رسالة إلى المهندس أحمد عز
رسالة إلى المهندس أحمد عز
محمد مسعد ياقوت*- باحث تربوي
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد المهندس / أحمد عز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
فأُشكر لكم، أن قرأتم رسالتي !
سعادة المهندس العظيم :
أنا واحد من آلاف المصريين الذين أعجبتهم سيرتكم ومسيارتكم الكفاحية، والتي هي
أنموذج رائع لكل شاب في قهر الفقر، ومواجة العجز، والانتقال من الضعف إلى القوة،
والارتقاء بمستوى النفس من دركات الضنك المعيشي إلى بهجة الحياة الكريمة .
سعادة المهندس العظيم :
"نعم المال الصالح للرجل الصالح " هكذا قال خير البرية – صلى الله عليه وسلم - ، وهي بشارة بالبركة والنماء لكل رجل أعمال صالح، نذر نفسه لخدمة المحتاجين، ذلك الرجل ينفق ماله في سبيل الله يمنة ويسرة .
سعادة المهندس العظيم :
لقد حذر القرآن الكريم من أنموذج رجل الأعمال الهالك " قارون "، والذي كان يعيش في الفيوم، ولم يكن قارون من صناع " الحديد " بل كان من صناع " الذهب " ! وقد بلغت خزائن قارون ما أن مفاتحها لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ، ولقد أكله الغرور، وانتفش، ِ ولما قال له أهل الحكمة والدين : " أَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) " [ سورة القصص ]، مع مطالبته بتأدية الزكاة كاملة لرفع المعاناة عن الضعفاء والمنكوبين ، قال في عجرفة وغرور :
" إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي " !!
فقال الله ردًا عليه : " أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا " [القصص: 78]
فلم يزعن المغرور لربه ، ولم يتب، واستمر في فساده المالي، وطغيانه الاقتصادي، مانعًا حق الفقراء .
فكيف كان عقاب الله الغني الجبار مالك الملك ؟
قال الله :
" فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) [القصص:81، 82] .
لقد خسف الله بكل ممتلكات قارون ! بقصوره وخزائنه وتجاراته كلها ، كلها صارت تحت الأرض في طرفة عين، عندها تبرأ منه الجميع، وبعدما كان يشار إليه ببنان الإعجاب، أصبحت تلوكه ألسنة اللعنة والتباب.
أيها المهندس العظيم !
أحترمك، وأجلك، وأتوسم فيك خيرًا، وأملي في الله كبير، أن يجري علي يديك خيرًا كثيرًا ، ورخاء ًا وعدلاً .
أنت أمير الأغنياء في مصر ! فإذا أصلحت؛ تأسى بك خلق كثير، والعكس بالعكس !
أيها المهندس العظيم :
لا يخفى عليك " بيل جيتس " رجل الأعمال الأمريكي الشهير صاحب " شركة مايكروسوفت" !
أظنك معجب به مثلي !
لقد أصبح هذا الرجل رمزًا للعمل الخيري في الولايات المتحدة ! لقد قدم خدمات عملاقة لمؤسسات التعليم وهيئات العمل الخيري والإغاثي، لم يقدم لهذه المؤسسات فتات الموائد إنما قدم لها مليارات الدولارات، وهو يعتقد أن هذا واجب عليه، ولقد أعلن أنه سيتفرغ من عمله كرئيس لشركة مايكروسوفت ليمارس نشاطه الخيري بكل طاقته، لقد وجد سعادته في رسم البسمة على وجوه المساكين، وأدرك أن ضالته المنشودة بين أعضاء الجمعيات الخيرية، يصلح ما أفسده المفسدون، ويرفع الظلم عن المظلومين .
أيها المهندس العظيم أحمد عز !
خذ حذرك من الأنموذج الأول " قارون " ، وتأسي بالأنموذج الثاني " بيل جيتس" وبالأحرى تأسى بمن هم أعظم من " بيل جيتس"، أمثال : النبي سليمان والصحابي عثمان، ممن جعلوا من المال سبيلاً للنجاة من نار جهنم يوم القيامة.
ولتتفرغ لخدمة شعب مصر، ولرفع المعانة عنه، انزل من سيارتك، وامش على قدميك وتأمل حال البؤساء، فالسعادة كل السعادة في إدخال السرور عليهم، فالسعيد من أسعد وليس من جاور المسعد .
أسأل الله الغني أن يهديك ويسعدك في الدنيا والآخرة ..
هذا، وأرجو أن تقبل هديتي، حيث أرفقت إليكم كتابي " أزمة البحث العلمي " وهو الكتاب الفائز بجائزة أحمد بهاء الدين الثقافية .
وتقبل وافر تحياتي .
* المشرف العام على موقع نبي الرحمة .
yakut.blogspot.com