رسائل لا يعلوها الغبار-1

د. عمر عبد العزيز العاني

رسائل لا يعلوها الغبار

( 1 )

د. عمر عبد العزيز العاني

[email protected]

سيدي العلامة الدكتور أحمد الكبيسي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جرّأني على الكتابة إليكم حسن ظنّ قائم ، وودّ من الأعماق دائم

فجئت مستشفعًا بكم إليكم ، فإن كنتُ أهلا لشفاعتكم فإني منكم بين معروف سابق وخير لاحق، وإن لم أكن أهلا فأنتم أهل للمعروف في أهله وغير أهله

أرسلت لكم نسخة من أوراقي أرجو أن تكون ذات حروف معجمة غير مهملة .. عمدة في الكلام غير فضلة ، وأعيذها بالمبتدأ من حروف الجر والمضاف .. وإن كان قدرها أنها من التوابع – وليست كذلك – فإني أعيذها بالتوكيد من البدل

هذا وإني قد راسلت آخرين ، وعزّزت أمنيتي بثالث وهو فضيلتكم

ثم أما بعد : فلله الأمر من قبل ومن بعد ، ذكرني الله وإياكم يوم ينسانا الناس ويجفونا الأهل والولد

محبكم العاني ( اسمًا ومسمًى ) عمر بن عبد العزيز ، 11 / 4 / 2000 م

****************

( 2 )

إلى السيّد الحسيب ، النسابة الأديب ، العالم الأريب اللبيب الأستاذ عبد الستار الحسني .. متّع الله به أحباء الثقافة وأصدقاء العلم

قرأت بحثكم المسمّى ( دار الخلافة العباسية ) المنشور في مجلة المورد ، المجلد 17 / العدد 3 / لسنة 1988 م .. فوجدتني أمام باحث أنفق من عمره سنين عابسات ، حارثًا في أمّات المصادر ومهمّات الكتب ، فلانت لعريكته مغاليق المعرفة ، وخضعت لملكته الاجتهادية طلاسم المخطوطات ورموز التراث ، فتمثّل فيه جلال الماضي ورونق الحاضر ، وإن سَمْته ليروي بإسهاب قصة التراث والمعاصرة ، ويضع لها – وقد عبث بها العابثون – قوانين الجدل وأصول المناظرة ،

وأشهد أن فئران الثقافة لم تستطع قضم قلمه ، وأن ديكة المعرفة لم تقو على نقر نقط حروفه لتجعلها مومياء لا وجه لها ولا قفا

والأجدر أن نكون بعيدين عن المجاملة والإطراء فإن العلامة السيّد عبد الستار يؤخذ عليه أنه ما زال يختبئ في كهوف النسيان ، لم يعرفه غير الحبر والليل ، فاتخذ من سوادهما كحلا لجفونه، وخضابًا لشيب شعره وعثنونه ،  وسميرًا لشؤونه وشجونه

وإنسان مثل السيّد عبد الستار لم يعد ملكًا لنفسه، فهو بدرجته العلمية الرفيعة أصبح ملكًا للمعرفة وهي مشاعة للمستنيرين من ذوي التبصرة ، فكان لزامًا عليه أن يتصدّر محفلا علميًا يغذّ به الشداة والطلبة ، ويحاور الصدور والأعيان ،

وتنهض فكرتي هذه بإجماع الملأ الثقافي الذي يخبر النسابة الأستاذ الحسني ويبلوه

ويشهد له أنه مشارك في كل علم ، مبرّز في كل فن ،

وكان لثقل ثماره العلمية قد اتّشح بوشاح التواضع في المظهر ، وتلك خلّة من خلال العلماء الأقدمين ، فأكرم بواحد منهم في الآخرين

فسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيًّا