ملف تأبين الأستاذ محمد الحسناوي
ملف تأبين الأستاذ محمد الحسناوي رحمه الله
محمد الحسناوي رحمه الله |
صالح البوريني |
أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية – مكتب الأردن- حفل تأبين للأستاذ الحسناوي في مقرها بمدينة عمان في 19-5-2007 وحضر الحفل نخبة من الأدباء.
كان عريف الحفل الأستاذ الشاعر صالح البوريني الذي افتتح الحفل بهذه الكلمات:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وصحبه الغر الميامين ، أما بعد،
فباسم المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في الأردن أرحب بالسادة الحاضرين والسيدات ،
ولا شك، أن خير ما نستهل به لقاءنا هذا هو آيات بينات من القرآن الكريم يرتلها علينا بصوته الندي ، الدكتور عثمان مكانسي ..
كلمة عن حفل التأبين
في حفل تأبيني شهده جمع من الأعضاء والضيوف وذوي الأديب الراحل محمد الحسناوي ، أشاد عدد من أدباء وشعراء رابطة الأدب الإسلامي بمناقب الأديب الراحل الأستاذ محمد الحسناوي، الذي كان عضوا بارزا من أعضاء مكتبها في الأردن، وأنشد عدد من شعراء الرابطة قصائد رثاء في صاحب كتاب ( الفاصلة في القرآن الكريم ) الذي يعد من أشهر ما قدمه الحسناوي للمكتبة الإسلامية في مجال الدراسات القرآنية. وقال الدكتور عودة أبو عودة رئيس المكتب إن الرابطة كانت قد كرمت الراحل في حياته ، وهي تواصل تكريمه بعد وفاته بإقامة هذا التأبين.
وقد أثنى المتحدثون على الفقيد بما تمتع به في حياته من همة عالية وجلد على الدراسة والبحث وقدرة على التكيف مع المتغيرات، وصفات وأخلاق جعلته قريبا ومحبوبا من كل من عرفه.
ويعد الحسناوي من الأدباء المكثرين الذين قدموا إنتاجا متنوعا وزاخرا في مجالات الشعر والدراسات الأدبية والنقدية وفي مجال المسرح الإسلامي والرواية والقصة القصيرة والدراسات القرآنية.
الإخوة الأفاضل .. الأخوات الفضليات ..
باسم أعضاء مكتب الرابطة في عمان أشكر الإخوة الزملاء رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للمكتب الذين بادروا بتشكيل لجنة لتأبين الأديب المرحوم الأستاذ محمد الحسناوي، وفاء لحقه على إخوانه وأحبابه في الرابطة، وعرفانا بفضله فيما قدم لأمته من أعمال وآثار خالدة ،
وباسم الجميع أشارك ، وتشاركون معي ، أهل الفقيد وذويه الدعاء له بواسع الرحمة وسابغ المغفرة والرضوان .
أما بعد، فإن أخوي الكريمين في لجنة التأبين ، الأستاذ الأديب عبد الله الطنطاوي، والدكتور المربي عثمان مكانسي ؛ قد عهدا إلي بأن أكون في هذا الموقع الذي لا أفضُل أيّا منهما فيه ، وأجد نفسي بين مخافتين : مخافة أن أختصر فأخل ، أو أطيل فأمل ، وما يعزيني إلا ثقتي بسعة صدوركم ، ووافر حلمكم ، وجميل صبركم .
كنت أتمنى بعد انقطاع طال أن يكون أولُ كلام لي على هذه المنصة، في مناسبة سعيدة ، ولكن الأمور كثيرا ما تجري على غير ما نتمنى.. ولئن كان لقاؤنا هذا مشحونا بالحزن على فقيدنا الحسناوي رحمه الله إلا أنه مسيج بالرضا ومتوج بالسعادة لأن هذا التأبين في حقيقته تكريم لشخصه وعرفان بفضله وإحياء لذكره. وسيكون لك أخي المتحدث حق كامل في خمس دقائق لا أكثر، فإن أتممت حديثك في أقل من خمس فمن عندك ، وما أريد أن أشق عليك ، وإنما كان هذا التحديد لوفرة المتحدثين .. وستجدني إن شاء الله من المتسامحين..
الدكتور عودة أبو عودة
وبعد، فإن لأخوة الإسلام حقا ، وللصداقة حقا ، ولرحم العلم والأدب حقا، ولما كانت كلها تجمع بين الحسناوي رحمه الله وبين رئيس هذا المكتب الأخ الكاتب والباحث والأكاديمي الدكتور عودة أبو عودة أمد الله في عمره وبارك في عطائه ، فإن له في هذا المقام لمقالا، وهو الذي كان له في آثار الفقيد يوم تكريمه رحمه الله مقال طويل ، وبحث أصيل ، أجاد فيه وأفاد ؛ وزودنا فيه بأوفر زاد ، إن لأبي أكرم في هذا التابين لمجالا ينفسح بعده المجال، ومقالا ينفتح بعده المقال.
الأستاذ عبد الله الطنطاوي أبو أسامة
ويطيب ذكر الحسناوي بحضور الطنطاوي.. رفيق الدرب .. وحادي الركب .. وعامر القلب بالحب .. نديم المُجالس .. وإلف المُؤانس ..وعطرالمجالس .. جار التنقل والسفر.. وصديق محطات العمر.. مجاور الظعن والإقامة .. الطنطاوي أبي أسامة ..
(نشرت كلمته في عدد سابق)
الأستاذ علي الكيلاني أبو علاء
إن كلامنا في هذه الأمسية التأبينية ، يحمل بعض ما يستحقه أديبنا الراحل الأستاذ محمد الحسناوي من الوفاء ، الذي نهديه إلى روحه الطاهرة ، مقرونا بخالص بالدعاء ، بأن يكون مقامه مع الخالدين من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ..ويشاركنا في ذلك صديقه الشاعر ، ونديمه في كثير من المحافل والمحاضر ، علي الكيلاني أبو علاء ، بقصيدة جديدة...
(نشرت قصيدته في عدد سابق)
الدكتور مأمون فريز جرار
وممن لهم بالمرحوم الحسناوي صلة وثيقة، وعلاقة حميمة، الأخ الأديب والشاعر والناشر الدكتور مأمون فريز جرار رئيس هذا المكتب لسنوات سابقات ، له في هذا التأبين كلمة تفيض من الوجدان ، وتشتاق لسماعها الآذان، فليتفضل مشكورا :
ماذا يبقى من محمد الحسناوي؟
د. مأمون فريز جرار
للإنسان في هذه الحياة وجهان ووجهتان.
هناك الوجه الظاهر للناس، وهناك الوجه الذي لا يعلمه إلا الله تعالى وصاحبه الذي هو على نفسه بصيرة.
وهناك وجهتان: فمن الناس من يريد الدنيا وزينتها وشهرته فيها، ومنهم من يريد الله والدار الآخرة والذكر في دار الخلود.
وهنا من الناس من يملأ الدنيا ويشغل الناس وهو عند الله في الأذلين.
وهناك من خمل ذكره، ولم يلتفت إليه الناس وذكره في الملأ الأعلى.
وقد يجتمع لبعض الناس الفضلان: المنزلة العالية عند الله تعالى، والذكر بين خلقه، وذلك فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء: (ورفعنا لك ذكرك).
ونحن نجتمع اليوم لتذكر راحل كريم، وأخ عزيز، شاعر، قاص، روائي، مسرحي، ناقد، مفكر، كاتب مقالة، وداعية، وكاتب للأطفال، وأظن أن كل جانب من هذه الجوانب يحتاج إلى دراسة خاصة، وبحث مستقل ليجلو ما قدمه فيه، وأظن أن أكثرنا نحن الموجودين هنا في مقر رابطة الأدب الإسلامي في عمان لا يعرف من جوانب شخصية أخينا الراحل محمد الحسناوي إلا العناوين، وإلا القليل مما قدمه في المجالات التي ذكرتها من قبل، ولا أدري ما الموجود في مكتبة رابطتنا هنا من تلك المؤلفات.
ولا أدري، كم كتب من الدراسات عن هذا الجهد الأدبي والعلمي الكبير الذي قدمه الراحل الكريم، وهو جهد يستحق أكثر من مقالات وبحوث صغيرة، إنه يحتاج إلى رسائل علمية.
وأرجع إلى السؤال الذي بدأت به: ماذا يبقى من محمد الحسناوي؟
نحن نعلم أن هناك من هم أصحاب الواحدة من الشعراء، وأصحاب الكتاب الواحد من المؤلفين، وبذلك اشتهروا مع أن لهم عشرات المؤلفات، ولعل أشهر ما قدمه محمد الحسناوي هو: الفاصلة في القرآن الكريم، ذلك لأنه بحث تميّز به، وتفرد عما سبقه من دراسات في القرآن الكريم.
وحين يذكر الحسناوي القاص، نذكر القاص الذي حاول تجاوز المألوف والإتيان بالجديد في مجال القص وأساليبه.
وحين نذكر الحسناوي كاتب الرواية نتذكر أدب السجون في رواية خطوات في الليل.
وحين نذكر الحسناوي الشاعر نستذكر ديوانه "في غيابة الجب" الذي يمثل تميزاً في الشعر الإسلامي شكلاً ومضموناً.
وحين نذكر "الأدب الإسلامي" نجد الحسناوي رائداً من رواده في العصر الحديث في مجالات متعددة ومتنوعة.
أتمنى ألا يقتصر احتفاء بعضنا ببعض على الإبحار في العناوين، ولا الوقوف عند السطوح والقشور، بل أتمنى أن ندخل في عمق الإنتاج، ونشخص التجربة، لنرى خصوصية الحسناوي في كل مجال كتب فيه، والإضافة الجديدة التي قدمها، لنرى مكانه ومكانته في تاريخ الأدب بعامة، والأدب الإسلامي بخاصة، لنعرفه معرفة حقيقية تتجاوز المعلومات الواردة في بطاقة الهوية، وتتجاوز الأشكال التي ألفتها العيون، ورددتها الألسنة في لقاءاتنا معه عبر رحلة العمر التي جمعتنا بعض فصولها.
رحم الله الحسناوي، وهيأ له من يعيد قراءة ما قدم، لتكون الفائدة من إنتاجه أعم، وليعرفه الناس الذين لم يقرؤوه، ولتزداد قراءة من قرأه عمقاً.
المهندس صالح الجيتاوي
ومن القامات السامقة بين شعراء رابطتنا الحبيبة الأخ المهندس المبدع الأستاذ صالح الجيتاوي الذي يرى أن لبدر السماء خسوفا ، ولكن لا خسوف لبدرنا الحسناوي رحمه الله ، بل هو مسفر أبدا في سماء الإبداع والعطاء :
خسف البدر.. شأنه بيد الله وها بدرنا بكل روائه
مسفرًا في سمائه يتجلى بالفتوحات في رؤى شعرائه
المهندس صالح الجيتاوي يلقي رثاءه في هذا التأبين فليتفضل مشكورا...
بسم الله الرحمن الرحيم
صالح جيتاوي
وأنا أنفث هذه الكلمات التأبينية المنظومة، كنت أستحضر موقفنا في المِجَنّة، لحظاتِ وداعِ الراحلِ الحبيب، وأقرأُ ذلك الجَزَعَ الذي بدا على الوجوه، وعبّر عنه انهمارُ الدموعِ من مآقي الصحب والأحبة والخلان.. لم يكن جَزَعاً من الموت، وهو حق، وهم السادة المؤمنون بالحق.. وإنما كان ما كان لما تخيلتُه وأحسستُ به، وصوّرتُه في هذه الأبيات:
(بَـلَدَ النَّوابِغِ)1 أينَ مِنكَ المخلصُ الوُدَّ المقيمَ، على النَّوى مَـنْ جاهَدَ الخَصْمَ العنيدَ بعَزْمَةٍ جـابَ الـدُّنـى وفـؤادُهُ مُتعلِّقٌ وسـلاحُهُ الإخلاصُ للدينِ الذي مَـلَـكَ الـقـلوبَ محبةً بخَلاقِهِ سِـمَـةُ الوقارِ على مُنَوَّرِ وَجههِ منهُ استمدَّ الصَّحبُ صِدقَ عَزيمةٍ يَـلـقـاكَ مُـفْتَرَّ الشِّفاهِ ببسمةٍ مـا لانَ، لا، والدَّهرُ حَربٌ قلّما كـادَ الأُلـى كـادوا لـه وأذلَّهُمْ شـيخُ المنابِرِ، إنْ رَقَى، إنشادُهُ شِـعـراً ونَـثراً أسعَدَتْ كلماتُهُ أوّاهُ يا (جِسرَ الشُّغورِ)2 فَتاكِ ما لـطَـهورِ تُربِكِ كي يَضُمَّ رُفاتَهُ لـكـنْ قـضـاءُ اللهِ أنفذَ سَهمَهُ ذاكَ الـذي شَـغَـلَ العقولَ بفنِّهِ أفضى إلى ما كانَ يَزرعُ جاهداً فـإلى رِحابِ اللهِ، يا رمزَ التُّقى مـع ثُلَّةِ الشهداءِ طابَ جَزاءُهُمْ | البانيفـوقَ الـثُّـريّـا سامِقَ والـباعثُ الإصرارَ في الوجدانِ لَـمْ تَـسـتكِنْ من قسوةِ السَّجانِ بـمدارِجِ الوطنِ الحبيبِ الحاني مـا زالَ يَسطعُ رُغمَ كيدِ الجاني ووفـائِـهِ لـلأهـلِ والـخِلاّنِ سَـمـحُ السّجيَّةِ صادقُ الإحسانِ بـتـواضُعٍ زانَ المَشيبَ الواني تُـنـجيكَ من مُسترسلِ الأشجانِ صَـمَدتْ لَها الأبطالُ في المَيدانِ أدبـاً وأخـلاقـاً وحُـسنَ بَيانِ فِـكـرٌ، وإشـراقٌ ودَفْقُ حَنانِ مَـنْ باتَ من هَولِ الهُمومِ يُعاني وَنـيَـتْ جَـوانِحُهُ عن التَحنانِ بـعـدَ المُهاجَرِ خارجَ الأوطانِ لتَفيضَ رُوحُ الشيخِ في (عَمّانِ) وبِـحـلـمِـهِ ونَقائِهِ الوِجداني لـلـهِ مـنْ عِـلمٍ ومن عِرفانِ مُـتـنـعِّـماً في جَنَّةِ الرِّضوانِ ومَـقـامُـهُـم بمشيئةِ الرحمنِ | التِّبيانِ
___________________________
1- المجموعة القصصية من مؤلفات الفقيد مهداة للشاعر.
2- بلدة سورية، مسقط رأس الراحل العزيز.
الأستاذ خالد البيطار
في كلامنا ثناء على الحسناوي رحمه الله ، وأما الشاعر المبدع الأستاذ خالد البيطار فله ثناء خاص معطر بعبق الماضي ، فاح من ذكرياته عِطرا.. وصاغ حروفه شعرا ..
أخي الحبيب لقد عشنا معا زمنا مع الأحبة حيث البحث والسهر
والحب يجمعنا في الحالتين وما أحلى اللقاء وكم يحلو به السمر
(نشرت في عدد سابق)
الشاعرة نبيلة الخطيب
لجنة الأديبات في الرابطة تشارك في هذا التابين ممثلة بالأخت الكريمة نبيلة الخطيب .. فمع الإيمان والالتزام ، والحشمة والوقار، والخلق والاتزان ..مع الإبداع .. ومع الشعر الرطيب والنثر القشيب والشاعرة نبيلة الخطيب...
(نشرت كلمتها في عدد سابق)
الأستاذ حسني جرار
جمعتهما أخوة الإسلام ، وأظلتهما أفياء الرابطة ، عمّرت قلوبَهما المودة في الله ، رحل الحسناوي إلى الدار الآخرة ، فترك في قلب صديقه ألم الفراق ، هذا الصديق الصدوق ، يفتح لنا نافذة على جانب من جهود الحسناوي رحمه الله في خدمة أمته وإخوانه.. الأستاذ الباحث حسني جرار فليتفضل مشكورا ..
بسم الله الرحمن الرحيم
حسني أدهم جرار
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فالأخ محمد الحسناوي أخٌ كريم عزّ علينا فراقه.. ولكن هذه سنّة الله في خلقه.. أرجو الله تعالى أن يتقبله عنده في الصالحين، وأن يجمعنا به في جنته..
في هذه المداخلة القصيرة سوف أذكر إشارات من دور الأخ الحسناوي وحرصه على نشر الأدب الإسلامي ودعوة الناس إليه..
فالأخ الحسناوي رحمه الله.. أديب من الروّاد الأوائل للأدب الإسلامي المعاصر.. كان في مقدمة الروّاد فكراً وأدباً وسلوكاً والتزاماً.. فهو أديب له تجربة أصيلة في مجال الشعر والنقد والدراسات الأدبية.. أدبه نفحة إسلامية نيّرة، تميز به عن كثير من الأدباء والمفكرين.. ساهم من خلاله في تعميق المفهوم الإسلامي للأدب بشعره ونثره..
ومن الميّزات الواضحة التي تُذكر لأديبنا –رحمه الله- أنه كان صاحب عقيدة صافية، وخُلق رفيع، وكان صادقاً في جميع ما كتب.
عرفت الأخ الحسناوي في القرن الماضي قبل أن أراه.. حين أسس الإخوة الأدباء: عبد الله الطنطاوي، ومحمد منلا غزيل، ومحمود كلزي "رابطة الوعي الإسلامي" عام 1955م، ولعلها كانت أول رابطة أدبية تدعو إلى الأدب الإسلامي في الوطن العربي.. وقد انضم إليها الحسناوي مع عدد من الأدباء والشعراء.
وكنت أتابع كتابات الأخ الحسناوي الشعرية والنثرية في مجلة حضارة الإسلام التي أصدرها المرحوم د. مصطفى السباعي عام 1960م.
وعندما بدأنا بإعداد سلسلة شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث أنا والأخ أحمد الجدع في السبعينيات.. وقمنا بجمع المعلومات عن الشعراء.. كان للأخ الحسناوي والأخ عبد الله الطنطاوي دور كبير في تزويدنا بالمعلومات.. فقد قاما بالاتصال بعدد من الشعراء في سورية وخاصة في حلب وطلبا منهم تزويدنا بما نريد.
والتقينا بالأخ الحسناوي لأول مرة في عمان عام 1980م عندما جاء مهاجراً من سورية إلى الأردن خلال الأحداث الدامية التي تعرضت لها الحركة الإسلامية في بلاد الشام، فوجدت أخاً أديباً مجاهداً يأنس الإنسان لسماعه والجلوس إليه..
ولما عدت من الغربة إلى عمان عام 1993م وعملت في دار البشير.. كان الأخ أبو محمود يقيم في بغداد، وكثيراً ما كان يأتي إلى عمان زائراً.. ولما علم أننا ننوي المواصلة في كتابة سلسلة شعراء الدعوة، وتجديد المعلومات السابقة في الكتاب.. أخذ يتصل بالشعراء الإسلاميين في العراق ويطلب منهم تزويدنا بالمعلومات للكتابة عنهم.. وكان في كل زيارة يأتي فيها إلى عمان يُحضر لي قصائد ومعلومات جديدة من شاعر أو أكثر.. فعرفنا عن طريقه مجموعة كثيرة من الإخوة العراقيين الشعراء، الذين لم نكن نعرفهم من قبل..
ولما استقر الأخ الحسناوي في عمان، كان له نشاط أدبي وثقافي متميز في رابطة الأدب الإسلامي، وكم كنا نسعد بالجلوس والاستماع إليه في هذه الرابطة.
ولا ننسى دوره –رحمه الله- في تأسيس رابطة أدباء الشام التي كان فيها من المؤسسين الأوائل مع الأخ الأديب الأستاذ عبد الله الطنطاوي وإخوانه.
وقبل الختام لابد أن أقول: إن الأخ الحسناوي –رحمه الله- أديب عايش قضايا أمته العربية والإسلامية معايشة حيّة، فانفعل بها، ونظم شعره وكتب نثره من أجلها..
الدكتور عمر الساريسي
أكاديمي جاد ، وباحث متمرس، تملأ ابتسامته قلوب إخوانه بشرا وسرورا ، جمعته بالمرحوم أواصر الأخوة، ورحم العلم والأدب ، الدكتور عمر الساريسي يؤبن الحسناوي..
(نشرت كلمته في عدد سابق)
الأستاذ محمد الخليلي
مارس الحسناوي التعليم في وطنه سبعة عشر عاما ، أدى وأحسن الأداء ، علم بالكلمات ، وأدب بالقدوة والصفات ، وها هو واحد من تلاميذه النجباء ، يفيض خاطره بقصيدة وفاء .. مع الشاعر محمد الخليلي..
(نشرت قصيدته في عدد سابق)
الأستاذ إبراهيم العجلوني
رمز من رموز الثقافة ، ونجم من نجوم الصحافة ، شاعر مُفلِق، وأديب ملتزم، وكاتب ومفكر وناقد، مبدع طلعَة ، قرأ للحسناوي رحمه الله ، واستمع إليه ، والتقى به وكتب عنه بعد وفاته ، وكما كان لقلمه في الفقيد كلمات ، فلصوته في هذا التأبين نبرات، الأخ الكريم ، والصديق القديم ، الأستاذ إبراهيم العجلوني ..
توصيات
تتقدم لجنة تأبين الأديب الحسناوي رحمه الله إلى مكتب الرابطة في الأردن بالتوصيات التالية :
1. أن تدرس مؤلفات الأدباء الراحلين من أعضاء الرابطة وينشر إنتاجهم المخطوط بما فيهم الأديب الحسناوي رحمه الله.
2. أن تعد ندوة للحديث عن آثار وأعمال وسيرة كل أديب من الأدباء الراحلين من أعضاء الرابطة وهم حتى الآن : الدكتور محمود إبراهيم، الشاعر داود معلا، والشاعر مصطفى زيد الكيلاني، القاص خليل السواحري، والأديب محمد الحسناوي.
3. ترغب اللجنة إلى المتحدثين في هذا التأبين بتوفير نسخة من مشاركاتهم لضمها إلى ما كتب عن الحسناوي سابقا، بالإضافة إلى ما نشر في موقع رابطة أدباء الشام، لتكون جزءا من مادة الكتاب الأول من إصدارات رابطة أدباء الشام عن الحسناوي رحمه الله .
أبناء المرحوم الحسناوي
الأستاذ يمان محمد الحسناوي : الأبن الثاني للمرحوم ، يحمل شهادة جامعية في تخصص شرعي هو أصول الدين ، يعمل في المؤسسة الأردنية للبحوث والمعلومات والتي تصدر مجلة دراسات شرق أوسطية.
بسم الله الرحمن الرحيم
يمان الحسناوي
قال تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير).
وقال تعالى: (والله خلقكم وما تعملون).
أيها الأحباب كان الحسناوي رحمه الله رجلاً موهوباً، تنوعت معه الهبات والصفات. وكل ابن آدم موهوب، حباه الله وأعطاه من الخصال والطباع وأنعم عليه وتفضل، وكل ذلك من الاختبار والابتلاء.
فكيف كان الحسناوي مع هباته، هذا ما سأحاول تقريبه وإيجازه في كلمتي هذه.
كان رحمه الله يعرف ما تميز به عن غيره، وما أكرمه الله به من صفات، وكان يحسن استثمار هذه الصفات ويحسن توظيفها، فيكسب بحسن اختياره وتوظيفه عملاًَ نظنه صالحاً نافعاً لنفسه ولغيره.
كما كان متعدد المواهب والعطاء، من عطاء فردي إلى عطاء جماعي، من عطاء في وقت الراحة إلى عطاء في الملمات، عطاء الجندي القائد، عطاء الشاب وعطاء الشيخ، عطاء الصحيح وعطاء المبتلى الصابر، وحتى آخر ساعاته المكتوبة.
لقد ترك أثراً طيباً في الأدب والفكر والتربية والنصرة لدين الله.
كان يتعامل مع التغيرات بهمة، لا يبالي إن كانت الظروف تسانده أم تبتليه.
كان فرداً مؤثراً ترك بصماته على الكثيرين وأولهم أهله، وكان يستحث كل صديق وأخ ويشجعه على العطاء والبذل، ويذكر بالواجب.
كان يحمل هموم أهله وإخوانه وأمته، متجرداً من هم الذات، متلمساً لآلام المسلمين، متمثلاً بوصف النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالجسد الواحد.
كان حلو الطبع والمعشر، لم يعتكف عن الناس ليتفرغ للأدب الذي كان قريباً إلى نفسه أكثر من غيره من المشاغل.
رحل ولم يكن يبدو أنه اكتفى بما قد أنجز، بل لقد كانت لديه مشاريع عدة متنوعة، يتمنى أن تنجز، ولا يبالي إن كان إنجازها على يديه أو على يدي أخ آخر.
لقد أحسن الحسناوي ونوع العطاء، واستمر عطاؤه إلى ما شاء الله، ليلقى ربه صابراً محتسباً.
رحل الحسناوي وفي نفس إخوانه غصة أنهم لو أفادوا منه أكثر، ولكن الله شاء وقدّر.
وإني هنا أذكّر الأحباب جميعاً أن يفيدوا من الفقيد رحمه الله ومن مثله، وممن لا يزالون بيننا يعطون، ويلزم عنهم الأخذ والتلقي.
وإنا نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في أعمالنا وفي أهلينا وأن يجزي عنا كل من له فضل علينا خير الجزاء.
اللهم ارحم الحسناوي وأسكنه في عليين.. اللهم تقبل كل صالح وزد في حسانه.. اللهم تجاوز عنه ما أنت به أعلم منا وتقبله بقبول حسن.. اللهم أسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. والحمد لله رب العالمين.
مزنة محمد الحسناوي : موهوبة في مجال القصة .. ولها قصص منشورة ، وهي تدرس اللغة الإنجليزية في الجامعة في السنة الثالثة ...
نشرت كلمتها في عدد سابق
أحمد محمد الحسناوي : طاقة شبابية واعدة ..طالب في الصف العاشر ، ذو شاعرية تبشر بالخير الكثير والعطاء الغزير في المستقبل إن شاء الله تعالى ..،
أبتاه
أحمد محمد حسناوي
فـي يـومنا أواهُ يــاأبـتـي عـلى فراق عظيمْ * * * لـما رجعتُ البيتْ خـبرُ الأسى لاحا مـات حبيبُ القلبْ فـتـسـابق الدمعُ * * * مـا صـدّقَ القلبُ في الصبح صلى بنا قـد نـام في رَهَقٍ فَـأَسْـلَـمَ الروحَ يـاربـنـا ارزقه * * * فـمَـن سـيرعانا حـبـاً وتـحـنانا مَن هُوْ رحيمُ القلب الـقـلـب يهواك * * * عـهـداً إليك أبي عـهـداً إليك أبي عـهـداً إليك أبي نـكـونُ أَبَْـنـاءً * * * ارحـمـه يا ربي اغـفـرْ لـهُ ربي واجـعـل مـنازلََه واحـشرنا مع أبتي | الداميفـتكت بنا الأتراحْ كم حزنتْ الأرواح الـعـطرُ منه فاحْ * * * وَجَـعٌ غـزا كبدي مـا كـنتُ ذا جلدِ فـبـكيتُ من كمدِ وجـرى على خدي * * * مـا كـان ذا كذبُ هـذا هـو العجبُ؟ فـي جسمه نصبُ قـد تـعـب القلب بـيـتاً به ، قصبُ * * * ويـمـلأُ الـبـيتَ حـبـيـبي إذغبتَ أبـتـي هـو أنتَ لـن يسلو ما غبت * * * نـسعى إلى الشهبِ نـنـأى عن الكذبِ نـسمو إلى الرتبِ خـلـفـاًً لخير أبِ * * * ارحـمـه يا رحمنْ مِـنْ عِنْدِكَ الغفران ربـي لـفي الجنانْ مـع النبي العدنان |