في رثاء مرشدنا الحبيب

في رثاء مرشدنا الحبيب

 محمد مأمون الهضيبى

الراحـل من غيـر وداع

شعر الدكتور جابر قميحة

[email protected]

هو الموتُ أعجزَ طًب الطبيبِ   وفاق بيانَ الأديبِ الأريبِ

فللموتِ أوْفَى بيـانٍ .. مبيـنٍ   بقدْرةِ علامِ أَخْفى الغيوبِ

قضــاء إذا حُمَّ فضً الحيـاة   بسهم قوىً عَدولٍ ضَروبِ

فلا المالُ يحمىِ الثرىً الأثيـمَ   ولا حسبٌ منقذٌ للحسيـبِ

ولا الجاهُ يجديه يـومَ الحساِب   ويدفعُ عنه ثِقالَ الـذنوب

هو العـدْل لا ينثني أو يميلُ   بميزان حقً صدوقٍ مُصيبِ

           

ولكنْ فزعنـا بنـزفِ القلوب   لفُرْقـةِ قلـبِ كبيـر حبيبِ

وكان كـطـود رفيـع مهـيب   ففى جنـة رحبة ياهضيبى

أ في كلِ عـام لـنـا محنـةٌ   فنُفجعُ في مـرشد بالمغيب؟

مضى مصطفى فرفعتَ اللواءَ   بعزم قدير ، وعقل خصيب

وقدت المسيرةَ لا الصفًُ هان   ولا أضعفتك دواعي المشيب

فعشتَ المشيب بروح الشباب   دؤوبًا قوى السـنا والشبُوب

بعـزمٍ وفيً ، وقلـب فتـىً   وفكر مضىء ثرىً نجـيبِ

وكنتَ الصموَد الذى لا يهونُ   بليلٍ ظلوٍم ، ويوٍم عصيـبِ

وناديتَ "عيشوا شموخَ الجبالِ"   فما كان منا سوى المستجيبِ

وقلتَ " هو النصرُ لا يُسْتحقًُ   بغيرِ الثباتِ وتقْوى القـلوب

هو الخيرُ باقِ ليـومِ المعـادِ   فعيشوا الحياةَ لخير الشعوبِ"

رحلتَ بدونِ وداعٍ ، لــذَا   حنايا القلوب لظًى من نَحيبِ

فهذىِ حشود تليها حشـودٌ   وقد روًعتْ من شبابِ وشيبِ

لتنْعاك – لا بالدموع الغزار   ولكنْ بأكبـادِهـا والقـلوب

وقد كنتَ حشدا قوىً اليقينِ   بديـنٍ متيـنٍ وضئٍ مهيـب

بدين على الحقً والحب قام   ودولةِ عـدلٍ وعلـمٍ رحيبِ

بها الحكم شورى وحريةٌ   وأمْنٍ بعيشٍ كـريمٍ خصيـبِ

           

أَعدْت أباك الهضيبى الكبيرَ   بعلـمٍ وصدق وجهد صليب

فقد كان طودٍا أشمً العـلاء   وما اهتز يوما لعصف الهُبوب

ولا هاب يوما نباحَ الكلاب   ولا أفزعتـْه حـِدُاد النيـوب

وقال " دعاةٌ ولسنا قضـاةً "   ومـرجعنـا للإلـه الحسيب

فسرت على الدرب "مأمونها"   ودربُك يزرْى بكل الـدروب

عليــه منـارةُ قـرآنِنـا   وسنةُ طـه الـرسول الحبيب

           

أمأمونُ " لا تاْسَ إذ جمًعوا   جيوشاً كأنا "بـأمً الحـروب"

أهابوكَ حيا وخافوك مَيْتاً   بفرض حصارٍ دميـم عجيب ؟

وقالوا "هو الحظْر باسم النظام"   فواخيْبَتَا للنظام المـريب!!

نظامٌ يقوم على المخزْيات   وليس بـه غير إفـكٍ كَذوب

وشتان بين نظام طغَــى   بحـظْر وسجن وأنياب دِيب

ودعوة حق وعدل ونـور   من الله تزرى بكل الخطوب

وإن الجسومَ إذا حوصرت   فمن ذا سيحظر نبْضَ القلوب؟

           

أمأمون عفوا فقد أغفلوك   لحقـدٍ مـرير أثيـم غريب

فإعلامهم لم يُشرْ من بعيد   ليـومِ رحيلك أو من قـريب

مخافة أن يُغضبوا الحاكمين    فيُحرمَ ناشرهم من "نصيب"

وصحْفُهمُو تنشر الموبقات    وأنبـاءَ راقصةٍ او لَعـوب

ويُغْنيك عنهم صحافُ الخلودِ   وذكرُك فيها بنـور وطِيب

وحظك في صفحات القلوب   كمثل الـربيع الشذيً القشيب

لقد راع فقـدُك كلَّ الشعوبِ   ففى جنةٍ رحبةٍ يا "هضيبى"

           

من معانى الكلمات

حم : نزل . الشبوب : التوهج. الطود : الجبل . حداد النيوب : الأنياب الحادة.
 " دعاة لا قضاة " كتاب للمرشد حسن الهضيبى. لا تأس : لا تحزن. الشذى : طيب الرائحة القشيب : اليانع المتجدد