الفردوس المفقود
الفردوس المفقود
الشاعر محمد غسان الخليلي
القصيدة التي ألقاها الشاعر محمد غسان الخليلي بمناسبة حفل تكريم الأديب عبد الله الطنطاوي
ضَـنَـتْ عـلـى أدبائها الشَهباءُ | فـبَـكـتْ عـلـيهم أنجُمٌ وسَماءُ | |
قفْ نبكِ من ذكرى الحَبيبِ ومنزلٍ | إذ جـفَّ من جسر الشغور | الماءُ|
دارٌ لـنـا فـي مـيسلونَ | تأبَّدتوغـدت كـرسـم شـابهُ الإعياءُ | |
عَـفَـت الـديارُ قريضُها وبديعُها | فـالـشـعـرُ بورٌ والبيانُ | عَماءُ|
دَرَسَـتْ بلادي واَّمحتْ | عَرصاتُهالـمـا جَـفـاهـا العلمُ | والعلماءُ|
حُـيِّـيـتَ مـن طَللٍ تقادمُ | عهدهُأقـوى فـأضـحـى ناسَهُ البُلهاءُ | |
عـشرونَ عاماً أو يزيدُ من | النَّوىمُـتـشـردونَ تـشُـفُّنا | اللأولاءُ|
|
||
(يـا هـندُ قد ألفَ الخميلة | بلبلٌ)فـعَـلامَ صـدّكِ والهَوى | إغراءُ؟|
تـتـعَشَّقُ الأطيارُ عذبَ | قريضهِوأراك فـي صَـمـم جَوابك لاءُ | |
إن رُمـتِ صَرماً يا هُنيدُ فأجملي | فـالـحُـكـم ماضٍ والحياةُ | بلاءُ|
أنـا يا هُنيدُ على الدَوام ولم | أزلبـالـحـبّ يهتفُ قلبي | المعطاءُ|
لـقـد اعتصَمتُ بحبل حبُّك | دائماًلا تـقـطـعـيـه فالقطيعةُ | داءُ|
يـا دارَ هـنـدٍ بـالجواء تكلَّمي | وعـمـي مـسَـاءً فالزمانُ مساءُ | |
عـشـرون عاماً والمساءُ جليسُنا | وتـلـفـنـا بـظـلالها | الظَلّماءُ|
يـا ويحَ قلبي قد دنا وقتُ | الفِراقِوأدمـعـي وحُـشـاشتي | خَرساءُ|
ودعـتُ هـنداً بالدمـوع | صبابةوالـقـلـبُ كـلٌّ مـلؤهُ | الأدواءُ|
وحـمـدتُ ربـي رغم كل | بليّةٍوتـحشرجت في صدري | الأسماءُ|
آهٍ لـو انَّ الـدهـرَ يسمحُ ساعةً | بـلـقـاءِ هـنـدٍ قبل يأتي | الداءُ|
ولـقد شفتْ نفسي مقولة | صاحبيإيـاك أن تـغـتـالـكُ الضراءُ | |
|
||
(إعـزاز) كـانت جنـة | قـدسيةٌتسعى ليهلـك نسلهـا | الجهـلاء|
واسـتـأسد الضبع الجبانُ | بخسةٍلـمـا تصدّى للوغى العلماءُ(1) | |
بـرز الـرويبضة المحنك | واعظاًإذ أخـرس الـوُعـاظ | والحكماءُ|
واسـتـنسرت بوماتُ ليلٍ | حالكٍحـيـنَ اسـتـطـالت ليلة ليلاءُ | |
أو يُـسـجن الشعرُ البديعُ | وأهلهُويـعـيشُ في فردوسنا | السُفهاءُ؟|
أو تُـطـردُ الأطـيارُ من وكناتها | لـتـطيرَ تنعقُ في الفضا العنقاءُ؟ | |
أيـحـلُ لـلـكلبِ العقورِ | نباحهوتُـصّـدُ عـن تغريدها الورقاءُ؟ | |
(جـسرَ الشغور) ألم تكوني | مرتعاًلـلفن يقصد روضكِ | الأدباءُ؟(2)|
لـو كـان حياً ما ارتضى ذلاً لنا | فـأبـو فـراس جـدنا | المعطاءُ|
وأبـو الـعـلاء سليل نسلٍ | ماجدوابـن الـمـعـرَّةِ تـاجُهُ العلياءُ | |
|
||
يـا سـادة الأدب البديعِ | وشعرهِبـكـمـا أضـاءتْ جلّقُ | الفيحاءُ|
يـا سادة الأدب الرفيع | ونثرهِلـكـمـا تـديـن حماهُ | والشهباءُ|
يـا شـعر يا الشعر البديع | وبدرَهِفـي الـفـن كـم لكما يدٌ | بيضاءُ|
نجمان وضّاءان في غسق | الدجىقـطـبـان لا تـعروهما | الخيلاء|
فـأخـو سـهيل فنهُ يسبي | النُهىوتـفـاخـرت بـجماله | الجوزاءُ|
وأخـو الـسّماك لقد سبانا | شعرُهُوبـه تـغـنَّـى الـبرَّ | والدأماءُ|
يـتـعـشَّقُ العذال عذب | قريضهِفـالأصـدقـاءُ وكـاشحوه | سواءُ|
يـا يـوم تـكـريم الأديب | محمدالـشـعـر فـيـه جـنَّـة | غنّاءُ|
|
||
ضـاقَت بما رحبت عليكم أرضكم | فـاسـتـقـبـلـتكم أنجمٌ | وسماءُ|
حـضـنـتكم عمانُ حاضرةُ | الدُّنافـهـي الـمـلاذُ وأمّنا | المعطاءُ|
فـغـدت لكم ظئراً رؤوماً | تُبتغىوالـرّأم مـنـهـجُهُ القويمُ | وفاءُ|
والـظـئر إن كانت رؤوماً | للفتىفـاقـت سـؤومـاً دأبها | الإجلاءُ|
عـمـان يا مهوى القلوب | تكلميفـالـيـوم عـيـد لـلوفا | وثناءُ|
عـوضـتـنـا يـا ربـنا | بأخوةٍلأحـبـة تـسـمـو بها الجوزاءُ | |
ونـخـصُّ بالفضل الكبير | رئيسنا(جـرَّارَ) خـير شأوه | العلياءُ(3)|
ونـخـصّ طراً (صالحاً) إذ | إنهبـرّ كـريـم شـاكر | معطاءُ(4)|
|
||
إن قـصَّـرَ الشعر الكليل | بمدحكمبـقـصـيـدةٍ قـد شابها الإيطاءُ | |
أو أنَّ فـنـي لـم يجلَّ | لوصفكمفـي بـيـت شـعر عابه الإقواءُ | |
فـعـسـاي أعذرُ بالمحبةِ | والوفافـالـصـدق نهجي والثناءُ | كِفاءُ|
|
||
عـقـدان مـرّا والرجاء | حداؤنافـي هـجـرة قـد زانها الإبطاءُ | |
حـتـام نبقى جامدين على | المدىتـغـتـالـنا البأساءُ | والضراءُ؟|
قـد شـفَّـنا الوجدُ المبينُ | ونارهُحـتـى أضـاءت منهما الأحناءُ | |
والـسـهـد صار أنيسنا في | ليلناأذكـى الـجـوى فتوقدت | أحشاءُ|
فـمـتى تعود الطير يا ربي | إلىوكـنـاتـهـا فـتغردَ | الورقاءُ؟|
ومـتـى تـعـودُ الأسدُ رباهُ | إلىعُـرُنِ الإبـاء فـيـبدعَ | الأدباءُ؟|
ومـتى تعود نسورنا تغزو | الفضاحـتـى يـجلَّ الشعر | والشعراءُ؟|
|
||
فـردوسـنـا إن كان ثمةَ | مُلتقىفـعـسـى قـريباً يلتقي | الرفقاءُ|
أو كـان ربـي قـد أحاط | بحكمةٍألا يـكـون تـجـمـعٌ | ولـقاءُ|
فـلـعـلَّ لـقـيـانا بجنةِ | ربناحـيـث الألـى ونـعيمنا | العيناءُ|
شـهـبـاؤنا فردوسنا رغم | النوىفـردوسـنـا وعلى المدى | شهباءُ
ــــــــــــــــ
(1) إعزاز : مسقط رأس الأديب عبد الله الطنطاوي
(2) جسر الشغور : مسقط راس الشاعر محمد الحسناوي
(3) جرار : هو الدكتور مأمون جرار
(4) صالح : هو الشاعر صالح البوريني