فقد عافسنا الأولاد والزوجات ونسينا أو تناسينا ما مضى .
وصار الهم بحثاً عن حياة رتيبة ، وبيت مريح وسيارة فارهة , وإقامة في بلد عربي , أو الحصول على جواز سفر أوروبي وربما أمريكي (لخدمة الإسلام طبعا!!) ..
سامحنا يا شيخ ..
لم نعد نفكر في قضيتك فقد طال عليها الأمد , ولم نعد نشعر بالحاجة إلى حمل همها ، فقد أقنعنا أنفسنا بأنه لا جدوى من ذلك .
لقد طلقنا السلاح الذي طالما تغنينا بحبه ، ورتلنا الأناشيد في عشقه .. طلقناه ثلاثا لارجعة فيها .. لقد صهرنا بنادقنا وصنعنا بها لعباً لأطفالنا .. ولما رأى البعض ضعفنا دلّنا على سلاح أخف وزناً يسمى سلاح المقاطعة .. ولكن خارت قوانا ، وضعفنا عن حمله ، وسفهنا (المتحمسين) الذين يدعون إليه ولم نقوَ على ترك (البيبسي) ووجبات (الماكدونالد) و(الكي أف سي) وغيرها ..
لم نعد نتحمل رائحة الغبار .. فغسلنا ملابسنا القديمة وضمخناها بعطور صنعت في مصانع سجانيك .
سامحنا يا شيخ ..
فما هكذا يكون الوفاء !
كسرنا أقلامنا التي أهديتها لنا لنحرض المسلمين على القتال .. ورمينا بحطامها في مدفأة (القعود) لنستدفئ بها من برد الشتاء ..
لقد تبنا عن التحريض توبة نصوحا واستغفرنا منه كثيراً .
وحتى اشرطتك بعناها في سوق بعيد عن الأنظار .. واشترينا بأثمانها مجموعة من أربطة العنق الملونة ..
ولا عجب .. فرباط يوم وليلة خير من الدنيا وما فيها !