علي نار والمسبحة!!
علي نار والمسبحة!!
د. مأمون فريز جرار
علي نار أديب تركي من رموز الأدب الإسلامي في تركيا.
له ديوان شعر واحد، وهو كاتب مسرحي وروائي وقصصي.
وهو رئيس وقف الأدب الإسلامي في تركيا الذي هو المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية.
وقد عرفته منذ سنوات، ولقيته في اجتماعات مجلس أمناء الرابطة في المدينة المنورة والقاهرة وآخر هذه اللقاءات كان في فاس في العام الماضي حيث شاركنا في حضور الملتقى الدولي الرابع للأدب الإسلامي وفي اجتماع مجلس الأمناء.
وأخونا علي نار ما تزال في لغته العربية آثار العجمة مع أنه قضى وقتاً من عمره في العراق وفي السعودية، ومع أنه مترجم جيد يحسن النقل من العربية إلى التركية ومن التركية إلى العربية، وهو دمث الأخلاق هيّن لين، لكن في نظراته وأقواله شيئاً من الحدة أحياناً.
أذكر أننا ونحن على أهبة السفر في فاس نظر إلى مسبحة في يدي تلفت النظر بألوانها الجذابة فأعجبته فطلبها مني فطابت نفسي له بها، وقدمتها إليه، ووجد أنه لابد أن يكافئني عليها، فأعطاني مسبحة صغيرة الحجم، وافترقنا بعد ذلك.
ومرّ قريب من عام، وفي منتصف شهر شباط من هذا العام 2005م جاءني هاتف من أخ تركي قادم إلى عمان، وقال لي: أتعرف علي نار، قلت: نعم، فهو أخ حبيب وصديق حميم، قال: لك معي أمانة منه.
وواعدني الرجل وحضر إلى مقر رابطة الأدب الإسلامي في عمان، وهو شاب تركي درس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، ولغته العربية جيدة، وجاءني بنسختين من مجلة الأدب الإسلامي التي تصدر في تركيا باللغة التركية، وبنسخة من كتاب: "ثلاثون شاعراً" وهو يضم تراجم ثلاثين شاعراً من شعراء العربية ترجمها علي نار إلى التركية.
وفوجئت بهذا الأخ التركي يخرج من شنطة كيساً صغيراً وقال: وهذي هي المسبحة!! وعجبت من ذلك وقلت: ولماذا ردّها؟ لقد قدمتها إليه طيبة نفسي بها، ولذلك أعدها إليه معك.
قال: لا أستطيع ردها معي، وقد كنا في مكان بعيد عن بيته وذهبنا إليه ليحضر المسبحة!!
وفهمت لماذا ردّ علي نار المسبحة!! لقد شعر بفطرته وحدسه كأنما أخذ المسبحة بسيف الحياء!! فقد طلبها حين أعجبته، وما كان الأمر كما ظنه، ولست أنا ممن يتعلق بشيء وإن غلا ثمنه، وإن جادت نفسي بشيء لم تتعلق به.
فقلت لهذا الأخ التركي: لا بأس لن أحرجك بإعادتها إليه ولكن لي معك موعد وسأرسل معك مسبحة جديدة لم يطلبها علي نار، بل أرسلها إليه هدية، وعسى ألا يردّها.